العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ

حقوق الإنسان في دستور البحرين 2002

تضمن الدستور البحريني جملة من الحقوق والحريات العامة، وذلك في البابين الثاني والثالث، واللذين تضمنا المواد من 4 إلى 31، أي 28 مادة، وقد تأثر المشرع بالمدرستين الفردية والاشتراكية ولكن تحت مظلة الشريعة الإسلامية التي اعتبرها المشرع المصدر الرئيسي للتشريع، وذهبت المذكرة التفسيرية لدستور 2002 إلى القول إن«... الدين الإسلامي الحنيف هو القيد الأساسي على ممارسة هذه الحريات والحقوق جميعها»، وقرر الدستور الحقوق والحريات التي تحتاج إلى تدخل الدولة لتفعيلها أو ما يسمى بالجيل الثاني من الحقوق والحريات التي ضمها الباب الثاني مع الفلسفة الاقتصادية للدولة. أما الحقوق المنتمية إلى الطابع الفردي فقد تضمنها الباب الثالث. كما ورد عدد من الحقوق في أبواب أخرى من الدستور.

وكرس الدستور مبادئ المساواة والعدل والحرية واعتبرها من دعائم المجتمع كما جاء في (م/4) من الدستورين (دستور 1973 ودستور 2002) واللذين ينصان على أن «العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة»، وذهبت (م/18) إلى أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات العامة، «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».

أولا: الحقوق المدنية والسياسية

الحقوق المدنية: وهي الحقوق المتصلة بشخص الإنسان وتستمد أصولها من شخصيته ويكون ارتباطها به وثيقا وهي تحت مظلة مدرسة الحقوق الطبيعية. وقد كفل الدستور في الباب الثالث الكثير من الحقوق المدنية ومنها حق الإنسان في الأمن، والتي تنطوي على عدة مبادئ: مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (م/20 أ) ومبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية (م/20 أ) ومبدأ شخصية العقوبة (م/20 ب) ومبدأ قرينة البراءة (م/20 ج)، وقد حظرت (م/19 د) التعذيب المادي أو المعنوي أو المعاملة الحاطة من الكرامة وأضافت المادة عقابا لكل من يقوم بهذا الفعل وأن أي اعتراف تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء يبطل. وكفل الدستور حق التقاضي وذلك وفقا لقانون (م/20 و)، وقررت (م/20 هـ) أنه يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه.

والجنسية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها إلا في حال الخيانة العظمى والأحوال التي يبينها القانون، وقد حذف نص المادة «وازدواج الجنسية» من دستور 2002، وحظر الدستور إبعاد المواطن أو منعه من العودة إلى البحرين (م/17).

وقررت (م/19 ج) حق المحبوس والمسجون في بيئة مناسبة مشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخضوع لرقابة السلطة القضائية.

وحظرت (م/21) تسليم اللاجئين السياسيين. ونظم الدستور حرية العقيدة إذ نص في (م/22) على أن «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد». وضمن المشرع حق الرأي والبحث العلمي والتعبير، إلا انه قيدها بالشروط الواردة في القانون مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية (م/23) وتطبق هذه الشروط بالنسبة إلى حرية الصحافة والطباعة وذلك طبقا لقانون (م/24).

كما أن «للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها أو تفتيشها بغير اذن أهلها إلا استثناء في حالات الضرورة القصوى التي يعينها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه» (م/25)، كما كفل الدستور البحريني حرية المراسلات وسريتها في (م/26)، إذ نصت على أن «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية (1) مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو افشاء سريتها إلا في الضرورات التي يبينها القانون، ووفقا للاجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه».

الحقوق السياسية: وهي الحقوق التي تثبت للشخص ضمن جماعة سياسية معينة والتي تتيح له المساهمة في صنع قرار الجماعة وتكوين إرادتها، وأبرز هذه الحقوق الترشح والانتخاب. وتعتبر الحقوق السياسية من الحقوق الشخصية التي تلزم على الدولة التدخل السلبي ولا يجوز حرمان شخص منها إلا باستثناء (قوانين تنظم عملية الحقوق السياسية مثل الأهلية).

وقد ورد حق الانتخاب والترشح في نص (م/1 هـ) التي تنص على أن «للمواطنين، رجالا ونساء(2)، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشح، وذلك وفقا لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشح إلا وفقا للقانون»، ومن الحقوق السياسية الواردة في الدستور حق الفرد في مخاطبة السلطات وهو ما تضمنه نص (م/29) «لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولا تكون مخاطبة السلطات باسم الجماعات إلا للهيئات النظامية والأشخاص المعنوية». وورد في الدستور حرية تكوين الجمعيات والنقابات في(م/27) التي تنص على «حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقا للشروط والاوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدين والنظام العام. ولا يجوز اجبار أحد على الانضمام الى أية جمعية أو نقابة أو الاستمرار فيها».

ولكن لم يبين الدستور موضوع الأحزاب وتركها لقانون تصدره السلطة التشريعية، كما أورد المشرع حق الاجتماع الخاص بنص المادة (م/28 أ - ب) «أ - للأفراد حق الاجتماع الخاص من دون حاجة الى اذن أواخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن العام (3) حضور اجتماعاتهم الخاصة».

ثانيا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

وتنتمي كل هذه الحقوق إلى المدرسة الماركسية والتي يلزم على السلطة أن تقوم بدور ايجابي إزائها وتكون هذه الحقوق ضمن حدود ومقدرة كل دولة.

1- الحقوق الاقتصادية: وهي الحقوق التي تهدف إلى إشباع حاجات الأفراد الاقتصادية وفقا لمجهوداتهم. وقد خصص المشرع ست مواد من الدستور للمسائل الاقتصادية والمالية والعمل، وصرح الدستور بأن العدالة الاجتماعية أساس الاقتصاد الوطني، الذي يقوم على التعاون العادل بين النشاطات العامة والخاصة لضمان التنمية الاقتصادية على خطط مرسومة وذلك لتحقيق الرخاء والرفاهية للمواطن تحت مظلة القانون.

حق العمل اعتبره الدستور واجبا لذلك كان من الضروري توفيره للمواطن. وقد كفلت الدولة توفير فرص العمل للمواطنين مع عدالة الشروط، وذهبت المذكرة التفسيرية الى سبب تعديل (م/13 ب) بإضافة كلمة «فرص» ليصبح الالتزام الواقع على الدولة التزاما محددا وواضحا، كما لا يسوغ فرض أي عمل إجباري على أي فرد باستثناء ما يبينه القانون بالضرورة. وينظم القانون على أسس اقتصادية مراعية للعدالة الاجتماعية وكل هذا ورد في (م/13). ونصت (م/16 أ - ب) على حق المواطنين في تولي الوظائف العامة مع المساواة بينهم وذلك بقولها «أ - الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة. ولا يولى الأجانب الوظائف العامة إلا في الأحوال التي يبينها القانون، ب - المواطنون سواء في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقررها القانون».

جاء حق التملك كما يقرره الدستور بأنه حق فردي ذو وظيفة اجتماعية ينظمها القانون (م/9 أ)، والملكية الفردية مصانة فيمنع التصرف فيها إلا بحدود القانون (م/9 ج) ، كما أوردت أن الاموال العامة لها حرمة ومصادرتها محظورة (م/9 د)، كما أن الثروات الطبيعة جميعها ومواردها كافة ملك للدولة (م/11)، وكفلت الدولة التدابير اللازمة للمحافظة على الأراضي الزارعية (م/9 ح) وتنظيم العلاقة بين ملاك الأراضي والعقارات ومستأجريها على أسس اقتصادية(م/9 هـ).

وتكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناتجة عن الكوارث والمحن العامة وذلك بتعويض المتضررين من الحرب ومن أدى واجباته العسكرية (م/12). وتوفر الدولة السكن المناسب لأصحاب الدخل المحدود (م/9 و)، «الاقتصاد الوطني أساس العدالة الاجتماعية وقوامها التعاون العادل بين النشاط العام والخاص» كما ورد في (م/10 أ).

2- الحقوق الاجتماعية: وهي الحقوق التي يتمتع بها الفرد في علاقته بالمجتمع الذي يعيش فيه وهي نسبية تختلف من مجتمع إلى آخر.

ومن المبادئ التي نص عليها الدستور أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن. وألقى القانون على عاتقه أن يحافظ على كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وفي ظله الأمومة والطفولة، ويحميه من الاستغلال والإهمال. وتعنى الدولة خصوصا بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي، كما تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع (م/5 أ). كما كفلت الدولة حق الميراث بحسب أسس الشريعة الإسلامية (م/5 هـ).

وألقت الدولة على عاتقها تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي وتعمل على وقايتهم من براثن الجهل والخوف والفاقة (م/5 ج).

وأعطى الدستور لكل المواطنين الحق في الحصول على الرعاية الصحية وتكفل الدولة وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية (م/8 أ - ب).

3- الحقوق الثقافية: وتعني حق كل إنسان في الثقافة التي تقضي بتلقي العلم وتعليم الآخرين وتوجيه الثقافة نحو التنمية الشاملة للشخصية الإنسانية.

وجاء في الدستور أن التعليم إلزامي ومجاني في المراحل الأولى التي يبينها القانون، وتكفل الدولة العلوم والأدب والفنون وتشجع على البحث العلمي، كما تكفل الخدمات التعليمة والثقافية للمواطنين، وينظم القانون اوجه العناية بالتربية الدينية والوطنية في مختلف مراحل التعليم بأنواعه وتعنى بتقوية شخصية المواطن وانتمائه، وأعطى الدستور الحق للأفراد والهيئات في إنشاء المدارس والجامعات التي تخضع لقانون الدولة(م/7 أ - ب-ج - د)

العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً