العدد 3310 - الخميس 29 سبتمبر 2011م الموافق 01 ذي القعدة 1432هـ

«J14» ومفترق الطرق الإسرائيلي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

سيختلف الناس بشأن ما حرض المحتجين، ولكنهم سيتفقون على أمر واحد: منذ أن قامت مجموعة بالغة الصغر من الإسرائيليين في العشرينيات من أعمارهم بنصب الخيام في جادة روتشيلد الأنيقة في تل أبيب، مطالِبة بالعدالة الاجتماعية، لم تعد الأمور كما كانت من قبل. خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع كل يوم سبت لمدة تبلغ الشهرين. لم تنظم حركة «J14» (التي سميت بحسب تقاليد الربيع العربي، بعد تاريخ أول مظاهرة احتجاجية) أكبر مظاهرة في تاريخ إسرائيل فحسب، وإنما كذلك أكبر مهرجانات في الكثير من المدن والبلدات خارج تل أبيب.

كانت أكبر مظاهرة احتجاجية حتى هذا التاريخ يوم 3 سبتمبر/ أيلول. خرج نحو نصف مليون إسرائيلي إلى الشوارع، منهم أكثر من 300 ألف في تل أبيب وحدها، منادين بالعدالة الاجتماعية واقتصاد أكثر إنصافاً.

قد يناقش الصحافيون والمؤرخون الإسرائيليون في السنوات المقبلة الحدث الذي أطلق عليه اسم «خريف التململ». هل كان السبب هو ارتفاع أسعار المحروقات، الذي أدى ببضعة عشرات من الناس إلى بدء «مسيرة وطنية» لم يلاحظها الإعلام تقريباً، أم كانت «احتجاجات جبن القريش» الأكثر نجاحاً، التي انضم فيها عشرات الآلاف إلى مجموعة فيسبوك تنادي بمقاطعة الجبنة الطرية الأكثر شعبية في «إسرائيل» بسبب ارتفاع أسعارها؟

يربط بعض الناس بين الاحتجاجات والصورة السياسية الأوسع، مدعين أن الكثير من الإسرائيليين من الطبقة الوسطى يشعرون بالإبعاد والقلق تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تقوّض الحقوق الديمقراطية وتعزل الدولة عالمياً. وقد عبّر البعض عن قلقه حيال انعدام التقدم في العملية السلمية، فقد أشارت الاستطلاعات إلى أن الكثير من الإسرائيليين لا يعتقدون بأن رئيس وزرائهم كان صادقاً عندما وافق علناً على فكرة الدولة الفلسطينية. كان هؤلاء الناس أول من انضم إلى الاحتجاجات، على رغم أنها ركزت على القضايا الاجتماعية وليس السياسية.

يستطيع المرء أيضاً أن يتساءل إلى أي حد أثر المثال الذي شكلته الثورات العربية على مجتمع أصر دائماً على رؤية نفسه كموقع غربي متقدم في منطقة غير متقدمة.

كانت هناك إنجازات مهمة للمجتمع المدني الإسرائيلي. للمرة الأولى منذ سنوات، انضم آلاف المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل إلى حركة على مستوى الجذور بدأت في الطبقة الوسطى اليهودية. بعد مهرجان الثالث من سبتمبر، قام قادة الفلسطينيين في إسرائيل حتى بإصدار نداء رسمي من أجل دعم الاحتجاج.

للمرة الأولى، استمرت الاحتجاجات ضد القضايا الاجتماعية أثناء تصعيد عسكري (في غزة وجنوب إسرائيل أواخر الشهر الماضي)، وهي حقيقة أدت إلى جدل سياسي عنيف ومحاولة لتصوير الاحتجاجات على أنها «غير وطنية».

بالنسبة للكثيرين الذين يكافحون من أجل أن يجدوا معنى لكل ذلك، يبقى السؤال الملتهب هو كيف ستؤثر الاحتجاجات على موقف نتنياهو. إلا أنه بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، قد لا يكون هذا هو أهم مصادر قلقهم. ففي الوقت الذي تشير فيه الاستطلاعات إلى انخفاض كبير بمعدلات شعبية نتنياهو، مازال من الأرجح أن يفوز بالانتخابات إذا عقدت في الشهور القليلة المقبلة نظراً لغياب قائد معارضة شعبية.

يبدو أكثر من أي شيء آخر أن الاحتجاجات (يصعب حتى الحديث عن حركة موحدة ذات قيادة متماسكة) تتحدى الطرح السياسي بأكمله في «إسرائيل»، التي ركزت في معظم الحالات على القضايا الجغرافية السياسية والأمنية. من هذا المنطلق، تشكل الاحتجاجات تهديداً لتزيبي ليفني، زعيمة كاديما، أكبر حزب معارض في إسرائيل، تماماً كما هو الحال بالنسبة لنتنياهو. يُنظر إلى كليهما على أنهما يمثلان التوجهات السياسية الفاشلة، وكذلك السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة التي أجبرت الجمهور على النزول إلى الشارع.

ليس من المحتمل أن يتوقف الحوار الوطني الذي بدأته حركة جى 14 بشأن مستقبل الدولة، حتى الآن بعد أن أزيلت الكثير من الخيام وأصبحت المظاهرات الحاشدة وراءنا. هناك شعور سائد بأن «إسرائيل» وصلت إلى مفترق طرق رئيسي: موت حل الدولتين هو قاب قوسين أو أدنى، إن لم يكن قد أصبح حقيقة (أوصى بيت فكر يقدم المشورة لرئيس السلطة الفلسطينية بحل السلطة إذا فشلت محاولة الدولة في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، الأمر الذي يجعل من إسرائيل دولة فصل عنصري (أبارثايد) بحكم الواقع).

تقوم دوائر دينية ووطنية يحتل ممثلوها مراكز عليا في الحكومة بطرح قوانين تشكل تهديداً حقيقياً على مستقبل الديمقراطية غير الموجودة داخل الخط الأخضر. وقد أدى نظام اقتصادي جذري ليبرالي جديد إلى الإضرار بأي شعور بالتماسك الاجتماعي وترك الكثيرين غاضبين وقلقين.

تحت هذه الظروف الصعبة، يستطيع المرء أن يفهم سبب معاملة الإسرائيليين لحركة جى 14 على أنها آخر أمل لدولتهم

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3310 - الخميس 29 سبتمبر 2011م الموافق 01 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً