العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ

دعوة إلى الانفتاح المُرضي للخالق والصفح عن الأخطاء وتأكيد على حقوق الرجل والمرأة

تشديد على ضرورة التخطيط لـ «رمضان» ومطالبة بالتأكد من طرق ذبح اللحوم المستوردة... في خطب الجمعة أمس

تنوعت الموضوعات التي تطرق لها أئمة وخطباء الجمعة يوم أمس، فبعض الخطباء تطرقوا في خطبهم إلى أهمية الصفح والعفو عن الأخطاء والزلات، وبعض آخر شدد على ضرورة الاعتماد على مبدأ الانفتاح الإسلامي المرضي لله في الحياة، فيما دعت إحدى الخطب إلى التخطيط والاقتصاد في شراء سلع شهر رمضان.

ففي خطبته التي حملت عنوان «المبدئية والانفتاح»، دعا إمام وخطيب جامع الصادق (ع)، في الدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم، إلى «الانفتاح الذي يرضاه الله، وتأذن به شريعته، انفتاح لا يقارب دنيئة، ولا يضيع حقيقة، ولا يمزج حقا بباطل، ولا معروفا بمنكر، ولا يبرر لظلم، ولا يتستر على رذيلة، ولا ينتصر لظالم، ولا يعين على مظلوم، وينشر الحب في الخير، والتعاون على المعروف، ويؤلف القلوب على غير باطل، وينفع الناس».

وبيَّن قاسم في خطبته أن «هناك مبدأ رحمة واسع الانفتاح على مصارح كل إنسان وكل جماعة وكل أمة، وينظر للإنسان في نفسه نظرة احترام، ولا يعادي الحق في أحد، ولا يبخل بالخير والهدى على أحد، ولا يضمر لإنسانٍ شرا، ولا يعادي في الناس إلا ما كان جهلاً وضلالاً وزيغاً عن الحق وانحرافا وظلماً وباطلاً، ولا يقرب إنسانا إلا لحسن عمل وسريرة، ولا يبعد آخر إلا لقبح ظاهر وباطن، ظاهرٍ من فعل وباطنٍ من ضمير».

وأضاف قاسم أن هذا «مبدأ قد يقسو، ولكن لا يقسو إلا على شر، أما الخير فيرحب به في كل إنسان، ويشيد به على يد أياً كان، ومن أين جاء، وهو مبدأ يطلب العدل مع الصديق والعدو، والقريب والبعيد، وينافح عن المظلوم أي مظلوم، ويعمل على رد الحق ممن سلب منه وإن كان العدو المبين».

وأشار قاسم إلى أن «هناك من يحرف فهم الإسلام فيصير به إلى صورة عدوانية قاتمة كالحة منفرة، ويجعله بتحريفه دين مجازر ومحارق وسفكاً للدم الحرام بلا ضوابط ولا حساب. وهذا من أكبر الظلم للإسلام، ومن أكبر الظلم للمذاهب على تفاوتها، لأن ليس من مذهب تصح نسبته للإسلام بشيءٍ من الصدق يمكن أن يقوم على مبدأ الظلم والوحشية والتنكر للحقوق، وانفلات المشاعر، والكراهية البهيمية السوداء، والحقد الجاهلي الدفين».

وفي السياق نفسه الذي تطرق إليه قاسم في خطبته، تحدث إمام وخطيب جامع عالي الشيخ ناصر العصفور، عن أهمية العفو والصفح والتجاوز عن الأخطاء والهفوات، مشيراً إلى أن «الإنسان كبشر هو معرض للأخطاء والزلات، ولا يخلو الإنسان في مقام التعامل والمعاشر من وقوع خطأ هنا، أو خطأ هناك تجاه المحيطين به، ومخالطيه الذين يتعامل معهم، سواء أكانوا في دائرة الأسرة مع أهله وأولاده أو في محيطه الاجتماعي العام».

وأكد العصفور أن «العفو والصفح والتجاوز عن الأخطاء هو من الأساليب الراقية في التعامل الإنساني الحضاري، فمن خلاله نتمكن كأفراد أو مجتمع أن نتجاوز الكثير من المشكلات، ونتغلب على الصعاب، ونستطيع أن نعالج المواقف المختلفة التي تصدر عن الآخرين بصورة إيجابية، سواءً أكانت هذه الأفعال بقصد أو بغير قصد».

وتابع: «ولأن عدم الصفح وعدم التغاضي معناه الدفع باتجاه تعقيد الأمور والعلاقات وهو ما يدفع عادة إلى الانتقام، من خلال ردود الفعل التي قد تحصل وتقع. يقول الإمام علي (من لم يحسن العفو أساء الانتقام)، إضافة إلى أن صفة التسامح والعفو تمثل قيمة إنسانية كبيرة، وحالة من التسامي الروحي، وارتقاء بالنفس الإنسانية، والترفع عن الأحقاد والضغائن والأنانية، وهو ما ينعكس إيجاباً على نفس الإنسان وطمأنينته».

واعتبر العصفور أن «الصفح والتغاضي عن أخطاء الآخرين وتجاوزها لا يعني حالة من الضعف أو الخوف، كما قد يعتقد البعض. فمع قدرة الإنسان على الرد أو الانتقام بشكل أشد وأقسى، إلا أنه عندما يتجاوز عن الإساءة ويتغاضى عن الهفوات، فهذا يعني منتهى القوة والشجاعة والقدرة النفسية، ولا يزداد الفرد بذلك إلا رفعة وعزة ومكانة».

وأشار إلى أن «الإنسان في مقام التعامل والمخالطة لابد أن يتسع صدره، فهو يحتاج إلى التغافل عن الأمور الجانبية والهامشية، ولا يكثر المعاتبة والملامة للآخرين. ولا ينتقد تصرفاتهم في كل شاردة وواردة».

وأوضح العصفور أن «التدقيق والمحاسبة في أتفه الأمور، من شأنها أن تدفع الآخر إلى ردة فعل سلبية، إلا أن هذا المفهوم، لا يعني أبداً التغاضي عن المنكر أو التساهل أمام موقف يتطلب حزماً، كما في موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد الغيبة والنميمة».


الإيمان بالله

وفي موضوع قريب لما طرحه قاسم والعصفور، شدد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ فريد المفتاح على ضرورة الإيمان بالله وبأنه القادر على كل شيء.

وقال المفتاح في خطبته أمس إن «للإيمان طعما يفوق كل الطعوم، ومذاقا يعلو كل مذاق، ونشوة دونها كل نشوة، حلاوة الإيمان حلاوة داخلية، في نفس زكية»، مشيراً إلى أن «الإيمان بالله هو سكينة النفس وهداية القلب، وأمان الخائفين، ونصرة العاملين، وبشرى المتقين».

وأضاف: «الإيمان أبو الأمل وأخو الشجاعة، مرسّخ الحب وطارد الكره، وهو ثقة النفس ومجد الأمة، وتسامح الأفراد والمجتمعات».

وذكر المفتاح أن «أول منافذ الوصول إلى الإيمان وتذوق طعمه، هو الرضا بالله تعالى خالقاً رباً مدبراً، فهو القائم على كل نفس بما كسبت».

وأفاد بأن «من ضعف إيمانه يضج من الابتلاء، ويخاف السفر، ويضل الطريق، ومن فقد الإيمان انفرط أمره، يسير في دنياه من غير حسيب، معدوم الثقة بنفسه وبالناس، وبغير حلاوة الإيمان يعود الناس وحوشاً ضارية، فالسعادة والحلاوة لا تحققها شهوات الدنيا ولا ملذاتها».


الإسراف خطر اجتماعي واقتصادي وصحي

وبمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، ركز إمام وخطيب جامع أبي بكر الصديق الشيخ علي مطر، في خطبته على التخطيط والاقتصاد في شراء الاحتياجات والسلع في شهر رمضان، مؤكداً أن «عملية الشراء هذه ينبغي أن تكون وفق تخطيط سليم وضوابط ليكون الإنفاق على قدر الحاجة ومن دون مبالغة، منعا من إرهاق موازنة الأسرة، وتجنباً للإسراف والتبذير الذي حذر منه شرعنا الحنيف سواء في رمضان أو غيره، لأن الإسراف خطر اجتماعي واقتصادي وصحي». وقال «المطلوب الشراء بقدر والإنفاق بقدر والأكل والشرب بقدر، هكذا نقتصد، ونحمي أموالنا وأبداننا وصحتنا».

ونوَّه مطر إلى أن «الرسول (ص)، وجه أمته إلى ضرورة كيل الطعام لمعرفة مقدار ما نحتاجه من غير إسراف ولا تقتير، ولتحصيل البركة، وفيه حث على القصد والتخطيط وحسن التدبير».

واستطرد قائلاً «لا ننسى أننا نستعد لشهر الصوم، ما يعني وجبات أقل ومصروفات أقل، فوجبة واحدة رئيسية في اليوم هي وجبة الإفطار، بينما تحتاج إلى ثلاث وجبات في غير شهر رمضان، فلهذا نعجب ممن يزيد إنفاقهم في شهر رمضان، والأصل أن نوفر جزءا من الموازنة».

وطالب الجهات المعنية بتشديد الرقابة على السلع حماية للمستهلكين، وللحد من ممارسات بعض التجار الجشعين».

وأشار إلى أنه «بسبب اندفاع الناس للشراء والتخزين، يرفع بعض التجار الأسعار استغلالاً لحاجة الناس، ومعلوم أن هناك تجار يستغلون المواسم في رفع الأسعار من دون مبرر ولا وجه حق».

وقال مطر إن «على التجار أن يتقوا الله تعالى في تجارتهم وكسبهم وربحهم ويقنعوا بالربح المعتدل المعقول، فالسواد الأعظم من الناس حالهم ضعيف ودخلهم بسيط ومحدود».


حقوق المرأة والرجل

وفي موضوع مختلف عن بقية الخطب، شدد إمام وخطيب جامع قلالي الشيخ صلاح الجودر، على ضرورة أن تعطى المرأة حقها كاملاً، فطالب في خطبته بمنح أبناء النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب، الجنسية البحرينية، واصفاً إياهم بأنهم يعانون الغربة في وطنهم.

وأفصح الجودر عن وجود أكثر من 450 امرأة بحرينية لديهن أولاد، بنين وبنات، لم يحصلوا على الجنسية البحرينية حتى الآن.

وقال الجودر: «إذا كانت الجنسية قد أعطيت للكثيرين بحسب الأنظمة والقوانين، فما المانع من منح أبناء البحرينيات الجنسية البحرينية؟ لماذا ندع هذه البحرينية تعاني الأمرين في بلدها بسبب زواجها من أجنبي؟ لماذا يحرم أولادها الاستفادة من الخدمات المقدمة للبحرينيين، تعليم وصحة ووظيفة وسكن، وغيرها؟ لماذا يشعر أولادها بالتمييز في الفصل والشارع؟».

وأضاف: «وفي الطرف الآخر هناك بحرينيون متزوجون من أجنبيات، وقد استوفوا جميع الشروط المطلوبة، ولكن إلى الآن طلباتهم معلقة، إلى متى هذه المعاناة؟ لماذا لا تعالج القضية ويقفل الملف؟».

وشدد على أن «إهمال مجموعة من المجتمع، رجالاً أو نساءً، عن نيل حقوقهم جميعها مسائل لا يجوز السكوت عنها، فضلاً عن إقرارها والرضا بها، من الحق والإنصاف الوقوف مع هذه الفئات المجتمعية التي تحتاج إلى الدعم والمساندة، فإن مطالبة الحق، أمر مشروع يتحقق على إثره التوازن في المجتمع».

وأكد أن «الإسلام كفل لأتباعه، أفراداً ومجتمعات، السعادة في الدنيا وحسن الثواب في الآخرة متى ما أخذوا كتاب ربهم بقوة، والتزموا بسنة نبيه ما استطاعوا، وعملوا بفهم الصحابة وآل البيت وتابعيهم بإحسان، قولاً وعملاً، فهماً واعتقاداً».

واعتبر أن شعار «حقوق المرأة»: «أصبح اليوم ضحية مماحكات سياسية، ومماطلات تآمرية، بين دعاوى لتكبيل المرأة وهضم حقوقها، ودعاوى لتحرير المرأة وتغريب سلوكها، لذا نبحث اليوم عن الوسطية في هذه القضايا، بعيداً عن الهرطقة الكلامية، والحوارات السفسطائية، ومستغرب العبر والكلمات».

وبيَّن أن «للمرأة حقوقا كما للرجل، وعليها واجبات كما على الرجل، لذا من الواجب أن تعان المرأة على نيل حقوقها ومعرفة واجباتها، فتعرف حقها في المنزل مع أبيها وأخيها وزوجها، وتعرف حقها في المجتمع، حق التعلم والعمل ومشاركة المجتمع في عملية البناء والإصلاح»، مضيفاً أن «الإسلام لم يفرض على المرأة العمل خارج المنزل، وهو لم يمنعها من العمل بضوابطه الشرعية، لا هضم لحقوقها الأسرية، ولا نكران لواجباتها الزوجية، ولا تمييز في مكانتها المجتمعية».

ولفت إلى أنه «في بلاد المسلمين لاتزال هناك عادات ظالمة، وتقاليد جائرة للمرأة، نسبت إلى الدين، والدين منها براء، الظلم والتعدي والتهميش وسلب الحقوق، بل جاء التعدي على حقها الشرعي في الميراث والهبات والعطايا التي كفله الشرع الحنيف لها، بل وتعدى الأمر إلى العنف والضرب والعضل والتحرش».

وتابع: «المتأمل في بعض البيوت يجد السلوكيات الخاطئة من بعض الأزواج؛ شرب للخمر وتعاط للمخدرات، وسب وشتم ولعن أمام الأطفال، لذا يجب أن تعان تلك المرأة الضعيفة لرفع الظلم عنها، فترفع مظلمتها إلى من ينصفها من القضاة أو المسئولين أو الأقارب، يجب مساعدتُها وتشجيعُها وتبصيرها ودعمها لتنال حقها الذي كفله الشرع الحنيف».


الجامعيون العاطلون

وتحت عنوان «الجامعيون العاطلون»، طالب إمام وخطيب جامع كرزكان الشيخ عيسى عيد، الحكومة بحل أزمة العاطلين الجامعيين، والارتقاء بالبحرين وأبنائها علميا واقتصاديا وتنمويا، معتبراً أن الحل الناجح والوحيد لهذه الأزمة، هو إحلال الطاقات الوطنية مكان الطاقات الأجنبية.

وقال إن «خريج الجامعة في البحرين يبقى بعد تخرجه وبعد بذل كل جهوده وطاقاته الذهنية في الدراسة, يبحث عن ثمرة تلك الجهود والأتعاب التي بذلها في الدراسة , فلا يجد وظيفة تتلاءم وتتوافق مع مجاله العلمي يقدم من خلالها خدمة لهذا الوطن ولأبنائه».

وذكر عيد أن «البحرين تعيش اليوم أزمة الجامعيين العاطلين، وقد صار لهذه الأزمة أمد طويل, ولم نر إلى الآن بوارد لحلها, بل نرى أن هناك إصرارا لتعقيدها وزيادتها, فها نحن نرى في بداية كل عام دراسي جلب أعداد كبيرة من المدرسين والفنيين وغيرهم من البلدان الأخرى لتوظيفهم بينما يبقى الجامعيون المواطنون عاطلين».


اللحوم المستوردة

وفي عنوان آخر من خطبته، طالب عيد بإرسال وفد إلى أستراليا للتأكد من طرق ذبح الماشية التي تصل لحومها إلى البحرين. وتقديم شهادة حسية على شرعية اللحوم المستوردة. وأكد أنه «بغير ذلك تبقى اللحوم موضع إشكال شرعي من ناحية تذكيتها».

وأفاد بأنه «بعد إثارة موضوع اللحوم المستوردة من أستراليا, أكدت الشركة المصدرة لهذه اللحوم وعلى لسان رئيسها أن الشركة (...) عازمة على إرسال وفد مكون من الطائفتين الكريمتين في البلد للوقوف عن كثب على كيفية الذبح هناك».

وأضاف عيد: «لقد استبشر الجميع بذلك وإلا أنه وللأسف إن كلام الليل يمحوه النهار، حيث كان من المقرر إرسال الوفد في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، إلا أنه ونحن اليوم في نهاية شهر يوليو/ تموز، لم نر أي تحرك لهذا الأمر, وها هو شهر رمضان قد قرب حيث تزداد حاجة الناس فيه إلى اللحوم الكثيرة مع ازدياد أزمة اللحوم في شهر رمضان سنويا».

العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:36 ص

      الحلال والحرام

      هذا الجيل لا يعرف الحلال والحرام ولا حتى الرحمه من اكل وشرب اشياء لا يذكر اسم الله عليها

اقرأ ايضاً