العدد 3463 - الأربعاء 29 فبراير 2012م الموافق 07 ربيع الثاني 1433هـ

ثقافة صنع القرار

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

فاجأت وزارة التربية والتعليم جموع الطلاب وأولياء الأمور بتطبيق قرار تمديد الدوام المدرسي للمرحلة الثانوية، متجاوزة أهمية إشراكهم بصنع هذا القرار، الذي يعنيهم قبل غيرهم، ما أثار سخطهم وربما غضبهم في أحيانٍ أخرى. وعلى رغم كل المسوّغات الإيجابية التي ساقتها الوزارة لتطبيق هذا القرار، إلا أنه قرارٌ لم يحظَ بتأييد جموع المعنيين به، من طلاب ومدرسين وإداريين وأولياء أمور.

لعدة أسباب جوهرية لا يبدو أن الفئات المعنية بالقرار قد تقتنع بأهميته، فمن ناحيةٍ يثير القرار ضجيجاً بحياة الأسر البحرينية البسيطة، التي بالكاد تجتمع على وجبة الغداء، وتمديد اليوم المدرسي سيغيّر من نمط الحياة اليومية لآلاف الأسر في يومها المزدحم بالمتطلبات، ومن ناحيةٍ أخرى فإن قدرة الإنسان على الاستيعاب لا تكون إلا ضمن مدة زمنية محددة، ما يعني أن الوقت الذي تضيفه الوزارة بقرارها هذا سيدخل ضمن حيز الوقت الضائع من عملية التلقي الذهني، وهو أمر يعتبر من المسلمات في الحقل التعليمي. كما يُعد الازدحام وتنظيم أمور المواصلات من أهم معوقات تنفيذ القرار، فمعظم الأسر تستقل وسيلة مواصلات خاصة، ويقوم رب الأسرة بتوصيل الأبناء للمدرسة، فلو افترضنا وجود عددٍ من الأبناء موزّعين على مراحل دراسية مختلفة، فكيف بإمكان هذا الأب أن ينظم أموره، ألا يعتبر ذلك إنهاكاً للمواطن المعني بالقرار وخصوصاً إذا أخذنا بالاعتبار أن اليوم المدرسي للمرحلة الثانوية ينتهي مع وقت انتهاء معظم الوزارات والشركات الخاصة، ما سيتسبب في مشكلة أخرى كان على الوزارة دراستها قبل وضع المواطنين أمام الأمر الواقع.

أجيال اليوم ليست كالأمس، هي منفتحة، ومتمردة، وتتمتع بشخصية وحضور قوي، ولا تقبل أن يملى عليها أي قرار إن كان ذلك يتعارض مع مصالحها، لهذا لا يمكن لهذا القرار أن ينجح إلا بإشراك الطلاب وأولياء أمورهم، فضلاً عن الهيئات الإدارية والتعليمية المعنية، في صناعة القرار، أو القرارات الأخرى المماثلة. يجب أن تشعر أطراف العملية التعليمية أنها شركاء في صنع قرارها، لا أن يملى عليها وتجبر على تقبله.

لقد تغيّرت ثقافة المجتمع، ويجب على الوزارات أيضاً، وخصوصاً تلك المتصلة بالجمهور، أن تغيّر من طريقة تعاملها مع الفئات التي تخدمها. وأن تعزّز لديها ثقافة المشاركة في صنع القرار، لأن الواقع أثبت أن هذه الطريقة هي الأمثل لضمان نجاح أي قرار. فمن يتخذ القرار يسعى بكل طاقته لإنجاحه لأنه جزءٌ منه، هذا ما نحن بحاجة لزرعه في أبنائنا وبيئاتنا التعليمية، من أجل تعزيز الاهتمام بصوتهم وآرائهم، ودفعهم لإنجاح القرارات التي يتخذونها في حياتهم، والمدرسة خير من يبدأ بتعميق هذه القيم

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3463 - الأربعاء 29 فبراير 2012م الموافق 07 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 5:13 ص

      زائر

      احبش ياوسط كل مقال ازيد من الثاني مقالاتش مثل الاكلات الطيبة الي تنفع العاقية وكل همي وغمي يروح الين قريت الوسط وبالخصوص المقالات وعلى العلى ( د. منصور الجمري ) .

    • زائر 6 | 1:16 ص

      حتى تسمية العالم الثالث هي فوق مستوانا

      لا ولم ولن نتعلم نحن هكذا يصيغ القرار شخص بمفرده ويطبقه على من يطيق ومن لا يطيق من بمقدوره ومن ليس بمقدوره. يصنع المسؤل القرار وعلى الجميع التأقلم معه.
      يصيغ المسؤل القرار من دون دراسة ومن دون استشفاف لرأي اصحاب الشأن وعليهم الموافقة عليه
      والتسليم له.
      هكذا نحن لا يوجد اعتبا لآلاف الطلبة وأولوياء امورهم
      هكذا نريد ان نعلم ابناءنا الديمقراطية. أن نتدخل في
      اهم شيء يخصهم من دون اي اعتبار لرأيهم ثم نطلب
      منهم معدلات ودرجات عالية ايضا

    • زائر 4 | 11:47 م

      وزارة بدون وزارة

      بصراحة ما يلاحظ بأن وزارة التربية تراجعت الى عهد العصور الوسطى العقليات الموجودة في وزارة التربية لا ترقى وغير مؤهلة بأن تقيد هذه المؤسسة التعليمية التربوية وان تقوم بتغير متحضر يناسب ما يجري من تطورات علمية في العالم سؤال اين التعليم اللكتروني الذي جاءت به الوزارة قامت تطبل لهذا المشروع شهور وبعدها بدلا من تطوير كوادرها ومدرسيها قامت بخنقهم وفصلهم وتأديبهم بمجالس بما تسمى تأديبية هناك كفأات كثيرة في هذا البلد لولا أفاة التميز والطائفية لتطور هذا البلد

    • زائر 1 | 11:18 م

      بوحسن

      كلامج عدل ومنطقي اشلون يريدون الوزارة تطبيق قرار من غير اشراك المواطنيين وهذه يعتبر تهميش كبير للطلاب والاداريين واولياء الامور ويجب على الوزارة عدم وضع قرارات من غير رضى الاطراف المعنية

اقرأ ايضاً