العدد 3139 - الإثنين 11 أبريل 2011م الموافق 08 جمادى الأولى 1432هـ

تسمية الأسماك بأسماء أصواتها

تناولنا في الفصل السابق كيف أن بعض الأسماك اشتقت أسماءها من أسماء الأصوات التي تصدرها, ونعطي هنا عدداً من الأمثال لأسماك محلية مشهورة اشتقت العامة أسماءها من اسم الصوت الذي تصدره.


النغاقة أو النقاقة Toadfish

النغاقة (النغاة) أو كما تسمى في الكويت النقاقة (النقاة) هي نوع من الأسماك عديمة السفط لا يعرف لها اسم عربي في المعاجم العربية ويفضل أن تسمى نقاقات البحر. وجاء في لسان العرب نغق الغراب صاح غيق غيق. وقد عرفت هذه الأسماك بهذه الأسماء لأنه عندما يتم إخراجها من الماء تصدر صوتاً شبيه بالضفدعة. وقال لي بعض العامة من أهل الخبرة في الأسماك إن حكاية صوتها «نيق نيق».

والنقاقات ومفردها نقاقة وهي في اللغة الضفدعة, وجاءت ترجمة الاسم الإنجليزي Toadfish في المورد للبعلبكي «سمك علجومي» على أساس أن ترجمة Toad في اللغة العربية علجوم. وفي موسوعة الأسماك ورد اسم «ضفدعة البحار» لأفراد من عائلة Antennariidae والتي تسمى Frogfish وToadfish وتسمى أيضاً Anglers. وحتى لا يحدث لبس في الأسماء يفضل تسمية هذه العائلة باسم نقاقات البحر لاسيما أن هذه الأسماك تعرف في البحرين وباقي دول الخليج العربي باسم النغاقه والنقاقه.


النَقرُورGrunter

النكرور (النقرور) نوع من الأسماك اشتهر في البحرين والخليج العربي بهذا الاسم ولا يعرف له اسم عربي ورد في معاجم اللغة, ولفظة نقرور لها أصول عربية فهي مشتقة من النقر. وجاء عن النقر في القاموس المحيط للفيروز آبادي ما ملخصه:

«إن تلزق طرف لسانك بحنكك ثم تصوت, أو هو صويت تزعج به الفرس وهو أيضاً صويت يسمع من نقر الإبهام على الوسطى».

وقد سمّي هذا السمك بالنقرور بسبب الصوت الذي يصدره عندما يتم إخراجه من الماء, وهو ذاته سبب اشتقاق اسمها الإنجليزي والذي ترجمته «الناخر» من النخر وهي حكاية صوته. وفي معجم معلوف في مادة Pristipoma strideus وهو أحد الأسماء القديمة لأحد أفراد هذه المجموعة ورد ترجمة الاسم بثلاثة أسماء محلية هي: قرقور وتكرورى وشخرم وعلق معلوف على هذه الأسماء الثلاثة بقوله:

«أما القرقور فقد ذكرها فورسكال وكلونزنجر والشخرم شركة المصايد (في مصر) ولعله سمي بذلك لصوته, ولم يرد القرقور بهذا المعنى في كتب اللغة وكذلك الشخرم والتكرورى».

ولو نظرنا إلى الاسمين قرقور وتكروري وقارناهما بالاسم نقرور لوجدنا أن هذه الأسماء ما هي إلا تحريف للاسم نقرور. وبما أن الأسماء التي ذكرها معلوف غير واردة في اللغة بمعنى يتفق مع هذه الأسماك فلماذا لا يفضل الاسم نقرور؟ حيث إنه وارد في اللغة بما يتفق مع هذه الأسماك, وأيضاً مع اسمها الإنجليزي الذي اشتق من الصوت الذي يصدر عنها.


الزمرور Croaker

الزمرور هو اسم خليجي لنوع من الأسماك الذي ينتمي لمجموعة تعرف باسم «الأسماك الشائكة» Thornfishes وقد عرفت بهذا الاسم بسبب زعانفها الشائكة. ويسمى الزمرور في البحرين بالإضافة لاسم زمرور: رضي (قَرَضي), وممرضي (قمقم قرضي), وجمجام ودْبِي. وهذا السمك أيضاً يصدر صوتاً ومنه الاسم المحلي الزمرور والاسم الإنجليزي وهو Croaker أي النقاق والاسم الإنجليزي الآخر وهو Trumpeter ومعناه الزمار أو عازف البوق. والاسم زمرور قريب الشبه باسم عربي لنوع من الأسماك وهو الزِمِير الذي ورد في تاج العروس وجاء فيه:

«الزِمِير كسكيت نوع من السمك له شوك ناتئ وسط ظهره وله صخب وقت الصياد إياه وقبضه عليه وأكثر ما يصاد في الأوحال وأصول الأشجار في المياه العذبة».

وهذا الوصف ينطبق تماماً على هذه الأسماك حيث تكون زعانفها شائكة وتتواجد أغلب هذه الأنواع في المياه العذبة والماء المسوس أي بين الماء العذب والمالح وكانت ترى في المنجيات والعيون الطبيعية بكثرة. إلا أن أمين معلوف ذكر في معجمه بأنه يسمى في العراق نوع من السلور باسم أبو الزمير وذكر نوع آخر من السلور باسم زمر وزرمر وعليه يكون أن الزمير نوع من السلور, لاسيما وقد ورد في كتب الفقه الشيعية أن الزمير من السمك المحرم كالسلور والمارماهي والإنكليس. وهناك رأي ثالث في الزمير وهو الرأي الذي أقره مجمع اللغة العربية حيث أقر أن الزمير هو Stickleback (المعجم الوسيط) وهو الأشهر.

وتتميز أسماك الزمرور بأن الأسنان الأمامية لها متضخمة وربما عضت (قضمت) بها من حاول لمسها ومنه جاءت التسمية رضي (قَرَضي) من القرض أي القضم ويقال أيضاً مم رضي (قمقم قرضي) ولا أدري إذا عنوا بالقمقم النوع من القراد المعروف أيضاً باسم القمقام وهو وارد في اللغة. وإنما بعض العامة تقصر الألف فتقول قمقم وهذا النوع من القراد له قضم مبرح وربما منه الاسم جمجام بقلب القاف جيم, وتتميز هذه الأسماك أيضاً ببطئها في السباحة ومنها الاسم المحلي دبي وفي القاموس الدبي البطيء في السير. وجميع ما ذكر من الأسماء واردة على ألسن العامة في البحرين لنوع واحد من الأسماك هو الزمرور.


الفقل Puffers

الفقل نوع من الأسماك عديمة السفط ورد اسمها المحلي في كتاب أسماك البحرين عند العامة Fugul أي فُل (فُقُل بضم الفاء والقاف) وقد سمعتها من العامة اِفْكَل (اِفْقِل بكسر القاف) والصحيح لفظها فُقْل بضم الفاء كما جاء في القاموس «الفقل بالضم سمكة مسمومة لا تؤكل، قدها كأصبع». ويتركز السم في الكبد والمبايض ويسمى هذا السم Tetradotoxin أو Fugu Poison وFugu اسم هذا السمك بالياباني, ويهاجم هذا السم الجهاز العصبي وخاصة الجهاز العصبي الطرفي وقد يؤدي إلى الموت في أغلب الأحيان. وتعرف هذه الأسماك عند العامة باسم آخر هو عنازة وعنيزة وهذا تحريف للاسم العربي عنز وعنز الماء وهو يخص عائلة أخرى سنتطرق لها في فصول قادمة. والبعض يسمي أنواع من الفقل «حمارة» وفي البحر الأحمر تكنى بعض أنواع الفقل باسم «أبو حمارة» وذلك أن لهذه الأسماك قواطع كبيرة شبيهة بقواطع الحمار.

وهذه الأسماك تعتبر مزعجة للصائدين بالخيط أي الحداق ليس في البحرين فقط ولكن لكل الصائدين بالخيط لأنها تقوم بقطع الطعم بسرعة وحتى أنها تقوم بقطع الخيط ويلقبها البحارة في البحرين باسم صاصة (قصاصة) الميادير أو المجادير أي الشص أو الصنارة. وقد ذكر أمين معلوف هذه العائلة باسم السمك المنتفخ أو الكروي وذكر نوعاً يوجد في النيل يسمى في مصر فهكه وفهقه وفقاقة ومنه الاسم العلمي Tetreodon fahaka وعُمِمَت هذه الأسماء على هذه العائلة فجاء في موسوعة الأسماك الاسم فقاهه وجاء في موسوعة عالم الحيوان الاسم فهقة وذكرها جرجس بطرس في كتابه «استراتيجية صيد الأسماك» باسم الفقهات. أما صاحب المورد ففضل أن يسميها سمك منتفخ أو سمك كروي وهذه أسماء مترجمة حيث تسمى بالإنجليزية: Globfish وblowfish وPuffer وBlaasops وقد عرفت بهذه الأسماء لقدرتها على الانتفاخ فإذا كانت في الماء أدخلت كمية من الماء إلى كيس خاص منبعج من المعدة أما إذا أخرجت فإنها تدخل كمية من الهواء إلى نفس الكيس فتنتفخ.

وقال جرجس بطرس في كتابه «استراتيجية صيد الأسماك» إن هذه الأسماك تصدر زمجرة كزمجرة الكلاب. وجاء في لسان العرب الفقفقه نباح الكلب عند الخوف وقيل هي حكاية عواء الكلاب وقيل الفق والانفقاق انفراج عواء الكلب والفقفقه حكاية ذلك. ويمكن للأسماء فهاقة وفهاكه وفقاقه أن تكون مشتقة من الألفاظ السابقة أيضاً. ويلاحظ أنه من الممكن للفظة «فق» بتشديد القاف أن تتحول إلى الاسم فقل حسب مبدأ المغايرة, ومبدأ المغايرة كما يصفه عبدالعزيز مطر في كتابه (لحن العامه): «هو حدوث اختلاف بين الصوتين المتماثلين في الكلمة الواحدة ويحدث هذا الاختلاف في الكلمة المشتملة على التضعيف بأن يتغير أحد الصوتين المضعفين إلى صوت لين طويل أي واوالمد أو ياء المد أو ألف المد أو إلى أحد الأصوات الشبيهة بأصوات اللين وهي المسماة بالأصوات المائعة وهي اللام والنون والميم والراء».

فإن صح ذلك فإن الأسماء فهاقة وفهاكه وفقاقه ربما هي مشتقة من الألفاظ السابقة. فتأمل

العدد 3139 - الإثنين 11 أبريل 2011م الموافق 08 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً