العدد 2632 - الخميس 19 نوفمبر 2009م الموافق 02 ذي الحجة 1430هـ

التجنيس السياسي في البحرين: عود على بدء

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية


في سياق فعاليات الضغط الشعبي الذي تتزعمه «لجنة مناهضة التجنيس السياسي»، تكوّنت أخيراً سلسلة بشرية ضخمة قدرت بالآلاف في العاصمة المنامة رافعة شعار «لا للتجنيس السياسي». كما سبقها بفترة وجيزة تقديم عريضة نخبوية موقعة من 192 شخصية إلى جلالة الملك تطالب بوقف التجنيس ووضع آليات لمنح الجنسية. وكرد فعل عليها امتنع الديوان الملكي عن تسلمها بحجة تعارضها مع المادة «29» من الدستور التي تنص رسمياً على أن «لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولا تكون مخاطبة السلطات باسم الجماعات إلا للهيئات النظامية والأشخاص المعنويين». أعقبها بأيام دخول نواب كتلة الوفاق قاعة البرلمان وعلى صدورهم شارة كتب عليها باللون الأحمر الفاقع «لا للتجنيس».

في هذا الشأن، ثمة مخاطر سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية استراتيجية بالغة الخطورة تشي بأن النظام دخل منعطفاً جديداً في تعامله مع قضية التجنيس، ما حدا بـ«لجنة مناهضة التجنيس» التعقيب على رفض الديوان الملكي تسلم العريضة ببيان لم تتجرأ الصحافة المحلية على نشره برغم ما يشاع عن وجود أجواء لممارسة حرية الرأي والتعبير. البيان خَطّأ التفسير الرسمي للمادة (29)، وذكر بأنها تبين بوضوح حق الأفراد والهيئات النظامية والأشخاص المعنويين في مخاطبة السلطات، وأن ما ورد في التصريح الرسمي بربط العريضة بالجمعيات الست التي تألّفت منها «لجنة المناهضة» هو قول مغلوط، إذ وقّعت عليها شخصيات وطنية واجتماعية معروفة بصفتها الشخصية. وبخلاف النظر عن الجوانب القانونية، فاللجنة تجد أن قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة كقضية التجنيس يجب عدم حصر الحوار بشأنها بين السلطة ومجلس النواب، لما في ذلك من تجاهل لدور القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية ومواقفها، ما يحدِث ضرراً بمبدأ الحوار الوطني بين السلطة والشعب.

من جهة متصلة، صحيح أن وزير الداخلية أدلى بتصريحات سابقة عن نية وزارته مراجعة سياسة التجنيس، (بالمناسبة وردت على خلفية إعلان جهات رسمية كويتية عن تحقيقها مع ستة أعضاء من شبكة إرهابية كانت تخطط لتفجير معسكر «عريفجان» ومبنى أمن الدولة في الكويت، وقيل إن الشبكة لها صلة بأردني «متجنس بحريني» معتقل في البحرين، إذ قام بزيارة صديق له في الكويت قبل اعتقاله، والصديق يمثل المتهم الأول في شبكة التفجير بالكويت)، بيد أن الصحيح أيضاً أن موقف الديوان الملكي الأخير دلالة على قفل أبواب الحوار والاستمرار في نهج التأزيم والتطنيش الذي ينبئ بأسوأ الاحتمالات، وخصوصاً أن الحكومة تعاني من إشكالية إقناع المقربين منها بالتجنيس. كيف؟

التجنيس يتم لخدمة المؤسسات العسكرية، والذين يُجنسون يعتدون على المواطنين لأنهم مدللون من النظامأحد كتاب الأعمدة ممن لا يعارض النظام السياسي على ما يبدو، ضج من «التجنيس» وطفح به الكيل، فعبّر عن غضبه وكتب: «إن التجنيس يتم لخدمة المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية المعلومة الثلاث، وإن من يُجنّسون يسيئون الأدب ولم يرْعَوا الضيافة ويعيثون في الأرض فساداً ويعتدون على المواطنين، كما أنهم مدللون من النظام، وفي الوقت الذي يبلغ فيه البحرينيون السبعين وفوق السبعين من السن وهم قابعون في شقق رثة في بيوت بائسة مهدّمة، من المهد إلى اللحد، تذهب البيوت الجديدة إلى المجنسين العاملين في تلك المؤسسات وكأنهم فوق المواطنين بسبب انتسابهم إليها».

لهذا، وبرغم احتلال القضية الدستورية الأولوية في أجندة المعارضة، إلا أن التجنيس تصدّر واجهة نشاطها في الآونة الأخيرة، فعقدت ندوة جماهيرية في 28 تشرين الأول/ أكتوبر رشح عنها تصريحات ومواقف تضمنت ما ذكره قيادي من جمعية العمل الوطني الديموقراطي («وعد»): «المعارضة أعلنت مجموعة من الأرقام، والنظام السياسي إلى الآن لم يرد عليها، الإحصاءات تشير إلى قفزة في معدل النمو السكاني بما نسبته 4.2%، إذ بلغ عدد المجنسين من 2002 إلى 2007 خمسين ألفاً». كما طالب أمينها العام بضرورة التراجع عن ملف التجنيس، وعوضاً عنه التفاوض على سياسة سكانية مقبولة من البحرينيين تحفظ لهم مصالحهم، وبيّن أن للتجنيس كلفة اجتماعية تتمثل في خلق الفرقة بين المواطنين وتسبب التأزم والمشكلات الأمنية، كما قدر كلفته الاقتصادية بما بين 150ــــ200 مليون دينار. من جانبه، قال الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي: «انتشر الشعور بالخطر والسخط. التجنيس ليس أكبر القضايا لكنه أخطرها لتأثيراته الاجتماعية، وقوى المعارضة بحاجة إلى الجلوس دون حواجز أو انشغال بالقضايا الهامشية، فالمشكلة تكمن في تحويل المملكة إلى مملكة أمنية»، فيما أشار نائب كتلة الوفاق إلى أن التجنيس سياسي وغير قانوني، فهناك عدم التزام باشتراطات منح الجنسية. ويبدو أن التجنيس أصبح مشروع تكسّب غير مشروع. نائب برلماني سابق من المنبر التقدمي أشار إلى زيادة الاختناقات وتسارع المشكلات وتضخم موازنة الإسكان المتوقع وصولها إلى 55 مليون دينار في السنوات المقبلة، وتحويلات الأجانب تفوق ملياراً و400 مليون، وهذا يعد استنزافاً لموارد البلد، وخصوصاً بعد تزايد الحديث عن لجوء الحكومة إلى اقتراض 260 مليون دينار، مما يثير التساؤل عن الدافع وراء الحجم الهائل من الاقتراض؟ ولمصلحة من تذهب فوائد الدَّين العام التي يدفعها المواطن من قوت يومه.

في الخلاصة، تطالب المعارضة إجمالاً النظام بالشفافية، وفتح قنوات الحوار، وطرح أسباب مقنعة للتجنيس، لا سيما أن الحكومة تؤكد أن معدلات التجنيس طبيعية، بينما شواهد الحال والإحصاءات تشهد بمعدلات نمو غير طبيعية في عدد السكان، وبشجارات يومية تحدث بين أهالي الأحياء الأصليين والمجنسين. إلى هنا، وإذا ما استمر الموقف الرسمي على حاله، فلا أحد بمقدوره التكهن بموعد انفجار قنبلة التجنيس السياسي. فهل يعيد التاريخ نفسه وتُحكم البلاد أمنياً؟ وهل السلطة في مأمن من تداعيات هذا الوضع المتأزم؟

تستمر المعارضة في الكشف عمن يستفيد من وراء «التجنيس السياسي»، وتوسع محيط تحالفاتها حول قضية يجمع عليها كل المواطنين، آخذة في الاعتبار أن الوضع السياسي مريب وشبه مبهم. لقد نجح من خطط ونفذ «للمشروع الكارثة» في تشطير المجتمع وخلق حالة من عدم الاستقرار فيه، والأسوأ منه توليد حالة هجينة مطواعة ومدجّنة، لطائفة ثالثة من المواطنين، في ظل تآكل حقوق المواطن وقضمها ونهشها، وهو الذي سيعاني من الآن فصاعداً أنواعاً من الإذلال في مواطنيته. لذا لا عجب في القول إن «مشروع التجنيس» تمخض بسبب تعثّر مصداقية الحكم في إدارة مشروعه السياسي الذي ابتعد عن الحالة التعاقدية بأميال كبيرة.

