العدد 3553 - الثلثاء 29 مايو 2012م الموافق 08 رجب 1433هـ

التدخل الدولي ضد سوريا بات مطروحا لكنه غير محتمل على المدى القصير

اعتبر محللون ان الحديث عن تحرك دولي ضد النطام السوري لوقف حمام الدم النازف في هذا البلد يهدف في الواقع الى زيادة الضغوط على روسيا والصين لان حصول هكذا تحرك هو امر مستبعد في المدى القصير.
والثلاثاء اعاد الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند التأكيد على التعهدات التي قطعها خلال حملته الانتخابية، بقوله ان "تدخلا مسلحا (في سوريا) ليس مستبعدا" لكن بشرط ان يتم في اطار الامم المتحدة.
وتعليقا على هذا التصريح قال المحلل ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إريس) ومقره باريس ان كلام هولاند هو "اعادة تأكيد للقانون الدولي وهي لا تكلف الكثير، فكما نعلم لا الصينيين ولا الروس سيصوتون على مبدأ التدخل العسكري" في سوريا.
ومنذ اكثر من عام تقف موسكو وبكين سدا منيعا في وجه اي محاولة في مجلس الامن لاستصدار قرار يدين نظام الرئيس السوري بشار الاسد، وبمعنى آخر فان مظلة الامم المتحدة التي يريد الرئيس الفرنسي الاستظلال بها لتغطية اي تحرك ضد سوريا غير متوفرة، أقله على المدى القصير.
وبالفعل فقد سارعت موسكو الى تفريغ كلام الرئيس الفرنسي من معناه، بقول نائب وزير الخارجية الروسي اندري دينيسوف ان "الحديث عن تدخل خارجي ينم عن عواطف سياسية اكثر منه عن تقييم وتحليل ومقاربة وازنة" للوضع.
وبالنسبة الى العديد من الخبراء فان الحديث عن تدخل دولي يأتي في الوقت الذي تبدو فيه الصين بصدد اعادة النظر بموقفها، كما يأتي بعدما وافقت موسكو على صدور ادانة من مجلس الامن لمجزرة الحولة.
وبحسب فرنسوا هيسبورغ من مؤسسة الابحاث الاستراتيجية (اف ار اس) فان بكين تأمل في اعادة توجيه بوصلة وارداتها النفطية من ايران الى دول الخليج العربية وبالتالي يتعين عليها تليين موقفها من الملف السوري. اما روسيا، الحليف الدائم لنظام الاسد، فهي "في عزلة متزايدة (...) وهي بصدد خسارة مواقعها في العالم العربي".
ويضيف المحلل "هذا هو الوقت المناسب للبدء باللعب على تغير الموقف الصيني وبالتالي الروسي في الوقت الذي لا تزال فيه جذوة التمرد متقدة. وهذه خطوة ذكية اذا ما كانت تندرج في اطار لعبة زيادة الضغوط".
ويوافقه في هذا التحليل دونيه بوشار من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (ايفري) بقوله انه "في هذه المرحلة فان التكتيك يقتضي ممارسة الضغوط على روسيا" التي سيصل رئيسها فلاديمير بوتين الى باريس الجمعة.
وبالنسبة الى هؤلاء الخبراء جميعا فهم يستبعدون بالكامل ان يحصل في سوريا ما حصل في العراق في 2003 اي غزو بري، او ما حصل في ليبيا العام الماضي اي ضربات جوية تؤدي الى اسقاط النظام.
ويقول فرنسوا هيسبورغ "بالمقابل فان دعم ايصال اسلحة ومعلومات استخباراتية الى المتمردين -وهو امر يمكن القيام به دون حاجة الى قرار من مجلس الامن- و/أو اقامة مناطق آمنة على طول الحدود التركية السورية بموجب قرار من المجلس، هو امر ممكن ولكننا لم نبلغ هذه المرحلة بعد".
وهناك العديد من حلفاء باريس الذين يرفضون فكرة التدخل عسكريا في سوريا.
وفي هذا الاطار قال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الذي سيلتقي الاثنين في برلين نظيره الفرنسي لوران فابيوس انه "من وجهة نظر الحكومة الالمانية ليست هناك اسباب تدعو الى التفكير بخيارات عسكرية" بشأن سوريا.
بالمقابل فان بلجيكا دعت الاربعاء الى اقامة "مناطق آمنة" في سوريا تتولى حمايتها "قوة دولية"، في حين ابدت استراليا استعدادها لاجراء مشاورات تؤدي الى تحرك عسكري دولي في سوريا، كما اعلن وزير خارجيتها بوب كار.
ولكن الفيلسوف برنار-هنري ليفي الذي كان له دور كبير في اسقاط نظام العقيد معمر القذافي اعتبر ان الخطوة التي اقدم عليها فرنسوا هولاند بحديثه عن احتمال التدخل عسكريا في سوريا هو "بداية جيدة" ولكن "غير كافية".
وفي تصريح لاذاعة اوروبا-1 قال الكاتب الذي بقي خلال الاشهر الماضية بعيدا عن التطرق الى تطورات الوضع في سوريا "آمل ألا نبقى نسمع كلاما ولا نرى افعالا"، مذكرا بان حلف شمال الاطلسي لم يبال بالامم المتحدة عندما تدخل لانقاذ كوسوفو من القوات الصربية في 1999.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً