العدد 2810 - الإثنين 17 مايو 2010م الموافق 03 جمادى الآخرة 1431هـ

في مواجهة الإرهاب: الحرية هي أفضل دفاع أميركي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يمثل اعتقال فيصل شاهزاد البالغ من العمر 30 عاماً، والأميركي من أصول باكستانية، والسائق المفترض للسيارة المستخدمة في عملية التفجير الفاشلة بميدان تايمز (Times Square) بمدينة نيويورك قبل بضعة أسابيع فرصة للرد بفاعلية على عمل إرهابي محتمل بدلاً من الرد بخوف وفقدان أعصاب تستخدم في نهاية المطاف من قبل العناصر المتطرفة.

بدأت التفاصيل تظهر تدريجياً اعتباراً من صباح الثلثاء فيما يتعلق بحوافز المتهم شاهزاد المحتملة، والذي ألقي القبض عليه في مطار كينيدي بنيويورك، حيث إنه كان قد خطط السفر إلى دبي. وفي تلك الأثناء ادّعت منظمة طالبان الباكستانية مسئوليتها عن هذه المحاولة الصبيانية الفاشلة.

تنمّ حماسة طالبان الباكستانية عن الكثير عن يأسهم لزرع الرعب في قلوب الشعب الأميركي من خلال عمل إرهابي على الأراضي الأميركية.

استخدمت لحظات توتر مماثلة، رغم كونها معزولة، في الماضي لزرع الفتنة والعداء من خلال عبارات الاستقطاب في الإعلام من قبل جهابذة عقائديين حاقدين في كل من المجتمعات الأميركية غير المسلمة والمجتمعات العالمية المسلمة. وقد شهدنا هذا التوجه مؤخراً عندما فتح الميجر نضال حسن مالك النار وقتل 13 جندياً في فورت هود بولاية تكساس، وعندما حاول الطالب النيجيري عمر فاروق عبدالمطلب إشعال نفسه على طائرة مساء عيد الميلاد العام 2009 رغم أنه مُدرَج على لائحة خاصة بالإرهابيين.

تشكل أحداث كهذه وقوداً للمعلّقين اليمينيين لتشجيع صورة غير دقيقة وبشكل خطير عن كينونة مسلمة واحدة يكره فيها جميع المسلمين «حرياتنا».

لاشك أن هجمات لفظية سوف تُشَن على الرئيس الأميركي باراك أوباما وجهوده من أجل المصالحة والشراكة مع الجاليات المسلمة، ومن ضمنها مقابلته مع قناة «العربية»، وخطابه التاريخي إلى المسلمين في القاهرة في يونيو/ حزيران الماضي، وتواصله مع المنظمات الأميركية المسلمة وقادتها.

يناقش بعض جهابذة الإعلام بحماسة مثيرة على شبكة فوكس التلفزيونية بضرورة «وضع صور» تنم عن شخصيات صانعي الأعمال الشيطانية، مطالبين في الواقع بتصوير عنصري للأقليات العرقية، وخاصة هؤلاء من الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

تفاعل الرئيس أوباما، متوقعاً غضباً شعبياً، مع نداءات بالمزيد من الإجراءات الأمنية بعد محاولة التفجير الفاشلة يوم عيد الميلاد العام 2009 بتنفيذ إجراءات شاملة تم تعديلها مؤخراً لتحديد أساليب التفتيش والتصوير النمطي المتزايد للأفراد العائدين من 14 دولة معظمها ذات غالبية مسلمة.

يعتبر التصوير النمطي العرقي وتآكل الحريات المدنية واتباع إجراءات قانونية محددة، إجراءات ذات أثر عكسي في محاربة الإرهاب. رغم ذلك، أخاف أن يؤدّي الخوف والطرح العدائي إلى أن تُفشِل الإجراءات التي يجري تطبيقها الثقة المتبادلة والتعاون اللذين جرى إنشاؤهما بصعوبة خلال السنتين الماضيتين بين الأميركيين المسلمين ومؤسسات تنفيذ القانون.

