العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ

يوميات ساكن في الأرياف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أكثر كتب توفيق الحكيم ترجمة للغات الأجنبية، رواية «يوميات نائبٍ في الأرياف»، ترجم إلى الفرنسية العام 1939، حتى أن أبا إيبان (وزير خارجية «إسرائيل» الأسبق) ترجمه إلى العبرية بعد سنوات.

الحكيم عمل في النيابة العامة، وانتدب للعمل قاضياً في الصعيد، وتحدث عن انتشار البعوض والقراريص، كما تحدّث عن الفساد المستشري في الحكومة المصرية في الثلاثينيات، من البرلمان إلى القضاء.

هذا الكتاب المتوسط (148 صفحة) كان له دورٌ في إحداث هزّةٍ في الجهاز الحكومي، فهو «يكتب ليحتج وينقد ويتهم» كما قال ريمون فرنانديز، و«لقد استخرج من الفوضى الضاربة في الريف المصري الحجج التي تحتم الإصلاح» كما قال اندريه روسو. ويومياته «ترينا الفقر والظلم في الريف وما يلقاه أبناؤه من عنتٍ وعسفٍ من جانب الإدارة» بحسب مجلة «سبكتاتور».

الكتاب قرأته مرةً العام 1980، وقرأته مرةً ثانيةً العام الماضي، وعدت له ثالثةً ليلة الأربعاء الماضي، ومنزلي غارقٌ في سحابةٍ من الغازات الخانقة بعد إطلاقٍ كثيفٍ لمسيلات الدموع استهدف الحي السكني بالكامل.

في صباح يوم الواقعة بحثت عن عبوة الغاز، فوجدتها مستقرةً في فتحةٍ للمجاري، بعد سقوطها من علو ثلاثة طوابق، حيث كان الإطلاق يتم في الجو ليسقط عمودياً على المنازل على طريقة صاروخ كروز! لبست قفازاً وأخرجتها وصوّرتها بالموبايل، اللعنة! هذه هي العبوة التي كادت أن تودي بحياة طفلي الصغير. كنت أبحث بغضبٍ عن اسم الشركة الملعونة التي أنتجته، وعن البلد الآثم الذي يبيعه على بلدان الربيع العربي لخنق شعوبها المطالبة بالحرية والكرامة. للأسف كانت العبوة محترقةً ومتفحّمةً، ولم يبق منها أيّ أثرٍ للكتابة.

بعد خروج الأطفال للمدرسة، فتحت الأبواب والنوافذ على مصاريعها، وأطلقت مراوح السقف لتطرد رائحة الغازات القاتلة. وحين فتحت حسابي على «التويتر»، فوجئت بالتعليقات الكثيرة من المغرّدين التي كتبت بعد مغادرتي الصفحة مختنقاً. عالَمٌ إنسانيٌ واسعٌ أغلبهم يواسيك في محنتك، وإن كان يتسلّل من بينهم أصحاب الضمائر الميتة والقلوب المتسخة بالأدران. خبراء «التويتر» يوصون في مثل هذه الحالات بأن تصفع هؤلاء الطفيليين اللزجين بـ «بلوك»!

عندما عادت ابنتي من المدرسة، قالت إن زميلاتها سألنها عن صحتنا بعدما قرأن التعليقات على التويتر، وتحدّث ابني عن ملاحظة مدرساته وزملائه لرائحة ملابسه، وتحدثت أمّهما عن سؤال مماثل من زميلاتها بالمدرسة. ظلّت رائحة المسيل عالقةً بملابسنا حتى الآن بعد مرور ثلاثة أيام. هل هذا منتجٌ من الثلثل المطحون أم من مصران الطحالب؟ اللعنة على هذه الرائحة على كل حال!

الرأي العام المحلي منقسمٌ اليوم حول مكوّنات مسيلات الدموع. فالرواية الرسمية أنه خليط طبيعي من الفلفل الأحمر والأخضر، لم تعد مقنعة. فالأنواع الجديدة تسبّب سيلاناً أنفياً، وتخديراً للأعصاب، وصعوبةً في التنفس وتمنع الرؤية مؤقتاً. ربما يفسّر ذلك وجود حالات وفاة عديدة (طفلان وعجوزان مقعدان واثنان من ذوي الاحتياجات الخاصة)، يؤكد ذووهم تأثرهم بالغازات. وهناك ميلٌ للأخذ برواية أنها مواد كيماوية شبيهة بغاز الخردل، أو غاز الـ CR، وخصوصاً بعدما حذّر الأميركيون من مسيل الدموع واعتبروه سلاحاً كيماوياً قد يفضي للقتل. ولذلك لا تستعمله شرطتهم ضد شعبهم إلا في حالاتٍ محدودةٍ وفي مناطق مفتوحة، ولا تستهدف به المنازل والأحياء السكنية

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 12:29 م

      افعل الخير تنجو واتبع أهل الحقائق

      لا يخفى على أحد الأضرار النفسية والجسدية التي حلت بالجند الأمريكان من جراء استخدامهم مواد لا يعلمون ماهيتها!!
      فالجو صحواً وجميل الا أن اليقين أن أكثر الجنود قد تضرروا من استخدامهم الغازات التي لا بعلمون عنها شئ.
      فهل الجزيرة مستثناة من هذه القاعدة؟؟..
      الخير يعود إلى من فعله وقد يفيد الكل الا أن الشر يعود الى صاحبه!!

    • زائر 16 | 11:28 ص

      سلامتك استاذ قاسم من الغازات الخانقة ومن عبوات مسيلات الدموع...... ام محمود

      لقد تم تطوير مسيلات الدموع لتفتك بالبشر و أصبح ضررها مضاعف .. قبل أعوام من الآن لم تكن قوية و كان تأثيرها بسيط على الناس و على من يقوم باستنشاقها حتى لو من مسافة بسيطة

      لقد اسيء استخدامها في المكان و الزمان و نتمنى أن نسمع و نرى اليوم الذي يتم فيه تحريمها في البحرين و معاقبة من رماها على البيوت المأهولة بالسكان و الأطفال و الناس و سبب لهم اختناقات و خوف و فزع و مرض
      سلامتك سيدنا ما تشوف شر و هذا كله نوع من الابتلاء و الاختبار
      لو قمت بتعطير الملابس بالبخور و العطورات الفرنسية و العربية أفضل

    • زائر 12 | 2:50 ص

      عبوات من النوع الفريد والمفعول ... أكيد ( 2:2)

      وقد وجدت مشاكل الجهاز العصبي طويلة الأمد في الناس الذين تعرضوا للغاز على المدى القصير ولكن عند مستويات مرتفعة ،كذلك تم رصد بعض إصابات القلب في مثل هذه الحالات ............

    • زائر 11 | 2:49 ص

      لول الزكام حده عندي يومين ثلاثة

      الحين مبتلية فيه متغربلة

      ..........



      أرجو النشر يالوسط وجمعتكم مباركة

    • زائر 10 | 2:48 ص

      عبوات من النوع الفريد والمفعول ... أكيد ( 1:2)

      عبوات الغازات الكيماوية السامة والملونة المستخدمة هذه الأيام رائحتها غاز كبريتيد الهيدروجين ( H2S ) إنه غاز ذو رائحة كريهة وقوية تشبه رائحة البيض الفاسد والمجاري والتعرض للمستويات الأعلى من غاز كبريتيد الهيدروجين قد يؤدي إلى تهيج العين والأنف والرئة فإن ذلك يسبب الحساسية والتهيج للعين والدوار والكحة وكذلك الصداع. يبدأ غاز كبريتيد الهيدروجين بالتأثير على قدرتك على التنفس والتعرض لأكثر من 600 ( ppm ) قد يكون قاتلا وبسرعة

    • زائر 9 | 2:00 ص

      قوقل فيه كل شيء !

      مجرد تبحث عن مكونات المسيلات للدموع تجد فيها ثلاثة انواع من الغاوات منها ماذكرته ال CR ويكذب من يقول لك فلفل (ثلثل) مطحون.

      المشكله عقلية وزارة الداخليه قديمه والانترنت يفضح كل شيء ............

    • زائر 8 | 1:39 ص

      زائر رقم 2 كلامه صحيح

      يا جماعة انتو وينكم ووين الشرطة ... ويش فهمكم في الفلفل ... هذا الفلفل مثل ما قال الزائر رقم 2 خاص لمسيلات الدموع ..

      يقولون في نوعية جديدة على نعناع اذا صادتكم استغلوا الفرصة وحاولو تنظفون فيها اسناننكم ترى هالنعناع مفيد جدا للأسنان لانه يحتوي على الفلورايد الاصلي ومن نوع خاص واللي يقول ليكم هذا غاز خانق او سام ترى ما يفهم ولا يقدر جهد المسؤولين في توفين هالنوعية الممتازة والمفيدة من الغازات ..

      وما اقول الا كل إناء بالذي في ينضح ويفضح ....

    • زائر 6 | 1:18 ص

      إيه يا أستاذ

      والله إنا ننتظر الفرج بفارغ الصبر وهانحن اليوم الجمعة ننتظر هذا الموعود
      يوم ما وأنا عائدة للبيت من المستشفى مررت في طريقي بالمالكية وابتعدت عن المرور بدوار كرزكان حيث الأمر متعب ولكن عابشت الوضع ورأيت الصورة التي كثيرا ما سمعت أثرها رأيت نفسي في قلب الحدث ذهلت خفت لم أعرف كيف أتصرف خفت على ابني رأيت كيف أن ذلك الشرطي يرمي عبوة مضيئة على جهة كثيرة البيوت وكما هو معروف أن البيوت في القرى كل منها يرص الآخر يالله بالفرج

    • زائر 5 | 12:55 ص

      اسمعو الى قصتنا

      بالامس فى قرية عذاري كان موكب العزاء يسير بالقرية بمناسبة وفاة السيدة رقيه(ع) فمرة دورية الشرطه ....واطلقت مسيلات دموع خانقه وسامه علينا حيث يتواجد فى الموكب كثير من الاطفال وكبار فى السن حتى صار الفرار وصراخ الاطفال وبعدها صار عقاب جماعي للقرية حيث اغمروا جميع ازقة وبيوت القرية بالمسيلا ت الدموع السامه حتى الساعة الثانيه فجرا وحدث حالات اختناق كثيرة.هل هذا تصرف شخصي؟
      لكم الله ياشعبنا المناضل.

    • زائر 4 | 12:12 ص

      الحمدلله على السلامة يالورده

      هذا مو خليط من الفلفل ومدري ويش هذا خليط من مواد كيماويه خانقه جداً حتى لو اطلقت في قريه مجاوره لقريتنا الا ان الرياح تجلبها الى قريتنا وما ان نفتح النوافذ او نخرج عند باب البيت الخارجي حتى نختنق بالغازات القادمه من القريه المجاوره وتبدء الاعراض بحرقه في الوجه والانف والعين والعين تدمع وتبدء بالسعال عندها نقوم بالدخول الى المنزل واغلاق جميع النوافذ والابواب والجلوس في اماكن لايدخلها الغاز ونبقى نعاني ونحن جالسون بالداخل اثار الغازات السامه القادمة من القرى المجاوره فماحسبكم اذا اطلقت في قريتي

    • زائر 2 | 11:45 م

      الفلفل وما ادراك ما الفلفل

      استاذ قاسم : لا انت ولا انا خبراء في الفلفل و لكن هناك سر اود البوح به وهو ان الفلفل المستخدم في مسيلات الدموع هو من نوعية خاصة جدا لا يمكن زراعتها الا في مصانع انتاج مسيلات الدموع مهما اختلف طقس البلد التي تقع فيها هذه المصانع ( صقيع او حر قائظ او ما بينهما

    • زائر 1 | 10:33 م

      بارك الله فيك

      وضعت يدك على الجرح \r\nمسيلات الدموع قد تسببت لنا بالتهابات في الجيوب الانفية \r\nوالله العالم ماذا سيحدث لنا في المستقبل القريب \r\......

اقرأ ايضاً