العدد 3549 - الجمعة 25 مايو 2012م الموافق 04 رجب 1433هـ

هل فوتت جائزة البوليتزر موسم التغيير في الشرق الأوسط؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كنت قبل بضعة أيام في مدينة أنقرة، أناقش مستشاراً كبيراً لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. سمعت أثناء حديثنا صوت انفجار خارج مكتبة، بدا وكأن أحداً أطلق رصاصة من بندقية بالقرب منا. غنيّ عن القول إنني جفلت، ولكن صديقي ومساعده بقيا هادئين. قال صديقي: «إنها مجرد قنبلة صوتية». يبدو أن أموراً كهذه تقع كل يوم. وقفنا بالقرب من النافذة نشاهد سيارات الشرطة المسرعة ونصغي لأصوات صفاراتها. هدّأتُ من روع قلبي المرتعب قائلاً: «استرخِ... إنها أنقرة وليست كابول أو بغداد».

الانفجارات أمر عادي في عالمنا. أصبح العنف، وبالذات العنف الفاضح جزءاً كبيراً من حياتنا بحيث أصبحنا بطريقة ما نحتفل به.

كان مسعود حسيني، وهو مصور صحافي أفغاني يلتقط صوراً في معبد بكابول يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول 2011 عندما سمع هو أيضاً انفجاراً مدوّياً. أصبح بعد لحظات قليلة من الصدمة يصوّر طفلة عمرها عشر سنوات، اسمها ترانا أكبري تقف وسط مجموعة من القتلى من الرجال والنساء والأطفال. كان مفجّر انتحاري قد فجّر نفسه في معبد شيعي بكابول وقتل 70 شخصاً. كانت روح ترانا وعدسة مسعود حسيني شاهدتين على هذا الواقع الدامي.

حصلت إحدى الصور التي التقطها مسعود حسيني لترانا على جائزة البوليتزر. يستحق أناس مثل حسيني كل جائزة يمنحهم إياهم المجتمع للخدمة التي يقدّمونها ولشجاعتهم. فالقصص التي يسردونها اليوم تصبح تاريخنا في المستقبل.

ولكن على رغم أهميتها، لا أشعر أن الصورة تستحق جائزة البوليتزر اليوم. ليست مشاعري متعلقة بإنجازات حسيني وإنما بالقضايا الأوسع التي تلعب دورها في تحديد ما نقدّره ونثمّنه.

هناك مثل يقول إن الصورة تساوي ألف كلمة. والصور التي تحصل على جوائز هي سرد كامل لقصة ما. أصبحت صورة حسيني اليوم حلقة جديدة في افتتان الغرب بأهوال العالم المسلم. أستطيع أن أفهم أن الطبيعة الدرامية للصورة تجعلها مرشحة قوية للجائزة، ولكن القصة وراء الصورة لا تستحق التكريم هذه المرة.

تقرر جوائز مثل الأوسكار والنوبل والبوليتزر كيف نؤطّر التاريخ. تعترف هذه الجوائز بالجدارة، ولكنها كذلك مؤشرات سياسية وتعكس كيف يرغب الغرب بفهم العالم وتصويره. تشكّل جائزة نوبل للسلام التي مُنِحت للرئيس باراك أوباما العام 2009 واحداً من هذه الأمثلة المدهشة التي تذكّرنا بأن هذه الجوائز هي سرد بأكمله وليس مجرد جائزة. لم يفعل الرئيس أوباما وقتها سوى القليل ليستحق الجائزة، ولكن نصره في انتخابات العام 2008 اعتبر من قبل الكثيرين وعداً بأن الطرح الأميركي حول الشئون العالمية سيتغير ويشجّع السلام في العالم، وهي رسالة تعززها تلك الجائزة.

إلا أنه وفي العام 2011 لم يكن السرد الأبرز هو الإرهاب وإنما البحث عن الديمقراطية. لم يبرز العام 2011 بسبب العنف الإسلامي بل كان مميزاً بسبب الصرخة المسلمة الجماعية من أجل الحرية والتحرير: الربيع العربي. تستحق صور ميدان التحرير المليئة بالحماسة والوعد والأمل، الاعتراف بها أكثر من صور نتائج تفجير القنابل، وما بعد سقوط الصواريخ وهجمات الطائرات بدون طيار.

أعتقد أن لجنة جائزة نوبل للسلام العام 2011 واكبت قوة اندفاع التاريخ من خلال الاعتراف بدور النساء صانعات السلام، فمنحت الجائزة لغيلين جونسون سيرليف وليما غبووي من نيجيريا وتوكّل كرمان من اليمن. إلا أنه ولسوء الحظ، غاب موسم التغيير هذه السنة عن جائزة البوليتزر.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3549 - الجمعة 25 مايو 2012م الموافق 04 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً