العدد 3581 - الثلثاء 26 يونيو 2012م الموافق 06 شعبان 1433هـ

التدريب الجديد للأئمة جيد لألمانيا وللإسلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

صرح الرئيس الألماني كريستيان وولف قبل عامين أن الإسلام جزء من ألمانيا، مما أوجد صخباً وجلبة بين المحافظين من أتباع حزبه، حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي». بعد ذلك وفي تحدٍ للمنطق، صرح رئيس ألمانيا الجديد يواكيم غوك في فترة مبكرة من هذا العام أن المسلمين هم جزء من ألمانيا، ولكنه لا يستطيع القول أن الإسلام جزء من ألمانيا.

ولكن بوجود ما يزيد على أربعة ملايين ألماني مسلم، ومبدأ الحرية الدينية المقدس في دستور الدولة، كيف يمكن للإسلام ألا يكون جزءاً من ألمانيا؟

يجري وراء الأحداث اتخاذ خطوات حاسمة مؤسسياً لجعل الإسلام جزءاً أكثر تكامل في ألمانيا. قبل عامين، رشح المجلس الألماني للعلوم والعلوم الإنسانية تعليم علوم الدين الإسلامي في الجامعات الألمانية، ومعه تدريب للأئمة وعلماء الدين. شكّل ذلك خطوة حاسمة نحو إيجاد إسلام ألماني أصيل، مما يثبت أن الثقافة الألمانية والهوية الإسلامية لا يختلفان بالضرورة.

وعبر الدولة، يقوم الشباب الألمان المسلمون بتحديد كيف يشكل الإسلام جزءاً من ألمانيا، وكيف يستطيع أن يكون ذلك في المستقبل.

على سبيل المثال، أسّست زينب المصرار، وهي امرأة ألمانية من أصول مغربية مجلة «غزال»، وهي مجلة موجهة نحو المرأة الألمانية من خلفيات ثقافية متنوعة. كما أطلقت نعمت صقر، وهي امرأة ألمانية من أصول تركية أخيرا مجلة «آفاق»، وهي مجلة حوار فكري حول قضايا ذات علاقة بالمسلمين في ألمانيا. كما تم امتداح أحمد ميلاد كريمي، الفيلسوف والشاعر المولود في أفغانستان لترجمته للقرآن الكريم إلى اللغة الألمانية.

وفي العام 2006 أسس صانعو السياسة الألمان المؤتمر الألماني حول الإسلام بهدف تشجيع التعاون بين الدولة الألمانية والمسلمين. أشار المؤتمر إلى أن الألمان المسلمين يجب أن يشعروا أنهم في وطنهم في ألمانيا، كمسلمين وكألمان.

يقوم الجدل حول الثقافة المسلمة والدين والهوية بين المسلمين الشباب، ويلعب البرنامج التدريبي للأئمة دوراً مركزياً في الحوار.

«إذا أخذنا بالاعتبار حقيقة أن المسلمين يقيمون هنا منذ 50 عاما، فإن هذا القرار مرحّب به بشكل كبير»، يقول بولند أوشار، أستاذ تعليم الدين الإسلامي بجامعة أوسنابروك.

وفي العام 1945 أقام نحو 6000 مسلم في ألمانيا. واليوم يزيد هذا العدد على 4 ملايين، ثلثاهم من تركيا أو من أصول تركية نتيجة لاتفاقية العمال الضيوف الموقعة العام 1961 من قبل تركيا وألمانيا. يملك نحو 55 في المئة من جميع المسلمين في ألمانيا الجنسية الألمانية.

من بين ما يزيد على 2000 إمام يعملون بنشاط في ألمانيا، فإن 80 في المئة منهم من تركيا. ولأن هؤلاء الأئمة يفتقرون إلى المعرفة باللغة الألمانية والثقافة الألمانية، ولأنهم متأصّلون بشكل عام بفهمٍ محافظٍ للإسلام، فإن عملهم المجتمعي يشكل أحياناً عائقاً أمام تكامل المسلمين في المجتمع. من الصعب لديهم فهم القضايا التي تواجه المسلمين الذين تأسّسوا جيداً في ألمانيا.

«حان الوقت للأساتذة الدينيين والأئمة وعلماء الدين المسلمين لأن يتدربوا هنا في ألمانيا. يجري تدريس العلوم الإسلامية اليوم في الجامعات، على قدم المساواة مع المسارات اليهودية والبروتستانتية والكاثوليكية»، يقول أوتشار.

التحدي الرئيسي الذي يواجه هذه البرامج هو دمج تعاليم التقاليد الإسلامية مع المعايير الأكاديمية والتربوية الغربية. عمل تأسيس العلوم الدينية الكاثوليكية والبروتستانتية كمواضيع جامعية في ألمانيا على رعاية الإبداع وانتقاد الذات في الدراسات الدينية المسيحية. وتوفر هذه العملية نموذجاً ذا علاقة بالعلوم الدينية الإسلامية.

«لست متأكداً أننا سنحصل على مديح عالمي لما نفعله، ولكن ذلك بالتأكيد سيطلق حواراً»، يقول الأستاذ ماثياس روهة، أبرز الخبراء الألمان الأكاديميين في الشريعة الإسلامية الذي ساعد كذلك على إنشاء برنامج العلوم الدينية الإسلامية في الجامعة. يمكن لتوفير بيئة أكاديمية مهنية لتطوير الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية أن يوفّر أسلوباً جديداً للألمان المسلمين للمشاركة في الجدل الفكري العالمي حول ماضي الإسلام وحاضره ومستقبله.

أما في المعاهد الأربعة المؤسسة حديثاً في العلوم الدينية الإسلامية، فيقوم الطلبة بالتحاور حول مواضيع مثل العلوم الدينية الإسلامية النسوية، وإعادة اكتشاف علماء الدين الإسلامي الذين طواهم النسيان، والدراسة التاريخية الناقدة للمخطوطات الإسلامية أو دور اللغة والنصوص والمنطق في تفسير القرآن الكريم وتعاليم الرسول محمد (ص) وأعماله.

رغم الحواجز التعليمية السابقة للمسلمين الألمان الشباب الراغبين في أن يكونوا قادة دينيين، هناك الآن جيل جديد من الطلبة المسلمين في ألمانيا ممن يتمتعون بالثقة بالذات والتدريب الجديد والحماسة لإعادة اكتشاف التسامح والتقاليد الدينية التعددية ومدارس الفكر، ونتيجة لذلك، إعادة تعريف ما يعنيه أن تكون مسلماً في أوروبا القرن الواحد والعشرين.

إضافة إلى ذلك، ومن خلال تثقيف الجمهور الألماني، كأئمة في المساجد ومدرسين في المدارس وأساتذة في الجامعات، بل وحتى كخبراء في الإعلام، حول كيف يتماشى الإسلام يداً بيد مع الديمقراطية، فإنهم سيثبتون أن الإسلام دون شك جزء من ألمانيا.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3581 - الثلثاء 26 يونيو 2012م الموافق 06 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً