العدد 3454 - الإثنين 20 فبراير 2012م الموافق 28 ربيع الاول 1433هـ

الدراسات الإستراتيجية يفتتح ندوة آفـاق التعـاون التي تتناول العلاقات البحرينية-البريطانية


افتُتِح صباح اليوم الثلثاء (21 فبراير / شباط 2012) فعاليات ندوة "العوامـل الخـارجية المؤثـرة في العـلاقات البـحرينـية البـريطانيـة: آفـاق التعـاون عبر الأقاليم"، والتي نظمها مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية.

وفي جلسة الافتتاح قال مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة محمد عبدالغفار "إن الهدف الأساسي لندوتنا الحوارية اليوم هو فتح آفاق المناقشة الجادة والتحليل الدقيق لقضايا تتعلق بالعلاقات البحرينية-البريطانية، خاصة في مجالي الأمن والدفاع، والتعمق في دراسة أسباب المتغيرات الإستراتيجية التي قد تؤدي تفاعلاتها المعقدة إلى تغيير جزء لا يستهان به من خارطة العالم العربي، بالإضافة إلى الدور المتنامي لأقاليم أخرى مثل: الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا في قضايا التجارة والاقتصاد وأمن الخليج العربي".
وأضاف أنه قامت العلاقات الثنائية بين بريطانيا والبحرين، والتي تعود في جذورها إلى بدايات القرن التاسع عشر، إذ أبرمت بريطانيا معاهدة تاريخية مع حكام المنطقة عام 1820 لتحقيق مفهوم "السلم البحري" وتنظيم حركة الملاحة والتجارة، وفتحت تلك المعاهدة المجال لبريطانيا أن تصبح قوة مؤثرة في القضايا المتعلقة بأمن الخليج العربي لفترة طويلة.
وأوضح عبدالغفار أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر؛ تبوأت البحرين موقع الصدارة في النشاط الملاحي باعتبارها أحد أهم محطات التبادل التجاري في المنطقة، كما دعمت المملكة المتحدة حركة الإصلاح والتحديث التي بدأها حاكم البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، بدعم من النخبة الوطنية البحرينية، وإن كانت بعض الرؤى بينهم وبين المسؤولين البريطانيين قد تباينت فيما يتعلق بأنماط التحديث، وخاصة في القضايا التي تمس جوانب من سيادة البحرين.
وتابع أنه إذا أمعنا النظر في الظروف التاريخية التي طرأت في مطلع القرن العشرين؛ فإننا سنلحظ أنها شهدت متغيرات إقليمية ودولية أدت إلى خلق بيئة مواتية للإصلاح والتحديث، ولذلك فإنها مثلت حقبة فاصلة (Watershed) في تاريخ البحرين الحديث. وجاءت بعد ذلك مراحل تاريخية شهدت البلاد فيها مزيداً من التحديث والإصلاح الذي جاء كنتيجة لتراكم الخبرات والتجارب لدى مؤسسات الحكم في مجالات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال الدكتور محمد بأنه يمكن القول أن عجلة الإصلاح قد بلغت ذروتها في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي أدرك من خلال وعيه الوطني عمق حركة التحديث والتغيير في تاريخ البحرين منذ نهايات القرن التاسع عشر، فأطلق مشروعه الإصلاحي القائم على تعميق بنية الدولة المدنية التي أرسيت قواعدها في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وتعزيز مؤسسات الديمقراطية لتشكل بدورها دعائم دائمة لمملكة دستورية تواكب احتياجات البحرين في مطلع القرن الحادي والعشرين مع ضرورة التدرج في تحقيق الإصلاح وتقدير سرعة وتيرته، ومراعاة متطلبات التطور السياسي في دول مجلس التعاون الأخرى.
وأكد أنه في غضون المسيرة الإصلاحية الجديدة بالبحرين؛ تميزت العلاقات بينها وبين بريطانيا بالتوافق على إستراتيجية عامة تتمثل في التعاون في مجالات أمن البحرين والأمن الإقليمي بمنطقة الخليج العربي، وإن تباينت الآراء بين الفينة والأخرى حول بعض القضايا.
وأضاف أنه لا غرابة في وجود مثل ذلك التباين أو الاختلاف؛ إذ إن المراحل الفاصلة في تاريخ الأمم تأتي كنتيجة لمتغيرات عميقة تعصف بأسس الوضع الراهن وتؤثر على طبيعة العلاقات بين الدول، مما يتطلب تنوعاً في الآراء، ويقتضي التحلي بالحنكة السياسية وبعد النظر لمعالجة أنواء هذه التحولات التي لا يمكن اعتبار متغيراتها بأنها ناعمة بل هي هوجاء مضطربة.
كما قال عبدالغفار في كلمته أن مارك سايكس الذي كان من أكثر المسؤولين في حزب المحافظين البريطاني معرفة بالشؤون التركية، والذي ارتبط اسمه باتفاقية سايكس-بيكو الشهيرة، عندما قال في مجلس العموم البريطاني في مطلع عام 1914: "إن انهيار الدولة العثمانية سيكون الخطوة الأولى لانهيار إمبراطوريتنا". وتابع انه ولم تكن مقولة مارك سايكس (1879-1919) فكرة عابرة نبعت من قلق سياسي بريطاني حريص على مصالح بلده فحسب؛ وإنما كانت تعكس قناعة سائدة لدى تيار واسع من السياسيين البريطانيين الكبار الذين سبقوه بأجيال متعاقبة، ومن بين هؤلاء: جورج كننغ (George Canning 1770-1827)، ودوق ولنغتون (Arthur Wesley Duke of Wellington 1869-1853)، ولورد بالمرستون (Henry Temple Lord Palmerstone 1784-1865)، وبنجامين دزريلي (Benjamin Disraeli 1852-1928)، وغيرهم من السياسيين الذين كانوا يعتقدون أن المحافظة على سلامة أراضي الإمبراطورية العثمانية مهم لبريطانيا وأوروبا كحاجز جيو-سياسي لأمنها، لكن المتغيرات الكبيرة التي طرأت إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى قد فرضت على بريطانيا أن تغير سياسة المحافظة على سلامة الأراضي العثمانية التي اتبعتها على مدى مائة عام، في مدة تقل عن مائة يوم.
وأضاف إن الذاكرة التاريخية الممتدة لدى العديد من ساسة البحرين ومنطقة الخليج العربي؛ تدفعهم للشعور بالقلق من احتمال أن تلقي الضغوط السياسية الناتجة عن الأحداث الراهنة بظلالها، أو أن يؤثر عدم التحلي ببعد النظر لدى البعض سلباً في مستوى العلاقات القائمة على أسس تاريخية ومصالح مشتركة، وليس من المبالغة أن نقول: بأن مشاعر القلق هذه قد انتابت الكثير من أهل هذه المنطقة؛ بحيث إنه أصبح من المهم عقد جلسات حوارية يشارك فيها الساسة والدبلوماسيون لتوضيح وجهات النظر، والعمل على ضبط إيقاع العلاقات في زمن أصبحت متغيراته عميقة.
وأكد أنه فيما يتعلق بالأحداث الأخير فقد فرضت تسارع الأحداث: تعزيز الحوار، ودعم جهود التعاون بين مراكز الفكر ومؤسسات البحث، وذلك بهدف دراسة المتغيرات الإقليمية والدولية، والوقوف على أسبابها العميقة، وتبادل الآراء في أجواء علمية فكرية خارج البوتقة الرسمية، وذلك لدعم صناعة واتخاذ القرار.
ولا بد أن تقوم الرؤية الجديدة على فهم طبيعة المتغيرات التي طرأت منذ إبرام معاهدة الصداقة والتعاون بين بريطانيا والبحرين عام 1971 حتى اليوم. فالبحرين وسائر دول مجلس التعاون قد حققت إنجازات كبيرة في مجال التنسيق والتعاون منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، وهي تسير في خطى وئيدة نحو تحقيق الاتحاد، معتمدة على رصيد نجاحها في مجال التنمية البشرية واهتمامها بإعداد كوادر وطنية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال نجاح هذه الطاقات البشرية في حسن إدارة رأس المال وقدرة هذه الدول على مواجهة مهددات الأمن الإقليمي في العقود الأربعة الماضية. ومن خلال وضع أولى لبنات التعاون الثقافي والفكري بين مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة، والمعهد الملكي للدراسات الأمنية والدفاعية (RUSI) فإننا نأمل في تنظيم المزيد من الفعاليات الثقافية التي تزخر بالنخب الخليجية ممن تلقوا تعليمهم في أرقى الجامعات العالمية وأصبحت لهم إسهامات مشهودة في مختلف الدراسات الإستراتيجية والسياسة الدولية. وتختلف هذه النخبة من المثقفين الخليجيين عن الجيل السابق ممن تعاملت معهم بريطانيا في مرحلة تأسيس الكيانات الخليجية الحديثة من حيث مستوى الثقافة والتعليم، وكذلك من حيث رغبتهم في تحقيق رؤى جديدة للتعاون والتنسيق فيما يسهم في معالجة المهددات المشتركة المعاصرة والتي يمكن أن تطرأ في المنظور القريب.

