العدد 3494 - السبت 31 مارس 2012م الموافق 09 جمادى الأولى 1433هـ

ليبيا حرّة إذا آمنّا أنها حرّة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

نشكّل كمواطنين من سكان طرابلس في منتصف العشرينات من عمرنا، جزءاً من الجيل الثاني من الليبيين الذين لم يعرفوا سلطة سوى سلطة معمر القذافي. عندما انهار نظام الرئيس القذافي، شاهد العالم متمردين يحاربون من أجل السيطرة على الشوارع، بينما شعرنا بالفوضى في أعماق أرواحنا. ومنذ تلك الأيام المرعبة ونحن نعيد التفكير، مثل الكثير من أصدقائنا بهويتنا وهدفنا في الحياة.

بعد سقوط النظام، بدأنا نحلم باحتمالات ليبيا حرة ودينامية، تتقدم بسرعة البرق للحاق بعالم هجَرَنا قبل عقود عديدة. ولكن ما الذي نستطيع عمله لجعل ذلك الحلم حقيقة؟ شعرنا أن ما يحتاجه الشعب الليبي هما التعليم والإلهام، وأن أكثر الأساليب فاعلية لإيصالهما هو عن طريق الإعلام الإذاعي. قررنا مباشرة إعداد برنامج إذاعي نسميه «حديث واعر».

يعني هذا التعبير في لهجتنا المحلية الصراحة والصدق، وهو يختلف عن «حديث الشارع». في ليبيا التي عرفناها دائماً، لم تكن تجرؤ على الحديث بصراحة وانفتاح في الشوارع. والآن تخيلنا أن بالإمكان أن نأتي بـِ «الحديث الواعر» إلى العلن على شكل حوار مفتوح صريح عن قضايا ذات أهمية في المساحة المفتوحة حيث يجب أن تُطرَح. كان القصد أن يكون اللغة التي نستكشف من خلالها كل قضية ومصدر قلق تقف عائقاً في طريق بناء ليبيا قوية وديمقراطية.

بالطبع، يسهل الحديث عن ذلك. ولكن ماذا عن التطبيق؟

ثلاثتنا من محبي البرامج الإذاعية طوال حياتنا. الإذاعة هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي يستطيع كل ليبي تقريباً الوصول إليها. كنا أثناء نشأتنا نصغي لبرامج عالمية من أي مصدر ومن كل مكان، نبحث عبر الطروحات المتنافسة للخبر نفسه محاولين تشكيل وجهة نظر خاصة بنا. لا تملك ليبيا حالياً لا الهيكل الاقتصادي ولا الاستقرار السياسي لإذاعة مستقلة قادرة على البقاء والتأثير. الإذاعات الأفضل تمويلاً في بلدنا هي تلك التي تسيطر عليها المصالح والفصائل السياسية. كنا نعلم أننا إذا توجهنا إلى هذه الوسائل الإعلامية بفكرتنا بشأن «حديث واعر» فسنصبح على الأرجح أدوات تخدم أجندتهم.

ولكننا كنا نريد بث برنامج إذاعي.

يمكن من خلال دمج اليوتيوب والفيسبوك إيجاد بث صوتي بسيط لأية فترة زمنية ونشره عبر الإنترنت. كل ما كنا بحاجة إليه هو ميكروفون وجهاز كمبيوتر محمول.

عرضنا بعض أهدافنا في حلقتنا الأولى: الضغط على المسئولين الحكوميين للتعامل مع مشاكل الدولة، البحث عن الحلول التي استُخدمت بنجاح في دول أخرى والتي قد تكون مفيدة هنا والحديث من خلالها، ورعاية التسوية الوطنية ووضع حد للجيوش الخاصة، وبالدرجة الأولى، عدم الكذب أبداً. شرحنا أن ليبيا أصبحت حرة، لأننا نؤمن أنها حرة وستبقى كذلك طالما استمرينا بالعمل بموجب ما نؤمن به.

ناقشنا في إحدى حلقاتنا المبكرة مع بعضنا موضوع الاحتجاجات والمظاهرات في الشوارع. هل باستطاعة الاحتجاجات أن تتحد في أجندة لما نريد أن نبنيه؟ أم هل نتفق فقط على ما نريد أن نهدمه؟ نحن لا نعرف الإجابات ولكننا نعرف أن الإجابات يجب أن تبدأ من خلال طرح الأسئلة.

تعاملت حلقة أخرى مع مفهوم «حكم القانون». قابلنا أصدقاء وغرباء، وسألناهم ماذا يعتقدون أن تعبير «حكم القانون» يعني. ثم قدمنا تعريفنا له: نظام يُعامَل فيه كل عضو في المجتمع بالمساواة بموجب قوانين عادلة يشرف عليها السكان كمجموعة.

يتنامى عدد المعجبين على الفيسبوك منذ بدايتنا. استخدمنا الفيسبوك للوصول إلى الناس. انضممنا على سبيل المثال أخيراً إلى مجموعة على الإنترنت تسمى مجتمع الثقافة القانونية (www.lawfulculture.net) تضم بالدرجة الأولى صحافيين عرب ملتزمين بنشر ثقافة احترام القانون والتسامح عبر العالم العربي. استفدنا من تجربتهم في تشجيع القيم الإيجابية من خلال العمل الإعلامي. جعلت مشاركات هذا المجتمع الإلكتروني مضمون بثنا الإذاعي أكثر قوة، ونشعر بالفخر لأن نكون أعضاء في مجلسهم.

هناك مؤشرات مبكرة على نجاح إصرارنا. حصلنا على أول فرصة عندما عرض علينا راديو ليبيا بث برامجنا. راديو ليبيا محطة صغيرة تسيطر عليها حالياً حكومة ليبيا الانتقالية. عرضَت بث برامجنا كاملة دون تقطيع، يعني بالنسبة لنا الكثير أن تكون لنا وسيلة نصل من خلالها إلى الشارع، فنشرك سائق السيارة وبائعي الشوارع وأي إنسان يريد أن يصغي. نؤمن أن هذه الفرصة تحقق التوازن الصحيح بين رغبتنا الحفاظ على استقلالنا وأملنا بأن ينمو جمهور مستمعينا.

هذه معركة صعبة، ولكننا لن نتوقف طالما أن عندنا جمهوراً يشاركنا رؤيتنا بمستقبل مشرق لبلدنا.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3494 - السبت 31 مارس 2012م الموافق 09 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً