العدد 2526 - الأربعاء 05 أغسطس 2009م الموافق 13 شعبان 1430هـ

في «بأي ذنب قتلت» (3)

كماله يضيء تجربة المتغوي

عبرت الشاعرة عن أنثى مضطربة متناقضة متحدية مستسلمة عاشقة متيمة حد أن تغار حتى من الوشم ومن رسائلها إلى الهو كما في قصيدة (أغار عليك ويغدو الحب)

« ولما عشقتك

بين السديم

تخثرتُ عندك

ألفيت روحي إليك تسافرْ» (قصيدة وللشوق تتمة ص 25)

لتعلن كفرها بالحب « كفرت بالحب» ص 35 وإن أعلنت في سياق آخر:

« الحب أكبر

من أن يذل أو يستهان»

القصيدة مشحونة بالرمز تعالج معاناة أنثى شاعرة ووطن وواقع بحريني/ إنساني باستعمال أقنعة تاريخية دينية وأسطورية مع التصرف فيها بما يتلاءم وحالة الشاعرة النفسية وهواجسها الفكرية فتغدو القصائد قناعا تلبسه لتعبر عن قضايا معاصرة.

النص مرآة نرى من خلالها وفيها دلمون/ البحرين/ الوطن/ الالآم الحاضر الحبيبة الموؤدة. إذ تترابط صورة الوطن وتتماهى مع الأم الغائبة المرثية التي تناجيها الشاعرة في أكثر من قصيدة (بقايا جرح، لملموني/ نفثة ألم/ وفي هدأة البارحة/ دلمون/ بأي ذنب قتلت؟) يطغى الحزن والمرارة والموت.

تتوحد الأم الغائبة بالطبيعة ويتوحد المكانى (دلمون) بترابه ومائه مع الأنثى بفتنتها وسحرها حد التماهي، فتلون الأنثى المشهد الشعري: المرأة / الوطن، المرأة/ الحبيبة، المرأة/ الأم

وفي الديوان تلتقي الأزمنة بماض يتسلل من شقوق الذاكرة ويحفر مكانه على جدار الروح وحاضر مأساوي يجثم على أفق المحكي الشعري يغدو به عتمة، رغم وهج الشمس التي حضرت بدءأ في الإهداء وفي النص بـ»شمس الدراز» مرتبطة بالذات.

فالديوان بما هو نص أدبي شعري هو خطاب إبداعي متفرد بأساليبه وأفكاره، لكنه منشد إلى واقع تقافي فالمبدعة/ الشاعرة ذات تعيش حياتها الخاصة فكريا ووجدانيا، لكنها كائن اجتماعي يتأثر بواقعه ويؤثر فيه. لذلك رفضت وتمردت فحبرها «يسير بعكس التيار» ص 11

تريد أن تتجاوز «طقوس الزيف»، ولا تملك من سلاح إلا الشعر ترياق التجاوز، تحلم بأن تتمرد على صهوة الكلمة/ الشعر. فتعبر بالشعر عن دور الشعر الجموح من خلال أسئلة حيرى:

« هل هذا البوح خرافي؟

هل ثمة شعر يسكنني

ماذا لو أن الحبر تناثر مشدوها

أو سار بعكس التيار؟» ص

لكنها أحيانا تصرخ في لحظة ضعف وقد سكنها جن الشعر

«رحماك جنوني لا أقوى

الشعر بروحي موثوق»

فكيف التحرر وكيف يُحرر الشعر وهو الموثوق المكبل فيها يسكنها وأحيانا تحمله «وعلى أجنحتي قافية» ص 12 فتعلن علاقتها بالشعر:

« الشعر تمائم أوردتي

ضجة حزني

دمعة قلبي

قطرة نزفي

طعم الصبار بذاكرتي

لون الورد وقبلة أمي

ضحكات العيد تعانقني» ص 12

الشعر سلاح الشاعرة كما كان في النص سلاح شهرزاد الجديد ضد شهريار أو زاده منها لارتوائه «هلا ارتويت» ص 14 شراب/ ترياق تحمله تحلم أن تكون به «الشاعرة الملهمة الخنساء» ص 19

تود أن تكون مغايرة وضد التيار «سئمت من شراب زائف النبيذ» ص 19

وتشتد غربة شاعرة تريد أن تعبر وتُسمع فتصرخ:

«هل لكم أن تسمعوني؟

بتراتيل لحوني

فإن البلبل يشجيه خشوع السامعينا» ص 31

إن الديوان معبر عن هموم الذات ورؤاها ومواقفها من الحب والشعر والآخر لكنه في الآن نفسه لا يهمل الواقع الاجتماعي والسياسي نقدا وتعبيرا من خلال تضمين القناع الرمزي أو تصريحا وفضحا أحيانا، فاستعملت القصص الديني عبر يوسف عليه السلام والسجن والذئب الغلاء/ البرلمان والتجنيس والمذهب والخط الولائي...

إن الدلالة المرتبطة بالذات أو الآخر أو المجتمع ملونة بالمرارة والمأساة في جل القصائد تقريبا إذ يُستهل الديوان بالموت من خلال (أحلام معطلة) أو على الأقل تأجيل لولادة ويختم بمثل ما بدأ بنهاية لا تبشر بالانتهاء «ولا فجر يدق ولا شروق» ص 71.

العدد 2526 - الأربعاء 05 أغسطس 2009م الموافق 13 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً