العدد 3378 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433هـ

أخيراً استقالت الحكومة الكويتية

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في خضم الربيع العربي، أخيراً استقالت الحكومة الكويتية بعد أسابيع من استقالة نائب رئيسها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. معظم القوى السياسية رحبت بالخطوة واعتبرتها تخفيفاً من حدة احتقان الوضع السياسي على رغم أنها - أي الاستقالة- لا تمثل حلاًّ ناجزاً لحالة الاحتقان، لماذا؟.

ثمة أسباب عديدة تنطلق من أبعاد تراكم لأزمة سياسية تمددت منذ سنوات بين الحكومة ومجلس الأمة، أسباب لها علاقة بملفات فساد وسطوة لمراكز النفوذ والمصالح واحتكار للمناصب والوزارات السيادية، فضلاً عن سوء إدارة لسياسة الدولة حسبما اتفقت عليه غالبية أطراف المعارضة.


إضرابات

في سياق هذا الوضع؛ اتسعت الحركة المطلبية للنقابات العمالية ولفئات من العاملين في القطاع الخاص والوزارات والهيئات الحكومية والقطاع النفطي وخصوصاً للعاملين في مصفاة الشعيبة وذلك احتجاجاً على إجراءات تعسفية يقوم بها المسئولون بحق العمال، إلى جانب المطالبة بزيادة الرواتب، بالطبع قوبلت هذه الاحتجاجات بالرفض التام، كما أضرب العاملون في كل من الخطوط الجوية الكويتية وانتهى الأمر إلى توقيع وزير المواصلات اتفاقاً مع نقابتهم يقضي بالاستجابة إلى مطالبهم، فيما نفذ عمال الإدارة العامة للجمارك والمنافذ الحدودية والبحرية والمطار إضراباً في 10 أكتوبر لإقرار كادرهم الخاص وتحقيق مزايا وظيفية أخرى متصلة بطبيعة عملهم، في حين استأنفت نقابة القانونيين العاملين في الدولة اضراباً في 26 أكتوبر انقضت مدته ولم يستجب إلى إقرار كادرهم الوظيفي، وإضراب للمعلمين في 27 أكتوبر سببه تأجيل موعد تصويت مجلس الأمة على إقرار كادرهم الوظيفي الذي سبق إقراره من قبل المجلس، إلى جانب إضراب طلبة مدارس المرحلة الثانوية لإلغاء النظام الجديد للتقييم الذي يرونه مجحفاً.


فئة البدون

إضافة إلى ما سبق، تبرز قضية فئة البدون العالقة منذ استقلال الكويت في العام 1961 وحتى اللحظة، كقضية ترفع من منسوب حالة التأزيم، ولاسيما بما تمثله من ورقة ضغط خارجية على الحكومة يعاد طرحها من آن إلى آخر. فبحسب التقارير الدولية هناك أكثر من (106) آلاف من هذه الفئة يعيشون خارج إطار المجتمع العادي حيث تعتبر إقامتهم غير قانونية، ومع انعدام الاستقرار السياسي في الثمانينات حيث تعرضت الكويت لاعتداءات خارجية عديدة ازدادت مشكلتهم وتفاقمت أكثر فأكثر إثر الغزو العراقي للكويت العام 1991 وحتى بعد عملية التحرير، إذ أصبحوا يواجهون صعوبات أكثر في الحصول على الوثائق المدنية التي تسهل من قدرتهم للوصول إلى الخدمات الاجتماعية العادية، كما أن القانون الكويتي يحظر على المحاكم البت في أي طلبات للجنسية، ولطالما وعدت الحكومة بتوفير بعض الاستحقاقات من «إصدار شهادات الميلاد والزواج والوفاة وتوفير الرعاية الصحية المجانية والوظائف»، إلا أن ذلك لم يتحول كما يشير المراقبون إلى ممارسة تنطلق من كونها حقوقاً قانونية، ومع أن الحكومة وفرت خلال الأشهر الماضية بطاقات تموينية لهم عن طريق تعاونيات تديرها الحكومة، إلا أن ذلك حتماً لا يعد حلاً جديّاً وجذريّاً لقضيتهم ومعاناتهم الإنسانية وخصوصاً بعد إلغاء لجنة البدون في مجلس الأمة، ما يعني أن مشكلة البدون مفتوحة لاحتمالات تفجر الاحتجاجات في الشارع الكويتي في أي وقت، بل وأن تتحول إلى ملف سياسي شائك بامتياز.


نهج متفرد للحكم

في شأن ما سبق وغيره، تعزو قوى الحركة الوطنية الكويتية أسباب حال احتقان الوضع السياسي أيضاً إلى النهج المتفرد في اتخاذ القرارات، ما يتسبب في شل قدرة مجلس الأمة على القيام بمسئولياته الدستورية في الرقابة والتشريع، إلى جانب اعتماد الحلول الأمنية والملاحقات في التعامل مع أحداث الاحتجاجات المرتبطة بهذا الوضع، وهو ما يتعارض مع التطور الديمقراطي والاستحقاقات المستوجبة في إعادة بناء الدولة الحديثة في إحداث إصلاحات سياسية ودستورية.

أما فيما يتعلق بالاحتجاجات والمسيرات التي انطلقت من ساحة الإرادة وحادثة «اقتحام مبنى مجلس الأمة» فقد اتفقت غالبية آراء قوى الحراك السياسي الكويتي على أنها حادثة ذات بعد سياسي وليس جنائيّاً»، جاءت كرد فعل للعبث المتكرر للدستور ورعاية الفساد وتعطيل آلية الاستجواب النيابي، وبالتالي فهي رد فعل فيه ما فيه من تعبير عن الشعور بالاستياء الجماهيري وعمق مشاعر المواطنين بالإحباط واليأس للتعاطي الأمني تجاه الاحتجاجات، ومع تأكيدهم المستمر على رفضها كظاهرة غوغاء وفوضى وتخريب، إلا أنهم يرون من الواجب عدم استغلالها لتقويض حرية الاجتماعات العامة المكفولة دستوريّاً.

في كل الأحوال يبدو أن المجتمع الكويتي بقواه أمام تحديات نوعية هذه المرة في إطار ما يعصف بالمنطقة من متغيرات إقليمية دراماتيكية، وخصوصاً في ظل تشديد مطالبة غالبية القوى السياسية الكويتية برد الاعتبار إلى مؤسسة مجلس الوزراء كسلطة دستورية وليس كجهاز تنفيذي، فضلاً عن احترام الدستور والقانون، داعية إلى تنظيم حركة الاحتجاج الشعبي وعدم تركها للعفوية والتصرفات الاعتباطية وردود الأفعال والقرارات الفردية مع تأكيد أهمية تبيان وجود فرق كبير بين نقد التصرف وتخطئته وبين تضخيمه وتحويله إلى شماعة وقضية بديلة تصرف الانتباه عن أصول الأزمة السياسية، ومن الأولوية أيضاً إجراء تحقيق برلماني لملف الفساد، وإصدار قوانين لمكافحته، فالمسألة كما يقرون ليست خلافاً بشأن أولوية الاستجواب أو أولوية لجنة التحقيق أو أولوية إقرار قوانين مكافحة الفساد، بقدر ما هي تعبير عن ضرورة امتلاك مجلس الأمة قدرة اتخاذ القرار والمحاسبة.

صدقاً إنها فعلاً جملة من التتحديات، فإلى أي مدى باستطاعة الكويت اجتيازها هذه المرة آمنة سالمة وبثبات؟

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 3378 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 1:27 م

      في الكويت الشعب مصدر السلطات جميعا

      نهم سيدتي الفاضلة سبب إستقالة الحكومة الكويتية هو أن الشعب الكويتي مصدر السلطات جميعا.

    • زائر 3 | 12:45 ص

      نعم يبنيتي انها حكمت ابوناصر طال عمره

      مهما استعصى المرض اذا وجد الدكتور المحنك الشجاع الذي ياخذ القرارات الصعبه بدون تسويف يمكنه انفاذ حياه الوطن ببتر دابر المشكله وانتهى الموضوع

اقرأ ايضاً