العدد 3056 - الإثنين 17 يناير 2011م الموافق 12 صفر 1432هـ

احـذروا ثورة الجيـاع!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

تؤكد حركة التاريخ أن الجائع يفعل أي شيء للحصول على قوته... والفقر قرين الكفر كما روي عن رسولنا الكريم، وليس بعد الكفر ذنب! وهذا يؤكد أن ثورة الجياع تكون مدمرة لا هوادة فيها، لأن الذي لا يملك شيئاً لا يخاف على أي شيء.

والشعوب الجائعة لا تستطيع الصبر طويلاً لاسيما إذا عرفت أن هذا الجوع مفروض عليها بسبب سرقة أموالها، فإذا أضيف على الجوع دكتاتورية رهيبة يمارسها بعض الحكام فلنا أن نتخيل كيف ستكون ثورة الشعوب الجائعة!

في التاريخ الحديث أن ملكة فرنسا «ماري انطوانيت» زوجة الملك لويس السادس عشر وقفت على شرفة قصرها وأكلت على الجموع الغاضبة بسبب الجوع - ولم تكن تعرف ماذا يحدث - فسألت عن سبب تجمعهم، فلما قيل لها: إنهم جائعون، قالت: لماذا لا يأكلون كعكاً؟! وكان نتيجة الظلم الذي مورس على الفرنسيين قيام ثورة كبيرة، وقتل الملكة وزوجها بحد المقصلة!

وأمامنا اليوم مثل حيّ في تونس؛ شاب أقدم على حرق نفسه بسبب الجوع، وبسبب الحكم الظالم أيضاً، وكان ما فعله بنفسه الشرارة الأولى التي أحرقت الظلم الذي مورس عليها أكثر من عشرين عاماً.

الرئيس التونسي السابق «زين العابدين بن علي» كذب على شعبه كثيراً، ونهب أموال المواطنين لصالحه وصالح أفراد من أقاربه وأصدقائه، وأكثر من هذا كله سجن المواطنين في سجن كبير وأحصى عليهم أنفاسهم، بل وضيق عليهم في دينهم وعباداتهم ففعل ما لا يمكن أن يتخيله أحد فاق فيه كثيراً مما فعله أكثر الطغاة قبله، فكان لابد أن يصل إلى النتيجة المخزية التي وصل إليها.

وكغيره من الطغاة، وقف ذليلاً ليقول كلاماً لا يمكن تصديقه؛ ادعى أن هناك من خدعه من المقربين إليه، ووعد بتحسين أوضاع المواطنين، وإطلاق الحريات العامة، وإيجاد عمل للعاطلين وغير ذلك من الوعود التي لم يصدقه فيها أحد.

هذا منطق الطغاة... أليس هو الذي قرب كل من حملهم أوزاره؟! ثم من منعه ومن يمنع سواه أن يبحثوا عن المؤهلين الوطنيين المخلصين؟! إنهم لا يريدون أمثال هؤلاء! ثم ألم يكن هذا الرئيس الحالة المتردية لشعبه؟! فإذا كان يعرف ويسكت فهو لا يصلح لرئاستهم، والشيء نفسه إن لم يكن يعرف.

هرب زين العابدين لا يلوي على شيء، تبرأ منه أقرب الناس إليه، واعتذروا عن إيوائه، وهذا شأن الطغاة في كل زمن، ولو أن هذا الطاغية كان يملك شيئاً من العقل لاعتبر بالطاغية قبله شاه إيران، لكن الله يريد لهؤلاء الهوان، «ومن يهن الله فما له من مكرم».

مضى هذا الطاغية، وبدأت كل وسائل الإعلام تنشر تاريخه الأسود، وستفعل وسائل الإعلام التونسية الشيء نفسه، ولكن ذهابه غير المتوقع يجب أن يكون عبرة قوية للحكام وللشعوب في الوقت نفسه.

بعض دولنا العربية مرشحة لثورات الجياع، وهناك بوادر في هذا البلد أو ذاك؛ في الأردن مظاهرات تطالب بتحسين أوضاع المواطنين، ومثلها في الجزائر ومصر... الأردن بدأت فعلاً في تحسين بعض الأمور ووعود بتحسين أشياء أخرى، ومثلها بدأت تفعل الجزائر، لكن مصر استمرت تكابر مع أن هناك تخوفات واضحة من تكرار تجربة تونس في مصر، فالرئيس المصري اجتمع مع وزيري الدفاع والداخلية وطالبهما بالتنسيق مع بعضهما في حالات الطوارئ، وكذلك طالب بتخفيف الضرائب على المواطنين، وأقول: من مصلحة مصر أن تفعل كل شيء من أجل مواطنيها لاسيما وهي دولة غنية بكل المقاييس لكن الفساد هو الذي أضعفها كثيراً.

بعض دول الخليج تعشعش فيها البطالة والفقر والجريمة مع أنها غنية، ومن مصلحة هذه الدول أن تسارع في إصلاح أوضاعها قبل أن تصلهم ثورة الجياع فتدمر كل شيء. ومن مصلحة الدول العربية أن تأخذ العبرة مما حصل في تونس قبل فوات الأوان.

مرة أخرى؛ أدعو كل الحكام إلى سماع ردة فعل الشعوب العربية على ما حصل في تونس... عليهم أن يلاحظوا فرحتهم الكبيرة... وأخيراً عليهم أن يعيدوا النظر بكل المفاسد التي تلحق بشعوبهم.

عليهم - أيضاً - أن يلاحظوا ردة فعل حليفتهم «أميركا» وهي - أيضاً - حليفة «زين العابدين» كيف كانت؟! وكيف وصفوا حكمه، ولكن بعد فوات الأوان، وليتها تفعل ذلك في الأوقات المناسبة!

ألطف ردة فعل سمعتها كانت من «القذافي» حيث رأى أن من واجب التوانسة أن يبقوا رئيسهم مدى الحياة! يعني مثله تماماً، ومثل ما يطالب به البعض في اليمن بالنسبة للرئيس «علي عبدالله صالح»!

على أية حال... ما حدث في تونس لم يكن يتوقعه أحد، ولهذا فالعبرة فيه أكثر من سواه... عبرة للحكام والمحكومين على حدّ سواء.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3056 - الإثنين 17 يناير 2011م الموافق 12 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 12:34 م

      زائر 14

      حتى بحرينين عاديين ما يشربون إلا ماء إيطالي الغرشة 2.500 دينار تخيل وغيرهم ميت جوع !!!بسنا يا حسين مفوشر كم تحتاج البحرين مثلا" للإصلاح 1 مليار يمكن أقل لحل المشكلات( سكن ، رواتب، صحة ، تعليم ) ليست كبيرة على شعب صبور

    • زائر 15 | 10:54 ص

      وبعدين عقب كل هذا ممكن يطلع لك شخص ببساطة ويقول المقولة المشهورة

      أنا افهمكم

    • زائر 14 | 6:54 ص

      امـــ ح ــسن

      ادخلوا النت وتاملوا اعراس اولاد الشيوخ والملوك والامراء حتى قناني الماء من باريس بلاد الاناقه والرقي
      وادا طالب الشعب بسكن وعمل وحياة كريمه استنكروا مطلبه
      ثورة الجياع اتيه لا محال

    • زائر 11 | 4:46 ص

      شكرا

      شكرا أيها الرائع هكذا المقالات الهادفة دمت لنا

    • زائر 8 | 3:24 ص

      عليهم - أيضاً - أن يلاحظوا ردة فعل حليفتهم «أميركا» وهي - أيضاً - حليفة «زين العابدين» كيف كانت؟! وكيف وصفوا حكمه، ولكن بعد فوات الأوان، وليتها تفعل ذلك في الأوقات المناسبة!

      بعض دول الخليج تعشعش فيها البطالة والفقر والجريمة مع أنها غنية، ومن مصلحة هذه الدول أن تسارع في إصلاح أوضاعها قبل أن تصلهم ثورة الجياع فتدمر كل شيء. ومن مصلحة الدول العربية أن تأخذ العبرة مما حصل في تونس قبل فوات الأوان.
      مرة أخرى؛ أدعو كل الحكام إلى سماع ردة فعل الشعوب العربية على ما حصل في تونس... عليهم أن يلاحظوا فرحتهم الكبيرة... وأخيراً عليهم أن يعيدوا النظر بكل المفاسد التي تلحق بشعوبهم.

    • زائر 7 | 3:17 ص

      هرب زين العابدين لا يلوي على شيء، تبرأ منه أقرب الناس إليه غيره من الطغاة،كغيره وقف ذليلاً ليقول كلاماً لا يمكن تصديقه؛ ادعى أن هناك من خدعه من المقربين إليه

      ووعد بتحسين أوضاع المواطنين، وإطلاق الحريات العامة، وإيجاد عمل للعاطلين وغير ذلك من الوعود التي لم يصدقه فيها أحد.
      هذا منطق الطغاة... أليس هو الذي قرب كل من حملهم أوزاره؟! ثم من منعه ومن يمنع سواه أن يبحثوا عن المؤهلين الوطنيين المخلصين؟! إنهم لا يريدون أمثال هؤلاء! ثم ألم يكن هذا الرئيس الحالة المتردية لشعبه؟! فإذا كان يعرف ويسكت فهو لا يصلح لرئاستهم، والشيء نفسه إن لم يكن يعرف.

    • زائر 6 | 3:17 ص

      تأمل

      لكن مصر استمرت تكابر مع أن هناك تخوفات واضحة من تكرار تجربة تونس في مصر،

    • مواطن مستضعف | 1:01 ص

      من هو الطاغية القادم؟

      سؤال يضجّ مضاجع كل الطغاة العرب ... و لكن ...
      هل منهم من معتبر؟!!
      الجواب: "لا" ... لأنهم قد ران على قلوبهم فهم لا يشعرون.
      طابت أوقاتك يا أستاذي الكريم

    • زائر 4 | 11:37 م

      الجوع كافر

      والجوع يلغي التفكير فاحذروا من تجويع الشعوب والغلاء طريق التجويع وقلة الرواتب تزيد الطين بلة وانعدام الحصول على العمل قمة المهانة لكرامة الانسان

    • زائر 3 | 11:31 م

      كبير ياكبير

      والله كلام كبير وعلى راسي
      تسلم عالطرح ياهمام

    • زائر 2 | 11:27 م

      صدق الأمام علي عليه السلام

      قال عليه السلام لوكان الفقر رجلا لقتلته

    • زائر 1 | 11:15 م

      البحرين

      نسيتوه من يملك الشجاعة ويكتب الواقع

اقرأ ايضاً