كما تحدث في الجلسة الافتتاحية رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، موضحاً أن البحرين تشهد تحولاً في تاريخها الحديث، وأن جلالة الملك بقراراته الحكيمة أعطتنا فرصة فريدة لتقييم العملية الإصلاحية، وأن عودة سباق الفورملا واحد إلى البحرين لهو حدث هام ليس لقطاع الأعمال فحسب، بل لجميع الناس في البحرين. وهو مؤشر على مضي مملكة البحرين في الطريق الصحيح.
وحول العلاقات البحرينية البريطانية أوضع الحسن أن العلاقات تاريخية، وليس بصدد الحديث عنها لما تتميز من التفاهم في مجالات عديدة. وقال أنه خلال العشر سنوات الماضية على وجه الخصوص قد شهدت دعم لقوات الأمن البحرينية. وأضاف أنه قد بدأ تحديث برامج قوة الشرطة والدفاع المدني منذ ست سنوات.
وفيما يتعلق بأحداث العام الماضي بين الحسن أن كانت التغطيات الاعلامية والتقارير الصحافية الصادرة من بعض المؤسسات ووسائل الإعلام البريطانية بعيدة عن التوازن، وساهمت في نشر معلومات خاطئة ساهمت في توتر هذه العلاقة. وحول مستقبل العلاقات البريطانية البحرينية أكد سعادة اللواء أنها ستستمر بالنمو لوجود مصالح استراتيجية مشتركة.
ومن جهته قال سفير بريطانيا لدى مملكة البحرين إيان ليندسي في كلمته أن العلاقات البريطانية البحرينية تمتد لنحو 400 سنة منذ تأسيس شركات على سواحل البحرين. كما كان هنالك تعاون بحري منذ الأزل، وتم إبرام أولى المعاهدات البحرية.
كما وصف السفير العلاقات البريطانية البحرينية بأنها قوية حيث أن البريطانيين يشعرون بأن البحرين هي بلدهم الثاني، وأن العديد من البحرينيين يدرسون ويمتلكون شركات ويقضون إجازاتهم في المملكة المتحدة.
وأشاد السفير بالقرارات التي اتخدها جلالة ملك مملكة البحرين كلجنة تقصي الحقائق وقبول توصياتها، كما وجه إلى أهمية العمل على تعزيز الاقتصاد بين البحرين والمملكة المتحدة في المرحلة المقبلة. وأشار إلى أن هنالك تعاون وثيق بين البحرين وبريطانيا في المجال الأمني، وأكد أهمية العمل معاً من أجل القضاء على الإرهاب وجميع التهديدات التي تواجهنا.

كما وتحدث مدير دراسات الأمن الدولية بالمعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية جوناثان ايال ، وبين أنه ثمة لا عبين جدد في المنطقة وهذا الحوار ضروري بين الأوروبيين ودول الخليج العربي. كما أشاد بالتعاون مع مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة. وأشار إلى ان هنالك تعاون مع البحرين ووزارة الداخلية منذ سنوات عدة وقد دهش بتقارير تتغافل عن الاصلاح الموجود في وزارة الداخلية التي بدأتها منذ عدة سنوات مؤكداً أن التطوير والإصلاح عملية مستمرة تتمسك بها قيادات الوزارة.

وكان برنامج الندوة النقاشية التي نظمت يتكون من ثلاث جلسات متخصصة إضافة إلى جلسة الافتتاح، ناقشت الجلسة الثانية موضوع "إيران كلاعب في الخليج"، بينما تناولت الجلسة الثالثة موضوع "التجارة والاستثمار وكيفية تأثيرهما على الأمن البحريني"، والجلسة الرابعة والأخيرة تناولت موضوع " العلاقات الأمنية "البريطانية-البحرينية" في زمن التقشف والتغيير السياسي".
يذكر أن المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية، والذي يعد منبرًا عالمياً رائدًا في مجال الدفاع والأمن الوطني والدولي، وقد تم إنشاؤه في عام 1831م.
 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً