العدد 3076 - الأحد 06 فبراير 2011م الموافق 03 ربيع الاول 1432هـ

من يمسك بالزمام في الازمة المصرية؟

المتظاهرون الذين اصابوا الحياة في مصر بالشلل ودفعوا الحكومة إلى تقديم تنازلات لم يكن يتصورها احد قبل اسبوعين ما زالوا بعيدين عن تحقيق هدفهم الرئيسي بانهاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك القائم منذ 30 عاما.
لكن يبدو على الاقل في الوقت الحالي ان الحكومة استعادت اليد العليا وتتحكم في وتيرة التغيير وتسحب المعارضة تحت مظلتها لاجراء حوار.
فيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة عما سيحدث في الفترة المقبلة:
ماذا كسبت المعارضة؟
بعد اسبوعين من الاحتجاجات قال مبارك انه لن يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة المقررة في سبتمبر أيلول وتم استبعاد تولي ابنه جمال الرئاسة خلفا له وعين نائب رئيس لأول مرة منذ 30 عاما واستقالت هيئة مكتب الحزب الوطني الحاكم واقيلت الحكومة السابقة. وربما الاهم ان مئات الالاف يمكنهم الان النزول إلى الشارع دون خوف.
وقبل بدء موجة الاحتجاجات في 25 يناير كانون الثاني كانت الشرطة تسحق أي احتجاجات ولو شارك فيها بضعة مئات.
انها مكاسب ضخمة انتزعت من القيادة المصرية التي اسكتت اصوات المعارضة بشكل شبه كامل باستثناء عدد قليل من الصحف المستقلة القوية.
ولكن الحكومة لم تذعن حتى الآن لمطلب المحتجين الرئيسي برحيل مبارك الآن. ويبدو ان صحيفة الجمهورية المملوكة للدولة لخصت الامر برمته اليوم الإثنين وكتبت في صدر صفحاتها "عهد جديد" فوق صورة لاجتماع نائب الرئيس عمر سليمان مع المعارضة وهم جالسون أسفل صورة معلقة على الجدار لمبارك.
أين تقف الحكومة؟
رغم رفض القوى الاساسية المعارضة التزحزح عن موقفها بشأن السماح ببقاء مبارك الا ان عناصر اكثر براجماتية تقول ان الرئيس ينبغي على اقل تقدير ان ينقل سلطاته لنائبه عمر سليمان.
ورفضت الحكومة المطلبين واقنعت ممثلي المعارضة الذين انخرطوا في الحوار بقبول بيان للحكومة كاساس للتفاوض يضع المؤسسة الحاكمة في مقعد القيادة.
واشار البيان الصادر عقب الجولة الأولى من المحادثات أمس الأحد إلى استكمال الرئيس فترته الحالية في سبتمبر ايلول وهو توقيت اجراء الانتخابات الرئاسية. وهذا يعني ان الحكومة تملي الجدول الزمني لرحيل الرئيس.
ويطالب المحتجون برفع حالة الطواريء المفروضة منذ عقود من الزمان ويقولون انها تستغل لكبح المعارضة. وذكر بيان الحكومة ان رفع حالة الطواريء يتوقف على "الوضع الامني" بدلا من قبول مبدأ الالغاء الآن.
ونحى البيان مطلب حل البرلمان وقال ان الحكومة ستقبل الاحكام الصادرة ضد النتائج المزورة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني عام 2010 التي تصفها جماعات حقوق الانسان بالعار.
وهذا لا يحقق مطلبا اخر باجراء انتخابات جديدة لانتخاب برلمان عوضا عن الحالي الذي يهيمن عليه الحزب الحاكم الذي يتزعمه مبارك.
مدى وحدة المعارضة؟
يبدو ان اتجاهين عريضين يسريان بين الشباب الذي يمكن الزعم الى حد مقبول انهم يقودون الاحتجاجات وبين جماعات معارضة ذات طابع رسمي بشكل أكبر من ليبراليين ويساريين إلى اسلاميين يعتبرون اكثر براجماتية واكثر استعدادا لاستغلال الوضع السياسي.
ومن اقوى الاصوات في صفوف المعارضة جماعة الاخوان المسلمين التي توارت في المقعد الخلفي في بداية الاحتجاجات. وتجري الجماعة حوارا مع الحكومة الآن وهو امر لم يكن متخيلا قبل 25 يناير كانون الثاني. وطالما استخدمت الدولة الجماعة لاثارة حالة من الخوف بصفة خاصة في الغرب وتصويرها على انها تسعى لتأسيس نظام حكم سني ديني على غرار الحكم الشيعى القائم في إيران وهو ما يخشاه الغرب.
ولكن لم تعد هناك أرض موحدة بين صفوف المعارضة. حتى طلب المعارضة بتنحي مبارك قبل الموافقة على إجراء حوار مع الحكومة لم يعد مطلبا موحدا كما كان.
وجماعة الاخوان المسلمين التي ينظر إليها على أنها أكثر حركات المعارضة تنظيما والتي كانت ترفض الحوار قبل تنحي مبارك غيرت رأيها وانضمت للحوار.
وداخل صفوف الاخوان يبدي البعض استياء من استسلام القيادات بسهولة لخدعة الحكومة.
ولم يتزحزح الشبان المعتصمون في ميدان النحرير ويقول المحاسب سيد عبد الهادي (28 عاما) وهي يكتب شعارا مناهضا لمبارك على الطريق "نرفض هذه المحادثات. ينبغي ان يرحل مبارك."
ولكن هؤلاء الشبان يفتقرون لقيادة واضحة ويواجهون تحديا الان لاستعادة الزخم الجماهيري في وقت المصريين في امس حاجة لاستعادة حياتهم الطبيعية.
ماذا سيحدث فيما بعد؟
يمكن ان تؤدي تفاصيل دستورية بشان امكانية تفويض سليمان سلطات الرئيس وفي نفس الوقت تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لاجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة إلى تعطيل المفاوضات بسهولة كبيرة.
وثمة جدل بشأن مادتين الاولى تقول انه لا يمكن لنائب الرئيس الذي يخول سلطات الرئيس حل البرلمان او تغيير الدستور والاخرى تقضى بانه يحق للرئيس تعيين نائب وتحديد اختصاصاته وهي ربما تلمح لامكانية تفويض النائب سلطات الرئيس بالكامل.
ويمكن ان يستغرق مثل هذا الجدل شهورا ومرة اخرى سيكون ذلك لمصلحة الحكومة وبقاء مبارك حتى سبتمبر. ومع طول المدة ربما ينتاب المصريون الذين يريدون تغييرا فوريا القلق من جديد ويعودون باعداد كبيرة إلى الشارع.
وبعد ان ابدت جماعات المعارضة حسن النوايا بالانضمام إلى المحادثات يمكن ان تنسحب منها إذا لم تقدم الحكومة تنازلات كافية. وقد اعلنت بالفعل ان موقف الحكومة شديد الجمود. وقد يؤدي الانسحاب لمزيد من الاحتجاجات في الشوارع.
قد تكون مرونة الاقتصاد المصري عاملا ايضا. فان عاقب المستثمرون الجنيه المصري سيقود ذلك سريعا لارتفاع اسعار المواد الغذائية لتتفاقم مشكلة التضخم التي دفعت الكثير من المصريين للنزول إلى الشوارع في المقام الأول.
وستكون سرعة انتعاش السياحة عاملا اساسيا لان القطاع يمثل 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
واتسمت الاسواق المالية باستقرار نسبي حتى الآن. وتستمر الاحتجاجات ولكنها هادئة وطمأن الحوار المستثمرين غير أن الجنيه انخفض إلا أن هبوطه كان متواضعا. ولم تفتح البورصة ابوابها بعد ومن المتوقع ان تتضرر حين يحدث ذلك.
ولكن الهبوط قد يتركز على الشركات التي على صلة بالمؤسسة الحاكمة وعلى الارجح سيؤثر حجم الهبوط على مصير الجنيه.
 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً