العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ

«وادي البحير»... المظلوم رغم كثرة أنصاره

وضعه كئيب... مشاريعه معطلة... لكنه جميل...

كان من الممكن الاستفادة من أشجار النخيل قبل موتها عطشاً
كان من الممكن الاستفادة من أشجار النخيل قبل موتها عطشاً

بدت أشجار النخيل التي ماتت في هدوء بين أحضان «وادي البحير» وكأنها مرثية حزينة، أو قصيدة نعي أسطرها جريدها ومفرداتها سعفها... لكن ثمة حياة هناك، فعلى قبور النخيل، تتمايل أنواع من الزهور البرية، وتتراقص بعض الفراشات، ولا تزال الطيور الجميلة تحلق هنا وهناك وهي تشدو... لكن من الصعب تحديد ما إذا كان شدوها غناءً أم بكاءً... فالأمر سيّان. هل تعرفون «وادي البحير»؟ ليس الجميع يعرفونه قطعاً ولكن هناك الكثير الكثير من أهل البحرين من يعرفه جيداً، فذلك الوادي الذي يقع بين الرفاع الشرقي ومدينة عيسى، وبين منطقة سند (شارع الاستقلال) من الشرق، ومجمعات إسكان البحير 933 و937 من الغرب، هو منطقة شديدة الانخفاض تتنوع بين الطبيعة الصخرية والزراعية، ولا يزال حتى يوم الناس هذا محتفظاً ببعض قوامه رغم وضعه الكئيب ومشاريعه المعطلة ومستقبله المبهم... لكنه جميل. وفي خضم الحديث عن تقرير أملاك الدولة المهم الذي يشغل السلطة التشريعية والحكومة في آنٍ واحد نظراً لأهميته البالغة هذه الأيام، وجدت كاميرا «الوسط» متنفساً عبر جولة في هذا الوادي الجميل، الذي يعتبر ظاهرة جيولوجية لها قيمتها العلمية والطبيعية، فذلك الوادي تكوّن عبر سنوات طويلة، حتى أصبح بمثابة محمية طبيعية لأنواع من الكائنات الحية، لكنه على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وبدلاً من أن يتحول إلى منطقة يمكن الاستفادة منها على صعيد الخدمات الإسكانية من جهة، وتحويله إلى متنزه طبيعي من جهة أخرى، تعرض للإهمال وربما للتدمير المتعمد، وهو لا يزال صامداً... هو وادٍ مظلوم رغم كثرة أنصاره ومحبيه.

بين الجفاف والمخلفات والنسيم

يلفحك نسيم عليل، حتى في وقت الهجير حين تتمشى أو تقف على ناصية مكان مرتفع من الوادي، لكن هذا الشعور لا يدوم طويلاً مع مشاهد الجفاف والمخلفات، حتى أن رئيس مجلس بلدي الوسطى عبدالرحمن الحسن، وجد نفسه ذات يوم أمام شكاوى واردة من أهالي المجمع 933 بطريقيه 3345 و3346 بعد رصد أعداد من المخالفين منذ سنوات، يتخلصون من الأنقاض المتخلفة من أعمال البناء ورميها هناك، بالإضافة إلى أن هناك من وجد في الوادي مكاناً مناسباً للتخلص من الأخشاب والمواد البلاستيكية وإطارات السيارات التالفة، بل وكميات كبيرة من المخلفات المنزلية ومخلفات الورش والمصانع.

سكان المجمع القريب من الوادي، أو لِنَقُل سكان المجمعات المحيطة بالوادي، تأثروا كثيراً بسبب تجمع الأوساخ التي مهدت لانتشار الروائح والحشرات والقوارض، حتى أصبحوا، كما صرح الحسن ذات يوم في الصحافة، من تعرض منازلهم لهجوم يومي ومتكرر من القوارض والقطط بالإضافة إلى تجمع الغبار والأتربة فيها، كما أن المنطقة أصبحت موقعاً مختاراً للتخلص من الأوساخ ومخلفات البناء من قبل المخالفين دون توقف.

