العدد 3385 - الثلثاء 13 ديسمبر 2011م الموافق 18 محرم 1433هـ

هناك حاجة لفجر باكستاني - أميركي جديد

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

شكل مقتل 24 جنديّاً باكستانيّاً يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 أثناء عمليات لقوات الناتو في مركزين حدوديين داخل باكستان، كما ذكر الرئيس الأميركي باراك أوباما، مأساة لأسر الجنود ولأمتهم. ستكون هذه مأساة أخرى تؤدي إلى تفويت الفرصة التي تقدمها هذه الأزمة لأخذ خطوة إلى الوراء وإعادة تقييم ما هو واضح عن أنه شبكة معقدة من العلاقات المضطربة بين باكستان والولايات المتحدة.

تعتبر العلاقات بين هاتين الدولتين من بين العلاقات الأكثر تعقيداً في الدبلوماسية المعاصرة. جمعت المصالح المشتركة العميقة والكثير من القيم المشتركة للباكستانيين والأميركيين معاً مرة بعد أخرى، لكن في كثير من الأحيان تجرى المحادثات بشأن العلاقات في وجه توترات فجّة تعود إلى الظهور مع كل أزمة جديدة. وتزداد الرقصة الدبلوماسية وتيرة نتيجة موقع باكستان المحوري في السياسة الجغرافية المعقدة لجنوب آسيا، بما فيها تلك التي في كشمير وأفغانستان. وتضيف قدرات باكستان النووية بالطبع إلى التعقيدات، مثلما تفعل العلاقات المدنية العسكرية المضطربة داخل الدولة.

أغلقت باكستان حدودها في أعقاب ذلك الحدث أمام إمدادات الناتو، وبدأ الناتو التحقيق في ما حدث. ويجتمع القادة الدوليون هذا الأسبوع في بون بألمانيا لبحث مستقبل أفغانستان، مركزين على الأولويات والتعاون الإقليميين. وهناك شك كبير بشأن مشاركة باكستان في أعقاب الأزمة، إلا أن هذه المشاركة تعتبر حيوية نتيجة دور باكستان الحاسم في القضايا الكثيرة المطروحة، حيث يشكل الاستقرار المستقبلي لأفغانستان التحدي الأكثر أهمية. وتضم أصول باكستان معرفتها المعمقة باللاعبين وقربها الثقافي مع أفغانستان إضافة إلى موقعها الجغرافي.

يجب أن يتم بناء السلام في المنطقة، ذلك الهدف الحيوي المتملص دائماً، مع باكستان كشريك مشارك وملتزم، ويجب على الولايات المتحدة أن تعاملها على أنها شريك في هذه الرحلة.لا يمكن للسلام أن يأتي من دون معالجة القضايا الجوهرية المتعلقة بالجيش والنزاع الإقليمي. وتعتبر التنمية البشرية في المنطقة ذات أهمية مماثلة، مثلما تعتبر مشاركة باكستان النشطة حيوية.

المصالح والاهتمامات المشتركة التي تربط باكستان والولايات المتحدة هي التي تدفع الحاجة الملّحة إلى إجراء مراجعة معمقة للعلاقة. فلدى باكستان والولايات المتحدة مصلحة كبيرة في السلام في جنوب آسيا وفي مستقبل يقدم إلى جميع الناس فرصة وصوتاً. تستطيع باكستان كذلك ممارسة القيادة في العالم المسلم حيث إنها تشكّل جسراً بين آسيا والشرق الأوسط.

تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تقف وتفكر في موقفها حيال باكستان، ليس فقط في المجالات الواضحة من الدبلوماسية والتعاون العسكري وإنما في جميع الأمور. من المحزن، إلا أنه ربما ليس مفاجئاً أن تظهر الولايات المتحدة في الغالب بمظهر المستأسد، أو على أقل تقدير الصديق المتعجرف الغني الذي لا يسمع ولا ينصت. لقد جرى زرع بذور الأزمات الراهنة المتتالية منذ زمن بعيد.لا يمكن لأي علاقات، بين الناس أو الشعوب، أن تزدهر عندما يكون عدم التوازن في القوة في المقدمة، وعندما يُنظر إلى الأمور المالية على أنها تدفع التعامل والتفاعل اليومي. لا يمكن لأية علاقة أن تنجح من دون تقدير حقيقي وصادق لكل من المصالح والاهتمامات على الجوانب كافة.

لذلك؛ فقد حان الوقت لإلقاء نظرة عميقة واستكشاف كيف يمكن لأمتين وحكومتين فخورتين وكبيرتين ومعقدتين أن تتقدما معاً لإعادة بناء علاقتهما المضطربة. الخطوة الأولى في تحسين العلاقات هي الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت والالتزام بحل القضايا العالقة بشكل سلمي وعادل. أما الخطوة الثانية فهي تتعلق بتبني بعض من الإصغاء الجاد، وهذا بالطبع سيتطلب انخراطاً من جانب الكثيرمن الأطراف.يستطيع الأميركيون على الأقل التأكد من أن هؤلاء الذين يعملون مع باكستان، أكان ذلك في سلك الخدمة الخارجية أم في التجارة أم المنظمات غير الحكومية أم الجيش، يبذلون جهوداً جادة لفهم هذا البلد الساحر، بما في ذلك تاريخه وتراثه الديني وثقافته وديمغرافيته.

لنأمل أن يتراجع هؤلاء الذين يملكون القدرة والمسئولية لعمل ذلك أن يخطوا خطوة إلى الوراء ويفكروا مليّاً وينظروا بعيون جادة جديدة إلى ما نحن بحاجة إليه لإعادة بناء العلاقات المحترمة والصادقة المرتكزة على المبادئ التي يستحقها البلدان ويحتاجان إليها.

تحتاج سياسة حافة الهاوية، والقفز من أزمة لأزمة لأن تفتح الطريق لمجموعة علاقات ذات رؤية بعيدة الأمد. ويجب أن تشرك حكومات، وأن تشارك باحترام واهتمام وهي تبحر عبر مواضيع هي حساسة بشكل واضح: ضمان أن تفعل المعونة ما يفترض أن تفعله، وأن تعطى المعرفة والحساسيات المحلية احتراماً حقيقيّاً صادقاً. كما يجب أن يكون اللاعبون من القطاع الخاص ومن الجامعات والأعمال والمنظمات غير الحكومية شركاء موثوقين. الأمر صعب لكنه ممكن، بل هو ملّح وضروري

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3385 - الثلثاء 13 ديسمبر 2011م الموافق 18 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً