العدد 351 - الجمعة 22 أغسطس 2003م الموافق 23 جمادى الآخرة 1424هـ

الاتحاد الجمركي بالمقلوب

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الخطاب الذي رفعه عدد من تجار الجملة في «السوق المركزي» إلى مدير إدارة الجمارك علي المحميد بشأن ارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات وإرجاع سبب ذلك إلى طريقة تنفيذ بنود الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون يثير التساؤل من عدة جهات.

فمن جهة يبدو أن الذين ينفذون بنود الاتحاد الجمركي لا يعرفون فلسفته؛ فالاتحاد الجمركي هو الذي خلق «الاتحاد الأوروبي» ووحَّد البلدان الأخرى في مختلف أنحاء العالم ورخص الأسعار وقضى على التكاليف التي يتكبدها التاجر والمواطن من دون سبب. هذا هو الأمر في مختلف أنحاء العالم، وهو السبب الرئيسي لإنشاء وحدة جمركية بين أية مجموعة من البلدان تسعى إلى تطوير اقتصادياتها. ومن جهة أخرى فإن الإجراءات التي نص عليها الاتحاد الجمركي الخليجي ألغت إجراءات أخرى كانت هي المعمول بها، وهذا ليس حسنا في حد ذاته إذا كان نتيجة ذلك ازدياد الأسعار.

الاتحاد الجمركي الخليجي اعتبر دخول أية بضاعة إلى أية دولة خليجية كأنه دخول إلى كل دول الخليج، وبالتالي تقوم الدولة الخليجية الأولى التي تدخلها البضاعة بإجراءات التفتيش. وهذا أمر حسن فيما لو كان الأمر بهذه البساطة، فالخضراوات والبطيخ وغيرها لا تتحمل الفتح عند الحدود الأردنية - السعودية، وتصبح فاسدة عند وصولها إلى البحرين. ولذلك فإن هذا الإجراء غير سليم وإن كان ينفذ قرارات الاتحاد الجمركي.

ولو كانت أوروبا تعمل بهذه الطريقة لحدثت لها المشكلة نفسها... والمسئولون في الدول الخليجية ينبغي أن يستعينوا بأفضل الإجراءات أو الإبقاء على ما كان معمولا به سابقا إذا لم يكن فيه أي ضرر على الاتحاد الجمركي.

هناك اتفاق دولي يحمل الحروف (TIR) وهو اختصار لاسم الاتفاق باللغة الفرنسية ومعناه أن الدول الموقعة على الاتفاق تسمح بمرور البضائع في أراضيها من دون تفتيش مادامت أقفال الحمولة قد ختم شمعها الأحمر في البلد الأول (الموقع على الاتفاق) وأن يتحمل البلد المتسلم للبضاعة (آخر محطة) تفتيش المحتويات. ولذلك فإن الحمولة التي يتم تصعيدها إلى بلد ما تستطيع أن تمر على عدة بلدان من دون أن تفتح مادامت الإجراءات المتبعة تلتزم بضوابط الاتفاق الدولي (TIR). وهذا لا يضر بالاتحاد الجمركي الذي ينص على أن دخول البضاعة في أي بلد خليجي يعني دخوله في كل دول مجلس التعاون. فيمكن للحمولة أن تلتزم بقرارات وضوابط دولية معمول بها وبالتالي تمر على الحدود الأردنية - السعودية من دون تفتيش وتصل إلى البحرين لكي تفتش، وذلك حماية للمواد المحمولة. ويمكن تطبيق هذا الإجراء على الفواكه والخضراوات فقط لكي لا تختفي من سوق البحرين بسبب التطبيق الحرفي لبنود الاتحاد الجمركي الخليجي.

يلزمنا أن نفهم الهدف من أي عمل قبل القيام به، وإلا فإن النتيجة هي تحقيق عكس ما نسعى إليه، وهذا ما يحدث حاليا بالنسبة إلى موردي الفواكه والخضراوات الذين وجدوا بضاعتهم تتلف وكلفة النقل تزداد إلى أكثر من الضعف... الاتحاد الجمركي حقق عكس هذه النتائج في كل مناطق العالم، فلماذا لم نوفق في الوحدة الاقتصادية الحقيقية التي تزيل القيود عن حركة البضائع والأشخاص والأموال ونغرق في الإجراءات المعقدة التي تلغي أي معنى للاتحاد الجمركي؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 351 - الجمعة 22 أغسطس 2003م الموافق 23 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً