العدد 3537 - الأحد 13 مايو 2012م الموافق 22 جمادى الآخرة 1433هـ

حتى الآن يحاكمون الأطباء؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كانت الساعة الواحدة من ظهر الجمعة، حين تطلب من المضيفة نسخة من الصحيفة، بعد أسبوع من الغياب. فالتصفح اليومي السريع على شبكة الانترنت لا يغنيك عن النسخة الورقية المعتادة.

الأخبار الرسمية تجدها في كل وسائل الإعلام، أما الأخبار الخاصة ذات الصدقية العالية، فلا تجدها إلا عند الأطراف الإعلامية المستقلة، وهي التي تجلب لها الجوائز والتقدير العالمي، دون وساطة أو ممالأة أو استرضاء.

الخبر الثالث في عدد الجمعة... «محامون: اعترافات الأطباء انتُزعت تحت التعذيب... والمحكمة تصدر حكمها في 14 يونيو». وهو كما هو واضحٌ، وإن لم يكن واضحاً بالضرورة لبقية ركاب الطائرة، يتكلّم عن محاكمة مجموعة من الأطباء البحرينيين، من الجنسين، بعدة تهم من ضمنها احتلال أكبر مجمّع طبي في البحرين خلال الأحداث، «استناداً لأقوال شهود، وما تم ضبطه من أدوات اعتمد عليها المتهمون في السيطرة على المجمع بالقوة، والتقارير الفنية الخاصة بفحص هذه المضبوطات»، حسب الرواية الرسمية لوكالة الأنباء الرسمية (بنا).

الرواية الأخرى تذهب إلى أن المحامين فنّدوا جميع الاتهامات الموجّهة إلى موكّليهم، وانتزاع الاعترافات منهم تحت التعذيب، وتناقض الروايات حول العثور على أسلحة بمجمع السلمانية، وعدم وجود أي بصمات تثبت صلتها بالمتهمين.

مع الخبر أرفقت صورةٌ يظهر فيها طبيبان، وعلى بعد خطوات تظهر طبيبتان، ثم يظهر ثلاثة أطباء، من مجموع عشرين كادراً طبيّاً، يمثلون كوكبةً من ذلك الجيل الذي تلقى تعليماً عالياً، في العقدين أو الثلاثة الأخيرة، ممّن وجدوا أنفسهم فجأةً غارقين في معمعة السياسة، على خلفية الأحداث.

المؤكد أن هؤلاء كانوا من شهود المرحلة الحرجة، حيث استقبل «السلمانية» أعداداً كبيرةً من الجرحى والمصابين في شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، ووجدوا أنفسهم أمام حالاتٍ طارئةٍ يستوجب الضمير الإنساني القيام بواجب معالجتها، التزاماً بالقسَم الطبّي. هذه الحقائق التي تناولتها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية في تلك الفترة، لكنّ سرعان ما تغيّر المشهد وانقلبت الصورة، ليقدّمهم الإعلام المحلي في صورة المجرمين والمتآمرين. هذا الطاقم المكون من 5 طبيبات و15 طبيباً، قُدِّموا بعد أشهرٍ من الاعتقال إلى محكمة السلامة الوطنية، وحُكم عليهم بالسجن لمددٍ تتراوح بين 5 و15 عاماً.

هذه القضية أثارت ردود فعل خارجية كبيرة، وحصل الأطباء على تعاطف دولي واسع بسبب بعدها الإنساني الواضح. وبعد صدور تقرير لجنة بسيوني الذي شكّك في الكثير من القضايا والأحكام، أعيد هذا الملف للمحكمة من جديد، حيث تابع الرأي العام على مدى الأشهر الماضية، ما نشر من أخبار وتقارير في الصحف والإذاعات وقنوات التلفزة العالمية، حيث يُنتظر صدور الحكم منتصف الشهر المقبل.

هيئة الدفاع قالت في مرافعتها الأخيرة، إن وسائل الإعلام «تعمّدت تشويه سمعة الأطباء ومازال هذا الأمر مستمراً... والكادر الطبي حُوكم لأنه كان شاهداً على ما جرى من انتهاكات خلال الأحداث، ولأنهم أسعفوا المصابين خلال تلك الفترة»... وهو كلامٌ له وقعُه المؤلم على الضمير البشري.

