العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ

الإرهاب يقصم ظهر السياحة المصرية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء خبرين لهما علاقة بالسياحة في مصر والاستثمارات المصرية في قطاع السياحة. الأول، ومصدره البنك المركزي المصري يعترف بتراجع عائدات مصر من السياحة خلال الأشهر الثلاثة الثانية من العام 2009 بنسبة 1.6 في المئة لتصل الى 2.56 مليار مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وأورد موقع البنك إحصاءات أخرى يشأن السياحة، كشفت عن تراجع نمو ملموس بدأ يضرب هذا القطاع، وخاصة خلال السنتين الأخيرتين. أما الخبر الثاني فقد جاء من جنيف حيث حصل رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم القابضة للتنمية (ODHN) المهندس المصري سميح سواريس على موافقة الدولة السويسرية «على الدراسات الخاصة بإقامة منتجع سياحي ومجموعة من الفنادق والفيلات وجراجات تحت الأرض تصل كلفته إلى مليار فرنك سويسري وينتظر استكماله بحلول العام 2014».

هذا التراجع النسبي في العائدات، تزداد خطورته وسلبياته على الاقتصاد المصري حين ندرك أن السياحة، بالإضافة إلى تحويلات المصريين العاملين في الخارج تشكلان أهم مصدرين من مصادر الدخل القومي المصري من العملات الأجنبية من جهة، وإلى تشاؤم التقديرات بشأن مستقبل قطاع السياحة في مصر من جهة ثانية. فهاهي نائب رئيس أبحاث الأسهم في البنك الاستثماري المجموعة المالية هيرميس، دانية درويش تحذر من أن «عدد السائحين سينخفض في العام 2009 بنسبة 18 في المئة الى 10.5 ملايين سائح، (حيث أن) الكثير من الفنادق بدأت تستغني عن عاملين فيها، وأن معدلات الإشغال يمكن أن تنخفض الى ما دون 50 في المئة». وليست درويش هي الوحيدة المتشائمة، فهناك الكثير من التحليلات التي توافقها على ما ذهبت إليه من «احتمال زيادة البطالة التي تعتمد على السياحة في إيجاد وظائف مباشرة وغير مباشرة إلى نسبة 12.3 في المئة من قوة العمل والإسهام بنسبة 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي».

ولعلَّ هذا الأمر هو الذي يدفع الحكومة المصرية إلى الإصرار على مواصلة تقديمها الكثير من الحوافز والتسهيلات التي من شأنها تشجيع الاستثمار، الداخلي وذلك القادم من الخارج، على الاستثمار في قطاع السياحة، مثل الإعفاء من ضريبة الأرباح لمدة عشر سنوات، تبدأ من السنة المالية التي تأتي عقب بدء التشغيل، وإمكانية تجديد فترة إعفاء من ضريبة الأرباح لمدة خمس سنوات إضافية بموافقة من مجلس الوزراء. كل ذلك لكون السياحة في مصر، بالإضافة، كما أشرنا، إلى حصتها الكبيرة من الدخل القومي، فهي، كما تقول عنها منظمة السياحة العالمية، «صناعة كثيفة العمل وذات أثر مضاعف على 70 صناعة وخدمة مغذية ومكملة، وهي توفر فرص عمالة في أنشطة ومهن متعددة بشكل مباشر وغير مباشر». وهو ما يحتاج إليه الاقتصاد المصري نظرا إلى ارتفاع نسبة البطالة في مصر. هذا ما يؤكده سواريس أيضا، حين يقول في مقابلة له مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، إننا «عندما نرى أن إنشاء فندق بحجم 200 غرفة يكلف 4 ملايين دولار ويؤمن وظائف لـ300 - 400 شخص وبالمقابل إنشاء مصنع أسمنت يكلف 150 مليون دولار ويؤمن وظائف أيضا لـ300 - 400 شخص تترسخ لدينا القناعة بأن السياحة اليوم وعلى مدى عشر سنوات هي (الدينامو) في الاقتصاد. كما انها تساهم في حل مشكلة البطالة. الملاذ الحالي يكمن في الاستثمار في المجال الذي يحتاج إلى عدد كبير من الأيدي العاملة ولا يتطلب تكلفة استثمارية عالية... وهذا ينطبق على السياحة».

ويعود اهتمام سواريس بالسياحة إلى منتصف الثمانينيات، لكن أول مشاريعه الضخمة بدأت في مطلع التسعينيات ومن بين أهمها، كما يقول عنها هو القرية السياحية في «الجونة» والتي ضمت، بحسب سواريس «17 فندقا ونحن لم ننشىء قرية سياحية إنما مدينة بأكملها. ومع كل فندق جديد كنا بحاجة إلى تخطيط لطرق جديدة. الجونة صحراء عمّرناها وأتينا لها بالماء والكهرباء، ولديها واجهة بحرية من الجداول تمتد على 35 كيلومترا».

لعلَّ السؤال اليوم هو: ما هو السبب الكامن وراء تراجع السياحة المصرية؟ ليس هناك من ينكر دور الأزمة المالية العالمية السلبي على ذلك القطاع، لكن سواريس يلفت النظر إلى عامل خاص بالسياحة المصرية أدى إلى دهورتها. يربط سواريس بين تلك الأزمة والعمليات الإرهابية التي شُنّت ضد المواقع السياحية المصرية من أجل «تخويف» السياح الأجانب وإبعادهم. كانت تلك الحملة برأي سواريس، من أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع الانتعاش السياحي الذي عرفته مصر في منتصف الثمانينيات، وهو ما يؤكده في المقابلة ذاتها؛ حيث يقول: «لقد مررنا بمرحلة حساسة جدا وكانت بمثابة الضربة الكبرى للقطاع السياحي وهي حادثة الاقصر. عندما تم الاعتداء على مجموعة سياحية كبيرة. كل هذه الحوادث أثرت على المشروع وقيمته لأنه بعد العام 1997 بدأ قطاع السياحة من الصفر. والنتيجة الحتمية معاناتنا من هبوط القيمة لأن الناس خافت من الاستثمار في شركات سياحية وعقارات لها علاقة بالسياحة».

وتؤكد الحقائق ما ذهب إليه سواريس من أن الإرهاب هو العامل الأساسي الذي قصم ظهر السياحة في مصر. ففي الفترة بين أكتوبر/ تشرين الأول 1992، وأواخر سبتمبر/ أيلول 2008 تعرضت المنشآت السياحية، وتعرض معها السياح الذين كانوا يؤمونها إلى 17 عملية إرهابية ذهب ضحيتها العشرات من أولئك السواح ومعهم العاملون في تلك المنشآت، كانت أولاها في 21 أكتوبر 1992 عندما قُتل سائح بريطاني قرب ديروط الجنوبية، وآخرها خطف مجموعة من السواح قرب أسوان في سبتمبر 2008، وما بين هاتين الحادثتين، هناك انفجارات منتجع دهب على ساحل البحر الأحمر، في مطعمي «نيلسون» و «علاء الدين» وفي متجر غزالة ومقتل 23 شخصا وإصابة عشرات آخرين. وقبل ذلك كانت الانفجارات الثلاثة التي استهدفت فندق هيلتون طابا ومنتجعين سياحيين آخرين في سيناء، وسبقت ذلك مقتل 18 سائحا يونانيا وأصيب 14 بجروح في الهجوم الذي تعرضت له واجهة فندق أوروبا قرب أهرام الجيزة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً