العدد 3638 - الأربعاء 22 أغسطس 2012م الموافق 04 شوال 1433هـ

الدبلوماسية على العشاء

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في مساء يوم سبت حار من شهر مايو/ أيار، وفي شقة على الطابق الثالث في هيليوبوليس، وهي إحدى ضواحي القاهرة، يتجمّع خمسة مصريين شباب حول حاسوب نقّال: نهى تعمل في منظمة غير حكومية، وتيمور طالب في العلوم السياسية ومتطوع، ودينا مخرجة إخبارية، وأحمد طبيب، وعلي طالب اتصالات. تنتشر المشروبات والمأكولات الخفيفة على طاولة خلفهم بينما هم ينتظرون بحماسة لمكالمة على «سكايب» من تونس.

تشارك نهى وأصدقاؤها في مشروع اسمه «ضيف على العشاء الظاهري»، أوجده إيريك مادوكس، صانع الأفلام الشاب والخريج في مجال حل النزاعات من نيوميكسيكو بالولايات المتحدة. هدف المشروع هو ربط الناس في الولايات المتحدة مع بقية العالم من خلال أحاديث على «سكايب» في وقت العشاء.

في شهر مايو من هذا العام وبعد عدد من وجبات العشاء الناجحة، حيث كان أحد أطراف الطاولة موجوداً في الولايات المتحدة والطرف الآخر في المكسيك أو يوغندا أو الباكستان، خرج إيريك بهذه الأحاديث من الولايات المتحدة وأخذها إلى الشرق الأوسط. هذا هو أول حدث يقوم من خلاله إيريك بمشاركة مجموعتين من الشرق الأوسط.

ومع بدء المكالمة مع تونس، تبدأ نحو توليفة من الأطياف على الشاشة بالجلوس أمام الكاميرا لتعريف نفسها. يتعرف المصريون الشباب على نظرائهم التونسيين، ومن بينهم أحمد وسناء ومحمود ومحمد، وجميعهم مهندسون.

بعد التعريفات، يبدأ الجميع حديثاً عبر الأثير عن الأحداث الأخيرة في مصر وتونس. يسألون بعضهم بعضاً بحماسة عن دقة التغطية الإخبارية وهم يحاولون فهم ما الذي يحصل فعلياً في بلد كل منهم.

تتحدث نهى وأصدقاؤها المصريون، وهم يجلسون في «رشيد22» (Rasheed22)، وهي مساحة عمل مشتركة للمبدعين الاجتماعيين، مع التونسيين الجالسين مع إيريك في مكاتب «تونيسا لايف» (Tunisia Live)، وهي صحيفة على شبكة الإنترنت. تعيش كلا المجموعتين في أعقاب الثورات الشعبية التاريخية التي أطاحت برئيسي الدولتين، ولديهم العديد من الأسئلة ليطرحوها على بعضهم البعض.

وبعد قليل، ومع الصبر ووضوح الحديث المطلوب من اتصال متذبذب على الإنترنت، يجلس الجميع لبحث انتخاب رئيس جديد وحركات الشباب وارتفاع الأسعار والسياحة والإخوان المسلمين والأمن والصبر بانتظار تغيير اجتماعي حقيقي. «تعطي الحكومة 200 دينار (100 دولار) لهؤلاء الذين لا عمل لديهم بدلاً من توفير فرص العمل!» يقول التونسيون. «هكذا نحن بالضبط»، يقول أفراد المجموعة في مصر وهم يضحكون.

بدأ إيريك مشروع «ضيف على العشاء الظاهري» بمبلغ قليل جداً بهدف كسر الصور النمطية وتحسين التفاهم العالمي على مستوى الجذور من خلال استكشاف دولة وراء صورتها الظاهرة في الأخبار. إلا أن الفكرة تذهب إلى ما وراء تحدي طرح إخباري مشوّه.

واليوم، وبين مكالمات الـ «سكايب» والمموّلين والشركاء المحتملين - بمن فيهم «سكايب» نفسها التي قدمت له أخيراً منحة للبقاء في الشرق الأوسط - يفكّر إيريك باتجاهات جديدة لمشروعه. انطلاقاً من دبلوماسية المواطن على مستوى الجذور، يهدف المشروع إلى التحوّل نحو بناء المجتمع العالمي وهو يسعى إلى الجمع بين منظمات تعمل على مشاريع مماثلة في دول مختلفة. يأمل إيريك، على سبيل المثال، أن يربط مركز «سكون» اللبناني للإدمان مع مركز «يوث ووركس» (YouthWorks) في مدينة «سانتا في» حيث كان يعمل.

في هذه الأثناء سيظهر إيريك في الأخبار، فقد برمج للظهور على محطة الإذاعة الوطنية (إن بي آر) في الولايات المتحدة وإذاعة بيروت في لبنان. وهو يستحق هذا التقدير ليس فقط لأن برنامج «ضيف العشاء الظاهري» يشكّل مثالاً ملهماً حول كيف يمكن للتكنولوجيا المجانية أن تحقق اتصالات جديدة بنّاءة حول العالم، وإنما لأن إيريك ربما اكتشف شيئاً بسيطاً - حديثاً على طعام - له احتمالات كامنة هائلة.

تظهر تجربة العشاء الظاهري أنه بغض النظر عن الموازنة، يستطيع رجل يتمتع بتصميم كبير ومساعدة من أناس لهم العقلية نفسها ومرتبطون عبر الإعلام الاجتماعي، أن يبدأوا بتحقيق تغيير بطيء من أجل عالم أفضل. السر، حسب إيريك: «أحياناً يكون أهم شيء هو أن تفعل شيئاً».

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3638 - الأربعاء 22 أغسطس 2012م الموافق 04 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً