العدد 2976 - الجمعة 29 أكتوبر 2010م الموافق 21 ذي القعدة 1431هـ

«الدسلكسيا» حالة لا مرض

أيها الآباء لا تخافوا... ولا تيأسوا عند سماعكم لمصطلح «الدسلكسيا»

كثيراً ما تنتابني قشعريرة تهز بدني عندما أسمع بعض المختصين، وبخاصة في المجال الطبي، يطلقون على صعوبة القراءة «مرض الدسلكسيا»، فالدسلكسيا ليست مرضاً، ولا تشفى بالأدوية، وإنما هي حالة ناجمة عن أسلوب في التعلم. فهؤلاء الأطفال يتعلمون بطريقة مختلفة عن الآخرين.

ولقد أطلق على صعوبات القراءة مصطلحات مختلفة مثل «عمى الكلمة الخلقي» و «الرموز الملتوية» و «القصور الوظيفي الدماغي الخفيف»، غير أن المصطلح الشائع في هذه الأيام هو «الدسلكسيا»، وهي كلمة يونانية مؤلفة من مقطعين هما dys ويعني صعوبة وlexia ويعني الكلمة المكتوبة. غير أن البعض يتوسع في تعريف المقصود بالدسلكسيا ويجعله يشمل بالإضافة إلى صعوبة القراءة، صعوبة التهجئة وصعوبة الكتابة وصعوبة اللفظ وصعوبة الاستيعاب القرائي وصعوبة الرياضيات لاقتران حل المسائل بالقدرة على قراءتها، فضلاً عن الصعوبات التي يمكن مواجهتها في تعرّف الأعداد، حيث قد يعاني الطفل شكلاً واحداً من أشكال هذه الصعوبات أو أكثر.

ويواجه جميع الأطفال الذين يعانون من الدسلكسيا صعوبة في المهمات القرائية، ولكن ليس كل طفل لديه عيب في القراءة يعد ذا دسلكسيا. فإذا كان الطفل يعكس الحروف أو الأرقام، في القراءة أو الكتابة، فهذا لا يعني بالضرورة أن هذا الطفل يعاني من الدسلكسيا. فالأطفال الصغار دون الصف الثالث، قد يكون لديهم ميل للقيام بذلك. ولكن سرعان ما يتجاوزون هذه الحالة مع بداية الصف الثالث.

ومن العلامات المبكرة على وجود الدسلكسيا هي:

- صعوبة في تعلم الكلام.

- صعوبة في لفظ الكلمات على نحو صحيح أو التعبير عن الأفكار بوضوح.

- صعوبة في الإصغاء واتباع التعليمات.

- صعوبة في تذكر الأسماء، أو الرموز.

وعندما يبدأ الطفل صفه الأول أو الثاني، تظهر لديه علامات أخرى، مثل:

- صعوبة في تعلم الحروف الهجائية.

- صعوبة في سلسلة الحروف أو الأرقام أو في تشكيلها.

- صعوبة في فصل الأصوات عن بعضها أو سلسلتها.

- صعوبة في التنغيم.

- صعوبة في تعلم القراءة أو الكتابة أو التهجئة.

ومن الخصائص الأخرى التي قد ترافق الدسلكسيا:

- قدرة ضعيفة لدى الطفل على إنهاء العمل في موعده.

- مسكة غير صحيحة للقلم وخط يدوي سيئ وغير منظم.

- انتباه ضعيف وقدرة ضعيفة على الاستمرار في مهمة معينة.

- إحساس ضعيف بالوقت أو المكان.

- مفهوم ضعيف لـ ( قبل، بعد، يمين، يسار).

- تنظيم ضعيف وعدم قدرة على متابعة ممتلكاته.

- صعوبات في الحساب والرياضيات.

- عادات دراسية ضعيفة وعدم قدرة على إكمال الواجب البيتي.

- صعوبة في قراءة «لغة الجسد».

ومع أن الأفراد ذوي الدسلكسيا يواجهون صعوبة في تعلّم القراءة، إلا أن قدراتهم العقلية عادية أو فوق العادية، وهم فضوليون فكرياً، وكثيراً ما يتميزون بالموهبة، فقد يتفوقون في الرسم، أو الموسيقى أو التمثيل، أو التربية الرياضية. وقد ظهر منهم عدد من المشاهير في دول مختلفة أمثال: أديسون، مخترع المصباح الكهربائي، ودافنشي، الفنان والمهندس المعماري الإيطالي، وبيل مخترع الهاتف، ووستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الراحل.

ويمكن النظر إلى صعوبة القراءة كقدرة مختلفة على التعلم يمكن أن تصبح صعوبة تعلمية حادة تحول دون التعلم إذا لم تشخص مبكراً، ولم تكن بيئة التعليم ولا مواده أو وسائله ملائمة لقدرات الفرد وأساليبه في التعلم، حيث يؤدي ذلك إلى الفشل في اكتساب الكفاءة في القراءة والكتابة. وهذه دون ريب، إعاقة حقيقية في عالم اليوم.

وأنتم أيها الآباء لا تخافوا... ولا تيأسوا عند سماعكم لهذه المصطلحات المحبطة أو قراءتكم لها... فبالتشخيص الدقيق والتعليم المناسب والصبر المعقول يستطيع فلذات أكبادكم تعلم القراءة والكتابة وتطوير قدراتهم ومواهبهم الخاصة... وما عليكم إلا الإسراع في عرضهم على المختصين وفي وقت مبكر.

وأنتم أيها المربون... صبراً صبراً، توقفوا عن نبزهم بألقاب تحط من تقديرهم لأنفسهم، وتخلق لديهم اتجاهات سلبية نحو المدرسة، والقراءة، بل نحوكم أنتم. حاولوا معهم، واستمروا في تعليمهم... إذ بالتدريب والخبرة يمكنكم تعليمهم القراءة... بل يمكنكم تجنيبهم الفشل فيها وفي الكتابة والتهجئة من خلال التعلم المباشر والصريح للوعي الصوتي، أي بالطريقة التركيبية التي تركز على أصوات الكلمة.

فهؤلاء الأطفال ليسوا أغبياء ، بل هم ذوو تعلم مختلف.

العدد 2976 - الجمعة 29 أكتوبر 2010م الموافق 21 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً