العدد 3451 - الجمعة 17 فبراير 2012م الموافق 25 ربيع الاول 1433هـ

«الدولة المدنية» قناعة تترسخ مع الزمن

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

واحدة من ثمرات ما حدث في البلدان العربية العام 2011 أن الحوار انفتح بصورة إيجابية على مفهوم «الدولة المدنية»، وهي الدولة التي تقوم على أساس «الرابطة المدنية»، وهي رابطة المواطنة المتساوية بين أفراد المجتمع الواحد، وأن هذا المجتمع يعطي الشرعية للدولة على أساس الرضا والتعاقد.

هذه القناعة أصبحت مشتركة لدى الاتجاهات السياسية الناشطة في بلداننا العربية، وهي قناعة تتسق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تؤمن بكرامة الإنسان وبحرمته وتجريم أي إهانة له، كما تضمن له حرية التعبير السلمي، وتضمن له الحقوق الثابتة عالميّاً، والملزمة بحسب العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك بحسب الاتفاقيات الأخرى مثل اتفاقية مكافحة التعذيب، واتفاقية منع التمييز، وتمكين المرأة، إلخ.

كثير من المراقبين كانوا ينظرون إلى استحالة إقامة الديمقراطية في بلداننا لأنها بلدان تقوم على روابط أخرى غير الرابطة المدنية، ويقولون إن بلداننا مجموعات متناحرة من القبائل والطوائف والإثنيات، وإن «الرابطة القبلية» القائمة على قرابة النسب والدم أهم من الرابطة المدنية القائمة على التعاقد الاجتماعي، وإن «الرابطة الطائفية» أهم من الرابطة المدنية، وإن الرابطة الإثنية (العرقية) أهم من الرابطة المدنية.

ونحن لو رجعنا إلى تاريخنا العربي الإسلامي فسنجد فعلاً أن الرابطة القبلية قبل الإسلام كانت هي الأساس في المجتمع، ومن خلالها يأتي نظام الحكم، وأنه عندما جاء الإسلام طرح مفهوم الأخوّة الدينية، أو الرابطة الدينية، وهذه كانت أقوى من الروابط الأخرى وصهرتها، وبالتالي صعدت إلى مستوى حضاري استطاع أن يغير التاريخ الإنساني. ولكن لو نظرنا أيضاً إلى تاريخنا الإسلامي فإننا سنجد أنه لم يُلغِ الرابطة المدنية، وكانت «صحيفة المدينة» واحدة من أهم الوثائق التي توضح كيف اتفق الرسول (ص) مع مكونات مجتمع المدينة المنورة آنذاك، وأن موضوع التعاقد الاجتماعي يتسق مع اشتراط الدين الإسلامي على التعاقد في المعاملات البسيطة مثل الاستلاف، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بقضايا أكبر مثل الشأن العام. وإذا أضفنا إلى كل ذلك مبدأ الاختيار، والمسئولية الفردية، مقاصد الشريعة؛ فإنّ الرابطة المدنية القائمة على التعاقد ليس فيها ما يناقض القيم والمنطلقات التي كانت متوافرة في صدر الإسلام.

القناعة بالدولة المدنية تحتاج إلى وقت لكي تترجم على أرض الواقع في بلداننا؛ لأنها تعني - فيما تعني - مواطَنة متساوية بصورة فعلية (وليست بصورة نظرية كما هو الحال الآن)، وتعني عقداً اجتماعياً ملزماً للأفراد والجماعات ولمؤسسات الدولة النابعة من إرادة المجتمع. وهذا بطبيعة الحال يختلف عن أطروحات أخرى تتخذ من الروابط القبلية أو الروابط الطائفية أو الروابط العرقية أساساً لإدارة شئون المجتمع، وتفرق الناس على أساس غير عادل؛ إذ تنظر إلى انتماءاتهم أولاً، وليس إلى كفاءاتهم والتزامهم بالقانون العادل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3451 - الجمعة 17 فبراير 2012م الموافق 25 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 10:40 ص

      المشكلة تكمن في التوظيف السيء لهذا التنوع

      فلم تقم الدولة الاموية إلا على الخلاف بين العرب و الموالي,,,,,,,
      و لم تقم الدولة العباسية إلا على الإحتراب بين القيسيين و اليمانية,,,,,,
      و هكذا يتم استغلال تلك العصبيات لتحقيق مآرب البعض ,,,,,,,

    • زائر 21 | 10:28 ص

      أسئلة للاخوة الاعزاء:-

      *حتى في الديمقراطيات العريقة ألا توجد عصبيات عرقية أو حزبية أو ......إلخ؟؟؟
      *لماذ تجرى الانتخابات و لماذا تحضى الأكثرية الفائزة بالأهلية للتشكيل الوزاري؟؟؟
      أليس الهدف الاساس من اجراء الانتخابات هو حصول كل مكون اجتماعي او سياسي على تمثيل عادل يضمن لجميع المكونات الاستقرار و عدم تعرض الاقلية لاي حيف او هضم,,,,,,
      إذن العيب ليس في التنوع اياً كان مصدره بل في توظيف هذا التنوع في احتراب تجني ثماره فئه معينة و يحصد شره الجميع,,,,,,,

    • زائر 19 | 7:36 ص

      كانت الرابطة القبلية قبل الاسلام هي الاساس في المجتمع ومن خلالها يأتي نظام الحكم

      الاخوة الدينية او الرابطة الدينية في الاسلام لم تخلو من القبلية ولم يطرأ على التركيبة المجتمعية من حيث الاساس تغيير كبير بل حافظ على اساسه القبلي وظلت السلطة او الحكم نتاج الى هذه التركيبة المجتمعية القبلية ، ولنا من درس اجتماع السقيفة خير دليل حيث اتفقوا على ان لا تخرج الخلافة من قبيلة قريش ، خدوا مثال من حاضرنا المعاصر وبالتحديد من اليمن البلد العربي المسلم حيث الحكم في يد القبيلة وزعيمها وخدوا مثال آخر على شكل آخر من الحكم القبلي في منطقة الخليج وهناك العديد من الامثلة على تأصل الصفة القبلية

    • زائر 16 | 3:28 ص

      ساعد الله قلبك يادكتور

      نريد دولة الإنسان في بحريننا الغاليه.. لاللقبليه ولا للطائفيه ولا للمحسوبيه ولا ليشيء آخر يظلم أخي الإنسان..

    • زائر 15 | 3:14 ص

      الى الاخ المحترم رقم 10 صاحب تعليق الاسلام دين شامل

      بالرغم من انني اختلف معه في قوله اننا لا نحتاج لا الى دولة مدنية ولا الى ديمقراطية لكني احترم رأيه ، فقد يكون اخينا في المواطنة والانسانية يعي بأن ما يرفضه هي مفاهيم حداثية فالدولة المدنية والديمقراطية مفاهيم شاملة تعني الكثير وقد تتعارض مع القيّم التي ترعرعنا في ظلها من عادات وتقاليد اجتماعية ، هنا عليه ان يدرك بأن ديننا الاسلامي قد الغى عادت وأد البنات السائدة آن ذلك في المجتمع القبلي لهذا ليس من الصحيح التمسك بكل ما هو قديم بل من الضروري استحداث ما يلزم من اجل سلامة الحياة الاجتماعية

    • زائر 14 | 3:01 ص

      رب ارجعوني

      ولذا رأينا أن الطارئين على الديمقراطية المزيفة يبجلونها ويستكثرونها حتى على أنفسهم , في الوقت الذي يغالون في دينهم

    • زائر 13 | 2:53 ص

      موضوع نظري جميل نحتاج الى هضم معانيه فنحن في امس الحاجة الى تطوير وعينا بما يتلائم بمتطلبات واقعنا المعاصر

      الرابطة القبلية هي تمثل البناء الفوقي للأقتصاد السائد والذي هو يعبر عنه بالبناء التحتي ، والبناء الفوقي هو نفسه العلاقات الاجتماعية الذي ينظم الواقع الاجتماعي ، والعلاقات الاجتماعية ممكن ان تكون محفزا لتطور الواقع الاجتماعي او عائقا له ، فاذا ما شاخت هذه العلاقات استوجب استبدالها للمحافظة على دومومة التقدم الاجتماعي ، لقد لعبت الرابطة الدينية كعلاقات اجتماعية جديدة دورا ايجابيا على طريق تقدم المجتمع والرقي به الى المصاف الحضاري ، حيث جاءت هذه العلاقات في وقتها المحتوم

    • زائر 12 | 2:35 ص

      الاسلام دين شامل

      الدين الاسلامي شامل ولانحتاج لادولة مدنية ولادمقراطية تكمله علينا بتطبيق تعاليمه وسنعيش سعادة الدارين

    • زائر 11 | 2:19 ص

      انت من ولده

      دولتنا و للأسف تسالك اول انت من ولده ...!!!!

    • زائر 10 | 2:03 ص

      الحوار بين السلطة والمعارضة أولاً

      حولت الدولة صراعها مع المعارضة الى صراع بين الطائفتين لكي تتفرج مستريحة لكن هذا غير صحيح.. ولا مناص من حوار بين السلطة والمعارضة

    • زائر 9 | 1:40 ص

      الرابطة الدينية جاءت بمثابة علاقات اجتماعية تقدمية ساعدت المجتمع ان يصعد على السلّم الحضاري لكنها شاخت واصبحت عائق لتقدمه

      تعتبر الرابطة الدينية خطوة تقدمية اجتماعية جاءت لتواكب التطور الاجتماعي الذي طرأ على المجتمع القبلي ، لكن التاريخ لا يعرف الجمود فهو في حركة تطورية دائمة ، والواقع الاجتماعي في تطور يستلزم احلال علاقات اجتماعية جديدة تساعد الواقع على الاستمرار في الجريان نحو الافضل ، من هنا نلحظ ان الرابطة الدينية اصبحت لا تفي بمتطلبات الواقع الاجتماعي الجديد المتحدد في تشكل الدول الوطنية حيث اصبحت هذه الرابطة عامل يعيق التعايش السلمي الاجتماعي من خلال الرابطة الطائفية التي هي من افرازات النظام النفعي الاستهلاكي

    • زائر 8 | 1:29 ص

      يقول الامام علي ع إذا هبت امرا فقع فيه

      التخوف من الدخول في الدولة المدنية والديمقراطية ليس عذرا لان لا ندخل فيها لأننا ان بقينا كذلك فسنظل طول عمرنا متاخرين على العالم. هل نحن اقل تطورا من شعب جنوب افريقيا؟ لماذا ذلك الشعب استطاع ان يصل الى الديمقراطية وهنا لا؟
      لا يمكن لانسان ان يجيد تعلم شيء وهو بعيد عن ممارسته ولكن عندما يمارسه ويخطيء مرة ويصب اخرى
      فيتعلم ويصحح اخطاءه ويطور من اصابته حتى يرتقي بخبرته شيئا فشئ
      اما ان نردد هذه الكلمات فلن نتطور. هل الغرب وصل الى ما هو فيه دفعة واحدة؟ بالتعلم العملي وليس النظري فقط

    • زائر 7 | 1:18 ص

      بعدنا ريضين

      في البحرين نحتاج مليون سنه حتي نوصل الي ( الدولة المدنيه )

    • زائر 6 | 12:59 ص

      هذا كله نتاج شغلٍ لاعوامٍ طوال :-

      "فرق تسد" هي القاعدة المعتمدة التي على اساسها تمت صياغة مجتمعاتنا من خلال الانظمة على مر الدهور بالرغم من محاولة اصحاب الرسالة المحمدية كسر هذه الصياغة ب:-
      *لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى
      *المساوات في العطاء
      *الناس سواسية كأسنان المشط
      *كلكم راعي و كلكم مسؤول عن رعيته,,,,,,,إلخ
      و لكن كل هذا لم يفلح في كبح جماح العصبيات التي تم توظيفها احسن توظيف,,,,,و صباحك فل دكتور,,,

    • زائر 5 | 12:34 ص

      المطلب معروف والزمن يمر والبلد يتدهور والحال ما تسر احد

      إلاما الانتظار وعدم اتخاد خطوات جدية تنقذ البحرين من مستنقعه. طالما ان الحل معروف وهو الدولة الدنية التي يستاوى فيها كل المواطنين في الحقوق والواجبات لا علاقة لها بالطائفية إلا بقد ما يحترم الجميع معتقد الآخر.
      الوقت يمر قاطعا الوطن وشاطرا إياه وإذا لم يتلاحق
      بخطوات شجاعة وجريئة وعاجلة فسوف نشهد المزيد من التدهور

    • زائر 2 | 12:03 ص

      مثال من افريقيا

      لا تنسى الدول الأفريقية الذين نجحت في الانتقال الديمقراطي

    • زائر 1 | 11:36 م

      صباح الكرامه يا منصور

      مفهوم الدوله المدنيه والدساتير والمواثيق وحقوق الانسان يضرب بها البعض عرض الحائط من يتكلم عن تنفيذ التزامته الدوليه في حقوق الانسان وانا مستعد لمناظرته ومقارعته بوقائع لاحجج واهيه في اي زمان او مكان يختاره اذا لم تكن تصريحاته للبهرجه الاعلاميه والتنصل من تطبيق القوانين الدوليه هذا ما حادث لي اول امس فقط والدي في الثمانينات من العمر وشبه مقعد ويعيش في بيت لوحده منعت لايصال الخبز اليه من شخص اسيوى فض بعد ان استنفذت كل عبارات الاستعطاف ترى اي مواطن خليجي اصيل يقبل ان يذل من اجنبي في وطنه.ديهي حر

اقرأ ايضاً