العدد 3329 - الثلثاء 18 أكتوبر 2011م الموافق 20 ذي القعدة 1432هـ

يوم الفرح الفلسطيني

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كل الأنظار كانت متجهةً أمس إلى فلسطين، لتشاهد فصلاً جديداً من سِفْر هذا الشعب العربي الأبي.

فمنذ الصباح الباكر خصصت بعض القنوات المهتمة بثها لاستقبال مئات السجناء المناضلين. عند الظهر، بدأت الحافلات تصل إلى المعابر، وكان في مقدمة المستقبلين رئيس الحكومة (المقالة) إسماعيل هنية، يحتضنهم فرداً فرداً، يمسح على رؤوسهم، يتبادل معهم القبلات، ويذكر بعضهم باسمه. إلى جانبه وقفت قيادات حماس: الزهار، الدويك، ووزراء حكومة غزة، كلها وجوهٌ متعبَة علاها الشيب. قيادات نبعت من الشارع والمعاناة، استبدل بها الشعب تلك القيادات التاريخية التي شاخت. إلى جانبهم كان يقف قادة فصائل فلسطينية مختلفة، وممثلون عن عوائل الأسرى. وكانت المفاجأة حين ظهر رئيس السلطة محمود عباس على المنصة في لحظةٍ قد تصحّح المسار التفاوضي الذي لم يخلّص طفلاً فلسطينياً من الأسر.

يُحسب لـ «حماس» أنها لم تفكر بطريقة الاستئثار بالغنيمة، بل جاءت الصفقة موزّعةً على كل خارطة الوطن، من مختلف الفصائل والأعمار، وكان من ضمنها النساء. النساء لا يُسجَنّ في العرف العربي أبداً. هكذا كانت الأعراف منذ حروب الجاهلية، وأقرّها وأكّدها الإسلام.

من بين الأسرى من حُكم عليه بالسجن لعشرات السنين. أكبرهم سناً في الثمانين، اتهم بالتخطيط لعملية ضد الاحتلال. أحدهم حكم عليه بالسجن 450 عاماً، وصدر على إحداهن، واسمها أحلام التميمي، 16 حكماً بالسجن مدى الحياة لأنها ساعدت في تنفيذ عمليات.

أهمية الصفقة، إلى جانب العدد الأكبر في تاريخ تبادل الأسرى، أنها كسرت القاعدة التي يتشبث بها الصهاينة، بعدم الإفراج عمّن تلوثت يداه بدماء الإسرائيليين. نسوا أن أيديهم ملوّثةٌ بدماء الفلسطينيين، وأن هناك حكايةً أخرى، وأن التاريخ لا يكتبه طرفٌ واحدٌ في الصراع.

الأسرى المحرّرون سيمكث بعضهم بالضفة مع أهليهم، وبعضهم سيبقون مع زملائهم في غزة، منفيين لكن إلى الداخل. وبعضهم سيُرَحّلون إلى سورية وتركيا وقطر.

التلفزيون المصري بثّ مقابلةً اعتبرها سبقاً صحافياً، مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. بدا في صحةٍ جيدةٍ جداً، وجهه خالٍ من التعب. وسُمع صوتٌ يدعو لإنهاء المقابلة بسرعة مراعاةً لراحته.

الصفقة كانت معلّقةً منذ أربع سنوات. كان من المقرّر أن تتم العام 2008، أواخر عهد أولمرت، إلا أنه تركها لسلفه المتشدّد نتنياهو، الذي لم يجد بداً من إتمامها بعد كل هذه السنوات. ظهر على التلفزيون ليدافع عن نفسه ويبرّر قراره الذي أغضب كثيراً من الإسرائيليين: «كان قراراً صعباً جداً، ومسئولية أخلاقية عليّ باعتباري زعيماً للبلاد، وجندياً سابقاً في جيش (إسرائيل)، حيث كانوا يتعهدون بإطلاق سراحنا فيما لو وقعنا في الأسر». جيشٌ كان يقابل جيوشاً لا تسأل عن أسراها، ولا تهتم بإطلاق سراحهم، فاستبدلها اللهُ بحركاتِ مقاومةٍ لا تترك أسراها في السجون.

في غمرة الفرح ومظاهر الابتهاج، لم تتحمّل مفرزةٌ من جنود الاحتلال، منظر المحتفلين وهم يؤدون الدبكة والأغاني الوطنية، ففاجأتهم بزخّاتٍ من مسيلات الدموع عند معبر بيتونيا، وأمطرتهم بالرصاص المطاطي وخراطيم المياه. لم يسمح الغضب للإسرائيليين باحترام تعهدهم بتجميد الاشتباك ليوم واحد، وترك الفلسطينيين يفرحون لساعات.

فرحٌ عربيٌ غامر، فالذاكرة العربية مازالت مثقلةً بصور الرصاص المصبوب على غزة، حين وقفت الأنظمة تتفرّج من دون اكتراث، وانكفأت الشعوب تبكي غزة في صمت

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3329 - الثلثاء 18 أكتوبر 2011م الموافق 20 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:31 ص

      im very happy

      its like a dream for me to see our palistinian victory >> we hope to get it too

    • زائر 5 | 3:47 ص

      هنا في بلدي

      في بلدي البحرين يسجن الطفل ابن اختي في سن الحادية عشر استدعى للداخلية واخذ منه تعهد ووقف ليوم كامل واخذ منه حمض الدي أن أيه ! . باعتبار انه مجرم حرب لا ادري . بل اخذ تعهد على أبوه وامه .

    • زائر 4 | 2:28 ص

      نغزة :)

      النساء لا يُسجَنّ في العرف العربي أبداً. هكذا كانت الأعراف منذ حروب الجاهلية، وأقرّها وأكّدها الإسلام.

    • زائر 3 | 2:18 ص

      سيدنا إضافة إلى كتاباتك نرجو دعواتك

      يوم الفرح البحريني إن شاء الله.

    • زائر 2 | 1:40 ص

      هذا نتاج التخاذل العربي يا سيد

      كما قال الشاعر الحر مظفر النواب تركتم فلسطين تغتصب وانتم خلف الباب تتراقصون على الحان صرخاتها الله واكبر من اضاع فلسطين غير العرب من اضاع الفلسطينين غير العرب اتذكر عندما اخرجوا المقاتليين من لبنان بعد صبرا وشاتيلا احد الفلسطينين وهو يحزم امتعته ويجر اهله الى المجهول وهو يصرخ الله يذلكم يا عرب من مراره ما قاسى من اهوال قبضوا ثمن سكوتهم مقدما وهاهي تبرز للعيان ان اقبضوا من الغرب وعود زائفه فقط لم يستطيعوا ان يأمنوا الكرسي لاقوى حليف لديهم يد الله فوق ايديهم

    • زائر 1 | 11:52 م

      صباحك عسل استاذي

      حبيت اعلق على الفكر العربي ككل بإ ختصار. ناموا ولا تستيقظوا مافاز الا النوموا. وياربي يفهم.

اقرأ ايضاً