قائمة بنصف كيلومتر

ذلك الوادي الذي لا يزال جميلاً كما قلنا، التاريخي والخصب منذ القدم، يستحق أن يوصف، مع شديد الأسف، بأنه أصبح حلقة من حلقات مسلسل تدمير البيئة، ومهزلة واضحة لتجاوزات المخالفين لمعايير المحافظة على النظافة، وتحدّياً صارخاً لكل القرارات التي أصدرتها الدولة حول حماية البيئة ونشر النظافة في البلاد كما وصف أحد المواطنين الذي أراد أن ينشر في المنتديات الإلكترونية حقيقة الوضع في الوادي، فالمخلفات ملقاة على الأرض في مساحة تتجاوز نصف كيلومتر مربع... مخلفات مختلفة من مواد البناء وقطع الأخشاب وحديد وتجمع مياه آسنة وأعصان الأشجار والإطارات.

مراد حينما أبدى «مراده»

ومن الظلم إغفال الأصوات التي طالبت بتحويل أجزاء وادي البحير إلى مناطق «خدمات ممكنة»، ولعلنا نتذكر مناشدة النائب عبدالحليم مراد جلالة العاهل إصدار توجيهاته السامية بتخصيص المساحة المتبقية من أرض وادي البحير كمخزون للأجيال المقبلة، حتى لا يتم التصرف فيها في أغراض أخرى غير إسكان الأهالي، خصوصاً مع تداول أنباء عن حصول جهات معينة على مساحات من الوادي، فهذه المناشدة جاءت بعد توجيهات ملكية بتخصيص 8,75 هكتار (578000 متر مربع)، حسب قول النائب مراد، من الوادي للمشاريع الإسكانية من مجمل المساحة البالغة نحو 6,1 مليون متر مربع للمشاريع الإسكانية المستقبلية وللمنفعة العامة.

تساؤلات تحتاج إلى إجابات حقيقية

وهذا الموقف كان له وقع كبير في نفوس أهالي منطقة الرفاع التي لا يوجد لها امتدادات مما يشكل عائقاً أمام المشاريع الإسكانية المستقبلية، ولا تزال الإجابات مجهولة على تساؤلات طرحت مفادها: «هل تم بيع أو وهب مساحات من أراضي وادي البحير لأفراد أو جهات محددة، وما هو مصير المساحات المتبقية من الوادي؟ وهل تم رصد ميزانية لإقامة المشـروع الإسكاني، وكم تبلغ عدد طلبات الوحدات السكنية لأهالي الرفاع كل سنة على حدة، ومتى سيتم البدء بالمشروع الإسكاني؟»... ربما تظهر الإجابة قريباً... من يدري؟ لكن المعلومات المتوفرة حتى الآن، تشير إلى انتهاء تخطيط مشروع الوادي السكني لإنشاء 1800 وحدة سكنية ومدارس وخدمات تجارية، وذلك في الأرض التي وهبها جلالة الملك، وأن وزارة الإسكان رسمت الخرائط اللازمة للمشروع الذي سيلبي الطلبات الإسكانية لأهالي الرفاع والمناطق المجاورة حتى طلبات العام 1994.

أراضٍ مملوكة للعموم

ولم يكن عضو لجنة المرافق العامة والبيئة بكتلة الوفاق النيابية النائب السيد عبدالله العالي بمنأى عن الوادي، فقد عبر في تصريح صحافي سابق عن استياء شديد يعم الشارع البحريني وعموم المواطنين عقب إعلان تحويل مساحات شاسعة من وادي البحير من ملكية عاملة ينتفع منها المواطنون إلى ملكية خاصة، واصفاً مصادرة تلك الأرض وأراضٍ أخرى مملوكة للعموم هي (سمسرة سرية) تتعاون فيها بعض الأطراف الرسمية مع أولئك المتنفذين على حساب المواطنين ومصلحة الوطن، متسائلاً أيضاً: «كيف يتم تحويل تلك الأرض من ملكية عامة لخاصة في سجلات الحكومة والأخيرة صامتة لم تفعل شيئاً؟»، ربما تكون هناك إجابة قريبة... أيضاً، من يدري؟ لكن لا بأس من التساؤل مرة وثانية وعاشرة عن المسئولين عن مصادرة هذه الأرض المقدر مساحتها بمليون و646 ألفاً و767 متراً مربعاً في وادي البحير (مع الاعتبار للفارق بين الرقم الذي طرحه النائب مراد والنائب العالي).

