العدد 353 - الأحد 24 أغسطس 2003م الموافق 25 جمادى الآخرة 1424هـ

الكابتن الجابر: هل ستحتضن البحرين كلية للعلوم البحرية؟

أكد على جدواها الاقتصادية والسياسية...

الوسط - محرر الشئون الجامعية 

24 أغسطس 2003

هل ستكون مملكة البحرين الرائدة في انشاء كلية للعلوم البحرية التجارية والأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي؟ هل ستتبنى وزارة التربية والتعليم فكرة التعليم البحري التجاري وتجعلها حقيقة بتطبيق أول تعليم تجاري في مملكة البحرين والخليج العربي ؟

هذا كان محور اللقاء الذي أجرته «الوسط» مع الكابتن سلمان الجابر ربان أعالي بحار، صاحب فكرة انشاء كلية العلوم البحرية التجارية والذي عاصر هذا النوع من التعليم خطوة بخطوة في المملكة المتحدة، اذ تدرب كطالب متدرب في كلية (وايساش) للعلوم البحرية التجارية في المملكة المتحدة ثم تدرب على السفن التجاربة البريطانية حتى نال شهادة ضابط ثاني أعالي بحار ثم شهادة رئيس ضباط أعالي بحار ثم ربان أعالي بحار.

لماذا تقترح الآن بالذات انشاء كلية للعلوم البحرية التجارية في مملكة البحرين؟

- الفكرة كانت في مخيلتي منذ ان حصلت على شهادة ربان أعالي بحار كون الدراسة والمناهج بالامكان تطبيقها في مملكة البحرين. اذ ان الدراسة في المملكة المتحدة مكلفة ولا يستطيع تحملها الا من لديه بعثة من حكومته أو من احدى الشركات الملاحية، بينما لو كانت الكلية موجودة في مملكة البحرين فستكون في متناول الطلبة البحرينيين بالاضافة الى الطلبة الخليجيين وستكون مصاريف ورسوم الدراسة اقل بكثير من بريطانيا اذا اخذنا في الاعتبار ان الطلبة الاجانب يدفعون رسوم دراسة عالية جدا بالمقارنة مع الطلبة البريطانيين، ما يجعل كلية العلوم البحرية التجارية في مملكة البحرين تتميز على الاخرى بقرب المسافة لدى الطلبة الخليجيين والبحرينيين ورخص تذاكر السفر والمعيشة ما سيشجع الشركات الملاحية الخليجية وحكوماتها على ارسال طلبتها اليها وبعدد أكثر وسيدعمونها ماديا ومعنويا.

كذلك لابد من التحرك الآن وسريعا لتأهيل شباب بحريني مدرب في مجالات مختلفة ولاعمال تتخطى حدودها اسواق المملكة المتواضعة، وبمنتج مطلوب خليجيا وعالميا، وقبل ان تتحرك احدى الدول المجاورة لتبني هذه الكلية التي مملكة البحرين في أشد الحاجة إليها فنخسر السباق والمردود الاقتصادي والعلمي والعملي.

ماذا يتطلب لانشاء هذه الكلية من موازنة؟

- ان مردود هذه الكلية في ايجاد فرص عمل للشباب البحريني من خلال تدريبهم للعمل على السفن التجارية الخليجية والعالمية باعداد كبيرة، وما سيجلبه هؤلاء المتدربون والضباط والمهندسون البحرينيون من عملات صعبة تدخل في الاقتصاد الوطني الكبير، اذا قارناه بكلفة انشاء هذه الكلية البسيطة والتي ستلقى الدعم المادي من الشركات الملاحية العالمية فبالإمكان الحاق هذه الكلية باحدى كليات جامعة البحرين أو جامعة الخليج العربي للاستفادة من المحاضرات فيها، كدراسة الارصاد الجوية والفلك والرياضيات والفيزياء، فلم يبق الا مناهج علوم الخرائط البحرية والملاحة وبناء السفن، فبالامكان الاستعانة بأشخاص مؤهلين في هذا المجال من المملكة، كما هوالحال بالنسبة إليّ ولي الشرف الكبير في المساعدة في قيام هذه الكلية، وأجلب عددا قليلا جدا لا يتعدى الاثنين لتدريس هذه المواد من المملكة المتحدة.

كذلك يصبح الامر اكثر سهولة، اذا تم التعاون مع احدى الكليات البريطانية في هذا المجال للاعداد لها والتنسيق لقيامها. والتعاون أمر مهم جدا اذا اردنا الاعتراف بشهادة الكلية البحرية التجارية عالميا، اذ ان المؤهلات البحرية البريطانية هي الاعرق عالميا وذلك لافساح المجال للمتدربين والضباط والمهندسين والربابنة البحرينيين للعمل على عابرات المحيطات والسفن التجارية العالمية. ومن هذا المنطلق نرى ان الاسس المهمة موجودة الى قيام الكلية وبأقل كلفة، بل ان الكلية ستدعم نفسها ماديا.

ومن المفيد جدا لانشاء هذه الكلية بانها ستوفر على الشركات الملاحية الخليجية وهي كثيرة مبالغ كبيرة لتدريب طلبتهم فستدعم هذه الكلية ماديا لتدريب أطقمها كونها الكلية البحرية التجارية الوحيدة في منطقة الخليج العربي ومعترف بها عالميا.

أين سيتدرب وسيعمل هؤلاء الطلبة؟

- لابد من الاعتراف بأن هناك شركات بحرية خليجية عالمية كثيرة ومملكة البحرين شريكة في أكثر من شركة بالاضافة الى شركة الاحواض العربية (أسري) والموجودة في مملكة البحرين ما يهيئ مجالات كثيرة للتدريب والعمل. فعلى سبيل المثال شركة الملاحة العربية المتحدة شركة خليجية مساهمة ومملكة البحرين شريك في هذه الشركة فلو درسنا وضع هذه الشركة الوظيفي لوجدنا ان 95 في المئة من ضباطها ومهندسيها وربابنتها من الجنسية الاجنبية وهي الهندية والبلغارية بينما يغيب العنصر الخليجي عن المشاركة والعمل في قيادة هذه السفن، كذلك الشركة العربية لنقل البترول والتي تتمتع بالنسبة نفسها من العمالة الأجنبية.

كذلك هناك شركات خليجية عالمية كثيرة تعمل في مجال النقل البحري وتمتلك سفنا تجارية وناقلات نفط عملاقة بالاضافة الى الشركات العالمية الأخرى التي تتمنى توظيف عمالة خليجية على سفنها ما يسهل كثيرا من أمورها العملية وذلك لعملها في الموانئ الخليجية، كذلك هناك الشركات الملاحية الوطنية التي تتمنى الحصول على عمالة بحرية بحرينية مدربة لقيادة سفنها، ولكن للأسف الشديد تضطر لتوظيف العمالة الأجنبية لتسيير أمورها وذلك لغياب العمالة البحرينية المدربة، كذلك الشركة العربية لاصلاح السفن (أسري) والتي توظف عمالة أجنبية بنسبة عالية في الوقت الحالي.

من سيدفع مصروفات التدريب إلى هؤلاء الطلبة؟

- عندما تتبنى الشركات الملاحية الخليجية والعالمية وغيرها المتدربين تقوم بدفع راتبا شهريا حين يلتحق بسفنها ويعمل عليها وتهيئ له الشركة الملاحية متطلبات المعيشة بالاضافة الى التدريب حتى ينهي فترة التدريب ويجتاز الامتحان. بعد ذلك يعمل ضابطا بحريا مع الشركة المعنية ويتقاضى راتبا محترما بالاضافة الى الامتيازات الاخرى، لابد لنا ان ندرك انه حالما يوقع الطالب عقد التدريب مع الشركة فأنها تتكفل بجميع أموره العملية، ان فترة التدريب النظري قصيرة جدا وهي 3 أشهر ومتطلبات القبول الثانوية العامة، فبهذه الطريقة نكون قد وضعنا أعدادا كبيرة من الشباب على سلم العمل الوظيفي من دون ارهاق لموازنة المملكة لمتطلبات التدريب.

