العدد 3567 - الثلثاء 12 يونيو 2012م الموافق 22 رجب 1433هـ

الباكستانيون يتعاملون مع تحدّيات التنمية بهدوء وفاعلية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

حدد استطلاع أجري في مايو/ أيار 2012 لصالح خدمة الـ «بي بي سي» العالمية، يطلب من المستَطلعين تصنيف تأثير دول معينة على العالم كإيجابي أو سلبي، حدد الباكستان، ومعها إيران وإسرائيل وكوريا الشمالية، على أنها واحدة من الدول المصنفة أكثر سلبية.

بالنسبة للأقاليم الباكستانية المصابة بالفقر الشديد، عنت هذه النظرة شدّ الأحزمة على البطون بالنسبة للمانحين الغربيين الذي لا يثقون بالحكومة الباكستانية وقدرتها على توزيع المعونة، ووكالات التنمية الغربية التي وجدت العاملين لديها عرضة للتهديدات.

شكّل اختطاف خليل ديل وهو مسلم بريطاني يعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأخيرة في سلسلة من أحداث كهذه نتج عنها تفكير عمال الإغاثة الدوليين وقف عملياتهم.

إلا أنه كان لباكستان كذلك التمييز المثير للفضول بتصنيف أثرها هي على العالم كسلبي.ربما يفسر انتقاص الذات هذا النجاحات الأخيرة للمنظمات الباكستانية غير الحكومية في المناطق الريفية القبلية (خاصة في أوساط النساء)، حيث نادراً ما يتم تغطية التهديدات من الكوارث الطبيعية والنزاعات العسكرية والجرائم التي تبدو لا نهاية لها، إعلامياً.إنها تستحق ذلك.

خذ على سبيل المثال فيضانات العام 2010 التي غمرت خُمس أراضي الباكستان بالمياه. وقع معظم الدمار في وادي سوات. وقد أسس برنامج سرهد للدعم الريفي هناك سلسلة من مشاريع مياه الشرب، ليس بقيادة بيروقراطيين من عاصمة أجنبية وإنما من خلال حشد القرويين اجتماعياً، والذين قاموا بتشكيل منظمات مجتمعية لإدارة العملية ووضع الأولويات.

بعد تقديم خيارات مثل الانسياب مع الجاذبية أو المضخات اليدوية أو قنوات أو المجاري وأرصفة الشوارع، تتجمع قرى بأكملها فيما يسميه برنامج سرهد «حواراً ثالثاً»، حيث تم تشكيل لجان تدقيق وصيانة لتوافق على المشاريع.كان هذا الشعور بملكية المشاريع حاسماً لنجاح المشروع على المدى البعيد. من حيث الكفاءة، أفاد 33 مشروعاً 3630 أسرة تضم ما يزيد على 25,000 فرد بكلفة نحو 30-80 دولاراً لكل أسرة.

وإلى الجنوب وفي واحدة من أفقر أقاليم الباكستان، بدأت منظمة دعم السِنْد الريفي برنامج صندوق الاستثمار المجتمعي لتوفير قروض للنساء الفقيرات. وكما هو الأمر بالنسبة لمشروع السوات، تدير النساء المشروع بشكل جماعي، توزعن القروض الاستثمارية على نشاطات مدرّة للدخل فقط.يبني ذلك الثقة والقدرات لدى النساء الريفيات الفقيرات، اللاتي يتم أحياناً تجاهل اهتماماتهن من قبل الذكور كبار السن.

وحتى يتسنى ضمان توزيع عادل للأموال، قامت منظمة السند الريفي بتطوير «بطاقة تسجيل» فريدة تستخدم عشرة مؤشرات بسيطة يستطيع العاملون الميدانيون جمعها والتأكد منها واحتسابها يدوياً وعلى الورق وفي الوقت نفسه. باستخدام هذه الأساليب، قامت المنظمة بتوزيع ما يزيد على أربعة ملايين دولار على 15868 قرية داخل السند، الأمر الذي أثّر إيجابياً على 44684 من أفقر المستفيدين.

تم تنسيق العديد من هذه المنظمات أو إلهامها من قبل باكستانيين اثنين بالذات.

الأول هو الدكتور أخطار حميد خان، الريادي في مجال التنمية الريفية، الذي طوّر خطة تنمية زراعية العام 1959 اسمها «نموذج كاميلا»، يتم فيها تحفيز الانتاج من خلال تعاونيات على مستوى الجذور. ألهمت خان اتحادات الائتمان الريفية لفريدريش فيلهلم رايفاسن، رائد التعاونيات الإنمائي. يدين التوجه من الأسفل إلى الأعلى الذي استخدمته منظمتا السند وسرهد الريفيتين لتنفيذ أعمال الإغاثة بالكثير لهذه الجهود من أجل تكييف نماذج التنمية الغربية لبنية الباكستان الريفية الفريدة.

أما الشخص الثاني، وهو شعيب سلطان خان، فقد تدرّب على يد الدكتور خان، وهو يترأس شبكة برامج الدعم الريفي، التي نسّقت الكثير من هيئات التنمية الباكستانية المستقلة منذ تأسيسها العام 1982.أصبحت الشبكة منذ ذلك الوقت أكبر المنظمات غير الحكومية في الباكستان، وقد عينت شاندانا خان رئيسة تنفيذية لها، والتي سميت أخيراً واحدة من النساء المئة اللاتي قمن «بهزّ» باكستان في مجلة «النيوزويك».

في العام 1994، طلب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من شعيب تدريب سبع دول أخرى في جنوب آسيا، بما فيها الهند. بحلول العام 2011 أعلنت الهند عن خطط لإنفاق 5 مليارات دولار (ومعها مليار من البنك الدولي)على برامجها الخاصة بإلهام من شبكة برامج الدعم الريفي في 12 مقاطعة، مما يعود بالفائدة على 350 مليون شخص.هذا التعاون بين الأعداء التقليديين هو أمر مشجع.

وعلى رغم ترشيح شعيب سلطان خان العام 2009 لنيل جائزة نوبل، ومخاطبة الجمعية العمومية مرتين حول هذه الأمور، لا يعرف سوى قلة خارج الباكستان أو حتى داخلها بهذا العمل. ولكن هذا العمل مهم الآن أكثر من أي وقت مضى إذ تواجه منظمات باكستان غير الحكومية دعماً متناقصاً من المانحين الغربيين. وقد أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنها ستخفّض عدد البرامج التي تدعمها في الدولة (مع الإبقاء على الإنفاق الحالي). إلا أن لجنة التخصيصات الفرعية في مجلس الشيوخ الأميركي والخاصة بالعمليات الخارجية صوّتت على قطع المعونة عن الباكستان إلى نصف ما وعد به الرئيس أوباما للسنة القادمة. ومع تناقص احتمالات الاعتماد على المعونة الخارجية، يعود الأمر إلى المنظمات غير الحكومية المحلية مثل هذه لملء الفراغ.

تثبت منظمات كهذه، ومعها منظمات الباكستان المحلية التنموية الريفية أن الباكستان يملك القدرة على حل مشاكله الخاصة، ويعطي الإلهام من خلال ذلك للعالم.يستحق الباكستان دعمنا.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3567 - الثلثاء 12 يونيو 2012م الموافق 22 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً