العدد 3415 - الخميس 12 يناير 2012م الموافق 18 صفر 1433هـ

عندما تتصدر الكراهية

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يقال إن الحب اختيار والكراهية اختيار أيضا، لكن كلاهما شعور فأحدهما يدعو للتعاطف والانجذاب والآخر صفته الاشمئزاز والنفور، من منا لم يكره، لكن أن تتحول الكراهية إلى شعور عام تجاه جماهير تشاركنا الأرض والهواء، ولا نرغب في العيش معا، وان تصبح الكراهية ثقافة وتتصدر المشهد فهي علامة من علامات البؤس الإنساني بكل تجلياته.

الكراهية بمعناها الحقيقي هي انك لا تحب إنسانا، لا تطيق وجوده في المكان الذي أنت فيه، ولا تود أن تراه أفضل منك في شيء، بل ينتابك شعور بالمتعة عندما يتألم أو تحل به مصيبة وتتمنى أن تراه مدمرا بأي وسيلة، ولكن من أين تبدأ الكراهية والى أين تنتهي؟ هي تبدأ بتصورات مسبقة وأفكار مشبعة سيئة عن الآخر ويتولد عنها الكره والخوف منه فتبدأ بالنفس بتمني زواله وفشله ثم تظهر كالنفور على الوجه، ثم تتطور إلى السب والشتم باللسان والقلم، فيكون بعدها اشتباك بالأيدي إلى أن تنفجر بالحرب والتصفية الجسدية وهذا آخر المطاف. قد تتولد الكراهية نتيجة التعذيب والعنف والاهانة وسوء المعاملة فاتفاقيات جنيف الأربعة تحظر التعذيب وكل أشكال «الاعتداء على كرامة الفرد ولاسيما المعاملة المهينة أو المذلة». كما نصت اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984 على أنه لا يجوز أبداً التذرع بأية ظروف استثنائية كمسوّغ للتعذيب، لأنه في حد ذاته انحطاط لكرامة الإنسان كما انه مدعاة لنشر الكراهية في المجتمع ويفتح الباب على مصراعيه للانتقام والتشفي.

الكراهية صناعة، والتحريض على الكراهية يعتبر جريمة بحق الإنسانية. فإطلاق الأحكام المسبقة أو الأوصاف المهينة هو تعصب يراد به زرع الكراهية وصناعتها في فئة ضد فئة وهي نوع من أنواع العنصرية والتي من الممكن أن تتسبب في تدمير كل البشر إذا استقرت في قلوب الكارهين، فالكراهية ليس كما يعتقد الكثيرون بأن منشأها القلب فالقلب ليست له علاقة بالحب أو المشاعر الإنسانية، وإنما تؤول المسئولية في هذا الأمر كما يشير إليه العلماء البريطانيون إلى المخ، فصانعو الكراهية يحاولون هيكلة استجابة الأفراد حيال كرههم ضد فئة بإشاعة انها مؤذية فيجب تجنب كل أفرادها، وانها مذنبة فيجب التفكير في سقوطها اجتماعيا، وإيجاد طرق جديدة للضرر لجعل كل المنتمين إليها يعانون ويتألمون. لكن المشكلة أنه في خلق الكراهية وإيجاد مناخ لنموها واستفحالها قد تؤدي إلى وجود حالة من الكراهية التي لا تشفى كالمحارب الذي سحب جثة عدوه المهزوم، وهذا أقصى أنواع الكراهية والبغضاء والتي لا يستقيم معها أي بناء إنساني أو تقدم حضري.

حتى ضحايا العنف هم بحاجة إلى دراسة جروحهم وآثارها النفسية والجسدية بعناية، ومعرفة أين يكمن الألم بداخلهم وما دائرة القصاص وأين يكمن الإنصاف والعفو؟ أخشى أن نعيش سنوات من العجاف تكبر الفجوة بيننا اكبر، فهناك فرق بين أن تتصارع الشعوب مع حكوماتها، وتصارع فئات الشعب مع بعضه، يجب أن نتعايش جميعا بسلام مع وجود تحركات ومطالب لا تهدف إلى إلغاء الآخرين بقدر ما هي للصالح العام في العيش المشترك بعزة وامن وسلام.

لقد تحركّت كل المجتمعات لتتخلص من بقاياها الأليمة مع البقاء على مطالبها التي لا تدعو للكراهية بل تسمو للعدالة والحرية بعيدة عن الأحقاد والضغينة، فبدلا من صناعة الكراهية لنبني صروح الحب والأمل والتعايش السلمي، إنها حياة واحدة التي سنعيشها في هذه الدنيا، فلنعيشها بسلام؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3415 - الخميس 12 يناير 2012م الموافق 18 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:23 ص

      الكراهية مرض إجتماعي

      الكراهية مرض إجتماعي ينمو في ظل غياب القانون، فلو أن شخص حرض على كراهية فئية من المجتمع ورأى نفسه في غياهب السجون لما نمت الكراهية ، ولكن الذي حدث عندما حرض أحد أفراد المجتمع على بغض طائفة وقامت السلطة المختصة بحفظ الشكوى وأدى ذلك إلى تمادى المشكوى في حقه وأخذ يحرض على دهس تلك الطائفة.

    • زائر 5 | 3:14 ص

      الكراهية خلقتها الحكومة

      بفتح الباب للمتسلقين و الناقصين و الحاقدين على كل نجاح يحققه اخوانهم من خلال اجتهادهم واصرارهم على التقدم نحو الرقي بحرية لاخذ حقهم ومكانتهم الحقيقية بكل سلم ومحبة دون اسقاط الاخرين وهذا ددينهم عبر التاريخ لايسكتون على الظلم ونقول حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 4 | 3:02 ص

      خواطر السوء

      الكراهية صناعة، والتحريض على الكراهية يعتبر جريمة بحق الإنسانية وأيضا هي من خواطر السوء التي تمر على كل أنسان فاذا اتنصرت عليه ظهرت على تصرفاته بصور شتى (كحب الانتقام والوشاية بدون وجه حق والتشفي والتكبر على خلق الله سبحانه وتعالى)وإذا إنتصر عليها أصبحت كامنة لا وجود عليها بين سلوكه!!!.
      أبوجعفر

    • زائر 3 | 2:55 ص

      العداله

      في غياب العداله وتبطيق القانون السياسيون يلعبون علي أوتار الكراهيه للنيل من الكراسي. أتمنى من الجميع التعقل لتفويت الفرصه على من يلعبون هذه اللعبة البغيضه. وليعم المحبة على الجميع.

    • زائر 2 | 2:53 ص

      أحسنت يا أستاذة

      أحسنت وأشكرك على مقالك الجميل

    • زائر 1 | 1:04 ص

      حسبي الله

      حسبي الله على الكراهيه صارت تتصدر بالفعل بحريننا

      سببها الاعلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام
      وقوله تعالى
      واعتصمو بحبل الله ولا تفرقو

اقرأ ايضاً