العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ

لندن تتردد في تحديث عتادها البحري النووي

قررت الحكومة البريطانية، التريث في تنفيذ مشروعها لتحديث نظام «ترايدينت» النووي، ما قد لا يعني انتصارا لمعارضي التسلح الذري، وإنما نوعا من الهزيمة للمدافعين عن إنتاج أسلحة نووية جديدة. فقد كانت بريطانيا قد قررت البدء في العمل على تحديث نظام «ترايدينت» النووي في سبتمبر/ أيلول المقبل، لكن عددا من نواب البرلمان طالبوا بمناقشة المشروع قبل عطلة الصيف.

فعمد رئيس الوزراء غوردون براون إلى لعب ورقة بديلة بتأجيل البت النهائي في المشروع إلى ما بعد انعقاد مؤتمر معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في مايو/ أيار من العام المقبل.

ويتكون نظام «ترايدينت» من 58 غواصة قابلة لحمل عتاد نووي، مع أربع منها مزودة بصواريخ نووية، وواحدة منها على الأقل في حالة إبحار دائم. ويعتبر هذا النظام نسخة مصغرة من أسطول البحرية الأميركية المكون من 14 غواصة مزودة كل منها بصواريخ نووية.

ولقد بدأ العمل بنظام «ترايدينت» في العام 1994، لكن الكثير يعتبرون الآن أنه أصبح غير مجدٍ نظرا إلى انحسار التهديد السوفياتي السابق الذي أسس لمواجهته.

هذا، وقد علقت رئيسة «الحملة من أجل نزع السلاح النووي»، كيت هدسون، لوكالة «إنتر بريس سيرفس»، على قرار براون بالتريث، قائلة إنه «يتماشى مع نوايا رئيس الوزراء لصالح اتخاذ قرارات لنزع الأسلحة النووية على الصعيد الدولي».

وشرحت «نحن لا نعتقد بأن المملكة المتحدة تحتاج إلى نظام أسلحة نووية، ونشعر بالسرور العميق لنتائج حملات استقصاء الرأي الأخيرة، التي تشير إلى أنه ينبغي على المملكة المتحدة الاستغناء عنها».

وأضافت هدسون، أن «جنرالات ومارشالات متقاعدين دأبوا على القول إن النظام (الغواصات المزودة بأسلحة نووية) غير مفيد عسكريا، ويجب التخلي عنه.

يذكر أن حملة استطلاع أجرته «غارديان/ آي سي إم» في 14 يوليو/ تموز، بيَّن أن 54 في المئة من المواطنين البريطانيين يرغبون في أن تتخلص بلادهم من الأسلحة النووية، فيما يريد 42 في المئة منهم إبدال نظام «ترايدينت» بجيل جديد من الأسلحة النووية.

وينطوي الإبقاء على نظام «ترايدينت» على كلفة ضخمة تصل إلى ملياري جنيه استرليني (ما يعادل 3,2 مليارات دولار) في السنة الواحدة. كذلك، فإن عملية التحديث ستكلف 76 مليار جنيه (124 مليار دولار).

وباحتساب كلفة الإبقاء على النظام الحالي، تضطر الحكومة البريطانية إلى وضع موازنة أسلحة نووية تبلغ 100 مليار جنيه (160 مليار دولار)، لكن ثمة كلفة أخرى تتجاوز الكمَّ المالي. فيخشى الكثيرون أن يكون من المضر الإبقاء على نظام غير مفيد لمجرد افتراض تهديدات محتملة قد تأتي في المستقبل، علما بأن نظام الغواصات النووية لا يحمي بريطانيا ضد أي طرف في الوقت الراهن.

فتعلق هدسون على هذا، قائلة إنه «لا يمكن الإبقاء على هذه الأسلحة لمجرد احتمالات». وتضيف «فهذا من شأنه تشجيع الآخرين على حيازتها (الأسلحة النووية)، وهو ما قد يخلق وضعا قد يتطلب الحاجة إليها».

وشرحت أنه «عوضا عن ذلك، فإننا نحتاج إلى دورة إيجابية، بالتوجه نحو هدف «الصفر العالمي» (غلوبال زيرو، وهي الحملة التي تشنها كبار الشخصيات الدولية لتحرير العالم من الأسلحة النووية) التي يتطلع إليها الجميع في العالم».

هذا، ومن المؤكد أن الموقف من نظام «ترايدينت» سيتغير بعد الانتخابات البريطانية في العام المقبل، ربما تزامناَ مع انعقاد مؤتمر معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في مايو.

وثمة مؤشرات واضحة إلى فوز حزب المحافظين في هذه الانتخابات، وهو الذي عرف بحرصه على السلاح النووي أكثر من حزب العمال الحاكم. فقد أعرب زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون عن تأييده لمشروع تحديث نظام «ترايدينت»، وقال إنه «مهمة سنتولاها حال انتخابنا».

أيا كان الأمر، سيكون على الحكام البريطانيين مراعاة التوجهات التي ستنبثق من الاتفاقيات التي قد يبرمها الرئيس الأميركي باراك أوباما وزميله الروسي ديمتري مدفيديف.

فقد صدرت عن المحادثات التي أجراها الرئيسان في لندن في أبريل/ نيسان ثم في موسكو في يوليو، مؤشرات مشجعة إلى خفض الترسانات النووية وربما توجهات لنزع السلاح النووي أيضا.

كما أن أي قرار يتخذ الآن لتحديث نظام «ترايدينت» سيضع حكومة لندن في وجه الأحزاب الأسكوتلندية، ذلك أن الغواصات النووية البريطانية تتخذ من قاعدة «كلايد» في سكوتلندا مقرا لها.

ويشار إلي الحزب القومي الأسكوتلندي، الذي يطالب باستقلال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة، يحظى بتأييد بضعة أحزاب أصغر، وبالتالي فإن قرارا بتنفيذ مشروع تحديث النظام النووي البحري هذا، قد يساهم في تقوية حملة كل هذه الأحزاب ضد الحكومة.

ويعرف أن زعيم الحزب القومي الأسكوتلندي، أليكس سالموند، قد وقع بالفعل في مواجهات حادة مع زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، بسبب مشروع تحديث نظام «ترايدينت» الذي طالب هذا الأخير جميع الأحزاب بدعمه

العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً