العدد 3512 - الأربعاء 18 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ

الاستثمار الأجنبي في العراق يكتسب قوة دافعة أخيرا

حين قررت شركة رينج للضيافة ومقرها دبي بناء فندق ومجمع سكني بتكلفة 175 مليون دولار في مدينة كربلاء في العراق واجهت مشكلة شائعة أمام المستثمرين في هذا البلد وهي الحصول على التمويل. وتقول الشركة إنها تغلبت على المشكلة عن طريق بيع بعض الغرف مسبقا بنظام اقتسام الوقت للزوار الشيعة للمدينة وشركات السياحة ومستثمرين آخرين. وتجري أعمال البناء حاليا ومن المقرر إكمال المجمع بنهاية عام 2013.

وقال مناف علي الرئيس التنفيذي لرينج للضيافة "نظرا لأننا في العراق منذ 2009 فقد رأينا المشهد يتغير بطريقة درامية." وأضاف أن الأفق السياسي أصبح أكثر استقرارا ويمكن ملاحظة تحسن في الأمن والبنية التحتية من يوم لآخر. فبعد تسع سنوات من غزو الولايات المتحدة للعراق للإطاحة بصدام حسين ظهرت علامات على أن الاستثمار الأجنبي في البلاد بدأ أخيرا يكتسب قوة دافعة. ولا تزال هناك عوائق كبيرة. فرغم تراجع وتيرة العنف بعد أن بلغ الاقتتال الطائفي ذروته في 2006 و2007 لا تزال البلاد تشهد بشكل شبه يومي عمليات تفجير وإطلاق نار ينفذ العديد منها جناح تنظيم القاعدة في العراق ومجموعات سنية مسلحة. وبسبب انشغال حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي بالنزاعات الداخلية يشكو رجال الأعمال من أن الحكومة تقاعست كثيرا عن إقرار الإصلاحات القانونية التي من شأنها توضيح حقوق الملكية ودعم تنفيذ العقود. وتخوض الحكومة المركزية نزاعات مع إقليم كردستان شبه المستقل بشأن النفط والأراضي والسلطة. لكن مشروعات مثل فندق كربلاء تشير إلى أن العراق على أعتاب مرحلة مهمة يشعر فيها المستثمرون بأن النمو الاقتصادي المتسارع والإمكانات في هذه البلاد تفوق المخاطر وذلك في شتى القطاعات الاقتصادية وليس في قطاع النفط فقط.

وقال فاروق سوسة كبير الاقتصاديين المختصين بالشرق الأوسط لدى بنك سيتي الأمريكي "هناك اختلال شديد بين ثروة العراق المحتملة وبين وضعه الحالي من حيث السلع الاستهلاكية والبنية التحتية. "وحين تحدث الطفرة ستكون هائلة. والعديد من الناس يستعدون لذلك." ومعنى وجود هذه الثروة النفطية المحتملة في العراق أن بعض المستثمرين مستعدون لتحمل مخاطر أكبر بكثير مما يتحملونه في بلاد أقل حظا. وقال العراق الشهر الماضي إن إنتاجه النفطي تجاوز ثلاثة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى في أكثر من ثلاثة عقود. ويتطلع العراق لمضاعفة إنتاجه إلى مثليه على مدى السنوات الثلاث المقبلة ويهدف في المدى البعيد للوصول إلى 12 مليون برميل يوميا وهو ما قد يكون هدفا مفرطا في التفاؤل لكن بالرغم من ذلك من المتوقع أن يكون العراق أكبر مصدر في العالم لإمدادات النفط الجديدة في السنوات القليلة المقبلة. ومن المنتظر أن يدفع هذا معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات الباقية من العقد الحالي إلى مستويات لا تحلم بها معظم الدول حتى لو لم يقم العراق بمعالجة مشكلاته السياسية والقانونية. وبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.6 بالمئة على مدى ستة أعوام حتى 2010. ويعتقد صندوق النقد الدولي أن النمو بلغ 9.6 بالمئة في العام الماضي ويتوقع أن يتجاوز متوسط النمو عشرة بالمئة في خمسة أعوام حتى 2016 . ومن المتوقع أن يعزز هذا الوضع المالي للعراق بصورة هائلة مما سيسمح له بطرح عقود أكبر لإعادة الإعمار على المستثمرين المحليين والأجانب. ويتوقع صندوق النقد الدولي تضاعف قيمة صادرات النفط السنوية إلى مثليها تقريبا لتصبح 139 مليار دولار بحلول 2016 وهو ما سيحول عجز الميزانية التقديري البالغ 8.7 بالمئة في العام الماضي إلى فائض بنسبة 18 بالمئة بعد أربعة أعوام من الآن.

وقال سيتي في تقرير قدمه لمستثمرين صينيين محتملين في المنطقة "العراق قد يصبح من أصحاب أكبر الثروات السيادية في العالم." وتوقع ارتفاع صافي أصول الحكومة التي تبلغ حاليا سالب 50 مليار دولار لتصبح مركزا موجبا بقيمة 100 مليار دولار تقريبا بحلول 2020. وتتوقف هذه التوقعات على الاستقرار السياسي في العراق. ويقول شريف سالم مدير المحفظة لدى شركة أبوظبي للاستثمار التي تدير أحد صناديق الأسهم الأجنبية القليلة في البورصة العراقية إنه ينظر إلى ما هو أبعد من "التقلبات السياسية قصيرة الأجل" في نطاق زمني بين أربعة وستة أعوام من الآن. ويعكس أداء الصندوق منذ إطلاقه في أكتوبر تشرين الأول 2010 تقلبات الأوضاع السياسية في العراق. وفي يوليو تموز الماضي بلغت مكاسب الصندوق 26 بالمئة منذ إطلاقه أثناء موجة صعود شهدتها البورصة اثر نجاح المالكي في تشكيل حكومة ائتلافية. لكن الصندوق أنهى العام الماضي بمكسب قدره 15 بالمئة فقط إذ تزايدت المخاوف الأمنية مع انسحاب القوات الأمريكية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً