العدد 3569 - الخميس 14 يونيو 2012م الموافق 24 رجب 1433هـ

الانتقال الديموقراطي في مصر مهدد عشية انتخابات رئاسية حاسمة

بدت عملية الانتقال الديموقراطي في مصر مهددة بشكل كبير الجمعة غداة إبطال المحكمة الدستورية نتائج انتخابات مجلس الشعب التي فاز فيها الاخوان المسلمون الذين يواجه مرشحهم للانتخابات الرئاسية محمد مرسي السبت احمد شفيق احد وجوه النظام السابق الذي ينظر اليه كرجل المجلس العسكري الحاكم.
ووصف اسلاميون ونشطاء قرار المحكمة الدستورية إبطال نتائج الانتخابات التشريعية بسبب عدم دستورية مواد في القانون الانتخابي الذي جرت بموجبه، بانه "انقلاب" حقيقي دبره الجيش.
ويتيح حل مجلس الشعب للمجلس العسكري الاعلى استعادة السلطة التشريعية كما كانت الحال خلال الفترة التي تلت الاطاحة بحسني مبارك في شباط/فبراير 2011 وانتخاب برلمان جديد في بداية 2012.
واعتبرت مجموعة من القوى اليسارية والليبرالية والعلمانية المصرية ان ما حصل هو "سيناريو انقلاب عسكري (...) اعده المجلس العسكري منذ شباط/فبراير 2011 لتصفية الثورة" متمثلا في "مسلسل البراءات لقتلة الثوار والذي انتهى بالحكم المشين لابناء مبارك ومساعدي حبيب العادلي بالبراءة ثم (...) قانون الضبطية العدلية لافراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية وانتهاء بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون العزل وحل مجلس الشعب".
واضافت هذه القوى في بيان ان "كل هذه الاجراءات المتتالية كشفت عن ان المجلس العسكري قائد الثورة المضادة، عازم على اعادة انتاج النظام القديم وان الانتخابات الرئاسية مجرد مسرحية هزلية لاعادة انتاج نظام مبارك" وان "الفترة الماضية استغلها المجلس العسكري للسيطرة على مفاصل الدولة وتفعيلها لصالح مرشح النظام السابق احمد شفيق".
ووصفت صحيفة التحرير (مستقلة) ما جرى بانه "انقلاب بالقانون" في حين كتبت صحيفة الشروق (مستقلة) ان ما حدث يعني "العودة الى 24 يناير 2011 اليوم السابق لاشتعال الثورة" على نظام مبارك، مضيفة انه اذا ما تبع ذلك فوز احمد شفيق "فان مصر بعد اعلان النتيجة خلال يوم او يومين ستعود الى قبضة النظام القديم بالكامل مع بعض التغييرات الديكورية".
ويقول بعض الخبراء ان العسكريين، الذين يتولون السلطة منذ شباط/فبراير 2011، كان لديهم متسع من الوقت لترتيب اوراقهم واعداد استراتيجيتهم حتى لو اضطروا لاخفائها خلف احكام قضائية مثيرة للجدل.
ويؤكد خليل العناني المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في جامعة دورهام البريطانية ان "ما يحدث الان جزء من خطة شاملة للمرحلة الانتقالية وضعها العسكريون الذين يحاولون منذ ما يقرب عام ونصف العام امتصاص صدمة الثورة".
وتابع "بدأوا بالشباب والان يهاجمون الاخوان المسلمين".
ورغم كل ذلك فان مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي اعلن انه يحترم قرار المحكمة الدستورية التي سمحت ايضا لمنافسه احمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك بالبقاء في سباق الرئاسة من خلال حكمها بعدم دستورية ما يعرف بقانون العزل السياسي الذي كان يستهدف رموز النظام السابق او "الفلول" كما يعرفون في مصر، بغرض استبعادهم من ممارسة السياسي لعشر سنوات.
واكد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب ان شعب مصر الذي انتخب بكل شفافية نوابه "قادر على انتخاب اشخاص آخرين يحمون مكتسبات الثورة من الذين يريدون مصادرتها".
وفي تصريحات مساء الخميس لقناة دريم الفضائية المصرية الخاصة، قال مرسي "نحترم احكام المحكمة الدستورية" مضيفا "احترم حكم المحكمة الدستورية العليا من منطلق احترامي لمؤسسات وسلطات الدولة ومبدأ الفصل بين السلطات واعتبرها واجبة النفاذ",
لكنه اكد انه "غير راض" عن الحكم بعدم دستورية قانون العزل.
واضاف في اشارة غير مباشرة الى احمد شفيق ان "الشعب المصري ضد محاولات اعادة انتاج النظام" ورأى ان "العزل الشعبي والرفض الشعبي اقوى من العزل القانوني".
وركز شفيق، الذي حل ثانيا في الدور الاول من الانتخابات الرئاسية في ايار/مايو، حملته الانتخابية على استعادة الامن وكثف في الايام الاخيرة وعوده "باعادة بناء دولة واقتصاد حديثين" واطلاق مشاريع كبرى لامتصاص البطالة وضمان الحريات الشخصية وحرية الصحافة.
وينظر الى الفريق المتقاعد شفيق من قبل معارضيه باعتباره مرشح الجيش الامر الذي ينفيه هذا الاخير.
ونشرت القوات المسلحة 150 الفا من افرادها في مختلف المحافظات المصرية لتأمين مقار اكثر من 13 الف مكتب اقتراع "لمنع حدوث مخالفات واعمال الشغب التي من شأنها اعاقة العملية الانتخابية ومنع المواطنين من الادلاء باصواتهم"، وحذرت من انها ستتصدى "بحزم وحسم لكل من يمنع المواطنين من اختيار رئيس مصر القادم"، بحسب مصدر رسمي.
كما تساهم القوات المسلحة في نقل القضاة المشرفين على الانتخابات بطائرات عسكرية الى المحافظات البعيدة.
وانتهت الحملة الانتخابية منتصف نهار الجمعة وبدأت اثرها فترة الصمت الانتخابي.
ومن المقرر اعلان النتائج الرسمية للانتخابات في 21 حزيران/يونيو.
ولتشجيع الخمسين مليون ناخب المسجلين في القوائم الانتخابية على الاقبال على التصويت، قررت السلطات يومي السبت والاحد عطلة رسمية مدفوعة الاجر. واعلنت وزارة الداخلية خطة امنية تحسبا لاي اضطرابات محتملة.
وفيما اعربت واشنطن الجمعة عن "قلقها" حيال قرار المحكمة الدستورية العليا، اعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني حفض تصنيف مصر الائتماني.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند للصحافيين "نحن قلقون حيال قرار المحكمة امس (الخميس) الذي سيؤدي الى حل (هيئة) منتخبة ديموقراطيا".
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون دعت مصر الى عدم العودة عن المسار الديموقراطي.
وقالت "لا يمكن العودة الى الوراء في ما يخص الانتقال الديمقراطي الذي يطالب به الشعب المصري".
واعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الجمعة خفض تصنيف مصر الائتماني بالعملات الاجنبية من "بي بي-" إلى "بي+" بسبب الغموض السياسي الذي يخيم على مستقبل البلاد، مع نظرة مستقبلية سلبية.
وقالت الوكالة في بيان ان تصنيف مصر بالعملة المحلية خفض من "بي بي" إلى "بي+" كذلك، موضحة ان قرار المحكمة الدستورية العليا الغاء الانتخابات التشريعية وحل مجلس الشعب يعزز حالة الغموض التي تشهدها المرحلة الانتقالية في مصر.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً