العدد 2724 - الجمعة 19 فبراير 2010م الموافق 05 ربيع الاول 1431هـ

بدعة مير حسين موسوي ليست ضلالة!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انتخابات الرئاسة الإيرانية العاشرة بدعة في السياسة. هذه البدعة تقوم على التشكيك في الانتخابات، ثم في النتائج ثم رفضها، ثم اتهام للقائمين عليها في ذممهم، ثم تجييش الشارع ضدهم.

ثم عودا على بدء ولكن بنبرة سياسية أكثر تشنجا وعنفا من سابقتها. تشكيك في النظام السياسي برمّته، ثم رفض لشرعيته، ثم اتهام طبقته الحاكمة، ثم إعلان التمرّد عليه (وعليهم). كان هذا ما جرى بالتحديد بعد الثاني عشر من يونيو/ حزيران الماضي في إيران.

- أطلَقَ مير حسين موسوي الخاسر في ويبدو أن بدعة موسوي لاقت استحسان «الفاشلين» في الانتخابات التي جَرَت في دول أخرى مجاورة وغير مجاورة لإيران. فهم لا يُضيرهم (أي الفاشلين) أيّ تعويل وبأي ثمن كان على مشاريع سياسية مُناكِفة، ما دامت خسارتهم الانتخابية مُؤكّدة.

لذا فإنه وبعد بدعة موسوي بشهر (أو أقلّ) أعلنت المعارضة الموريتانية التي كانت تضم في صفوفها المرشّحَين الثاني والثالث الخاسرَين في الانتخابات الرئاسية بموريتانيا (زعيم حزب التحالف الشعبي مسعود ولد بلخير وزعيم تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داده) «رفضها للنتائج» التي أسفرت عن فوز الرئيس (الحالي) محمد ولد عبد العزيز.

في سريلانكا تكرّر المشهد كذلك. ففي نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي فاز الرئيس المنتهية ولايته ماهيندا راجاباكسي في انتخابات الرئاسة بأغلبية أكثر من 1.8 مليون صوت. منافس الرئيس ومرشح المعارضة ورئيس هيئة أركان الجيش السابق الجنرال ساراث فونسيكا رفض نتيجة الانتخابات وقال «إن حماس الشعب الذي لمسناه خلال الانتخابات لا يعكس هذه النتيجة، لذا فإننا لن نقبل أبدا بهذه النتيجة».

رأينا أيضا بدعة موسوي تسري في أوكرانيا. ففي السابع من الشهر الجاري، فاز مُرشّح المعارضة الأوكرانية فيكتور يانوكوفيتش على رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو، لكن فيكتور يانوكوفيتش أعلنت (وفي التلفزيون الرسمي) مخاطبة الشعب الأوكراني بعد إعلان النتائج «أقول لكم على نحو قاطع إن الانتخابات الأوكرانية زُوِّرت، وهذا ليس إعلانا سياسيا، بل تقويم قانوني من المحامين».

وفي السابع من فبراير/ شباط الماضي أيضا، فاز مُرشّح تحالف كل الديمقراطيين المعارض بيتر اوبي في ولاية أنامبرا بنيجيريا، على منافسه الرئيسي والحاكم السابق للبنك المركزي شوكوما سولودا مرشح حزب الشعب الديمقراطي الحاكم، إلاّ أن مؤيّدي الأخير قالوا إن الانتخابات «شابتها تجاوزات».

وربما يستهوي ذلك السلوك مزيد من المعارضين السياسيين الذي قد يُشاركون في انتخابات رئاسية (أو حتى تشريعية) بدول أخرى في المستقبل. نجاح ذلك أو فشله يعتمد على مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، والتي أهمها أن تُميّل قوى غربية كبرى جناحها صوب من تُريد كما فُعِلَ بالأزمة الإيرانية ما بعد الانتخابات.

باعتقادي أن تلك البدعة لموسوي، لم تكن سوى مدخلا أراده التيار الإصلاحي لكي يقول ما هو أعلى مدى من الانتخابات، أو حتى محاصصات في الحُكم. هو كان يريد رأسا أكبر من رأس أحمدي نجاد، أو اسفنديار رحيم مشائي، بل أكبر حتى من آية الله أحمد جنتي أمين عام مجلس صيانة الدستور، أو آية الله محمد تقي مصباح يزدي عضو مجلس الخبراء.

لذا فإننا وجدناهم لاحقا يقولون ما هو أبعد من الانتخابات، وشخوصها حقا. باتوا يُصرّحون أن «الاستبداد الديني في إيران هو بزعامة خامنئي، الذي لولا أن الفقه الإسلامي يحُول دون التجسيد، لكُنَّا رأينا تمثالا له وهو يُسحَق، مثلما حَدَث من قَبل مع تمثال الشاه محمد رضا بهلوي وصدام حسين» (راجع مقال محسن كديور في صحيفة مهمان روز الإصلاحية بتاريخ 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009).

وباتوا يقولون جهارا أيضا «لقد تحوّل الأمر إلى شعور بالسّخط العميق لدى الشعب الإيراني، والذي تمثّل في كراهية شخص خامنئي. فهل يعلم (أي خامنئي) أن المشاعر والأحاسيس هي نفس المشاعر التي شَعَرَ بها نفس الشعب من قبل تجاه الشاه المخلوع العام 1979؟ وهل أخذَ خامنئي العِبر من مصير محمد رضا بهلوي؟ المؤشّرات كافة تشير إلى عدم اعتباره من مصير الشاه، ويبدو أن السلطة تعمي صاحبها» (راجع نفس المصدر).

هذا الانتعاظ الإصلاحي بالنزوع نحو التطرف السياسي، ونذيره على كلّ ما شدّ في السياسة، هو الهدف الحقيقي للقوى الإصلاحية في إيران، حتى وإن مايز منتسبوه أجزاء منهم عن غيرها، أو تدثّروا بالانتماء للنظام، كلما مالت عليهم أثقال المعركة وظروفها. فذلك لا يعدو كونه نفثٌ لالتقاط الأنفاس وسط معمعة ينزُّ فيها الخصوم نزَّا لكتابة النصر أو الهزيمة.

ليس من المسئولية أن يُدَار البلد (عُنوة) على راحة يد الإصلاحيين دون سواهم. هذه لياقة كان على السياسيين الإيرانيين من هذا التيار استيعابها، وخصوصا أنهم قد تمرّنوا عليها أكثر من ثلاثين مرة من العمليات الانتخابية ما بين رئاسية وتشريعية وبلدية وخبرائيّة، وجرّبتها كلّ التيارات طيلة ثلاثة عقود خلت، إلاّ إذا كانت تجاربهم فيها خواء.

هنا، تصل الأمور إلى نهايتها فعلا. فالمعارضات هي مجاميع ظلّ للسلطة. لكنها وحين تتحوّل إلى حالة من الصِدام والتناكف والاختلاف على الأصول والمبادئ التي يقوم عليها أيّ نظام سياسي، فهذا معناه صراع على الجذور، ومعركة من أجل الاقتلاع والنزع.

حينها، يُصبح النّظر إليهم على أنهم نوع من المعارضة السياسية إسفاف بأصول المعارضات الناظمة للسياسة في شتى الدول. وتوزيع للشرعية مشوب بالسّفَه وعدم الحِكمة. وهي حقيقة الحدود التي يجب أن يعرفها جميع السياسيين في إيران.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2724 - الجمعة 19 فبراير 2010م الموافق 05 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 2:07 م

      لا يجوز المقارنة بين من هو عالي المقام ..... 2

      لولا أن الفقه الإسلامي يحُول دون التجسيد، لكُنَّا رأينا تمثالا له وهو يُسحَق مثلما حَدَث من قَبل مع تمثال الشاه محمد رضا بهلوي وصدام حسين» "لقد تحوّل الأمر إلى شعور بالسّخط العميق لدى الشعب الإيراني، والذي تمثّل في كراهية شخص هل تعلمون ان قائد الجمهورية الاسلامية السيد الحسيني آية الله خامنئي هو نفسه الخراساني الذي سيسلم الراية للامام المهدي عليه السلام في مدينة اصطخر وفي منطقة اسمها (كوه سفيد) بالقرب من مسجد سليمان وهذه المدينه بناها النبي سليمان نفسه لا يجوز أبداً الانتقاص من شأنه

    • زائر 14 | 1:57 م

      لا مجال للمقارنة بين من هو عالي المقام في الأرض والسماء وبين من هم في الطين ومزبلة التاريخ ... ام محمود

      شيء طبيعي أن يقوم الفاشلين في الانتخابات بردات فعل قوية مثل التي عملها مير حسين موسوي وأكثر لكن الغير طبيعي هو الاستماع للأصوات العدائية من الخارج والداخل لتحقيق مآرب

    • زائر 13 | 12:51 م

      زائر 9

      سوال ماذا قدمت العلمانية للشعوب العربية وماذا را نقدم في المسقبل

    • زائر 12 | 12:49 م

      زائر 7

      :: مآحد ضربكـ علىآ ايدك وقآل أركبـي وقال إقر للكاتب

    • زائر 11 | 10:03 ص

      يالستاذ محمد

      تعجبتى مقالاتك عن الداخل الايرانى وتنم عن عمق المعرفة بطبيعة المجتمع الايرانى ..... لكن لم تذكر لماذا نحن العرب فقط الذين يعيشون خارج العصر سواء كان دينيا او سياسيا او علميا

