العدد 3643 - الإثنين 27 أغسطس 2012م الموافق 09 شوال 1433هـ

اتهام الحكومة التونسية بتوظيف القضاء للانتقام من مدير تلفزيون يبث برامج ساخرة

سامي الفهري
سامي الفهري

اصدر القضاء التونسي في 24 أغسطس/آب الحالي مذكرة توقيف بحق سامي الفهري مدير تلفزيون "التونسية" الخاص الذي اشتهر ببث برنامج سياسي ساخر ينتقد حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم وعددا من رموز الحكم في البلاد.
واتهم صحافيون الحكومة بتوظيف القضاء للانتقام من القناة في حين قالت الحكومة أن الفهري يلاحق في قضية بدأت قبل عام ونصف عام تتعلق بإلحاق أضرار مالية بالتلفزيون الحكومي التونسي خلال فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ومع بداية شهر رمضان الماضي انطلقت قناة التونسية في بث برنامج "اللوجيك السياسي" الساخر الذي يتضمن فقرة "القلابس" وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وحمادي الجبالي أمين عام الحركة ورئيس الحكومة، ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية.
وحظي البرنامج الذي ينتقد سياسات الحكومة بشعبية كبيرة في تونس مثلما أظهرت ذلك استطلاعات رأي.
وأثار تزامن استصدار مذكرة ايقاف ضد الفهري مع توقف التلفزيون عن بث البرنامج وانتقاد مسؤولين حكوميين له وتعرض أحد مصوري "التونسية" إلى اعتداء بالعنف من قبل مجهولين ساخطين على القناة، شبهات حول الدوافع الحقيقية لاستصدار مذكرة التوقيف.
وقال الفهري في تصريح إذاعي السبت الماضي إنه "اضطر" إلى وقف بث البرنامج قبل اربعة أيام من عيد الفطر إثر "ضغوطات شديدة" من لطفي زيتون عضو حركة النهضة والمستشار السياسي لحمادي الجبالي.
وأضاف أن زيتون عاود الاتصال به بعدما تسربت أخبار في وسائل الاعلام حول تعرض تلفزيون التونسية لضغوطات من حركة النهضة، وطلب منه تكذيب هذه الأخبار لكنه رفض.
لكن زيتون هذه الاتهامات جملة وتفصيلا واتهم الفهري ب"الكذب" ووصفه بانه "مجرم وفاسد".
وقبل أزمة البرنامج الساخر، شارك أعضاء حركة النهضة "بكثافة" في برامج حوارية تبثتها قناة "التونسية" بحسب جريدة المغرب التونسية التي اعتبرت في افتتاحياتها الثلثاء هذه المشاركة المكثفة "علامة رضا" عن القناة.
وتساءلت الصحيفة عن سبب عدم "مقاطعة" أعضاء النهضة القناة رغم علمهم بأن مديرها ملاحق في قضية فساد.
ولفتت إلى أن وجود صحافة ساخرة في تونس "علامة صحة لحرية التعبير" معتبرة أن هذا النوع من الصحافة "أداة رئيسية لنزع القداسة عن الساسة".
وسنة 2002 أسس الفهري شركة "كاكتوس" المتخصصة في انتاج البرامج التلفزيونية الترفيهية.
وأنتجت الشركة برامج لحساب التلفزيون الحكومي التونسي الذي اتهمها، بعد الاطاحة بنظام بن علي، بالمشاركة في الاستحواذ على إيرادات إعلانات كانت يبثها التلفزيون، وباستعمال معداته التقنية لانتاج برامجها.
ويملك بلحسن الطرابلسي شقيق ليلى الطرابلسي زوجة بن علي 51% من رأسمال كاكتوس وسامي الفهري 49%.
وبعد الإطاحة بنظام بن علي وهروب بلحسن الطرابلسي إلى كندا صادرت الدولة حصة الطرابلسي في "كاكتوس" وعينت عليها مؤتمنا عدليا.
واتهم الفهري حركة النهضة بتوظيف القضاء للانتقام منه على خلفية البرنامج السياسي الساخر لقناته مشيرا إلى أنه الوحيد الذي صدرت ضده مذكرة توقيف رغم أن القضية التي يلاحق فيها تشمل نحو 20 شخصا آخرين.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود في بيان الاثنين ان الفهري الذي صدرت ضده مذكرة توقيف "ملاحق في هذه القضية بصفته متواطئا بينما يتمتع المتهمون الأساسيون بحريتهم" مطالبة "بإقامة محاكمة عادلة (للفهري) لا تشهد أي تدخل من السلطة".
وأعربت المنظمة عن "قلقها إزاء عيوب الإجراءات (القانونية) التي ساهمت في تسريع إصدار مذكرة التوقيف ضد سامي الفهري".
وقالت "إن سرعة الغرفة الجنائية في إصدار حكمها في محاكمة بدأت منذ عام ونصف والعيب في الشكل الفاضح ملفتان ويدفعاننا إلى التساؤل حول دوافع المحكمة والقضاة".
وأشارت في هذا السياق إلى التصريحات الصادرة مؤخرا عن "مسؤولين سياسيين مستائين من السخرية من قادة البلاد" في البرامج التلفزيونية.
وعشية إصدار مذكرة التوقيف ضد الفهري، قال عبد اللطيف المكي، عضو حركة النهضة ووزير الصحة في حكومة حمادي الجبالي، في تصريح لإذاعة شمس إف إم الخاصة إن "بعض المنوعات" التي تنتقد "الرموز الوطنية مثل رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة (...) تجاوزت حدود الاحترام".
وقال سليم حميدان وزير أملاك الدولة وعضو حزب "المؤتمر" شريك حركة النهضة في الائتلاف الحاكم، في تصريح نشرته الاثنين صحيفة "الأسبوعي" إن برنامج اللوجيك السياسي "قائم على مفهوم السخرية المفرطة والاستهزاء برموز الدولة وإضعاف الهيبة وهو يدخل ضمن استراتيجية الثورة المضادة لإرباك الوضع وإحداث الفوضى والفراغ السياسي بالبلاد".
وتعليقا على مذكرة التوقيف، قالت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين (غير حكومية) في بيان في 25 آب/أغسطس ان الحكومة "تصر على مواصلة فتح ملف الفساد في قطاع الإعلام وعلى محاسبة كل من تثبت إدانته" محذرة من استغلال القضاء "كأداة لتصفية الحساب مع الخصوم وقمعهم".
ودعت العاملين في شركة كاكتوس إلى "عدم الرضوخ للضغوطات ومواصلة إنتاج برنامج اللوجيك السياسي وممارسة مهنتهم بكل مسؤولية من أجل إنتاج إعلامي وطني هادف وبناء".
ونهاية الاسبوع الماضي اعتدى مجهولون يرجح أنهم إسلاميون على مصور يعمل في قناة التونسية وهددوا بالنيل من العاملين فيها "الواحد تلو الآخر" بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً