العدد 3595 - الثلثاء 10 يوليو 2012م الموافق 20 شعبان 1433هـ

الخروج من الحلقة المفرغة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ماذا لو اكتشفت الحكومة البريطانية أو الكندية أو اليابانية أن 20 في المئة من شعبها مصابٌ بمرض وراثي؟

وماذا كان سيفعل وزير الصحة لو ارتفع عدد الوفيات بسبب المرض في فترته من اثنين إلى ثلاثة أشخاص شهرياً؟ وهل ستتجرأ صحيفةٌ متخلفةٌ في التلاعب بعقول قرائها، فتحوّل تهمة التقصير من وزارة الصحة إلى فئة رجال الدين أو الرياضيين أو ممثلي السينما؟

لكن هذا ما يحدث في أكثر الملفات الصحية تعقيداً في البحرين. فملف مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) يمرّ بكل هذه الأطوار، رغم أنه مرضٌ تعود جذوره فيها إلى خمسة آلاف عام.

هذا الملف قضيةٌ إنسانيةٌ وليست سياسية، ولا ينبغي تسييسه على الإطلاق. وأغلب ضحاياه يدفعون ضريبة عامل الوراثة، التي لا يتحكم فيها أحدٌ منا، ومن الحكمة معالجته بروح إنسانية بعيداً عن المهاترات. وحين نكتب فإنّما نكتب للتأثير والدفع بالموضوع إلى ما يستحقه من اهتمام، ويهمنا أن يتحوّل إلى قضية رأي عام من أجل تغيير هذا الواقع المر، فترد وزيرة الصحة السابقة وعضو مجلس الشورى ندى حفاظ بعرض وجهة نظرها، وتجتمع مجموعة من النواب، أحدهم مصابٌ بالمرض وتعذر أداؤه القسم بسبب نوبة حادة أدخلته المستشفى... للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في جوانب الخلل والإهمال في وزارة الصحة التي تنتقدها جمعية مرضى السكلر.

أغلب الضحايا اليوم يدفعون ضريبة قرونٍ من تراكم المرض في هذه البقعة البحرية من العالم، قبل أن يكتشف مندل قوانين الوراثة. وحين دشنت وزارة الصحة الفحص قبل الزواج، قبل خمسة عشر عاماً، كان ذلك اختيارياً وغير ملزم.

لا يمكننا أن نلوم من هم فوق الخمسين لغياب الوعي الصحي حينها، ولكن مع بداية انتشار الوعي بالأمراض الوراثية لدى الجيل الأربعيني، يتغيّر الأمر، رغم حدوث بعض حالات التشخيص الخاطئ في بدايات التجربة. ولكن بعد صدور قانون «الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين»، (2004)، بدأ الأطباء بتوضيح مخاطر إنجاب أطفال مصابين أو حاملين للمرض للمقبلين على الزواج. والواقع أن عدداً من هؤلاء يقدمون على هذه المخاطرة عن سابق عمد وإصرار بدافع الحب وغلبة العاطفة، وهم يعلمون بالمأساة التي سيورثونها للجيل اللاحق. وهذا القانون لا يمنع الزواج، ولكنه يفرض توقيع إقرارٍ من الطرفين على تحمل المسئولية، وعدم تلقي أطفالهما المصابين العلاج في المستشفيات الحكومية. وسيبقى هذا الباب ثغرةً تستمر من خلالها إعادة إنتاج المأساة البشرية.

إحدى طبيبات العائلة تصف مرض السكلر بأنه دورة مغلقة من الآلام والحياة المتنقلة بين المستشفى ومهدئات الألم. وتقول إن هناك آمالاً في تقليل نسبة توريث المرض، بمنع مثل هذه الزيجات قانونياً، وفي حال تعذر ذلك ينبغي تجنب الإنجاب، أو السعي للحصول على علاج «اختيار الأجنة»، وإن كان مكلِفاً، لتجنب مثل هذه المآسي في الأجيال اللاحقة. وتضيف: «في الكثير من الدول صدرت قوانين تتعلق بهذا الجانب، ففي إيران مثلاً كانوا يعانون من مرض الثلاسيميا، خصوصاً في سواحلها الجنوبية، وبمنع الزواج بين حاملي المرض تم تخفيض نسبة الإصابة إلى حد كبير».

لا يمكن لوم من هم فوق الخمسين، لكن الجيل الجديد المقبل على الزواج، ينبغي أن يفكّر ألف مرةٍ عن مسئوليته المباشرة عن إنجاب ذريةٍ تقضي بقية حياتها في المستشفيات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3595 - الثلثاء 10 يوليو 2012م الموافق 20 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 10:09 ص

      نحن بحاجه لفتوى

      الفتوي من رجال الدين بخصوص منع الزواج او الإنجاب بين الصابين أجدى الحلول والفحص الذى يجري حاليا شكلى وانا اعرف أطباء مصابين ومتزوجين من بعضهم البععض

    • زائر 15 | 5:41 ص

      شكرا لجهودكم

      شكرا لكم سيد ولجهود صحيفة الوس\\ بابراز هذا الموضوع الحيوي، وهناك خبر باجتماع وزير الصحة مع اركان وزارته لمناقشة الموضوع. عسى ان يسفر عن حل وعلاج عاجل.

    • زائر 14 | 4:49 ص

      لا أريد حبا ينهيه المرض

      أستاذي أبو الهواشم ، يقول المصطفى (ص) لو تعلمون لتغنمون ، ولكن هناك توجيه وتحذير حتى لا يقع الناس في المحظور . العقلانية هي خير الأمور ولكن بالرغم من تبيان الأمور للمقبلين على الزواج فإنهم لا يقتنعون بما ستؤول إليه حياتهم في هذا الصدد . الحب لا يعني الدمار ولا الأنانية لأن الحب سرعان ماينتهي بل يتحول إلى نفرة بين الإثنين بسبب هذا العبئ الثقيل . وهنا التنازل من أجل الحبايب أو عدم إنجاب أطفال لا ذنب لهم أن يقضوا طيلة حياتهم بين المستشفيات لأنهم يريدون الخلاص من هذه الآلام المبرحة بل القاتلة.

    • زائر 13 | 4:32 ص

      يجب الاهتمام بالطلبة و الطالبات المصابين بالسكلر .... ام محمود

      بما اني أعمل في الحقل التربوي سنويا يوجد عندنا في الصفوف طالبات يعانين من السكلر الشديد حيث ترى الطالبة شاحبة جدا مصفر لونها و بياض العين أصفر و دائما تعبة و متألمة أو واضعة رأسها على الطاولة لا تستطيع أن تكون نشيطة أو تشارك مثل بقية الطالبات .. تتغيب كثيرا عن الدروس و الاختبارات
      العام الذي مضى كانت عندي طالبة تغيبت لمدة شهر و عندما سألت عنها قالوا انها أجريت عمليه لوزتين و اصابتها مضاعفات و نزيف
      هؤلاء يجب معاملتهن برفق و منع وقوفهن في الطابور و تقليل الواجبات و مراعاة ظروف المرض المرهق

    • زائر 12 | 4:24 ص

      شلون تمنعهم من الزواج

      المشكلة تتمثل في انتشار النرض في البحرين بنسبة كبيرة جدا
      فنحو

    • زائر 11 | 4:07 ص

      تجربة شخصية

      لي تجربة شخصية كوني أحد حاملي المرض .. فقد رفضت الزواج من

    • زائر 10 | 3:45 ص

      جزاك الله خير

      واصلو شرح مانعانيه للمجتمع عسى ان تتغير معامله قساه القلب

    • زائر 9 | 2:55 ص

      الحزم والعزم

      قبرص كانت بؤرة لمرض التلسيميا ولكنها قضت عليه بتعاون الدوله والمجتمع والتطبيق الصارم للقانون وفوق هدا وداك النيه الحسنه لدي الجميع . البحرين قريه صغيره مقارنة باالدول الكبري . نستطيع السيطره والحد من هدا البلاء خلال عشر سنوات ادا ماتوفرت النوايا الحسنه والتطبيق الصارم للأنظمه . فهل من مجيب ؟

    • زائر 8 | 2:20 ص

      استفسار

      "وهذا القانون لا يمنع الزواج، ولكنه يفرض توقيع إقرارٍ من الطرفين على تحمل المسئولية، وعدم تلقي أطفالهما المصابين العلاج في المستشفيات الحكومية".

      كيف و جميع المستشفيات الخاصة تحيل مرضى السكلر للسلمانية؟يعني بأختصار موتوا ما بنعالجكم!!!

    • زائر 7 | 1:56 ص

      لا يجوز

      سيدات يجوز هدم ذكر الحقائق ، القانون الحالة نعم يفرض على توقيع إقرار بالمسؤلية ، ولكنه لم يشر إطلاقا الى عدم تلقى أطفالهم العلاج في المستشفيات الحكومية ، عيب لا يجوز التأليف فقط لكى تكتب مقال مثير ،

    • زائر 6 | 1:18 ص

      البلوى والشكوى

      لا تشتكي للناسِ هماً أنتَ صاحبهُ .. لا يؤلمُ الجرحَ الا من بهِ ألمُ
      فالبلوى ليست جرح بل ألم. إلا أن ظاهر الألم غير باطنه. لذا تعرف البلوى من الشكوى، و باطنها يكشف أن البلاء من الله والأذى من الناس. فلكي تظهر الرحمة التي جعلها الله بين الناس، لا بد من إمتحانهم.
      فالى من المشتكى الى الخالق أم الى المخلوق؟

    • زائر 5 | 1:12 ص

      قبل ان يقع الفأس في الرأس

      لويعلم الشاب والشابة المقبين على الزواج والذين يتمسكون بالزواج ببعضهم رغم وجود المرض وشرح الدكتور لهم مخاطر الإنجاب وخطورة المرض بالنسبة للمولود لو يعلمون مايتألمه الابوان وان لانوم ولاراحة برؤية ابن من الأبناء يتألم من شوكة في الجسم زائلة والم لوقت معين فكيف بألم على المولود ان يقضيه طول عمره فماذا تظن بالاب والام حالهما فطول حياتهما الم بألم ألمولود وهم وضجر والندم على اشده طول العمر رغم انه لم يكن هناك فحص فهم معذورين اما ما حجة من يدري بالنتيجة ويقدم على هذا الامربدواعي الحب والغرام

    • زائر 4 | 12:55 ص

      شر البلية ما يضحك

      وهل ستتجرأ صحيفةٌ متخلفةٌ في التلاعب بعقول قرائها، فتحوّل تهمة التقصير من وزارة الصحة إلى فئة رجال الدين أو الرياضيين أو ممثلي السينما؟

      صدق مسخرة

    • زائر 3 | 12:37 ص

      ابو كرار

      انا اعرف يا استاذ لي عديل تزوج واجرى الفحوصات من قبل سنتين وللاسف بعد ما تزوج وانجب الطفل عرف ان الطفل مصاب ب الثلاسيميا يعني الزواج المفروض لا يتم من الاساس والفحوص من السلمانيه من قبل سنتين والاغلاط من الوزاره نفسها يعني وش ذنب ها الطفل وش ذنب ها المراه هذا اغلاط الوزاره

    • زائر 2 | 12:35 ص

      إذا كان المرض قديم قدم الأرض، فلم لم نلاحظ فتكه الا مؤخراً مع تطور الطب؟ أعتقد بأن هناك أسباب أخرى تحتاج دراسة أعمق.. كمثل زيادة عمليات الولادة القيصرية مع تطور الطب بينما أمهاتنا ولدت في البيوت!

      لكن هذا ما يحدث في أكثر الملفات الصحية تعقيداً في البحرين. فملف مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) يمرّ بكل هذه الأطوار، رغم أنه مرضٌ تعود جذوره فيها إلى خمسة آلاف عام ..

    • زائر 1 | 11:33 م

      كلام سليم وفي الصميم شكرا سيدد

      نعم الجهات الحكومية مقصرة ولكن المجتمع يتحمل مسؤليته كذلك تجنب الزيجات المرضية سيحد من المرض ويقلله حتى ينهيه على المدى البعيد وكذلك اهتمام الدولة بهذه الشريحة سوف يقلل من معاناتهم.

اقرأ ايضاً