    • زائر 10 | 7:16 ص

      العلمانية

      في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى العلمانية نرى دولا مثل إيران و الدول العربية قائمة على أساس ديني و طائفي و هذه الأنظمة تتحفنا بالشعارات الجوفاء التي لم يتحقق منها شيئا و خاصة في إيران على مدى 30 عاما. ردة الفعل الطبيعية لهذه الأنظمة محاصرة معارضيها و التنكيل بهم فالمنطق عندهم سلاح غير فعال لأنهم لا يمتلكونه و قد آن الأوان ان تهب الشعوب المظلومة ضد الطغيان الممارس عليها و تعي ألا تسمح لأحد بخداعها بشعارات جوفاء و التصفيق لإنجازات لم تنجز و لأحلام لم تتحقق

    • زائر 9 | 6:55 ص

      هذا المقال يأتيكم برعاية الباسدران

      أنت تكتب و احنه ندفع بالتومان. على كيفك يا محمد العب في الديرة.

    • زائر 8 | 2:06 ص

      محمد ابو احمد

      تصدقون ياجماعه اني ما اقراء مقالات ايران وياريت تشوفون لينا حل بالاعمده الفارسيه والله تمللت كل كتابات الكاتب عن جيرانا الطيبين جدا ...

    • زائر 7 | 1:10 ص

      رد على 3 و4

      النظام في ايران مقصر تماما في معالجته الاصلاحيين فقد كان من اللازم عليه عدم التسامح في جعل موسوي وكروبي وخاتمي وباقي الشلة يمرحون ويسرحون منذ اشهر . هذا ضعف في النظام وليس رحمة منه تجاه من يدعو ويتحالف لاسقاطه

    • زائر 6 | 12:50 ص

      و لم لا ؟ (4)

      على هذا الأساس يصبح ما يقوم به النظام الاسلامي في ايران قمعا في العرف الديمقراطي العالمي. هذا هو التوصيف الواقعي لما يقوم به النظام الايراني. صحيح أنني أقر معك بأن الاصلاحيين قد قاموا بأخطاء فادحة بعد أزمة الانتخابات لكن ذلك لا يجب أن يعميك عن الأخطاء التي تمارس من قبل النظام في الطرف المقابل و الطبيعة القمعية التي اتسمت ردة فعله بها. حينئذ يا استاذي العزيز تصبح في نظر الكثيرين بأنك تعبر عن وجهة نظر متحيزة لطرف دون آخر و في ذلك بعدا صارخاعن الموضوعية التي يجب أن تلتزم بها في تشخيصك للمشهد برمته.

    • زائر 5 | 12:28 ص

      و لم لا ؟ (3)

      قد نتفهم أن لايران ظروفا خاصة من ناحية حساسية أمنها القومي مما يسوغ لها في بعض الأحيان أن تتعامل بحزم مع العارضين الاصلاحيين خصوصا و أن الشبهات تلف حولهم بخصوص ارتباطهم بقوى غربية, لكن هل يبرر ذلك تلك السلسلة من القمع و الاعدامات التي مارسها النظام الاسلامي في ايران بحق هؤلاء المعارضون ؟ حتى و لو كانت لديهم نوايا معلنة ترتبط بمعارضتهم لأصول النظام السياسي في ايران. ما الضير في ذلك فهذا في بعض المشاهد السياسية لكثير من الدول يعد من صلب مهام المعارضة شريطة الالتزام بالأمن و السلم الأهلي.

    • زائر 4 | 12:25 ص

      فكرة المقال

      احسنت استاذي الكريم . فكرة المقال ممتازة والمقارنات رائعة

    • زائر 3 | 12:20 ص

      و لم لا ؟ (2)

      و قد سبب ذلك جدلا واسعا في الصحافة و على مستوى النخب السياسية ايضا. و هناك الكثير من الشواهد على ذلك في بلدان عدة في الاتحاد الأوروبي. و من هذا ليس دقيقا ما تفضلتم به في مقالكم بأن النظر إلى الاصلاحيين باعتبارهم نوع من المعارضة السياسية يعد إسفافا بأصول المعارضات الناظمة للسياسة في شتى الدول, و ذلك لأن المعارضة في كثير من الدول الديمقراطية العريقة تمارس هذا الدور المتعلق بطبيعة نظرتهم للنظام السياسي و مدى جدوائية الاسمرار عليه.

    • زائر 1 | 8:22 م

      كلام جميل

      خلهم ياخذون العبرة من غيرهم
      نعم .. صح لسانك يالحبيب وكلامك ذهب
      واصل على هذا النهج في كتاباتك فأنا من المتابعين والمتابعين لك عزيزي ..

اقرأ ايضاً