يجب تذكير الديماغوجيين من اليمين، الذين يرفعون راية قيم الغرب ويناقشون أن الإرهاب مقتصر على «العالم الإسلامي»، بعملية اعتقال تسعة أفراد من مجموعة الهوتاريين الإرهابية التي تآمرت لقتل رجال شرطة وشن حرب على حكومة الولايات المتحدة. وقد تم وصف المجموعة بأنها شاذة من قبل المسيحيين والمجموعات المسيحية.

كذلك تم تجاهل العملية الانتحارية التي قاد فيها جوزيف ستاك الحاقد على الحكومة طائرته ليصطدم بمبنى حكومي ويقتل موظفاً حكومياً بريئاً في ولاية تكساس، من قبل العديد من جهابذة الإعلام، رغم أن الغضب في مؤسسات الحكومة الفيدرالية سُمِح له أن يستشري في احتجاجات شعبية غاضبة.

من المؤكد أن عناصر إسلامية تحولت إلى الأصولية تقوم بإساءة استخدام أحداث مثل الصور الكاريكاتيرية للنبي (ص)، على أنها إثبات شامل على أن الغرب «الإمبريالي» يعمل على إدامة حرب على الإسلام والمسلمين.

لا يظهر العنف الذي شهدناه مؤخراً ضد هؤلاء الذين نشروا هذه الرسومات للنبي (ص) في أوضاع مهينة، من الفراغ، وإنما هي أعراض لمعتقدات مستدامة في طروحات مشوهة ومبسّطة «للغرب الذي يدعو إلى الحرب»، وتجد دلائلها في حرب العراق ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل والضحايا المدنيين في أفغانستان وباكستان والعلاقات الأميركية الحميمة مع دكتاتوريات عربية.

تلك هي العناصر التي تحمل في نهاية المطاف الحصة الأكبر من اللوم لخيانتها إرث النبي (ص) وروحه، اللذين يحثان على الاعتدال والاحترام.

أكبر خطأ يمكن للأميركيين أن يرتكبوه في وجه تهديدات المتطرفين هو استعادة موقف «نحن ضدهم» والسياسات الأمنية المزعجة التي اتبعتها الإدارة السابقة، مثل قانون «الوطنية» الأميركي (Patriot Act)، الذي سهّل على الهيئات الحكومية الوصول إلى المعلومات الشخصية وحجز المهاجرين وتفتيش المنازل والأعمال. أثبتت هذه السياسات كونها كارثية في وقف الإرهاب العالمي، وناجحة جداً في تآكل موقف الولايات المتحدة في الرأي العالمي، وعملت على تدمير التعاون مع المجتمعات المسلمة في كافة أنحاء العالم.

أفضل دفاع، في نهاية المطاف، هو التمسّك بنفس قيم الحرية والاستقلال والديمقراطية التي يرغب الأميركيون، مسلمين وغير مسلمين بالدفاع عنها وحمايتها.

الواقع الحزين للوجود الحديث المعولم في القرن الحادي والعشرين هو أن تهديد الإرهاب والعنف يشكّل مظهراً مستمراً للحياة اليومية. ولكن المواقف المناهضة والتصوير النمطي المستشري واختيار أكباش الفداء من بين الأقليات وإثارة انعدام الثقة بالأميركيين المسلمين والحلفاء، لم تؤدِ جميعها إلا إلى زيادة المخاطر. لقد أظهر التاريخ الحديث أن المنظور المنطقي والمعتدل، مضافاً إليهما إجراءات أمنية صارمة وأعمال شرطية تتوخى الحيطة والحذر وحماية الحريات المدنية والمعونة المتبادلة، هي أفضل أمل لنا.

في الوقت الذي تظهر فيه المزيد من الإثباتات في محاولة تفجير ميدان التايمز خلال الأيام القليلة القادمة، لنأمل أن يسود هذا المنظور المنطقي المعتدل.

* محرر مشارك لـ Altmuslim.com، وكاتب ومحامٍ. وتعتبر مسرحيته «المحارب الصليبي المحلي» مسرحية رئيسية حول حياة المسلمين في أميركا بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2810 - الإثنين 17 مايو 2010م الموافق 03 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً