العدد 3083 - الأحد 13 فبراير 2011م الموافق 10 ربيع الاول 1432هـ

تصويت بنسبة 98.4 % على الميثاق وضع أساس «المسار الإصلاحي»

بدأ بتشكيل لجنة وطنية بأمــــــــر أميري لإعداده كمشروع...

العاهل وسمو رئيس الوزراء والمغفور له سمو الأمير  الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة يشاركون في التصويت
العاهل وسمو رئيس الوزراء والمغفور له سمو الأمير الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة يشاركون في التصويت

الوسط - محرر الشئون المحلية 

13 فبراير 2011

بالعودة إلى يوم الأربعاء (22 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2000)، فإن ملامح نقلة تاريخية مهمة في مسيرة البحرين الحديثة بدأت في الظهور نحو الديمقراطية ودولة المؤسسات على غرار الممالك الدستورية العريقة.

في ذلك اليوم، أصدر عاهل البلاد (أمير البلاد آنذاك) جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمراً أميرياً رقم (36) لسنة 2000 بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني.

وجاء في المادة الأولى من الأمر الأميري: «تشكل لجنة وطنية عليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني الذي يحدد الإطار العام للتوجهات المستقبلية للدولة في مجالات العمل الوطني، ودور مؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية في هذا الشأن، وتلتزم اللجنة في إعدادها لهذا المشروع، بمراعاة القيم والمبادئ الراسخة والسائدة في دولة البحرين، وبالملامح الأساسية لتراث وتجربة الشعب البحريني في العمل السياسي، وكافة مجالات العمل الوطني في المرحلة السابقة باعتبارها أساساً ومنطلقاً للعمل الوطني في المرحلة المقبلة، وللجنة أن تستهدي في مهمتها بتجارب الدول الأخرى التي تتشابه ظروفها الدستورية والسياسية مع ظروف دولة البحرين».

بعدها، عقدت اللجنة الوطنية العليا أول اجتماعاتها بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 2000 في قصر الزاهر برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، وبحضور أعضاء اللجنة وموظفي السكرتارية وعدد من مندوبي وزارة شئون مجلس الوزراء والإعلام، تلته اجتماعات أخرى في 6 و9 و11 و13 و18 ديسمبر 2000، وبعد ذلك رفع مشروع ميثاق العمل الوطني إلى عاهل البلاد بتاريخ 23 من ديسمبر 2000.


وثيقة شهر رمضان المبارك

وفي يوم الأربعاء 27 ديسمبر 2000، رعى العاهل حفل رفع مشروع ميثاق العمل الوطني إلى جلالته في قصر الرفاع، وألقى كلمته التاريخية السامية والتي جاء فيها :»هذا يوم أغر في تاريخ البحرين ولحظة مجيدة في مسيرتنا المشرفة، ويمكننا القول بثقة إن إنجازكم مشروع الميثاق الوطني يمثل خطوة متقدمة في مسيرة التحديث السياسي للدولة والنظم والمؤسسات، بما يلبي تطلعات شعب البحرين الناهض نحو المزيد من التطور والتقدم الحضاري، وإنه لمبعث اعتزازنا أن نتوصل إلى هذا الإجماع الوطني المتقدم والمتمثل في مشروع الميثاق بعد لقاءات من التحاور السمح والهادف مع مختلف قطاعات مجتمعنا المدني وممثليه، وبناء عليه التقيتم أنتم في إطار هذه اللجنة الوطنية من مختلف المواقع في مسيرة الوطن، فأغنيتم الرؤية المشتركة بالفكر والنظر وتبادل الرأي الحر تحت سماء البحرين الحرة، ولتعمقوا ما تأسست عليه من تعايش إنساني وحوار حضاري جسد عبر التاريخ الممارسة الطبيعية لديمقراطيتها التي يحدد الميثاق اليوم صيغتها المتقدمة بين نظم العالم فكنتم بحق أهلا لهذه المهمة الرائدة في تاريخ الوطن، وأثبتم جدارة حمل الرسالة لصالح المواطنين كافة، ما جمعكم هذا إلا البداية الموفقة لما سيأتي بعده من محاورات ولقاءات وتشاور في مسيرتنا الوطنية، وإنه من حسن الطالع أن يكتمل هذا الجهد المبرور في العشر الأواخر من رمضان التي خصها الله بكل خير، لنتذكره ويتذكره الأبناء باعتباره (وثيقة رمضان) المباركة».


بيعة العهد وبيعة التجديد

وأضاف العاهل في كلمته.. :»أيها الإخوة الأخوات، إننا بكل الثقة والاعتزاز نتسلم منكم مشروع الميثاق (وثيقة للعهد) كما أردتموه، وسيكون موضع عنايتنا وتقديرنا، وأمانة بين أيدينا، وكما وعدناكم منذ البداية، من منطلق ثقتنا الكبيرة في وعي هذا الشعب العزيز، سوف يتم بإذن الله طرحه في استفتاء شعبي عام حسب النظم والإجراءات المتعارف عليها بهذا الشأن لاستطلاع رأي الشعب فيه، وبعد أن نطمئن إلى القبول العام له، سنقره ونعتمده مرجعا لمسيرتنا الوطنية، نسير على هديه في عملنا الوطني، ونواصل به مسيرتنا، ونستكمل على أساسه تحديث مؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية، وننجز منه في كل مرحلة ما نراه متماشيا مع تطلعات المواطنين. أيها الإخوة والأخوات، سنبقى معكم يداً بيد على امتداد المسيرة، وهذه يدي ممدودة إلى كل بحريني وبحرينية كما امتدت في بيعة العهد، وكما ستمتد في بيعة التجديد، هذا التجديد والتحديث الوطني الشامل الذي ستتميز به أجمل أيامنا المقبلة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

تعميق مشاركة الشعب

كما كانت هناك كلمة لرئيس اللجنة العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة قال فيها :»أمير البلاد المفدى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فبناء على أوامركم الأميرية السامية بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني وتسمية أعضائها، أتشرف بأن أرفع إلى مقامكم السامي مشروع الميثاق كما أقرته اللجنة المذكورة التي ضمت مختلف الفئات والكفاءات الوطنية، والتي تحاورت في مختلف جوانبه وأبعاده بروح المسئولية وفي مناخ فكري اتسم بالانفتاح وتبادل الرأي الحرّ بحسب توجيهاتكم الكريمة وفي إطار الرؤية الشاملة التي طرحتموها سموكم لتحديث السلطات والمؤسسات في البلاد وتعميق مشاركة شعبكم الوفي في الحياة الدستورية والبرلمانية، وذلك من أجل أن تحتل البحرين المكانة اللائقة بعراقتها الحضارية ونضجها السياسي بين ممالك العالم بعد أن أثبتت استحقاقها لذلك، قيادةً وشعباً، بالجهد والعمل والإنتاج والتقدم عبر مختلف المراحل والتجارب».


تأطير التحديث الشامل

وذكر سمو الشيخ عبدالله أنه مما يعبر عن عمق التلاحم الوطني في هذا الوطن العزيز أن يأتي مشروع الميثاق تأكيداً وتجسيداً للتوافق والتكامل بين رؤيتكم المتقدمة وتطلعات أبناء الوطن تجاه قضايانا الوطنية كافة، بما يجعله جديراً بأن يكون بمثابة وثيقة للعهد، وبيعة للتجديد، وركيزة لعقد اجتماعي جديد يؤسس ويؤطر للتحديث الوطني الشامل في عهدكم الميمون، وإن هذه اللجنة إذ ترفع مشروع الميثاق إلى مقامكم السامي، فإنها بعد أن أدت الأمانة، وأنجزت ما ترونه مناسبا بشأنه على مختلف المستويات وحسب ما تقتضيه مصلحة البلاد، والختام، لا يسعنا إلا أن ننتهز هذه المناسبة الوطنية العزيزة لنرفع إلى سموكم عميق ولائنا وشكرنا وتقديرنا لهذا التشريف الذي شرفتم به هذه اللجنة رئيسا وأعضاء في مجال الخدمة الوطنية بقيادتكم الحكيمة، مؤكدين استعدادنا في كل وقت وحين لتلبية النداء الوطني تحت ظل قيادتكم الحكيمة، حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير خطاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وفي يومي 14 و15 فبراير/ شباط 2001، أجري استفتاء شعبي على ميثاق العمل الوطني، حاز نسبة تأييد وصلت إلى 98.4 في المئة، وبنسبة مشاركة بلغت 90.3 في المئة، تم بعده الإعلان عن إجراء انتخابات بلدية في مايو/ أيار 2002، وانتخابات برلمانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2002.


أعضاء اللجنة الوطنية العليا للميثاق

وحددت المادة الثانية من الأمر الأميري 46 عضوا للجنة وهم: «الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشئون الإسلامية رئيسا، وإبراهيم محمد حسن حميدان نائبا للرئيس، وعضوية كل من: الشيخ عيسى بن محمد بن عبدالله آل خليفة، جواد سالم العريض، الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، محمد إبراهيم المطوع، حسن عبدالله فخرو، الشيخ عبدالرحمن بن جابر آل خليفة، نبيل يعقوب الحمر، سلمان عيسى سيادي، الشيخ عبداللطيف محمود المحمود، الشيخ عدنان عبدالله القطان، ماجد على النعيمي، جمال محمد فخرو، فؤاد صالح شهاب، خالد حسين المسقطي، عبدالرحمن محمد جمشير، خليفة أحمد البنعلي، تقي محمد البحارنة، مراد على مراد، حسن حميد العريض، عبدالله محمد جمعة، محمدعلي منصور الستري، خالد محمد كانو، جاسم محمد فخرو، إبراهيم محمد بشمي، جمعة أحمد الكعبي، حسن على رضي، سعيد عباس السماك، عبدالله عباس الشملاوي، الشيخ عبدالحسين خلف العصفور، عبدالله يوسف الحواج، عبدالله محمد الصادق، عبدالغفار عبدالحسين، عبدالعزيز حسن أبل، على عبدالله الأيوبي، يوسف زين العابدين محمد زينل، الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، مريم بنت حسن بن علي آل خليفة، بهية جواد الجشي، فاطمة حسن جواد، لولوة صالح العوضي، ندى عباس حفاظ، بالإضافة لإبراهيم محمد علي زينل». وقد انسحب من اللجنة كلاً من حسن على رضي، عبدالله عباس الشملاوي، على عبدالله الأيوبي، عبدالعزيز حسن أبل، وذلك احتجاجاً على آلية عمل اللجنة وعلى نص ديباجة ومسودة الميثاق في نسخته الأولى.


أبواب من ميثاق العمل الوطني

يشتمل ميثاق العمل الوطني على 7 فصول، ويتضمن الفصل الأول عددا من العناوين البارزة، من بينها المقومات الأساسية للمجتمع، وأهداف الحكم وأساسه، وكفالة الحريات الشخصية والمساواة، وحرية العقيدة، وحرية التعبير والنشر، ونشاط المجتمع المدني، والأسرة أساس المجتمع، والعمل واجب وحق، والتعليم والثقافة والعلوم.

وفي الفصل الثاني هناك 7 عناوين وهي: الأمير، شكل الدولة الدستوري، الشريعة الإسلامية والتشريع، الشعب هو مصدر السلطات جميعا، مبدأ الفصل بين السلطات، سيادة القانون واستقلال القضاء، وحق الشعب في المشاركة في الشئون العامة.

بينما يتحدث الفصل الثالث عن الأسس الاقتصادية للمجتمع المتمثلة في مبدأ الحرية الاقتصادية، والملكية الخاصة، العدالة الاقتصادية والتوازن في العقود، وتنوع النشاط الاقتصادي ومصادر الدخل القومي، والبيئة والحياة الفطرية، والأموال العامة والثروات الطبيعية، وأخيرا العمالة والتدريب.


الأمن الوطني... واجب وشرف

أما الفصل الرابع فأكد أن الأمن الوطني هو السياج والحصن الحصين لحماية البلاد وصيانة أراضيها ومكتسباتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ودعم مسيرة التنمية الشاملة وخاصة في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة، ومن أهم ركائز الأمن الوطني دعم وتعزيز قوة دفاع البحرين لتكون قادرة على أداء مهامها وواجباتها على الوجه الأكمل، كما تقتضي توفير المعدات والمقومات الأساسية لقوات الأمن العام لكفالة أداء واجبها في نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد والسهر على حفظ النظام والأمن العام، ودعم وتعزيز الحرس الوطني لأداء دوره في إطار منظومة قوة الدفاع والأمن، باعتباره عمقا عسكريا لقوة دفاع البحرين، ودرعا أمنيا لقوات الأمن العام في حماية الوطن، وذلك دعما لمسيرة التنمية التي تشهدها البلاد، وحفاظا على منجزاتها الحضارية، وصيانة لكل شبر من أرضها وبحرها وسمائها، وإن الانتماء إلى أجهزة الأمن الوطني واجب وشرف لكل مواطن.


تجربة نيابية من مجلسين

وبين الفصل الخامس الذي يتطرق إلى ضرورة وجود تجربة نيابية في البحرين من مجلسين أن تطور الممارسة الديمقراطية ينبغي ألا يقف عند حدود معينة، طالما أن هنالك مساحات أرحب لهذه الممارسة يمكن ارتيادها من أجل فتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكثير من الديمقراطيات العريقة تأخذ بنظام المجلسين، فتضم مجالسها التشريعية مجلسين أحدهما يمثل الاتجاهات والأفكار المتنوعة ووجهات النظر المختلفة بين أفراد الشعب في القضايا المعاصرة، والآخر يعمل كمجلس للمختصين وأهل الخبرة، وقد أثبتت التجارب في هذه الدول الديمقراطية فائدة هذا التشكيل الثنائي للمجلس التشريعي، ومن ثم رسوخه نظرا لعائده السياسي الممتاز.


فصل العلاقات الخليجية

وأوضح الفصل السادس بخصوص العلاقات الخليجية أن دولة البحرين ستعمل دوما، وبكل ما أوتيت من جهد على دعم مجلس التعاون ومساندة القضايا العادلة للدول الأشقاء الأعضاء فيه، وتعتبر ذلك من ثوابت سياستها التي تعتبرها نهجا أساسيا وضروريا ومصيريا، ذلك أن أمن ورفاه دولة البحرين جزء لا يتجزأ من أمن ورفاه دول الخليج العربية الشقيقة الأخرى.

وشدد ميثاق العمل الوطني في الفصل السابع المتعلق بالعلاقات الخارجية على أن «دولة البحرين تعتز بحقيقة انتمائها العربي، وبكون شعبها الأبي جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية، وأن إقليمها جزء من الوطن العربي الكبير، وقد تجسد هذا الانتماء، ليس فقط في وحدة اللغة والدين والثقافة، ولكن أيضا في الآمال والآلام والتاريخ المشترك. وانطلاقا من هذه الحقيقة فإن دولة البحرين لا تدع سبيلا لدعم التعاون العربي إلا وتبادر إليه، فمنذ استقلال دولة البحرين، وهي عضو فاعل في جامعة الدول العربية، وهي تعمل بجانب أشقائها العرب على تفعيل دور الجامعة لكي تظل إطارا سياسيا وقانونيا يجسد وحدة الأمة العربية ويعمل على تكامل العمل العربي المشترك وعلى تكريس إرادتها، وتؤكد دولة البحرين على تشجيعها لكل صور التعاون الاقتصادي العربي المشترك.

العدد 3083 - الأحد 13 فبراير 2011م الموافق 10 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً