العدد 3343 - الثلثاء 01 نوفمبر 2011م الموافق 05 ذي الحجة 1432هـ

الحج الإبراهيمي

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في الحج لا تفارقك ذكرى النبي إبراهيم (ع) فهي معك في كل ركن من أركان الحج، إبراهيم خليل الله، العبد الأواب، النبي الإمام الذي بحث عن ربه في آياته فوجده، كان مخلصا في عبادته، وكبيرا في تضحيته، فهو من أعلن الحجّ ابتداء، امتثالًا للأمر الإلهيّ: «وأذّن فِي النّاسِ بِالحَجّ» (الحج: 27) وقبل ذلك هو من رفع أصول البيت «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العليمُ» (البقرة: 127).

الحج عبادة مُتميِّزة وشَعيرةٌ إسلامية مقدسة ذات أهمية كبرى، وهو من أهم الفرائض الدينية التي فرضها الله عَزَّ وجَلَّ على المسلمين مرتبطة بالاستطاعة، ويعرف الحج لغة بأنه القصد لمن تعظمه، واصطلاحا هو قصد مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لتأدية فريضة الحج، والتي تبدأ في أيام معلومات من شهر ذي الحجة، وذلك بأن يقوم الحاج بالإحرام من المواقيت المحددة، متجها إلى مكة ملبيا أمر ربه، حيث عمرة التمتع مبتدئا بالطواف حول البيت العتيق، وبعدها يستعد الحاج ليوم التروية إذ يتوجه محرما ملبيا لعرفة، حيث يبيت ليلته مترقبا موعده غداة الغد مع الرب الكريم حيث المناجاة والدعاء، ثم يبيت في المشعر الحرام بعد جمع الجمار ليستعد بعدها لمنى ليرمي الشيطان، ثم التضحية ليتم مناسكه يوم العيد محلقا وطائفا، ثم تبدأ أيام التشريق حيث يتكرر الرمي، ثم العودة حيث البداية للبلد الأمين.

الحج شوق وإجابة وتلبية لنداء الحق «وأذن في الناس بالحج، يأتوك رجالا...» فيجيبه الجميع لبيك اللهم لبيك، وللحج آداب «... فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» (البقرة: 197)، وهناك فلسفة في كل عمل فالإحرام تجرد من الدنيا، وتذكير لما نخرج به من الدنيا جميعا دون استثناء عدا العمل الصالح، وفيه تحقيق لوحدة الشكل والمظهر تبعا لوحدة المضمون والجوهر، وفي الطواف امتثالا وتعبدا لله تعالى، وفي السعي رجاء لرحمة الله، وفي الوقوف بعرفة تذكيرا بالوقوف في اليوم العظيم، وفي الرمي رميا لشيطان رمز الفساد وهو عنوان للسخط ودفع الشر والبراءة منه.

إبراهيم من صلى وطاف، إبراهيم من سعى وضحى، إبراهيم من رمى الشيطان بالجمرات، له خصوصية لا تضاهى في الحج، فقد روي عن الإمام زين العابدين (ع) انه لما رجع من الحج استقبله أحد الحجاج (الشبلي)، فقال له الإمام (ع) حججت يا شبلي؟. قال: نعم يا ابن رسول الله... ثم قال «ع»: نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم (ع) أنك وقفت على كل طاعة. وتخلّفت عن كل معصية؟ قال: لا. قال (ع): فحين صليت ركعتين نويت أنك بصلاة إبراهيم (ع)، وأرغمت بصوتك أنف الشيطان؟: قال: لا قال (ع) فما صافحت الحجر الأسود، ولا وقفت عند المقام، ولا صليت فيه الركعتين».

الحج تشريع إلهي قائم على شعائر حركية وصفها القرآن الكريم في قوله تعالى «لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...» (الحج: 28)، هذه الآية صريحة في اشتمال الحج على منافع للناس، وهي تُشكِّل جزءًا من فلسفة الحج وأهدافه المنشودة فهو رمز بقاء الإسلام لقول الإمام علي (ع ): «... جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلْإِسْلَامِ عَلَماً»، فهو منشأ قوة الدين الإسلامي وحيويته.

الحج عبادة وجهاد لضعفاء المسلمين وتجمع إسلامي ضخم وهو فرصة لتوحد المسلمين والشعور بالعزة والقوة، يقول احد الساسة الغربيين في تجمع الحجيج «ويل للمسلمين إذا لم يعرفوا معنى الحج، وويلٌ لأعداءِ الإسلام إذا أدرك المسلمون معنى الحج!»

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3343 - الثلثاء 01 نوفمبر 2011م الموافق 05 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:05 ص

      مشتاقة لحج بيت الله

      اللهم اجعلنا من حجاج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام..

      الحمدلله على اداء فريضة الحج ...

      معلمة مفصولة,,

اقرأ ايضاً