العدد 3559 - الإثنين 04 يونيو 2012م الموافق 14 رجب 1433هـ

أميركا اللاتينية... التخوم الجديدة في العلاقات بين المسلمين واليهود

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لم تتأثر الجاليات المسلمة في أميركا اللاتينية حتى فترة وجيزة بالحركة المتنامية خلال السنوات الخمس الماضية لدعم وتقوية التواصل والتعاون بين القادة اليهود والمسلمين والناشطين على مستوى الجذور في أميركا الشمالية وأوروبا. إلا أن هذا الانعزال قارب على الانتهاء الآن.

لدى اليهود والمسلمين تاريخ طويل في أميركا اللاتينية. هناك إثباتات على أن اليهود والمسلمين الهاربين من محاكم التفتيش رافقوا المستكشفين الإسبان والبرتغاليين في رحلات الاستكشاف إلى الأميركتين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. نمت الجاليتان في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نتيجة للهجرة الواسعة لليهود من أوروبا الشرقية والمسلمين من الدول العربية.

شكّل أصحاب الأعمال اليهود والمسلمين منذ فترة طويلة عوامل مباشرة لإطلاق اقتصادات البرازيل والأرجنتين، وإلى درجة أقل أوروغواي وتشيلي وغيرها من دول أميركا اللاتينية، وحافظوا أحياناً على علاقات أعمال وعلاقات شخصية وتعاونية مع بعضهم بعضاً.

إلا أنه وحتى فترة وجيزة، لم يكن هناك سوى جهد محدود من قبل قادة المجتمعين لبناء علاقات بين الجاليتين. وربما يكون من بين الأسباب أن المجتمعات المسلمة في أميركا اللاتينية مكونة بالدرجة الأولى من مسلمين من الدول العربية، بمن فيهم اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون، الذي يميلون لأن يكونوا أكثر تردداً في الانخراط مع الجالية اليهودية خارج منشور النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مقارنة بالمسلمين من الدول غير العربية.

إلا أن ذلك التردد بدأ يتلاشى في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. أصبح قادة الجاليات العرب والمسلمين أكثر قلقاً من مخاطر الإرهاب الإسلامي المتنامية، بينما شعر قادة اليهود في أميركا اللاتينية بالضعف بعد عدد من الحوادث البارزة ذات الطابع المعادي للسامية. بدأت كلا المجموعتين مبدئياً بالتواصل مع الجالية الأخرى مدركة أن إنشاء تلك العلاقة يصب في مصالحهما المتبادلة.

أدى ذلك الوعي بأربعة عشر قائد يهودي ومسلم من خمس دول من أميركا اللاتينية وجزيرتين من الجزر الكاريبية لقبول دعوة للمشاركة في بعثة للقادة اليهود والمسلمين من أميركا اللاتينية إلى واشنطن العاصمة، استضافتها مؤسسة التفاهم الإثني والجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية. بادرت المنظمتان بهذه البعثة بهدف تعريف القادة المسلمين واليهود من أميركا اللاتينية بالجهود الريادية لتقوية العلاقات بين المسلمين واليهود في أميركا الشمالية وأوروبا، والتي انخرطت بها المنظمتان منذ العام 2007.

بعد يومين من الاجتماعات في أواخر شهر مارس/آذار مع مسئولين أميركيين كبار، وكبار القادة اليهود والمسلمين الأميركيين، عاد أعضاء الوفد الأميركي اللاتيني إلى أوطانهم، إلى البرازيل والأرجنتين والبيرو والإكوادور وأوروغواي وبربادوس وسانت كروا، وقد عقدوا العزم على إطلاق عملية حوار وتعاون بين الجاليات المسلمة واليهودية في أنحاء أميركا اللاتينية.

وافق هؤلاء القادة كذلك على المشاركة للمرة الأولى في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في عطلة نهاية الأسبوع من التوأمة، وهو حدث عالمي مسلم يهودي برعاية مؤسسة التفاهم الإثني والجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، يعقد في كل شهر نوفمبر منذ العام 2008. في نوفمبر 2001، تشارك أكثر من 250 مسجد وكنيس وغيرها من المنظمات المسلمة واليهودية مع بعضها البعض في مناسبات مشتركة في مدن عبر أميركا الشمالية وأوروبا ومناطق أخرى من العالم. وعلى رغم وجود اعتراف من قبل كل من المشاركين اليهود والمسلمين من أميركا اللاتينية في البعثة بأنهم سيواجهون معوقات من جانب أعضاء من جالياتهم، من الذين يشعرون بالشك من التعاون مع «الآخر»، كان هناك إجماع بأنه في مصلحة كلا الجانبين أن يتم فتح سبل التواصل بشكل مستمر. وقد انعكس ذلك في بيان مشترك صدر في نهاية زيارة البعثة يؤكد على الالتزام ببناء «علاقات مسلمة يهودية صلبة في بلادنا ومجتمعاتنا وجالياتنا، لنظهر لشعبينا وللعالم كله أن باستطاعة المسلمين واليهود العمل معاً بشكل مثمر لصالح الجميع، وفي الوقت نفسه بناء روابط الصداقة والثقة».

بحسب الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، الشيخ محمد يوسف حلار من الأرجنتين فإن «هذه البعثة مهمة جداً للمستقبل، لأنها ستبدأ عملية تقوية الروابط ليس فقط بين المشاركين فيها وإنما بين جاليات المسلمين واليهود في كل أنحاء أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي».

كذلك علّق الحاخام دانيال غولدمان من بيونس آيريس بالأرجنتين بأن المجموعتين يجب أن تكون لهما «قضية مشتركة» من «الوقوف معاً لمحاربة الإرهاب الإسلامي والعداء للسامية وكل أشكال التعصب الأعمى».

عموماً، كان هناك شعور ملموس بين المشاركين بأن بناء علاقات مثمرة بين المسلمين واليهود في أميركا اللاتينية ليس بالمهمة المستحيلة التي اعتقدها البعض. أظهروا بالطبع تفاؤلاً حذراً بأن الكثيرين في جالياتهم يمكن أن يلهمهم الوعي بأن تقوية العلاقات بين المسلمين واليهود وضع يربح فيه الجميع ويعمل لصالح مجتمعات أميركا اللاتينية المتنوعة التي يعيش فيها اليهود والمسلمون جنباً إلى جنب.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3559 - الإثنين 04 يونيو 2012م الموافق 14 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً