العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ

جرح السنين

فصلوا الزهرةَ عن زهرائها فسالت أدمعا، قد أطفأت نيرانَها، ذهبت تسأل ما الخبر؟ فأجابوا... لست من عضواتها.

هذا جزاءُ عشرة عمر وجزاءُ كلِّ عطائِها، كانت مثالا للتميّز ومثالا في انضباطها، كانت وساما للتحدي ووساما في إبداعها، كانت وساما للعطاء ومثالا في حفظ أدوارها، هذا جزاء حبها وجزاء كل تضحياتها، هي كم تحدَّت أمراضها وشاركت في أدوارها فرغم كل جراحِها ورغم أقسى ظروفها، أخبروها، أن ساقيها تعاني، فأجابت: أتحدى آلامها، من أجلك زهرائنا ومن أجل أبنائها، ذهبت وأدَّت دورها وتابعت في علاجها.

كان تمثيلها يدمع عينا من أول ابتدائها، كان صوتها يضحك طفلا ويؤنس كل حضورها، هي أي بدر قد تعلى فوق نجم سمائها هي أي روضة قد تخضَّرت وعطَّرت أرجاءها، هي أي شمعة قد أضاءت وأطفئت أنوارها لم يبق منها سوى جسدا وانتهت باقي روحِها هذا جزاء دعائها وجزاء كلِّ إحسانِها، أوَ كلُّ هذا كيف يُنسى؟

وتُنسفُ كلُّ جهودِها ويُمحى كلُّ نشاطها ويلومها تقريرُها لا يذكرون حسنها بل يذكرون شرها لا يذكرون بياض روحٍ بل يذكرون سوادها، لا تذكرُ حسناتُها بل تذكرُ سيئاتُها.

فبعد عامٍ وبعد عمرٍ سيذكرون عطاءها سيذكرون ابتسامة ويذكرون ضََحَكاتِها سيذكرون ملامحا ويذكرون قرونها، سيندمون ويأسفون على قرار فصلِها، ماذا يفيد حزنُها؟ وماذا يجزي بكاؤها؟ ماذا يفيد حديثُها وماذا يجزي عتابُها، فلا يفيد لومُها ولا يفيد عناؤها، فبعد خمسة عشر عاما وبعد آخرَ لقائها قد ودعت أحبابها وودعت أنوارها ودعت لهن بالتميزِّ وبشهرة أعمالها فمريضة ويتيمة ومظلومة لا يُرَّدُّ دعاؤها، وخاطبت عرشا مكينا وفوضت كلَّ أمورِها، هي لا تريد من أي دنيا إلا رضا خالقها ورضا أبٍ عطوف قد أشعل إبداعها، ورضاكِ يا أمٌّ حنونٌّ قد نوَّرت أحلامها وهوَّنت كلَّ الجراح وخفَّفت آلامها وأخفيت كل الدموع وأطلقت في دعائها.

فوداعا يا أنوار وسلامي لأحبابها

نجاة يوسف رضي

العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً