العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ

على الدولة الديمقراطية الكف عن النظر للمعارضة كضرورة ديكورية

عضو مجلس أمناء «التنمية السياسية» طاهر حكمت:

ذكر عضو مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية طاهر حكمت أن على الدولة الديمقراطية القابلة للاستجابة لنداء التطور وإيقاع التغيير أن تكف عن النظر إلى المعارضة كضرورة ديكورية لإكمال المشهد الديمقراطي، أو اصطناع أو تفريخ معارضة غير حقيقية لمنازعة المعارضة الحقيقية في دورها.

وأكد في ندوته التي استضافها مجلس عضو مجلس الشورى بهية الجشي يوم الأربعاء الماضي، بعنوان: «المعارضة في الممارسات الديمقراطية»، أن على الدولة الاقتناع بأن هناك استحقاقات لقبول المبدأ الديمقراطي لا بد من أدائها، وتتمثل بالاعتراف بدور المعارضة واعتبارها شريكة في القرار السياسي، وجديرة تجربة حظها في تداول السلطة، والابتعاد عن اصطناع جهات منافسة للمعارضة ليست بذات صدقيّة أو هدف سوى إرهاق المعارضة الحقيقية.

وأشار حكمت إلى عدم وجود نموذج متكامل بشكل نهائي للديمقراطية، ليصلح نموذجا للتطبيق في كل البلدان المنطلقة إلى إنشاء أنظمة ديمقراطية تطبق فيها حكم الأغلبية الرشيدة سيادة القانون وتحقق أعلى معايير الحرية والعدالة والمساواة وتطبق مبدأ تداول السلطة، ويقوم الناس فيها باختيار من يحكمهم عبر صندوق الاقتراع، لافتا إلى أن هذا الاختيار لمن يحكم لا يتعارض مع كون النظام ملكيا ولا يقتصر على الأنظمة الجمهورية. وقال: «لا يوجد في الواقع مجتمعات تتمتع بالحرية بمعناها المطلق بلا قيود أو ضوابط ومن دون اعتماد أي قواعد تنظيمية للدولة ومواطنيها، ولكن هناك كثيرا من المجتمعات العربية تمارس قدرا معقولا من الحرية وتحمل في الوقت نفسه إمكانات توفير مستويات عالية من الحرية والديمقراطية في المستقبل، على الرغم من المساوىء التي تحملها تطبيقات وآليات ممارسة السلطة فيها».

وأضاف «ليس هناك دولة شريرة بالمطلق، وكذلك ليست هناك معارضة هدامة بالمطلق، فالمجتمعات غالبا ما تنتج بنفسها القيم التي تحكمها والقواعد التي تنظمها، وفي الوقت نفسه فإنها تنتج قوى الموالاة للسلطة، كما تنتج قوى المعارضة وصيغ عملها، وتحتضن بالضرورة النسبة الغالبة من السكان الذين لا يهمهم ولا تعنيهم المعارضة ولا الموالاة، إلا بقدر ما تؤمن لهم من الاستقرار والأمن والاكتفاء المعقول، وفقا لظروف كل دولة من حيث مكوناتها».

وتحدث حكمت عما وصفه بـ»الإشكالات أو الأزمات» التي تعاني منها المعارضة وتستوجب إمعان النظر فيها والبحث عن حلول لها، والمتمثلة في الظروف الموضوعية التي نشأت فيها هذه المعارضة، وحداثة تكوين القوى المسيطرة، مع تراجع دور فئات المعارضة القديمة الأسبق تاريخيا وانحسار دورها.

كما أشار إلى افتقار المعارضة إلى القدرة على توحيد صفوفها والمحافظة على ثبات عناصر اجتماعية مهمة في معسكرها، وعدم النجاح في الاجتماع على حدود متفق عليها من البرامج والاستراتيجيات للمراحل المقبلة أو الراهنة، ناهيك عن وجود أجزاء من مكونات المعارضة ذات ارتباط موسمي وفقا لمصالحها أو مواقفها، ومنها مكونات تعتبر المعارضة محطة انتظار لمرور قطار السلطة تمهيدا للحاق به ولو في عربته الأخيرة، لافتا في الوقت نفسه إلى عدم وجود مواقف محددة ذات منطلق أيديولوجي فكري تحدد بموجبها المسافة من المحاولات الإصلاحية التي تطرحها السلطة من حين لآخر استجابة لضغوط المعارضة ومقتضيات التطور الاجتماعي أو تلبية لمتطلبات المجتمع الدولي الجديد في تحولاته العابرة للأقطار والحدود، وتأثيره مفاهيم السيادة الوطنية بمعناه التقليدي

كما أشار حكمت إلى الافتقار إلى منهج فكري عملي يتسم بالواقعية ويأخذ في الاعتبار المحددات والضوابط والمؤثرات الأساسية للمجتمع والتي يجب أن تدركها كل حركة معارضة في كل بلد في مسعاها لبناء مواقفها وتحديد استراتيجيتها المستقبلية وآفاق تطلعاتها. وقال: «هناك عدم وجود تقدير واقعي لمدى إمكان التطوير والإصلاح وشموله، مع الأخذ في الاعتبار الشبكة المعقدة من البنى السلطوية والاجتماعية والإدارية التي تكونت بفعل الزمن والتراكم وأصبح بعضها عائقا حقيقيا ضد التغيير».

وأضاف «هناك أيضا التأثر المستمر والتمادي بأسلوب الأحكام المسبقة، والاستهانة بتأثير المرحلية وضرورة استكمال نضج المراحل واستنفادها والتوجه نحو الشعار الكلاسيكي الثوري المستنفد القائل بحرق المراحل، وبثنائية الأبيض والأسود في التعامل مع الآخر». واعتبر حكمت أيضا أنه من بين الإشكالات التي تعاني منها المعارضة، هي الدخول في تحالفات مؤقتة لتكوين جبهة قوى معارضة من دون استناد إلى رؤية موحدة واستشراف مماثل للمستقبل، مع وجود تباين صارخ بينها في الأسس الأيديولوجية الفكرية والبناء النفسي والاجتماعي لكل منها.

وأكد على حاجة المعارضة إلى خطاب عصري يستند إلى أرض الواقع ويأخذ في الاعتبار الممكنات والمراحل، وإيجاد اتساق وتناظر أو تعاصر مع معطيات التطور الكبيرة التي اجتاحت العالم في العقد الأخير.

ونوه بأهمية سعي المعارضة لبناء قاعدة علمية وثقافية مستنيرة ومعاصرة تؤمن لعناصرها تكوين رؤية سياسية وقانونية واقتصادية لكل مشكلات المجتمع المجلي والإقليمي والدولي، والاهتمام بتأمين قاعدة معلومات حديثة مطلة بشكل خاص على النواحي الدستورية والتشريعية والقانون، وعدم الاكتفاء بالعناوين أو القراءات السريعة لأساسيات العمل السياسي والقانوني.

العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً