العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ

العِزَّة... عنوان السيادة الحقيقية والاستقلال الناجز

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

مرّت علينا قبل أيام الذكرى العاشرة للتحرير، والتي قدّم فيها لبنان، من خلال مقاومته وشعبه وجيشه، نموذجاً للمنطقة العربية والإسلامية، وكان المثال لكل طلاب الحرية والتحرر في العالم.

ونحن في الوقت الذي نؤكد فيه على أهمية استعادة هذه الذكرى، لتكون سنداً للجميع في عملية المواجهة المستمرة مع العدوّ، والتي تتصاعد فيها التعقيدات، وتدخل العوامل النفسية والسياسية على الخط... نريد للبنانيين جميعاً أن يكونوا على حذر من كل أولئك الذين يعملون لسرقة التحرير، سواء أكانوا من تجار السياسة الدولية أو الإقليمية أو حتى المحلية.

إن علينا أن نعرف أن معركة التحرير التي بدأها الشباب المؤمن المجاهد، والشباب الحريص على حرية البلد وسيادته، منذ الاجتياح الصهيوني في العام 1982 لم تنتهِ فصولها بعد، وإنْ كُللت جهود المجاهدين والمقاومين بالنجاح، وأثمرت حركتهم في هذا الهروب لجيش العدو، وانكفائه عن معظم الأراضي اللبنانية، إلا أن العدو لا يزال يحتفظ بأراضٍ لبنانية يحتلّها كما في الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا، وهو الذي لا يقيم وزناً لمسألة الحدود التي يجعلها دائماً رهينة حساباته السياسية والاستراتيجية.

كما أن العدوّ لا يزال يتحيّن الفرص للانقضاض على لبنان، والانتقام من هذا الشعب المقاوم الذي استطاع أن يهزم جيشه وعدوانه في أكثر من واقعة، وها هو يُعلن، من خلال مناوراته الجديدة المسمّاة «تحوّل 4» أنه «في حالة حرب متَخَيَّلة مع سورية ولبنان وقطاع غزة»... وأن هذه المناورات ستحدد نتيجة الحرب المقبلة.

إننا نقول للجميع: إذا كان العدوّ يعدّ العدّة للحرب المقبلة، ويعمل لمعالجة نقاط ضعفه المتركزة في جبهته الداخلية، فلماذا لا تنطلق في لبنان ورشة شعبية ورسمية للرد على ذلك كله، بحركة ميدانية قوية تبعث رسالة حاسمة للعدوّ بأن لبنان الشعب والجيش والمقاومة سيكون له بالمرصاد؟!

إننا نعرف أن السيادة الحقيقية والاستقلال الناجز لا ينطلقان في عمقهما الحقيقي إلا من خلال تأكيد عنوان العزة في مواجهة العدوّ، ولذلك فنحن نحيّي الموقف الوطني المسئول الذي أطلقه رئيس الجمهورية في ضرورة الحفاظ على الوحدة الداخلية من خلال التنسيق الكامل بين الجيش والشعب والمقاومة، ونرى أن هذا الموقف يمثل أساس الحماية للبنان في أبعاده الاستراتيجية والسياسية والميدانية.

وعلينا، ونحن نعيش في رحاب ذكرى التحرير، ألا ننسى الشعب الفلسطيني الذي أطبقت عليه أمم الأرض التي دعمت الكيان الصهيوني، ووفّرت له - ولا تزال - كل أنواع التغطية السياسية والإعلامية، لمنع هذا الشعب من العودة إلى أرضه، حتّى أنهم لا يزالون يمنعون أيَّ فرصة له لإقامة دولة مستقلة، فضلاً عن فلسطين التاريخية التي يبقى حقّه فيها ثابتاً مهما تقادم الزمن.

ونحن في الوقت الذي نشهد فيه مزيداً من العدوان والغارات الصهيونية على قطاع غزة، ومزيداً من الإنذارات بهدم منازل جديدة للفلسطينيين في القدس المحتلة، ندرك أكثر بأن المفاوضات غير المباشرة بين العدوّ والسلطة الفلسطينية ليست إلا محطة من محطات التغطية على العدوان المستمر والجريمة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، والتي يتفرّج عليها العالم المستكبر، ويسكت عنها العالم العربي والإسلامي على مستوى أنظمته ومؤسساته الرسمية، الأمر الذي يستدعي وقفة مسئولة على مستوى الشعوب وفصائل المقاومة وحركات التحرر.

وأخيراً، إننا عندما نرصد الحركة الأميركية السريعة باتجاه الدول الكبرى، للإسراع في فرض سلسلة عقوبات جديدة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نعرف أن أميركا - أوباما لا تزال تضع الأهداف الإسرائيلية في رأس أولوياتها، وتعمل في المسألة النووية الإيرانية تحديداً وفق الخطة التي رسمها الكيان الصهيوني والحركات الصهيونية العالمية، وخصوصاً بعد الصدمة التي أُصيب بها العالم المستكبر بعد التوقيع على الاتفاق الثلاثي التركي الإيراني البرازيلي في طهران.

إننا نؤكد على أن تستمرّ الجمهورية الإسلامية في هذا الموقف المنفتح والحاسم في آن، لتواصل فضح الإدارة الأميركية والدول الكبرى التي شعرت أن البساط بدأ يُسحب من تحتها، كما نؤكد أن في استطاعة الدول الناشئة أن تأخذ بأسباب القوة، وأن تفرض نفسها في التأثير على حركة السياسة الدوليّة المستكبرة، بما يُمكن أن يفرض تعديلاً أو تغييراً في المنهج الاستكباري في التعاطي مع قضايا شعوبنا المحقّة.

ونحن في هذه المناسبة نؤكد على الشعب الإيراني بكلّ فئاته وأطيافه، أن ينطلق من خلال توحيد الموقف الوطني العزيز، والإعلان للعالم كله أنه لا يستطيع اللعب على تنوّع خطوط الشعب الإيراني الطبيعي في القضايا الكبرى والحساسة التي تتصل بعزّة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكرامتها، والتأكيد بأن إيران تمثل جبهة قوية متراصة لا يمكن اختراقها أو النيل منها بالتهاويل أو بالضغوط، أو حتى بالحروب التي يهددون بها صباح مساء.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2822 - الجمعة 28 مايو 2010م الموافق 14 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:41 م

      تقى البتول

      الله يخليك لينا ياسيد وينصرك وينصر السيد نصر الله الله رفع روؤسنا

    • زائر 1 | 7:48 ص

      وين دور الكتاب

      نعم من المؤكد أن دولنا الكبرى في المنطقة تسطيع أن تسحب البساط من الدول الأجنبية غير المؤتمنة.
      كتابنا يا حبذا يطورون الخطاب بما يشجع على التقدم في هذا المضمار.

اقرأ ايضاً