أيها البيئيون توجهوا إلى الوادي

ربما من المهم ألا ينسى الناشطون البيئيون والمتطوعون من المواطنين والمقيمين الذين يشاركون بهمة ونشاط في حملات التنظيف وادي البحير أبداً، ولعل الوقت مناسب لتكرر حملات أخرى لتنظيف الوادي التي تشمل إزالة الأنقاض والمخلفات وتنظيف قنوات المياه كما سعى مجلس بلدي المنطقة الوسطى، وخصوصاً فيما يتعلق بإزالة مسببات انتشار الحشرات البعوض التي يصل ضررها لكل من الرفاع وسند ومدينة عيسى، كما أن من شأنها أن تساعد على انسياب المياه السطحية بصورة سليمة، وكذلك تنظيف البحيرتين وتصليح وصيانة المضخات التي تضخ المياه من البحيرات والقنوات إلى الخط الرئيسي لمحطة توبلي.

ولعل أحد شباب منطقة البحير وجد نفسه ملزماً بأن يخاطب الأهالي في أحد المواقع الإلكترونية بالمشاركة في إيقاف تدمير الوادي وكانت عبارة بسيطة لكنها تعكس حجم قضية الوادي: «ويا ريت شباب وشابات البحير يثيرون القضية في الصحافة والمنتديات، ولو استدعى الأمر... يعتصمون في الوادي... على الأقل، يقدمون شيئاً لواديهم».

وادي البحير... سلام وتحية

العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:33 م

      مال البحيير

      يا جماعة الارض صار لها 3 سنوات او اهمه وله ايسوون شي فيها اصلن كله كلام او انا ليحين اجووف الاطيوور او الحيوانات من جلاب و ابوالعريس و الوه او البط او القلق ليحين كما كانت
      نفديج ابرووحنة يالبحير

    • زائر 4 | 7:14 ص

      بال

      شلون هلون ديرتنا ؟؟ الله على الظالم ؟؟؟؟؟؟؟ وين ايام النخل واللوز ، واللؤلؤء والمحار .. كل شي ان باع ماظل الى يلعبون فيه المجنسين الهمج ..اه يا ديرتي البحرين ..واين ايام الدراسة والشوارع والسكيك بين الفرجان نلعب مع الشيعة والسنة مع بعضنا البعض .. راحت ايام الاول .. يريت ترجع ويتم طرد الحثالة المجنسة من مملكتنا الغالية ..

    • زائر 3 | 5:46 ص

      بحريني 11

      بأمكان بلدية المنطقة الجنوبية الاستفادة من هذه النخيل بدل من استيراد النخيل من السعودية حيث نسبة موت النخيل السعودي 70 % وتكلفة النخلة الواحد 159 دينار بحريني. وينك ياوزير البلديات يالي ما عندك قرار

    • زائر 2 | 4:38 ص

      رفاعي

      حسب المصادر بأن هذا الوادي تم مصادرته الى متنفذ كبير يعني ملطوووووووش حاله من حال بقية الاراضي الملطوشه .
      ماظل لا وادي ولا بحر ولا ارض ولا سماء حتى السماء الظاهر انباعت .

    • زائر 1 | 2:32 ص

      سياسة متعمدة:كما فعلوا لعداري وغيرها اهمال وثم القتل

      (واصفاً مصادرة تلك الأرض وأراضٍ أخرى مملوكة للعموم هي (سمسرة سرية) تتعاون فيها بعض الأطراف الرسمية مع أولئك المتنفذين على حساب المواطنين ومصلحة الوطن)
      في راي ان وادي البحير يجب ان يبقى ويرمم كمنتزه وطني كبير لأ غير وخاصة بعد زيادة اعداد المتجنسين التي ستذهب المشاريع الأسكانية لهم لأ محال ويضيع الوادي للأبد

اقرأ ايضاً