العدد 3247 - الخميس 28 يوليو 2011م الموافق 27 شعبان 1432هـ

أسواق غزة في رمضان.. كثير من السلع، قليل من المال

لدى دخول مركز تسوق (الأندلسية مول) الذي تم افتتاحه حديثا في قطاع غزة من السهل معاينة تكدس البضائع الذي يشهده القطاع عشية حلول شهر رمضان المبارك في وضع غير مسبوق منذ سنوات.والمول الذي يعد فريدا في قطاع غزة المنهك من حصار إسرائيلي مشدد منذ أربعة أعوام يظهر صورة واضحة لنتائج التسهيلات التي أجبرت إسرائيل على إدخالها على واقع الحصار صيف العام الماضي ما سمح بتوريد مئات الأصناف المفقودة سابقا.ويعج المول المكون من ثلاثة طوابق وأقيم بسمات حديثة ومصاعد كهربائية غير معهودة في القطاع، بمختلف أنواع البضائع من أغذية وملابس مستوردة من إسرائيل ودول مجاورة، لكن من الصعب التكهن بنجاح مثل هذا المشروع في ظل الاقتصاد المنهك للقطاع.ويقول محمود كاظم أحد المسئولين في (الاندلسية مول) إن اكتظاظه بالمتسوقين منذ افتتاحه قبل أسبوع لا يعني مطلقا حجم المبيعات رغم أنه افتتح قبل أيام من حلول شهر رمضان الذي من المفترض أن يرافقه تجهيزات خاصة للأسر.ويضيف كاظم بينما كان يجيب على أسئلة مكثفة من المتسوقين "الناس تسأل ولا تشتري، تستفسر عن هذه البضاعة ومصدرها وأسعارها ومن ثم تغادر من دون أن تشتري 10 بالمئة مما تسأل عنه".ويقول تجار محليون واقتصاديون إن التسهيلات على حصار غزة وتكدس البضائع لا تعني شيئا بالنسبة للغالبية الساحقة من سكان القطاع الذين ما يزالون يعانون من ركود اقتصادي ومعدلات قياسية من الفقر والبطالة.ويشير هؤلاء إلى أن حركة الإقبال على شراء متطلبات شهر رمضان مازالت تعاني ركودا حادا على الرغم من توفر غير مسبوق لكميات وأنواع البضائع وتكدسها بشكل دفع إلى انخفاض نسبي في أسعارها.وهذا الركود يعزوه خبراء إلى عدة أسباب في مقدمتها الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية التي أجبرتها على دفع نصف رواتب موظفيها لشهر حزيران/يونيو من دون أن تتمكن من تحديد مواعيد لسداد باقي نصف الرواتب.كما أنها لا تملك تأكيدات بشأن راتب شهر تموز/يوليو.ويعني ذلك فقدان زهاء خمسين ألف موظف في قطاع غزة مصدر دخلهم الوحيد علما أن صرف هذه الرواتب يشكل الانتعاش الشهري الأساسي للحركة التجارية في القطاع.ويقول محمد سعيد وهو موظف عسكري لدى السلطة الفلسطينية إن صرف نصف راتب يعني ببساطة "لا شيء خاص لرمضان هذا العام".ويضيف سعيد وهو في الثلاثينات من عمره "أخبرتني زوجتي أنها أعدت قائمة مقلصة باحتياجات المنزل الخاصة بشهر رمضان لكني أخبرتها أن عليها نسيان الأمر طالما لا يوجد رواتب كاملة".هذا الحال ذاته ينطبق على عزت كمال وهو موظف مدني يتقاضي راتبه من السلطة الفلسطينية ويقول إن تحضيراته لشهر رمضان هذا العام اقتصرت على بعض المتطلبات الأساسية عبر السوبر ماركت القريب من منزله من خلال الاستدانة.ويسكن عزت في منزل للإيجار وقد أجبر على دفع ما حصله من نصف راتب على الإيجار الشهري وديوان أخرى متراكمة عليه.ويعكس هذا الواقع اقتصار أصحاب المحلات التجارية على عرض المتطلبات الأساسية للأغذية الخاصة بشهر رمضان مثل الخبز والدقيق والزيوت وأنواع الجبن المختلفة.أما مقتنيات شهر رمضان الخاصة مثل البلح المجفف وقمر الدين وحلوى الشهر الفضيل وزينته فتجدها في مكانة متراجعة من العرض بانتظار فئات معينة من المتسوقين.وكان البيع في أسواق غزة منذ فرض الحصار المشدد يقتصر على بضائع منتجة محليا أو تلك التي تهرب عبر الأنفاق مع مصر قبل أن تجذب أخيرا علامات تجارية قادمة من إسرائيل التجار والزبائن.ويحل شهر رمضان وهو مناسبة معظمة لدى المسلمين على سكان غزة في ظل انفراج نسبي للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أربعة أعوام. وأدخلت إسرائيل في حزيران/يونيو من العام الماضي سلسلة تسهيلات سمحت بزيادة كميات وأنواع البضائع التي يجرى توريدها للقطاع الساحلي استجابة لضغوط دولية عقب هجومها على قافلة "أسطول الحرية" الدولية.ومنعت إسرائيل هذا العام وصول قافلة ثانية إلى القطاع لكن ذلك لم يكن ذات تأثير كبير على الوضع الاقتصادي للقطاع.ويقول ماهر الطباع المسئول في الغرفة التجارية في قطاع غزة، إن التسهيلات الأخيرة التي أدخلتها إسرائيل على حصارها لغزة لم تشفع في تحقيق انتعاش اقتصادي ملموس في القطاع كونها مازالت في تجاه واحد.وأضاف أن هذه التسهيلات وإغراق أسواق غزة بالسلع حولته إلى مجتمع استهلاكي لا يتمتع بحركة اقتصادية في الاتجاهين من خلال التصدير الذي تحظره إسرائيل وبالتالي تسبب ذلك في ركود اقتصادي كبير.من جهته يقول محمد سكيك مسئول مشروع متابعة حركة المعابر في مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" إن أبرز ملامح التغير التي ترتبت على تسهيلات حصار غزة تمثلت في زيادة كمية البضائع والسلع الواردة إلى غزة.ويبين سكيك أن التغير في أصناف السلع الواردة التي واكب دخولها القرار كان محدودا، إذ إن ما نسبته نحو 50 بالمئة من السلع الواردة كانت استهلاكية مقابل نحو 10 بالمئة من المواد الخام ونحو 15 بالمئة من المساعدات الإنسانية، والنسب الباقية عبارة عن أجهزة كهربائية وتجهيزات زراعية ومعدات محدودة الاستخدام إضافة إلى الحبوب والأعلاف.ووصف التغيرات المترتبة على القرار الإسرائيلي بالطفيفة نظرا لعدم السماح حتى الآن لمنتجات القطاعات التصديرية المختلفة بالتصدير إلى الخارج، وبالتالي فإن الزيادة في عدد العمالة والطاقة التشغيلية جاءت بنسبة محدودة.وإضافة إلى أزمة السلطة الفلسطينية المالية والركود الاقتصادي الحاصل فإن وكالة غوث تشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "أونروا" أعلنت عن تقليص واسع في خدماتها الطارئة للاجئين الذين يمثلون أكثر من ثلثي سكان القطاع.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً