العدد 3306 - الأحد 25 سبتمبر 2011م الموافق 27 شوال 1432هـ

الشيخ عيسى الجودر في ذمة الله

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أكتب المقال بعد أقلّ من 24 ساعةً من سماع خبر رحيل الشيخ الوطني المناضل عيسى الجودر، الذي اختاره الله إلى جواره بعد ظهر السبت الماضي.

في خبر رحيله، انفردت «الوسط» بنشر تقريرٍ أخباري عنه، ألقى الضوء على جانبٍ من حياته، ومقتطفات من أقواله ومواقفه، التي تميّزت بدرجةٍ كبيرةٍ من الاستقلالية عن التيارات الاجتماعية الحاكمة في بيئته ومحيطه الاجتماعي.

الجودر من الشخصيات الفريدة التي ستحتفظ لها الذاكرة الشعبية بالكثير من الاحترام والتقدير، وخصوصاً مع زيادة تشرذم المجتمع وتعميق انقسامه عمداً. فهو رجلٌ عاش مستقلاً، يتخذ من المواقف ما يرضي به ضميره، في وقتٍ تتفاقم فيه النزعات المادية والمصالح الفئوية لتعلو فوق كل اعتبار وطني.

قبل ستّ سنوات، فقدت البحرين عبدالله فخرو، وهو من الشخصيات الذي كان صوته يجلجل بكلمة الحق والانتقاد في حقبة «أمن الدولة»، فأحبه الشعب، والتفَّت غالبية الأطياف حول نعشه يوم رحيله تقديراً لبياض قلبه وجرأته. وفي مطلع الشهر الحالي فقدت البحرين مناضلاً وطنيّاً شريفاً، من أبناء جزيرة المحرق نفسها، الذي خرج من أزقتها إلى آفاق النضال القومي، فعرفه أشقاؤه العرب أكثر مما عرفناه نحن أبناء بلده. وفي مطلع هذا الأسبوع، فقدت البحرين أحد شيوخها الأبرار، الذي انحاز إلى قضية الإنسان، وثوابت الحركة الوطنية التي تربى عليها وتشرّبها مذ كان شابّاً أيام الحركة المناهضة للاستعمار في الخمسينات.

مثل هذه الشخصيات الفذّة؛ تمثل جوهر الروح البحرينية الأصيلة، القائمة على المحبة والطيبة والتسامح. شخصياتٌ لم تعرف الحواجز والأحقاد، ولم تبنِ مواقفها على مصالح عارضة أو تنطلي عليها سياسة التخوين والمغالطات. عاشت ترى في الآخر نفسها، على سُنّة الأجداد الذين اختلط دمهم وعرقهم جرياً وراء اللقمة الحلال، وتقاسموا تمراتهم في المغاصات البعيدة في ظلمات البحار. جواهر نادرة كاللؤلؤ البحريني الخالص الذي لا يتغيّر، نحزن لفقدهم، فقلما يعوّضهم الزمان.

في مطلع التسعينات، الحس الوطني السليم، هو الذي وضع الشيخ عيسى الجودر في مقدمة تلك المجموعة التي تحملت مسئوليتها الوطنية وقدّمت «العريضة النخبوية»، وبعدها «العريضة الشعبية»، للمطالبة بالإصلاح وعودة البرلمان وتجاوز مرحلة وآلام «أمن الدولة». كانت المجموعة تستعين بالسرية في تحركها آنذاك لما يحفها من أخطار، وكان يفتخر باستقلاليته عن أيّ تيار ديني على رغم كونه رجل دين.

بعد الانفراجة السياسية، اصطدم ببعض التيارات الدينية التي دخلت السياسة على كِبَرٍ، واتهمها بأنها تلهث وراء مصالح خاصة تسعى لحمايتها. وعبّر غير مرةٍ عن عدم قناعته بالوضع السياسي الذي أعقب الميثاق، لثغراتٍ كان يراها، ظلت مورد جدل ونقاش على المستوى الوطني، ومصدر أخذٍ وردٍّ بين السلطة والجمعيات السياسية طوال عشر سنوات، وبدت أكثر وضوحاً بعدما تفجّرت الأمور مع مطلع هذا العام.

رحم الله الراحل الشيخ العزيز، نسأل الله له الرحمة، ولشعب البحرين والروح الوطنية الصبر الجميل

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3306 - الأحد 25 سبتمبر 2011م الموافق 27 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 2:04 م

      الى رحمة الله ايها المجاهد

      الى رحمة الله ايها المجاهد الوطني الغيور, لم ولن ينساك كل وطني حر شريف, لقد عانيت الكثير من القريبين وممن اختلف معك وصبرت رغم الضغوط الكبيرة وكنت مثال المجاهد المؤمن بقضيته, لم تحيدك مغريات الدنيا ولا ترويعها عن مواقفك الوطنية فجزاك الله خير الجزاء ويرحمك برحمتة الواسعه ويلهم اهلك وموحبيك واخوانك الصبر والسلوان انا لله وانا اليه راجعون

    • زائر 13 | 12:39 م

      لم اكن أعلم

      لم اكن أعلم بوجود هذا الرمز الوطني صاحب القلب الابيض الذي لا يفرق بين طوائف المجتمع فرحمه الله واسكنه جنان الخلد والهمه أهله الصبر بفقدانه.

    • زائر 12 | 6:35 ص

      نهو عيسي الجودر

      احنا ما انعرفة...الله يرحمة ..شمسوي اش قايل حق هالتمجيد..اكد ؟؟؟؟

    • زائر 11 | 4:25 ص

      رحمة الله عليك

      ليت كل الشيوخ مثلك كان الدنيا بخير يا شيخ عيسى

    • زائر 10 | 3:44 ص

      نعزيكم لفقدنا وفقدكم الشيخ الكبير

      من اهالي السنابس الى اهالينا وحبايبنا واعزاءنا في قلالي وعائلة الجودر خاصة نتقدم لكم بأحر التعازي لوفاة هذا الشيخ الكبير في عيون كل البحرينيين وكان بودنا الحضور للجنازة بالامس لكننا لم نستطع فسامحونا
      رحمك الله يا شيخ والله فقدك احزن قلوبنا ووالله لن ننساك ابد

    • زائر 9 | 3:20 ص

      نعم الرجل الشيخ عيسى الجودر

      من ارض النعيم الحبيبة الى ارض الاصل والشرف قرية قلالي نبعث بهذا الدعاء للشيخ الجليل عيسى الجودر الرحمة والغفران وجعله الله في جنات الخلد آمين يارب العالمين ، كما نتقدم الى اسرته الكريمة باحر التعازي والمواساة .

      عن اهالي فريق النعيم

    • زائر 7 | 2:47 ص

      المجاهد

      رحم الله الشيخ الجودر الذي أبى إلا أن يقول كلمة حق

    • زائر 6 | 2:23 ص

      رحم الله روحه الوطنية المخلصة

      هذا احد رجالات هذا الوطن المخلصين والمحبين له
      والمنصفين لكل أطياف الشعب بلا تفريق بين فئاته
      رحمه الله وتغمده بواسع رحمته واسكنه الفسيح من جنته وألهم ذويه الصبر والسلوان

    • زائر 5 | 12:50 ص

      ياسيد هذي بقايا الاجاويد

      هذا احد الكوادر الوطنيه الشريفه ومثال جلي للرجال الاحرار الذين رفضوا العزف على وتر الطائفيه النشاز ماكان يطربهم عزف البعض على هذا الوتر الذي (دوزنه) عزاف قبضوا قبل ان يعزفوا الله يرحم الجودر وعبدالله فخرو وعبدالرحمن النعيمي مجموعه بروزها الشرف وصقلتها الوطنيه الحقه والخير في الباقي هولاء الاجاويد منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وكل حلمهم ان يعيش البحريني محشوم ومنصوف في وطنه بغض النظر مذهبه عرقه

    • زائر 4 | 12:48 ص

      من ارض بوري الي اهلنافي قلألي

      نتقدم بخالص تعازينا وموساتنا الى عائلة الفقيد الشيخ الجليل عيسى الجودر رحمه الله واسكنه فسيح جناته والهما اهله ومحبيه الصبر والسلوان.

    • زائر 3 | 12:48 ص

      ألف رحمة عليه

      تغمده الله بواسع رحمته
      واسكنه فسيح جناته ويلهم اهله بالصبر والسلوان
      انا لله و انا اليه راجعون

اقرأ ايضاً