كتبت أكثر من مرةٍ عن هذا الملف، وقلت ذات مرةٍ إني لو كنت مستشاراً لنصحت الحكومة بصدقٍ، بإغلاق هذا الملف نهائيّاً وفي أسرع وقت ممكن. فهو ملفٌ ثقيلٌ، وقضيةٌ خاسرةٌ لا يمكن الدفاع عنها بأيّ حال... لكن لا رأي لمن لا يُطاع... وكما قالت العرب في أمثالها: «لو يُطاع لقصيرٍ أمر»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3537 - الأحد 13 مايو 2012م الموافق 22 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 3:43 م

      الى الله المشتكى

      حسبنا الله ونعم الوكيل 0 والاطباء الشرفاء وسام شرف وفخر وسوف يسجل التاريخ مواقفهم المشرفة الوطنية الانسانية

    • زائر 18 | 10:38 ص

      الحمد لله على حلمه بعد علم

      ليس سرا أن هناك فرق بين الجهل والعصبيه. الا إن كان لا بدّ من العصبية، فليكن التعصب لمكارم الأخلاق .
      فهل أيذاء من يعالج الناس فيه اعتداء؟ وعلى من؟

    • زائر 17 | 8:39 ص

      دولة تحاكم كوادرها والمتنورين فيها ... ومن اجل ماذا لانهم قاموا بواجبهم الانساني.. كلنا رأينا مدى تفاني الاطباء في عملهم وراينا بام اعيننا نحن واخواننا مظلومية الاطباء وكيدية الاتهامات وتسييس المستشفيات وعسكرتها
      ايها الاطباء شكرا لكم

    • زائر 15 | 6:42 ص

      العظم الذي غصت به السلطه

      لن يستطيعوا أن يبلعوا هذا العظم الملائكي ولا أن يلفظوه لأن شوكة و شكايه لرب العباد المنتقم

    • زائر 11 | 3:12 ص

      طالت

      للاسف طالت السالفة ، يجب الانتهاء من هذه القصة اذا كانوا ابرياء فليصدر حكم بذلك واذا ثبت الاتهام عليهم فيجب ان يذهبوا للسجن

    • زائر 10 | 2:55 ص

      بلد تسيء الى أرقى فئات المجتمع

      الإطباء يعتبرون في كل الأمم من اصحاب المهن المقدسة العليا التي تتعلق بحياة بني البشر وهم لم يحصلوا على ما وصلوا اليه إلا لكونهم من أفضل الناس تحصيلا للعالم والمقدرة على التفوق وهذا بحد ذاته يجعل من أصحاب هؤلا العقول الفذة والنيرة محط انظار العالم بالتقدير والاحترام وان أي أمة تسيء الى هذا النوع من الناس فيه أمة لن تكون في يوم من الايام في مصاف الدول المتقدمة والمتحضرة.
      لذلك أقولها انتبهوا الى ما يحصل الى هؤلاء فقد انصفهم العالم ولم ينصفهم بلدهم
      الخطأ فادح في محاكمتهم فمتى نعي لهذا الخطأ

    • زائر 8 | 1:56 ص

      زمن عجيب غريب

      يسود فيه الجاهل على المتعلم ويأخذ مكانه الذي لا يعرف كيف يتصرف فيه لأنه ليس مؤهل له والا هؤلاء النخبة من الأطباء خارج عملهم يتنطعون بين وزارة العمل وبين المحاكم بينما من هو أقل شأنا منهم محترما يتبختر وكأنه انتصر على أعداء ، كما ان مرضى أولئك الأطباء الذين هم في حاجتهم يئنون ويندبون حظهم ، لأن هناك من يريد معاقبة هؤلاء الأطباء لمرض في نفسه وان كان ذلك على حسابهم ، الطبيب له كرامة ومنزلة في الحرب والسلم لأنه الذي ينقذ الأرواح ولكن لدينا الأية معكوسة فروح الطبيب هي المطلوبة اليوم .

    • زائر 6 | 1:27 ص

      الأطباء سيخرجون رابحين

      بقدر ما يحزنني فتح هذا الملف وعدم سماع الحكومة لرأي شخص قصير كما قلت لكنني أشفق على زملائهم في المهنة وأرثي حالهم وكيف مات ضميرهم وأغمضت عينهم عن الحق وكيف يهنئون في أكلهم ، الأطباء سيخرجون منتصرين من معركتهم آجلا أم عاجلا ولكن من سخر نفسه لتشويه سمعة زملائهم وطمع في مناصبهم وساعد على إهدار دماء الشهداء فذلك كيف يعيش سعيدا وينام قرير العين وهو يعلم علم اليقين إنه ظلم زميله ورماه بالباطل وكيف سيبرر لأينائه ما فعله ، الكذب حبله قصير وسيظهر الحق وسيخجل من رماهم بالباطل وسيدفن رأسه في التراب لاحقا.

    • زائر 5 | 1:26 ص

      لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم

      الله يفرج عنهم

    • زائر 4 | 1:25 ص

      شكرا لكم

      المشكلة اننا في بلد يخون ابناء جلدته الاخر وليش يغلق الملف على العكس يطالب الاطباء بتعويض ورد اعتبار على ما يجري بحقهم من انتهاكات

    • زائر 1 | 11:28 م

      الاطباء دليل صدق المطالبات

      الكادر الطبي يستحق التكريم و ليس المحاكمه!؟

اقرأ ايضاً