العدد 3550 - السبت 26 مايو 2012م الموافق 05 رجب 1433هـ

المحروس: عبدالله الخان معجم الصورة في البحرين (1-2)

خلال تدشين «دفتر اللؤلؤ»

الخان مع فريق تصوير آخر رحلة غوص في البحرين - أغسطس 1964
الخان مع فريق تصوير آخر رحلة غوص في البحرين - أغسطس 1964

ضاحية السيف - منصورة عبدالأمير

يستعد الروائي والفوتوغرافي، حسين المحروس، لإطلاق رابع مشاريعه التي تُعنى بالتاريخ البصري للبحرين قريباً، هذه المرة عبر كتاب يحمل اسم «عبدالله الخان، معجم العين»، يقول المحروس، إن العد التنازلي للانتهاء منه بدأ بالفعل» ويضيف «فيه سيرة المصور الفوتوغرافي عبدالله الخان الفوتوغرافية، مقدَّمة بشكل جديد ومختلف فيما يطرح من كتب السيرة الذاتية».

الخان والمحروس وقّعا ثالث كتب مشروع «التاريخ البصري للبحرين» خلال أمسية نظمت في صالة الرواق أواخر شهر أبريل/ نيسان الماضي. حمل الكتاب اسم «دفتر اللؤلؤ»، اشتمل على 190 صورة تناولت قصة الغوص وتاريخه، اختارها المحروس من بين مئات الصور كان الخان قد التقطها عبر مراحل زمنية مختلفة، جمعت لتصف هيئة مهنة الغوص، تفاصيلها، صفاتها، الحركة فيها، هيئة الجلوس واللباس والسكن، عملية سحب الغواص وفتح المحار، قصص، مصطلحات، أغاني، تراث، احتجاجات، خرافات، سير غواصين، أماكن، كتب.. إلخ.

«الوسط» حاورت المحروس بشأن «دفتر اللؤلؤ»، ومشاريعه مع الخان التي تنطلق تحت مشروع «التاريخ البصري للبحرين» وبشأن عملية التوثيق في البحرين، ما لها وما عليها.

كيف كانت بدايات مشروع «التاريخ البصري للبحرين»، المشروع الذي يقف وراء هذه الكتب، وما الذي تحقق منه؟

- يتناول المشروع موضوعات بصرية مختلفة ويهتم بصور عبدالله الخان بالتحديد، فهذا الرجل هو الذاكرة البصرية العميقة الممتدة إلى الأربعينيات وهو يمتلك أرشيفين، أرشيفه الذي يبدأ من أول سنوات حمله للكاميرا في العام 1945 تقريباً حتى الآن، وأرشيف والده محمد الخان وهو مصور مهنته التصوير الفوتوغرافي بكل ما يعنيه التصوير الفوتوغرافي في تلك الفترة.

بدأ المشروع في العام 2005 بتمويل خاص من «بيت البحرين للتصوير» الذي أسسه الخان نفسه. أول كتاب عملنا عليه كان «المحرق لؤلؤة البحرين» وقد واجهتنا حينها بعض الصعوبات في التعامل مع الصورة القديمة. كانت علاقتي به جديدة وكان لابد من فهم متبادل لنبدأ بداية صحيحة. بداية تهتم بحركة الصورة في داخله واهتمامه بها وأهداف إطلاقه لمشروع من هذا النوع. كذلك كنت بحاجة لأن أقيس مدى قدرتي على أن أشتغل معه وأن أتعامل مع المخزون الكبير من الصور الفوتوغرافية التي يملكها. تذللت الأمور شيئاً فشيئاً عبر تواصل سليم وعملي جداً بسب خبرته في الحياة.

تجربة المحروس مع الخان بدأت منذ تنظيم المحروس لأول معرض لصور الخان تحت عنوان «الضوء عيون». كان ذلك في العام 2003، مركز الفنون احتضن المعرض، والمحروس بدأ حينها كتابته الأولية لسيرة الخان الذاتية لتصاحب المعرض. ضم المعرض بانوراما من الصور المختارة لمواقع مختلفة في البحرين.

يقول المحروس: «بعد المعرض، ظلت علاقتي بالخان عادية حتى العام 2005 عندما وجدته يستعين بي لفكرة المشروع الأول كتاب تاريخي بصري عن المحرق. «المحرق لؤلؤة البحرين»، الذي استغرق العمل فيه عامين».

عامان كاملان؟ هكذا أسأل المحروس فيقول: «يعتقد البعض أن مثل هذه الكتب لا تحتاج لأكثر من ستة شهور لكني احتجت تلك المدة ليس لإصدار الكتاب أو إعداده أو البحث في موضوعاته وإنما لخلق جو من التفاهم بيني وبين الخان أيضاً. كنا نؤسس لما يشبه الشراكة الإنسانية، كنا بحاجة لأن ندخل مجموعة من التجارب لتتضح هذه العلاقة التي أفتخر بها في حياتي. هذا ما يفعله التصوير في الإنسان يجعله قريباً من الناس، ولما في داخلهم. وكأنّ كلّ لقطة قريبة منهم».

ويواصل المحروس «استغرق العمل على الكتاب الثاني «ديمقراطية 73.. الشعب في التجربة» مدة اقصر لأني بدأت أعرف الخان جيداً وسارت لأمور بيننا بشكل واضح وبدأنا نتفاهم بشكل يجعلنا قادرين على إكمال مشروع ما، بشكل يجعلنا راضين عن هذا المشروع».

لهذا احتاج المحروس مدة أقل لإنجاز ثاني كتبه، قرابة العام والنصف، ويتذكر قائلاً: «كانت تجربة العمل على الكتاب الثاني جميلة جداً وفريدة. اضطلعت خلالها وللمرة الأولى على ملف بصري بهذا الحجم الكبير حول تجربة المجلس التأسيسي وتجربة برلمان 73».

يقول المحروس، إن اضطلاعه على هذه التجربة بهذا العمق «أزال عني كثيراً من البديهيات حول التجربة، لقد بدأ كثير من تقديسي للتجربة يتلاشي لأني قرأت مضابط المجلس التأسيسي كلها ومضابط البرلمان، وزالت عني فكرة اعتبار التجربة متكاملة وأنها لا تتكرر. سمعت الكثير عن هذه التجربة وحين اقتربت بدأت كل الأمور التقديسية حولها تزول. القرب يكشف دائماً. هذا مبدأ فوتوغرافي».

«دفتر اللؤلؤ»، وهو التجربة الثالثة للمحروس والخان، كانت تجربة أسرع، يقول المحروس: «استغرق العمل على الكتاب أقل من عام على رغم أن البحث فيه كان أكبر من الكتابين الأول والثاني، كما إن عملية القراءة والاطلاع فيه أكثر، فقد احتجت أن اطلع على الكثير من الكتب وأجريت العديد من اللقاءات واقتربت من عدد لا بأس به من التجارب الحية أو الميدانية بشكل أكبر بكثير مما فعلت في الكتابين الأوليين».

حال تسلم المحروس لملف صور مشروع ما مع الخان تبدأ لديه عملية الإعداد له والبحث فيه «أبحث في كيفية إخراج الصور بشكل مختلف تماماً عن أي مشروع بصري آخر، كما أعد الكيفية التي يمكنني من خلالها التركيز على الصورة أكثر من أي شيء آخر في هذه الكتب وذلك لإعطاء الصورة حقها وإعطاء الخان مكانته التي تليق به باعتباره مصوراً قديراً وخازناً للتاريخ البصري للبحرين. وفي الحقيقة فإن هذا الهاجس يلازمني بشكل دائم حين إعداد هذه الكتب، وهو أن هذا الرجل تمّ إهماله بشكل كبير من قبل المؤسسة الثقافية وللأسف الشديد بشكل متعمّد، والدليل على ذلك أنه حاول عدّة مرات أن يقيم علاقة مع المؤسسة الثقافية عبر رأسها وقدّم خدمات كثيرة لهذه المؤسسة بشكل واضح لا يمكن أن ينكره أحد وكان يبادر دائماً لتقديم مشاريع ينفق على بعضها مئات الدنانير، ويقدّمها لرأس السلطة الثقافية لكن ردة الفعل تأتي باردة مهملة وقد لا تأتي. إنهم لا يعرفون قدر هذا الانسان، ربما لأن وزيرة الثقافة منشغلة بلببنة الثقافة وفرنستها».

لكن كيف يشتغل المحروس على أرشيف الخان وكيف يتعامل معه؟

- مع الخان، يبدأ المشروع عادة باقتراح منه وقد يكون مني لكن لا يتم اقتراح المشروع إلا حين يكون هناك من الصور ما يرسم صورة تحيط بالفكرة. هو مصور توثيقي لكنه حين فعل ذلك ويفعل ينفي التفاته لما سيفعل بهذه الصور في المستقبل. حدثني قال: «لم أكن أعرف إنني في يوم من الأيام ستأتي هذه الصور على هيئة كتب أو سيكون لها شأن». الخان يدرك أهمية الأرشيف وأهمية الصور. نبدأ بجمع الصور التي قد تكون موجودة في ملف واحد مثل ملف كتاب البرلمان أو المجلس التأسيسي، نتدارس الفكرة، تليها مرحلة التفكير في الشكل الذي سيكون عليه المشروع. قد أضع أكثر من تصور يرجح واحد منها. وقد يحدث أن نبدأ في مشروع ما لكننا نوقف العمل عليه ونبدأ مشروعاً آخر، نتحمس له بشكل أكبر أو لأننا نعتقد أنه سيأخذ وقتاً أقصر أو لأن الوقت مناسب لتقديمه. بصراحة يشبه هذا العمل ممارسة الطبخ!

كتبك التوثيقية لأعمال الخان، هي توثيق لتاريخ معيّن يستتبعه توثيق للخان أو العكس. أيهما يهمّك بالدرجة الأولى، تاريخ الخان، أم تاريخ البحرين؟

- يحدث الاثنان معاً. ما يحدث هو إنني لا أحتاج لأن أتحدث عن تاريخ الخان وأدائه البصري، فالصور تحكي إنجاز هذا الرجل البصري. إن خروج الكتاب يمثل إنجازاً من إنجازات الخان البصرية وتبقى بعدها مساهمتى المتواضعة.

كيف تصف مشاريعك هذه، هل هي مشاريع بصرية أم إنها سرد تاريخي أو روائي لتاريخ البحرين من زوايا مختلفة؟

- يتوقف ذلك على طبيعة الصور المستخدمة وعلى كل مشروع، فالكتاب الأول كان توثيقياً بالدرجة الأولى وكان علينا أن نبحث عن أسماء الأشخاص والصور التي التقطها الخان في المحرق في الفترة ما بين العام 1945 والعام 2007. الكتاب كان يشبه كتابة سيرة المحرق بصرياً من أحياء وعمارة وتراث وعادات ومقاه ومهن، المحرق من الجو، تاريخ التعليم والصحافة فيها، الجسور والنخيل والمصايف. كان يتحدث عن المحرق بشكل بصري لذلك فإن اللغة التي يحتاجها هذا النوع من الكتب هي لغة توثيقية ليس أكثر. بالطبع يمكن طرق هذا الموضوع من جانب آخر لكني وجدت أن اللغة التوثيقية هي المناسبة.

الكتاب الثاني كان التركيز فيه على المفردات البرلمانية والسياسية، الكتابة من خارج المشروع كانت محدودة فيه، وقد اعتمدت على مضابط المجلسين والمضابط تضبط! وكل ما كتب في الصحافة في هذه الفترة. استخرجت كل الوثائق وحرصت على أن تكون كلها لديّ بقدر الإمكان في وقت الكتابة. تواصلت مع برلمانيي 73 وسجّلت تجاربهم أيضاً. وهكذا كانت لغة الكتاب سياسية ذات علاقة باللغة البرلمانية.

الكتاب الثالث مختلف تماماً في لغته، فهو يتحدث عن اللؤلؤ وهو مرتبط بمهنة صعبة جداً وبمواويل وأغان وخرافات وبالمرأة وعذابات الغيص. اللغة هنا مختلفة وهي أكثر سعة وقريبة ويمكن المزج فيها بين التوثيق واللغة الأدبية. في هذا الكتاب انطلقت بشكل أكبر من الكتابين السابقين؛ إذ شعرت أنه قريب جداً من الإنسان، ومن محنه وكدحه».

في هذا الكتاب، يشير حسين إلى أنه استفاد بشكل كبير من قدراته في كتابة الرواية. كان فيه روائياً بقدر ما كان باحثاً توثيقياً. أسأله إن كان لذلك أي علاقة باختيار للنصوص والمواءمة بينها وبين الصور، فيقول: «ربما للأمر علاقة باختياري النصوص وطريقة تركيبي لها على الصور»

ويضيف «لا أتصور روائياً ليس له علاقة بالبصريات، وفي رأيي أن الروئي إنسان بصري في الدرجة الأولى ولا معنى له من غير ذلك. الصورة معينه ومصدره الكتابي».

العدد 3550 - السبت 26 مايو 2012م الموافق 05 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:51 ص

      ثنائي الخان والمحروس

      موفق الفوتوغرافي القدير عبدالله الخان في مشاريعه المستمرة مع الفوتوغرافي الروائي الرائع حسين المحروس، فإذا ظلمت مؤسسة الثقافة الخان
      فإن المحروس قد أنقذه واحتواه وأنصفه وباركه وأرخه بشكل ولا أروع منه.

      وكل عمل مشترك بينهما يأتي أجمل من الذي قبله.


      تحياتي
      فضيلة الموسوي

اقرأ ايضاً