 

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 2632 - الخميس 19 نوفمبر 2009م الموافق 02 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 1:59 م

      أنا أحب المجنسين

      نعم أنا أحب المجنسين .... انا احبكم من كل اعماق قلبي .... ولاكن إذا كنتم في دياركم ... لانكم مسلمين ومن بني البشر ...أحبكم قبل مجيئكم لبدلدي ... قبل اخذكم عملي ومنزلي ومكاني في المستشفى ومزاحمتي في الشارع ومزاحمت أبنائي في المدرسة ... نعم أحبكم لو تركتم بلدي .... انا لا أكره أحد لم يعتدي عليه ... ولكنكم لم تكتفوا بأخذ خيرات بلدي ... لقد اعتديتم على شرف أحبتنا في الرفاع وفي كل مناطق البحرين .. ولم ولن تكتفوا .... اما من يستحق الجنسيه حسب القانون ... نقول له أهلا وسهلا بك وعلى العين والرئس.

    • زائر 16 | 1:39 م

      كيف للحكومة أن تثق بكم

      الشيعة هدفها أن تتكاثر و تكون لهم الكلمة و يستلموا الحكم و يثأروا من السنة مثل ما عملوا في العراق . و إلا لماذا الخوف . فهم موالون و أنتم ولائكم لأيران و مرجعياتكم . و قد ظهرتم على حقيقتكم . فالسعودية التي خيرها في بطونكم ضننتم على موقف شجب .لماذا لأن التبرعات التي جمعتوها و جمعوها أهل تاروت و دارين و أرسلت لهم تمنعكم أن تقفوا مع الحق فالحوثيين ( قرابة ) هم المعتدين على الحدود السعودية . و أنتم تناصرونهم . فكيف للحكومة أن تثق بكم و كيف للسنة أن يثقوا بكم .

    • زائر 15 | 1:31 م

      لماذا تخافون المجنسين

      التجنيس قضية مفتعلة . فأين يسكن المجنسون ؟ و لو كان المجنسون من الأيرانين و القطافى و الحساوية و الحوثيين هل قامت هذه الزوبعة . فربى مجنس موالي و طيب يكون لك أخ لم تلده أمك . فالبلوش والأردنين و السورين و العنود من قديم الزمان و قد عاشوا دهرا من الزمن معنا و هم أيضا مسلمين . فهل نحرمهم الجنسية . و إلا البحرين فقط للجنس الآري .البحرين فيها بني تميم و بكر ابن وائل و عبد قيس و عبد قيس والو الخلفاء الراشدين و كانوا قادة لبني أمية فليس كل عبد قيس شيعة .للعلم فلماذا تخافون من المجنسين .

    • زائر 14 | 6:31 ص

      لا للتجنيس

      كال كال للتجنيس

    • زائر 13 | 6:22 ص

      قانونية التجنيس

      المسألة الاساس في قانونية التجنيس وليس شخصية المجنس، حتى لو كان شخصية دينية كبيرة ومؤمنة مادام متجنس بطريقة غير قانونية نطالب بسحب جنسيته .....لافرق بين شيعي او سني او من يكون ....

    • زائر 12 | 6:09 ص

      لا للتجنيس

      البحرين صارت مركز تجمع للخمايم والنفايات وكلها مترين في مترين !! الحرب الأهليه قادمه لا محاله

    • زائر 11 | 5:51 ص

      هههههههههههههههههه

      أكثر المناهضين هم بأنفسهم متجنسون و الكل يعرف من هم و الفاهم يكفيه الاشارة

    • زائر 10 | 5:06 ص

      التجنيس أكبر خطايا التوطين في البحرين

      توطن من كلهم من بادية ومن بلوش ومن هنود .. وتعال شوف أخير البلاوي هندي منتخب نفسه في التجارة والصناعة بعدها باكستاني منتخب حق نائب في البرلمان يعني الصعيد ماليه مكان هالمرة ...ويش نستفيد من التجنيس؟؟ غير الفضايح والمصايب الي إتجينا منهم؟؟ المسأله بعد مو جديه؟؟ صاير تجنيس من ديانات مختلفة هندوس وبانيان بلاوي .. حراميه .. مرتزقة .. التجنيس طاعون .. وباء .. حمى ..انفلونزا .. نقص المناعة

    • زائر 9 | 4:47 ص

      نار التجنيس

      زائر 7 يبي التجنيس تبي البحرين تكون نفس استراليا وانا مجنس مستفيد الله عليكم

    • زائر 8 | 4:46 ص

      ميثاق العمل الوطنى - العقد الاجتماعي

      عندما طرح جلالة الملك حفظه الله ورعاه ميثاق العمل الوطني،وتم التصويت عليه بنسة تفوق 98% ، مرجعيتنا جميعا هذا العقد، لكن السلطلة غير مؤمنه بهذا العقد، نحتاج الى تصويت على عقد اجتماعي جديد اليوم وليس غدا لانقاذ هذا البلد الطيب من المستقبل ......

    • زائر 7 | 3:39 ص

      نبي التجنيس

      التجنيس يتم لخدمة المؤسسات العسكرية..واللى يحرقون في الشوارع يخدمون مين؟
      واليوم الصحفيين ما عندهم جديد غير دغدغة مشاعر...وما شوف غير الفتنة عشان يبقى في الجريدة
      ياريت تتكلمون عن موضوع يفيد المواطن بدل نشعل في النار نار الفتنة

    • زائر 6 | 3:21 ص

      دعوة صادقة الى من اكتسبوا الجنسية

      أريد ممن اكتسبوا الجنسية أن يقرأوا عن تراث أهل البيت عليهم السلام بأنفسهم ولا يعتمدوا على ما ينقله لهم الآخرون، ابحثوا وأقرأوا عنهم وصدقوني لن تندموا، فأهل البيت هم أهل الرسول والرسول نبينا جميعا، ستعرفون حينها عظمة أهل البيت وأن الشعب البحريني (بشيعته وحتى سنته) قد تربى على مثل ومبادئ وقيم هذه المدرسة، ونتمنى منكم أن تشاركونا في حب هؤلاء العظماء الذين قال الله فيهم: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ï´¾

    • زائر 5 | 3:17 ص

      المشكلة أن السنة ممن يرضون بالنظام يدغدغونهم لكي يكونوا مع التجنيس

      إن من أكبر المصائب أن يحل عليك أشخاص فيأخذون الثروات والمقدرات ويفضلون على المواطن الأصيل والأكبر علينا كمواطنين أصليين أن يدغدغ البعض طائفياً ليكون مع التجنيس على حساب الوطن والمواطن...الوطن والمواطن هما ليس لعبة دغدغني وبدغدغك...الوطن أمانة فكيف بالمواطن... يجب أن نلعب دور كبير في رفاهية المواطن الأصيل لهذا الوطن حتى لا يسود الظلم ويكثر فيه ويأخذ مجرى لا يريده الجميع ...الوطن أمانه أمانه وسط القلب مكانه ... ولا شك بأن المجنس مهم فعل فأنه سيرجع إلى وطنه وسيعزز أهله وشعبة ويعيش على حساب المواطن

    • زائر 4 | 2:34 ص

      إلى صاحب التعليق رقم 1

      رب أخ لك لم تلده أمك ليس مثل !!! بل هو جزء من خطبة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام

    • زائر 3 | 1:32 ص

      بلادي ان جذوري ضاربة فيها

      بلادي وان جارة علي عزيزة *** واهلي وان شحو علي كرام.
      والله لا ارضا ببلد غيرك يا بحرين

    • زائر 2 | 1:21 ص

      لا والف لا للتجبيس ,,,,,,,,,,,,,

      الاوطان أمانة والتجنيس هذا فيه خراب الوطن
      فاليقول الغيارى كلمتهم بصوت مسموع دون خجل او خوف فالتاريخ لن يرحمهم والعار سيلاحقهم والعذاب مصيبهم ......

    • زائر 1 | 12:39 ص

      لا مانع يا منى عباس

      لا مانع يا منى عباس اذاكانو هم ونسائهم اشراف يخافون الله ورسوله واليوم الآخر والمثل يقول رب اخ لم تلده امك .

اقرأ ايضاً