العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ

«توراة الملك»: أين المدافعون عن التطرف؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

حديث بعض حاخامات اليهود عن المسلمين وخاصة الفلسطينيين بطريقة مقززة ليست جديدة، بل بدأت مع بدايات استعمارهم لفلسطين سنة 1948 ولازالت مستثمرة حتى اليوم، وما كتاب «توراة الملك» إلا جزء من تلك الحملة البغيضة التي يمارسها حاخامات صهاينة ضد الفلسطينيين.

هذا الكتاب ألفه حاخامان يهوديان يسكنان في مستعمرة قرب نابلس أجازا فيه قتل النساء والأطفال والعجزة ولكن من يعترض «إسرائيل»، ودعوا جنود الصهاينة أن لا تأخذهم رحمة بالفلسطينيين.

الكتاب يتحدث عن «الأغيار» وهم غير اليهود لكن المقصود بهم في هذا الكتاب تحديدا هم الفلسطينيون لأنهم وحدهم الذين يقاتلون دفاعا عن بلادهم. هذه الفتاوى رددها حاخامات آخرون أثناء حرب غزة، وكانت دافعا للجنود الصهاينة لتدمير كل شيء وقتل كل من يتمكنون منه، امرأة وطفلا وعجوزا. لم يكن الساسة اليهود بعيدون عن تشجيع فتاوى التطرف والإرهاب، حتى وإن تظاهروا بغير ذلك، ومعروف ان نتنياهو ألقى خطابا تحريضيا ضد اسحق رابين قبل أربعة عشر عاما قال فيه: إنه عجز عن إقناع رابين بعدم تسليم قلب «إسرائيل» للفلسطينيين، ثم قال: أرجوكم تصرفوا معه!

وجاء الرد سريعا حيث قام أحد المتطرفين بقتل رابين، هذا المتطرف لم يقضِ كامل محكوميته في السجن حيث أفرج عنه قبل ذلك، وكان يعامل بشكل جيد في سجنه! ومع أن اليهود كانوا يطلقون على رابين «بطل السلام» إلا أنه هذه البطولة الزائفة لم تشفع له عند المتطرفين المقتنعين بفتاوى الحاخامات فقتلوه.

هؤلاء الساسة - أيضا - يأخذون بفتاوى الحاخامات المتطرفة في عدم المفاوضات مع الفلسطينيين، فالحاخام المتطرف «عوفاريا يوسف» يعترض على كل المفاوضات مع «الأفاعي»! ولهذا فكل المفاوضات لم تنجح وانما حديث ساستهم عنها ذرا للرماد في العيون.

كتابهم وشعراؤهم شاركوا بقوة في الدعوة الصريحة لقتل الفلسطينيين؟ من هؤلاء الشاعر «ابشام كور» الذي يقول من قصيدة له: «توصلنا إلى نتيجة... أننا يجب أن نقتل كل الذين يبحثون عن وطن... يجب أن نقتل حتى يكون لنا وطن من النهر إلى النهر».

الذي أشرت إليه مجرد أمثلة، والواقع الذي نراه يؤكد أن الصهاينة يطبقون كل أنواع الإرهاب على الفلسطينيين، ما كان منه جسديا أو نفسيا أو اقتصاديا.

كتاب «توراة الملك» يكرس فكرة الاستيطان كما يناقض تماما كل الحديث عن السلام، وفوق هذا كله فهو يحرض على إبادة الفلسطينيين، وإزاء هذا كله أتساءل: أين المواقف العالمية والعربية أمام هذه التحريضات التي أطلقها هذان الحاخامان؟ ثم أين دور المثقفين في التصدي لهذا الإرهاب المكشوف؟

أين الحكومة الأميركية والحكومة الأوروبية! هذه الحكومات صنفت عددا من الجمعيات أو الأشخاص بأنهم إرهابيون لأنهم يؤمنون بفكرة المقاومة للمحتل ولا يتحدثون عن قتل اليهود وأطفالهم وشيوخهم، فلماذا لم يتحركوا أمام هذه التصريحات؟ أين المثقفون العرب! أعني المثقفين الذين ينتقدون بشدة كل صوت إسلامي أو وطني يطالب بمقاومة المحتل اليهودي ويعتبرون هذه الأصوات داعية للكراهية وللتطرف؟

لماذا لم نر أقلامهم تتحرك لنقد هذا النوع من الإرهاب الصريح؟ لماذا لم يطالبوا حكومة «إسرائيل» بمحاسبة دعاة الكراهية والتطرف! ولماذا لم يضغطوا على أميركا ليكون لها موقفا واضحا من هذا النوع من الإرهاب التي ترعاه الحكومة! أقول: لو كتب ذلك الكلام مسلم كيف ستكون ردة فعلهم؟

وبعد ذلك النوع من نشر الكراهية وطلب تصفية الفلسطينيين كبارهم وصغارهم هل سنصدق حديث الصهاينة عن السلام؟ ثم أين ثقافة السلام التي يتحدث عنها الصهاينة؟ ألم ينتقدوا المناهج العربية لأنها - بزعمهم - تدعو لكراهيتهم؟ ألم يطالبوا بحذف كل ما يسيء إليهم حرصا على ثقافة السلام؟ نقول: إن الأمريكان يكيلون بمكيالين، ونقول الشيء نفسه عن اليهود، ولكن لماذا يفعل بعض العرب ذلك ومع بني قومهم؟

ثقافة السلام جزء من عقيدة المسلمين لكنها ليس كذلك عند الصهاينة، ومن العار أن يتحدثوا عن السلام وهو يحرضون على قتل الجميع ومن العار أن يصمت العقلاء عن هذا الصنيع المشين.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • النعيمي2 | 8:05 ص

      نصيحة على وجه الخصوص!!

      نصيحة الى جميع القراء في الصحيفة الغراء تابعوا سلسلة كتب الدكتور الراحل مطفى محمود فهي تنور العقل وتجعل منكم مثقفين على درب أخضر وأجمل ما كتب الدكتور :حوار مع صديقي الملحد !
      تحياتي

اقرأ ايضاً