ان هذه السياسة التعليمية اعتمدتها المملكة المتحدة في تشجيع تعليمها البحري، حين دربت اعدادا كبيرة من الشباب البريطاني في علوم البحار وها هم الآن يعملون في كل ارجاء العالم بالاضافة الى مملكة البحرين لا يحملون معهم سوى رخصهم لقيادة السفن وغيرها من القطع البحرية.

ما الجدوى الاقتصادية والسياسية من هذه الكلية؟

- ان الجدوى الاقتصادية الاهم تكمن في ان هذه الكلية ستفتح المجال لكثير من الشباب للالتحاق بالعمل في البحر من خلال الشركات الملاحية الخليجية والعالمية التي تمتلك عابرات المحيطات وناقلات النفط ما سيخفف من اعداد الشباب العاطلين عن العمل بل وسيفتح سوقا جديدة للعمل، كذلك سيتقاضى هؤلاء العاملون في البحر رواتب ومخصصات بالعملة الصعبة سينفقونها في سوق المملكة.

ان هذه الكلية كونها الأولى في منطقة الخليج العربي سيوفد لها طلبة دول مجلس التعاون الخليجي مبعوثين اليها من قبل حكوماتهم وشركاتهم الملاحية ما سيعزز من موقع المملكة التعليمي والاقتصادي.

إما الجدوى السياسية فهي في غاية الاهمية ليس لمملكة البحرين فقط وانما لدول مجلس التعاون الخليجي عموما، فالكل يدرك ان دول مجلس التعاون متحدة في الامور الاقتصادية والسياسية والحربية، والكل يدرك مدى أهمية هذا الاتحاد سواء في الحرب أو السلم.

فعلى سبيل المثال ان شركة الملاحة العربية المتحدة مملوكة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي بينما نرى ان الطاقم الخليجي معدوم لقيادة سفنها وان جميع رواتب اطقمها الاجانب تذهب الى دول غير خليجية ولا تدخل في أي اقتصاد خليجي.

من المهم جدا ان نجتهد في تطقيم هذه الاساطيل الخليجية ربابنة وضباط ومهندسون خليجيون ولا يهم ان كانوا سعوديين، كويتيين، اماراتيين، عمانيين، قطريين أو بحرينيين، ونحن نعلم ان بعض الدول الخليجية لا يرغب مواطنوها في العمل في البحر وذلك لتوافر الوظائف الكثيرة والمغرية على اليابسة فبالامكان الاستعانة بالدول الخليجية الاخرى التي تعاني من البطالة كمملكة البحرين لفتح الباب لمتدربيها على العمل على السفن الخليجية والعمل عليها وقيادتها وستساعد كلية العلوم البحرية التجارية على تحقيق ذلك، اما نحن دول الخليج العربي فمصيرنا واحد سواء في الحرب أو في السلم.

هل سيتقبل الشباب البحريني العمل في البحر؟

- ان هذه الكلية ستفتح مجالا جديدا للعمل الكريم للعاطلين من الشباب، اذ المجال مفتوح للدراسة والعمل والترقي، وسيطلع المتدربون من خلال عملهم على السفن التجارية التي تجوب موانئ مختلفة على حضارات وشعوب العالم المختلفة، فلابد للشباب البحريني الاقدام على هذا العمل بكل جدية واصرار ولقد سبق للشباب البحريني ان عمل في هذا المجال ولكن للأسف الشديد فانهم قلة تكاد تعد على اصابع اليد، وان البحر ليس بغريب على الشباب البحريني فقد عمل آباؤهم واجدادهم في البحر وبظروف اصعب بكثير مما هو عليه الآن، وكان مصدر الرزق الوحيد لهم،

وعاشوا عليه سنوات طويلة وان الشباب البحريني يعرف البحر منذ نعومة اظفاره وتربى على شواطئه.

وفي الختام أملي ان أرى فكرة انشاء كلية العلوم البحرية التجارية ترى النور وتساهم في تخريج جيل جديد من الضباط والمهندسين والربابنة البحرينيين يجوبون موانىء العالم رافعين اسم مملكة البحرين عاليا في محيطات العالم وبحارة وينتعش سوق العمل في هذه المملكة العزيزة

العدد 353 - الأحد 24 أغسطس 2003م الموافق 25 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً