العدد 3404 - الأحد 01 يناير 2012م الموافق 07 صفر 1433هـ

هل ستحقق حكومة وحدة السلام في اليمن؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أقسمت حكومة يمنية جديدة اليمين الدستوري في القصر الرئاسي في صنعاء. إلا أنه للمرة الأولى منذ 33 سنة لم يظهر الرئيس علي عبدالله صالح، فقد تنازل رسمياً عن سلطاته. لقد قام بالتنازل رسمياً عن سلطاته، بالتالي وضع احتمال انتقال سلمي لهذه السلطات إلى نائبه عبد ربه منصور هادي. وكان هادي بالطبع هو الموجود في احتفال مراسم القَسَم، ممارساً سلطات الرئيس الرسمية.

الحكومة اليمنية الجديدة هي حكومة وحدة وطنية، مقسّمة بالتساوي بين أعضاء الحزب الحاكم التابع لعلي عبدالله صالح وأعضاء من التحالف المعارِض، أحزاب الاجتماع المشترك، بالإضافة إلى شخصيات معارضة مستقلة. ستواجه الحكومة الجديدة صعوبات جمّة في تأسيس نفسها، لأن بالدرجة الأولى هناك فصائل عسكرية منافسة مازالت تملك سلطة كبيرة في الدولة. إلا أنه يتوجب دعم الحكومة الجديدة، لأن الوحدة الوطنية هي الأمل الوحيد الذي تملكه الدولة لتجنّب حرب أهلية مدمرة وكارثية.

وعد صالح منذ بدء الحركة الاحتجاجية في اليمن في الجزء الأول من هذه السنة، وعد مرة بعد أخرى بتوقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي تنص على تنازله عن السلطة. وبينما أجّل مغادرته هذه قامت قوات جيشه بإطلاق النار على المتظاهرين العزّل وقتلت المئات منهم. في الوقت نفسه، وقعت مواجهات عنيفة في كل أنحاء الدولة بين الوحدات العسكرية المؤيدة لعلي عبدالله صالح والوحدات العسكرية المؤيدة للثورة والمقاتلين القبليين. وقد دمرت هذه الاشتباكات أجزاء من مدن صنعاء وتعز وأرحب وغيرها من البلدان والمناطق.

كان هناك خوف حقيقي خلال الأشهر القليلة الماضية من أن تؤدي هذه الاشتباكات إلى اشتعال حرب أهلية جديدة في اليمن، بعد 17 سنة فقط من انتهاء الحرب السابقة. لقد أظهر الانفصال بين الشمال والجنوب، الذي تسبب في الحرب الأهلية العام 1994، وجهه البشع مرة أخرى، حيث تستغل الحركة الانفصالية الجنوبية ضعف سيطرة الحكومة العسكرية في دعم وجودها في الشارع.

تحتاج الدولة في هذه الفترة الصعبة وغير المستقرة إلى حكومة تمثّل الجميع. تحتاج الدولة إلى التغيير، ولكن يتوجب على الحركة الثورية كذلك الاعتراف بأن للرئيس صالح أنصاره، وأنه لا يمكن تجاهلهم إذا أُريد أن يكون هناك أمل بمستقبل من السلام. يشكّل العراق ما بعد العام 2003 مثالاً كبيراً على ما يحصل عندما يتم استبعاد جميع الذين كانوا على علاقة بالنظام الحاكم السابق.

ومن الأهمية بمكان كذلك أن تتم مخاطبة شكاوى الجنوبيين وتظلّماتهم. لقد جرت السيطرة على أراضيهم ومواردهم لفترة طويلة من قبل أجزاء من النخبة الشمالية. ويشكل تعيين الجنوبيين في مراكز قيادية، بمن فيهم نائب الرئيس هادي ورئيس الوزراء محمد باسندوا وغيرهم، خطوة أولى إيجابية في محاولة لإظهار أن الهيمنة الشمالية الظاهرة على الجنوب قد انتهى عهدها.

ليست توكّل كرمان، أشهر امرأة في اليمن الفائزة بجائزة نوبل للسلام، بين الوزراء الجدد في حكومة الوحدة الوطنية، ولكن هناك ثلاث نساء في الحكومة الجديدة، ما يشكل رقماً قياسياً في أية حكومة يمنية. وعلى رغم أن ذلك قد لا يبدو أمراً عظيماً في ذلك المجتمع الذكوري، إلا أن ظهور النساء في مقدمة الحركة الاحتجاجية قد يكون أحد أعظم إنجازات الدولة. ويعكس العدد المتزايد للنساء في المجلس الوزاري عملية تقدم هذه الخطوة والبناء عليها.

من المرجح أن يكون نائب الرئيس هادي المرشح الوحيد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي من المقرر إجراؤها يوم 21 فبراير/ شباط 2012. وإذا فاز هادي فسيتبوأ السلطة لفترة انتقالية مدتها سنتين، وهي فترة ستكون حاسمة في تاريخ اليمن.

يحتاج هادي لأن يفرض سلطته الخاصة به، وهو أمر في غاية الصعوبة، وخاصة أنه لا يملك قاعدة عسكرية أو قبلية في السلطة. إلا أنه يمكن تحويل ذلك إلى نقطة في مصلحته. فحيث أنه لا يملك روابط صريحة مع الفصائل المتناحرة سابقاً، ويملك دعم المجتمع الدولي، فقد يتمكن، كونه مرشحاً حل وسط، من الحفاظ على ترابط اليمن لفترة كافية من أجل البدء بعملية إعادة بناء الاقتصاد الطويلة.

وتضم حركة الشباب بعض أفضل الأدمغة اليمنية وأكثرها ذكاءً، وستشكل عملية إقناعهم بالبقاء في اليمن والمشاركة في العملية السياسية خطوة رئيسية للحكومة المقبلة.

يحتاج هادي، إلى جانب الحكومة اليمنية الجديدة، لأن يثبت لليمنيين أن التغيير قد حصل. وسيشكل ذلك تحدياً بالنظر إلى أن بعض هذه الشخصيات في المراكز الوزارية كانت جزءاً من الصدامات. لذا يتوجب على الحكومة الجديدة ضمان الشفافية، والتأكيد على أنه يمكن محاربة أحد الآفات الرئيسية في اليمن، وهو الفساد المستشري على المستويات العليا.

يحتاج اليمنيون لأن يبتعدوا عن أفكار الثأر وأن يركزوا بدلاً من ذلك على وحدة الدولة والعمل على قضايا مثل الفساد والفقر وأزمة المياه. وإذا ركّزت الحكومة الجديدة على هذه القضايا فقد يكون اليمن في طريقه نحو تحقيق النتائج التي طالب بها الشعب اليمني أثناء احتجاجاته خلال الشهور الأحد عشر الماضية

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3404 - الأحد 01 يناير 2012م الموافق 07 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً