بثقة المبصرين؛ قدّم الطفل الكفيف حفل ختام مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الرابعة، كانت تلك ترجمة واضحة لأهداف المهرجان التي سعت إلى تقديم جو طفولي نموذجي للتفكير والتعبير والابتكار أيضاً. فبالإضافة إلى مساحة المعرض التي فسحت لدور النشر العربية والأجنبية، تركت مساحة أخرى - بالحجم نفسه تقريباً - لينثر الأطفال من كل العالم إبداعاتهم بالرسم أسوة بالفنانين الكبار في المعارض التشكيلية للمحترفين، وترى اللوحات المتسلسلة في خطوط واضحة جميلة تعجز عن تصديق أنها من صنع مبدعين صغار وترجمة لأفكار بريئة تشبه طفولتهم.

واشتمل المعرض على فعاليات وبرامج إبداعية تعد الأولى من نوعها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وتهدف إلى الارتقاء بفكر الطفل وتنمية احتياجاته الثقافية والفنية ومناقشة مختلف القضايا المتعلقة بأدب الطفل وصناعة كتابه النموذجي، كما تشير بذلك الورش المصاحبة للمهرجان والتي استقطبت فيها أسماء عربية وعالمية مثل الفرنسيين مانو باسيت وفابريس رينو، ومدرب عرض الإضاءة الحديثة نزار القمري من تونس أرينج إريكسون من السويد ووفاء المزغني من تونس في دنيا الأفلام. ولم يغفل المهرجان عن ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إذ أقيمت ورشة «فن الأوريجامي» التي أقامها الفنان المصري أسامة حلمي، والأوريجامي هو واحد من أجمل الفنون اليابانية الذي يقوم بتصنيع جميع الأشكال باستخدام الورق وهو أكثر من مجرد هواية فهو فن شعبي وجزء من الثقافة اليابانية منذ مئات السنين، ويساعد هذا الفن على تعليم الأطفال بعض المهارات والحقائق والقواعد الرياضية والهندسية وأيضاً شغل أوقات الفراغ واكتساب بعض المعلومات. ولفن الأوريجامي سحر خاص ومميز يمكن من طي أشكال عديدة بدون لصق أو قص، واستهدفت هذه الورشة ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم والمكفوفين.

كما قام مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الرابعة باستحداث «جائزة الشارقة لكتاب الطفل»، وهدفت هذه الجائزة إلى تشجيع الكتّاب والأدباء وغيرهم من المبدعين ذوي العطاء المتميز على إنتاج أعمال رفيعة المستوى في مجالات أدب الطفل، ويكون من شأنها تنمية قدرات الطفل الأدبية والثقافية، وخلق الوعي الأدبي لديه، وإثراء المكتبة العربية بالأعمال الأدبية الخاصة بالطفل.

وقررت إدارة المهرجان منح الجائزة سنوياً في مجالات الطفل للكتب العربية للفئة العمرية من (3-5)-(6-8)-(9-13) والكتب الأجنبية للفئة العمرية من (7 إلى 13) سنة. وفيما يتعلق بالفئة المستهدفة لهذه الجائزة ستكون لدور النشر من خلال اختيار أفضل كتاب طفل للعام، وذلك بالترافق مع مراجعة منجز هذه الدار من كتاب الطفل عطفاً على معلومات مسبقة ومعيارية، والفئة الأخرى ستكون للمؤلفين؛ إذ يتشارك المؤلف والفنان بالنص التحريري والنص البصري. ولما كانت قيمة الجائزة المادية 15 ألف درهم إماراتي لكل حقل، وضعت شروط ومعايير للجائزة منها أن يكون العمل منفرداً وجديداً بموضوعاته، وألاّ يكون الكتاب قد مضى على نشره أكثر من سنتين، كما يجب ألاّ يكون الكتاب قد فاز من قبل بجائزة محلية أو عربية أو أجنبية، ويراعى في الكتب المرشحة الالتزام بحقوق الملكية الفكرية، وتستبعد الأعمال المترجمة أو المقتبسة، كما تستثنى السلاسل والكتب التعليمية أو العلمية المباشرة ويجب تحديد المرحلة السنية الموجه لها الكتاب في استمارة التقدم للمسابقة. وبعد اجتياز كل الشروط المطلوبة يتم تقييم الأعمال المقدّمة بمعرفة لجان التحكيم من أفضل الخبرات والخبراء في هذا المجال.

الأمر الملفت هو قيام المهرجان بتسمية جائزة أخرى معنية لذوي الإعاقة البصرية، وكما هو واضح من مسمّى الجائزة تستهدف فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة المكفوفين، آخذة بمعايير تؤمّن تحقيق الهدف النبيل وتقديم جائزة متفردة في أهدافها ومقاصدها، وأهمية إطلاق هذه الجائزة كجزء من مرئيات رسالة المعرض، ولمتابعة استحقاقات ما بعد الإشهار والتحكيم والفوز، بإصدار الكتب الفائزة وتسويقها عالمياً.

كما اشتمل البرنامج الفكري لمهرجان الشارقة القرائي الذي أشرف عليه فريق مختص على العديد من الفعاليات الثقافية، التي تزيد على 200 فعالية ثقافية موجهة للطفل وعلى أنشطة تعليمية تعرض بطريقة شيّقة للطفل، وعروض مسرحية وترفيهية بمشاركات عالمية لأكثر من 35 جهة تقدّم عروضاً شيّقة وهادفة لإيصال رسالتها الفكرية والمعرفية التي تخاطب عقول الأطفال على اختلاف أعمارهم، وقد شاركت مؤسسات المجتمع المدني ووزارة التربية والتعليم ومنطقة الشارقة التعليمية، إضافة إلى إدارة المتاحف في إثراء قيمة الكتاب لدى الطفل وقيمته المعرفية في عالمه.