العدد 2688 - الخميس 14 يناير 2010م الموافق 28 محرم 1431هـ

3 مدن ليبية تحتفل بـ «شيشنق أول فرعون من أصل ليبي»

أحيت منظمات الشباب الليبي ليل (الثلثاء) الماضي في ثلاث مدن خارج العاصمة طرابلس احتفالات بمناسبة مرور قرابة ثلاثة آلاف عام على اعتلاء الزعيم الامازيغي شيشنق الاول عرش ليبيا ومصر وبلاد الشام، تزامنا مع راس السنة الامازيغية.

ومع ان ليبيا تعتمد التقويم الهجري إلا ان التقويم الامازيغي الذي يزيد تسعمئة وخمسين عاما عن التاريخ الميلادي يرتبط بذكرى انتصار القائد الامازيغي الليبي شيشنق الاول على الفراعنة في فترة حكم رمسيس الثاني وتوحيده ليبيا مع مصر والنوبة وبلاد الشام قبل 2960 عاما على وجه التحديد. ومنذ ذلك الانتصار التاريخي الذي امتد ثلاثة قرون، اصبح الثالث عشر من شهر يناير/ كانون الثاني بداية رأس السنة الجديدة بحسب تقويم خاص للامازيغ في شمال افريقيا. وجعل الامازيع من هذا اليوم كذلك بداية للسنة الفلاحية تعبيرا عن تشبثهم الروحي بالأرض.

ولكن لم ينظم الامازيغ انفسهم مهرجانا جماهيريا بالمناسبة هذا العام كما فعلوا العام 2008، لأسباب لم يفصح عنها المسئولون عنهم. والجديد في احتفالات هذا العام انها شملت مدينتي بنغازي (الثانية بعد طرابلس) والبيضاء على بعد 1200 كلم شرق العاصمة ومدينة سبها على بعد 700 كلم الى الجنوب منها. ونظمت الاحتفالات الفروع المحلية للمنظمة الوطنية للشباب برئاسة سيف الاسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، وتضمنت اطلاق العاب نارية وعروضا فنية موسيقية شعبية.

وكانت المرة الاخيرة التي احتفلت بها المنظمة بالحدث في العاصمة عام 2008، وغابت الاحتفالات في 2009 بسبب الحرب الاسرائيلية على غزة.

واعتبر الهادي حويج أمين المنظمة الوطنية للشباب «ان هذة المناسبة هي عيد لكل الليبين (...) اننا في ليبيا نعتز بتاريخ اجدادنا ولا نريد ان يقتصر الاحتفال على فئة او منطقة بعينها».

ووصف ميلاد معتوق مسئول منظمة الشباب الاحتفال بانه «عودة للاصالة ولجذورنا الليبية وتواصل مع اخواتنا الامازيغ، وان كنا نعتبر شيشنق بطل ليبيا ولا نستثني احدا داخل النسيج الوطني ونعتبر انه لا توجد اي فوارق بين الليبين».

واوردت صحيفة «اويا» يوم (الاربعاء) الماضي تغطية شاملة للحدث تحت عنوان «شيشنق اول فرعون من اصل ليبي»، مؤكدة ان الاحتفال «لا يتعارض مع مستويات هويتنا الاخرى عربية كانت ام اسلامية».

يقدر عدد الامازيع بنحو 26 مليون نسمة في غياب احصائيات دقيقة، ويعيشون في شمال افريقيا في المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب مصر إلى جزر الكناري، ومن ساحل البحر المتوسط شمالا الى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي». ويقول المؤرخ الليبي احمد خليل «عبد الامازيغ القدماء كغيرهم من الشعوب الأرباب المختلفة مثل تانيت التي عبدها المصريون القدماء كأحد أعظم رباتهم وعرفت عندهم باسم نيث، ثم عبدها الإغريق حيث عرفت باسم آثينا بحيث أشار كل من هيرودوت وأفلاطون الى انها نيث الليبية عينها، وقد سميت أثينا، أعظم مدينة إغريقية عى اسم هذه الربة الأمازيغية».

ويضيف انه «مع وصول الإسلام إلى شمال إفريقيا، استعربت جزء من القبائل الامازيغية وتبنت العربية لغة القرآن في حين احتفظ الجزء الآخر بلغتة الامازيغية». وتعني كلمة الامازيغ «الاحرار والنبلاء»، ويعيشون في ليبيا غرب البلاد حيث يفضلون الاقامة اما في الجبال او في الصحراء الكبرى ومنهم الطوارق. ووصفهم الرومان بأنهم «برابرة متوحشون شرسون» بسبب مقاومتهم لهم. والى شيشنق، يعتز الامازيغ بأبطالهم التاريخيين مثل طارق بن زياد وهنيبعل.

وتصل نسبة الامازيغ في ليبيا الى 10 في المئة من السكان، وهم لم يصل طموحهم الى الانفصال الا انهم يطالبون بالاعتراف بالهوية واللغة الامازيغية التي لا تعترف بها الدولة وتعتبرها لغة قديمة لاجدوى من تعلمها. واستفاد الامازيغ في 2006 من الغاء تشريع تمييزي بحقهم كان يمنعهم من تسمية ابنائهم بأسماء امازيغية في السجلات الرسمية، وبات الامازيغ الذين احتفظوا باسماء مناطقهم الاصلية قادرين اليوم على كتابة لافتات بلغتهم يقومون بتعليقها خلال احتفالاتهم الخاصة. ومثلما حصل في سنة 2008 - حيث حالت حرب غزة دون الاحتفال العام 2009 - تبادل الجميع التهاني ووزعت الحلوى على الاطفال تفاؤلا ببسط الرزق عليهم واعدت اطباق الكسكسي والهريسة التي تتكون من القمح وغيره من الحبوب تيمنا بسنة زراعية خصبة، وتسابق الكل الى اضاءة القناديل الزيتية واشعال الشموع في البيوت.

وتعليقا على الاحتفالات، يقول الكاتب نزار كعوان ان «احياء ذكرى الرموز والمناسبات التاريخية في الوجدان الليبي المعاصر واجب وطني، لكن استدعاء شخصية شيشنق الليبي وبعثه من قبره بصورة مفاجئة كان استدعاء عاطفيا وارتجاليا».

ويعتبر الكاتب ان «صناعة الرموز وكتابة التاريخ مسألة حساسة ويجب ان تخضع لمعايير موضوعية وعلمية، والسؤال المطروح من يكتب التاريخ، ومن يصنع الرموز، كيف ولماذا؟ ولماذا يغيب شيشنق تم يخرج ويبعث في لحظات؟»

ويضيف ان «التاريخ الوطني الليبي بما فيه من عمق ثقافي وتنوع حضاري (...) في حاجة الى قراءة وطنية واعية ومراجعة نقدية شاملة بعيدا عن القراءات التاريخية القائمة على العفوية والارتجال وعقد التاريخ والايدلوجيا».

العدد 2688 - الخميس 14 يناير 2010م الموافق 28 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً