العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ

الأسماك الغضروفية: اللخمة وأخواتها

تناولنا في الفصول السابقة مجموعة الأسماك التي تصنف في طائفة واحدة تسمى طائفة الأسماك العظمية لأن هيكلها يتكون من عظام، وسنبدأ في هذا الفصل والفصول المقبلة تناول طائفة أخرى من الأسماك تتميز بأن هيكلها يتكون من غضاريف وتعرف باسم طائفة الأسماك الغضروفية، وهي طائفة من الأسماك أطلق عليها أمين معلوف في معجمة مسمى «طائفة الأشلاق»، وقد اقتبس البعض التسمية عن معلوف؛ إذ جاء في «معجم المورد» أن الشلق والجمع الأشلاق: «هي طائفة من الأسماك رخصة العضم».

وتتميز هذه الأسماك بأن هيكلها الداخلي مكون من غضاريف وهي تراكيب أضعف من العظام، إلا أني تركت مسمى الشلق لما ورد عليه من خلاف في بعض الكتب، فقد خص اسم الشلق في كتاب «موسوعة الأسماك المصورة» بسمك آخر هو Lamprey وهذا أيضاً سمك غضروفي لكنه ينتمي إلى طائفة أخرى هي Pteraspidomorphi والتي تعرف بالجلكي أو الجلكا أيضاً، وهي طائفة من الأسماك لن نتناولها لعدم وجودها في مياه الخليج العربي. إذاً يفضل قول «طائفة الأسماك الغضروفية» وهي التسمية الأكثر شهرة في الكتب العلمية، وتنقسم هذه الطائفة إلى قسمين: قسم الشفانين البحرية وقسم أسماك القرش.


قسم الشفانين البحرية

تتميز هذه المجموعة من الأسماك بأن لها جسماً رخواً ناعماً مفلطحاً على شكل قرص مستدير وأحياناً على شكل أسطوانة. زعانف الصدر طويلة وعريضة على شكل أجنحة، وفتحات الخياشيم موجودة بأسفل الجسم، وذيلها على شكل سوط إما قصير أو طويل، ويوجد على الذيل شوكة أو أكثر، وتحيط بالأشواك غشاء به خلايا سامة، والأشواك عادة ما يكون تسننها إلى الأسفل؛ ما يجعل خروجها من الجسم صعباً وعندما تشعر هذه الأسماك بالخطر، فإنها تضرب بذيلها في حركة سريعة جسم فريستها فتثقبه بواسطة الشوكة، والبحارة في الخليج تخاف أن تصاب بلسعة من ذيل هذه الأسماك حتى قالوا في الأمثال: «ضربة سلاية ولا ضربة لخمة».

وتتميز الشفانين البحرية بحركتها البطيئة والقريبة من القاع عموماً. وتعتبر الشفانين البحرية مفترسة فلها أسنان حادة وتتغذى على الرخويات وأسماك القاع والحيوانات الأخرى الموجودة في قاع البحر. ويجب أن نلاحظ أن بعض أنواع الشفانين قريبة الشبه من سمك القرش حتى أن العامة في البحرين والخليج العربي تصنفها على أنها أنواع من أسماك القرش وسنناقش هذا في محله لاحقاً. أما الأسماء التي تعرف بها هذه الأسماك فهي عديدة، منها أسماء عامة؛ أي تعمم على كل أفراد هذا القسم من الأسماك ومنها أفراد خاصة تخص أنواعاً بذاتها. وسنتناول هنا الأسماء العامة أولاً ثم نتناول الأسماء الخاصة في فصل لاحق.


أولاً: الأسماء العامة للشفانين البحرية

على رغم أن اسم «الشفانين البحرية» شائع بصورة واضحة إلا أن هناك عدداً من الأسماء يعمم على هذه الأسماك منها أسماء خليجية وأسماء شائعة في البحر الأحمر والمتوسط ومنها أسماء ذكرت في المعاجم والكتب العربية القديمة، بعض هذه الأسماء كانت في الأصل أسماء خاصة؛ إلا أنه تم تعميمها على كل أفراد هذه الأسماك، وسنتناول هذه الأسماء مفصلة هنا:


1 - الشفانين البحرية واليمام البحري والأبرق

يعمم على هذه الأنواع اسم الشفانين البحرية والمفرد الشفنين البحري وهو اسم ذكره أمين معلوف في معجمه نقلاً عن ابن البيطار. وذكر هذا الاسم أيضاً في قاموس «الحيوان»، و»المورد»، ويعتبر هذا الاسم العربي الأكثر شيوعاً في الكتب العلمية العربية والمترجمة. وقد جاء في كتاب ألفاظ الأدوية والأغذية لابن البيطار في وصف الشفنين البحري ما يأتي:

«هي دابة بحرية شكلها شكل الخفاش لها جناحان كجناحى الخفاش ولونها كلونه لها ذنب الفأرة في أصله شوكة كمقدار الإبرة تلسع بها فتألم ألماً شديداً».

وذكر ابن البيطار من أسماء الشفنين البحري: الأبرق ويمامة البحر وحوت البر. وربما سمي بيمام البحر كترجمة للاسم «الشفنين البحري» فالشفنين في اللغة العربية أيضاً هو نوع من أنواع اليمام. أما الأبرق فتعنى في اللغة اندماج اللون الأبيض والأسود وربما سميت بذلك لأن العديد من أنواعها تتميز بأن سطحها العلوي أسود بينما سطحها السفلي أبيض.


2 - الليائيات

الليائيات والمفرد اللياء، وهو اسم ذكر في معاجم اللغة وكتب الحيوان العربية ككتاب الدميري، وأكثر المعاجم تفصيلاً حول اللياء بمعنى السمك هو معجم «العباب الزاخر» للصاغاني؛ إذ جاء في مادة «ليأ»: «اللِّيَاءُ - مثال الكِساء -: حبٌّ كالحِمِّص شديد البياض، ويقال للمرأة إذا وصفت بالبياض: كأنها اللِّيَاءُ، وقيل: هو اللُّوْبِيَاءُ، وفي حديث معاوية - رضي الله عنه -: أنه دُخِلَ عليه وهو يأكل لِياءً مُقشَّىً: أي مُقشَّراً. واللِّياءُ - أيضاً -: سمكة في البحر تُتّخذ منها التِّرَسَةُ فلا يحيك فيها شيء ولا يجوز، قال:

يَخْضِمْنَ هامَ القَوْمِ خَضْمَ الحَنْظَلِ والقُرْعَ من جِلْدِ اللِّيَاءِ المُصْمَلِ

وهمزةُ اللِّيَاءِ أصلية كهمزة الخِباء».

وقد وردت هذه المجموعة من الأسماك باسم «الليائيات» في بعض الكتب العلمية منها «موسوعة عالم الحيوان» (1994) لمؤلفها ألفانا مصطفى حمود، وهناك نوع من هذه الأسماك تسمى بلغة العلم Pastinachus sephen تسمى عند العامة في البحرين «إلوا» ومن الواضح أنها تحريف للاسم اللياء.


3 - القوابع

جاء ذكر هذه الأسماك في كتاب «الثروة المائية بالدول العربية» الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (1972)، وقد سميت بذلك لأنها يكثر تواجدها في القيعان الرملية وقد تكون مدفونة بالرمال، ولا يظهر منها سوى العينين الموجودتين على السطح الظهري للرأس، وتظل ساكنة لفترات طويلة؛ إذ تكمن بانتظار مرور الفريسة. ويلاحظ أنه في الكتاب السابق ذكر اسم القوابع كاسم عام للمجموعة لكنه لم يعط لأفراد من هذه الأنواع.


4 - الرقيطات

الرقيطات والمفرد الرقيطة، وأصل التسمية عامية تطلق في البحر الأحمر على عدد من أنواع الشفانين البحرية التي تكون منقطة بنقاط بيضاء أو ألوان أخرى أي أنها رقطاء، والتسمية الرقطة معروفة عند العامة في البحرين والكويت؛ إذ يطلق على نوع من الشفانين البحرية المسماة بلغة العلم Himantura uarnak مسمى «لخمة رقطة».


5 - السفن

تسمى السفن أو السيفن أو سفنة أو أبوسفن وجميعها أسماء معروفة في البحر الأحمر وتخص أنواع من الشفانين البحرية وقد ارتبطت بأحد الأسماء العلمية كاسم نوعي وهو Pastinachus sephen. وقد عمم البعض تسمية السفن على الشفانين البحرية.


5 - اللخمة

الاسم الخليجي لهذه الأسماك هو اللخمة، وهو وارد في المعاجم اللغوية والكتب الأدبية ولكنه جاء بمعنى القرش وكذلك حققه أمين معلوف ومازال سمك القرش يعرف في اليمن وسواحل البحر الأحمر باسم اللخم، والأرجح هنا هو حدوث انتقال لدلالة الاسم لخم من سمك القرش إلى الشفنين البحري

العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً