العدد 3091 - الإثنين 21 فبراير 2011م الموافق 18 ربيع الاول 1432هـ

أين الثورة الفلسطينية من الحراك العربي الراهن؟

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

لقد انطلقت الثورة الفلسطينية في مرحلتها الحديثة منذ العام 1964 حيث سيطرت منظمة التحرير وقوتها الرئيسة حركة فتح، ثم الانتفاضة الأولى والثانية حيث تقاسمت السلطة والسيطرة على الشعب الفلسطيني حركتا فتح وحماس، بالطبع مع وجود الحركات الفلسطينية الأخرى الصغيرة، ولن نتعرض لتطور الحركة الفلسطينية الثورية عبر مراحلها المختلفة، ولكننا نركز على المرحلة الراهنة حيث الانقسام الكبير بين فتح وحماس، الأولى تدعو للنضال السلمي والتفاوض، والثانية تدعو للمقاومة المسلحة.

ويلاحظ أن العامين الماضيين سادتهما ظاهرة واحدة وهي الاتفاق الفعلي والعملي بين القوى الثلاث وهي فتح وحماس وإسرائيل، فبين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لا يوجد تفاوض حقيقي، وتراجعت إسرائيل عن كافة وعودها، وبين حماس وإسرائيل لا توجد مقاومة حقيقية، والمحصلة هي بروز وتزايد التطرف الإسرائيلي وتراجع الموقف الأميركي، بعد أن غازل الحركة الفلسطينية قليلاً، وغازل الدول العربية قليلاً، وعاد الموقف الأميركي إلى ما يمكن أن نسميه تجاوزاً بيت «الطاعة الإسرائيلي» حتى أن مشروع القرار العربي الخاص بالمستوطنات الإسرائيلية الجديدة استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضده (1/ 14) يوم الجمعة الماضي (18 فبراير/ شباط 2011)، بعد أن أخفقت في الضغط على السلطة الفلسطينية لسحبه من مجلس الأمن.

السؤال المطروح على أي مراقب للأوضاع الفلسطينية في الإطار العربي هو أين الثورة الفلسطينية من الحراك الجماهيري العربي الراهن؟، وأين أنصارها من دعاة الصمود والتصدي والرفض؟

ذلك السؤال مطروح لأكثر من اعتبار:

الأول: إن الثورة الفلسطينية ممثلة في حماس وفتح أصبحت في موقف المهادنة الاستراتيجية مع إسرائيل.

الثاني: زيادة التعنت والتطرف والتشدد في السياسة الإسرائيلية وتراجع نفوذ من يطلق عليهم الحمائم أو المعتدلين أو دعاة السلام.

الثالث: وهو الأهم، اندلاع الثورات أو الانتفاضات الشعبية في عدد من الدول العربية ونجاحها بأسلوب سلمي في الإطاحة بالحكومات في أنظمة جمهورية ظلت في السلطة لفترات طويلة.

الرابع: غياب حركة الجماهير العربية الثورية أو القوى المعارضة في نظم حكم جمهورية بدول معينة رفعت شعارات الرفض والصمود والتصدي وسلكت المهادنة أو السلام الاستراتيجي الصامت مع إسرائيل مع استمرارها في قمع القوى السياسية الداخلية التي مازالت في حالة استكانة أو ما يمكن أن نسميه «بيات شتوي».

ولكن السؤال الجوهري إذا كانت القوى الفلسطينية لا تستطيع المقاومة المسلحة، أو لا تستطيع إحياء الانتفاضة النضالية، فإن أساليب النضال الوطني متعددة - وسبق أن طرحت بعضها في مقالات سابقة - فهناك المقاومة السلبية التي قادها الزعيم الهندي المهاتما غاندي، والآن في الإطار العربي الراهن هناك الاعتصام السلمي الذي قادته الجماهير في تونس ومصر، ونجحتا في إسقاط الأنظمة بها وأيدتها الدول الغربية والولايات المتحدة.

والسؤال الجوهري الثاني إنه إذا كانت القيادات الفلسطينية في حماس وفتح لا تستطيع أن تقود جماهيرها نحو النضال السلمي، فأين إذاً تأثير تكنولوجيا الاتصالات، وأين دور الشباب الفلسطيني على غرار ما تم في تجربتي تونس ومصر، فالتحرك السلمي الفلسطيني كان مطروحاً حتى قبل اندلاع أحداث تونس ومصر ونجاحهما، والآن بعد هذا النجاح للعمل السلمي في تونس ومصر، نكرر طرح السؤال، وطرح الفكرة أين الشعب الفلسطيني وشبابه؟ إذا كانت قيادات حماس وفتح على ما يبدو قد أخفقت في منهجها النضالي لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. فلماذا تصر على التمسك بالسلطة في غزة أو رام الله؟

إن تجارب الدول عبر التاريخ تظهر أن النضال ضد المحتل والقوى الخارجية أسهل وأكثر جذباً للجماهير من النضال ضد نظم الحكم التي يتولاها عناصر من الشعب في الأوطان، ومرة أخرى لماذا هذه الخبرة التاريخية لا تظهر في ثورة فلسطين ولدى شعب فلسطين ولدى شباب فلسطين؟، وإلى أن يحدث التحرك أو لا يحدث يظل السؤال مطروحاً، ليقدم تأكيداً لتجارب دول أخرى في ظروف مشابهة، أو يقدم تجربة جديدة وفكراً جديداً يعبر عن مواقف حقيقية إيجابية أو سلبية لشعب تحت الاحتلال أراد أن يتحرر، حتى وإن استفاد من أو تجاهل ما تقدمه له تجارب دول مجاورة.

إنني على ثقة بأن شعب فلسطين يحب بلاده، كما يحب أي شعب آخر بلاده، وإنني على ثقة أن شعب فلسطين يرزح تحت ظلم وقمع وبطش قوة غاشمة أكثر من أي شعب آخر، ويعاني اقتصادياً بأكثر ما تعاني الشعوب الأخرى التي ثارت ضد الفساد والقمع والظلم والمعاناة، كما أنني أعرف أن شباب فلسطين لديهم قدرات إبداعية رائعة وتعليم متميز مقارنة بدول أخرى كثيرة.

والسؤال هل سيظل شعب فلسطين يعتمد في ثورته على القوى الخارجية العربية أو الدولية؟ إنه في اعتقادي من بات معتمداً على غيره، فقد اعتمد على ما لا يحقق له مطلباً، وسوف يلقى الندامة والإحباط. فالعالم لن يساعد إلا من يبدأ بمساعدة نفسه والضعيف والمهمل لا يلومن إلا نفسه. ومجلس الأمن حتى لو أصدر قراراً يدين بناء المستوطنات فلن يقدم جديداً علي أرض الواقع ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة ما لم يحدث تغيير وحراك جماهيري على أرض الواقع أي في غزة والضفة والقدس وكفى الشعب الفلسطيني أعذاراً من قياداته أو من مناصريه «إن الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم» (الرعد: 11).

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 3091 - الإثنين 21 فبراير 2011م الموافق 18 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:17 م

      الهم

      فلسطينيوا السلطه مشغولون بالبزنس و تقبيل يد امريكا و اسرئيل. حماس مشغوله بهم الكيفيه الت تخرجها من عزلتها الأقليميه و الدوليه. و فلسطينيوا الخارج ملتهين في كسب عيشهم و تأمين اولادهم و اتقاد الجميع.. و كل الشعب يدور في فلك اربابه.من يحمل هم فلسطين؟

اقرأ ايضاً